في دراسة نشرتها دورية سيل ريبورتز فيزيكال ساينس، حقق الباحثون في كلية تاندون للهندسة بجامعة نيويورك تقدما كبيرا في تحلية مياه البحر باستخدام الأكسدة والاختزال المعروفة اختصارًا بـ" آر إف دي".

والأكسدة والاختزال تقنية كهروكيميائية ناشئة يمكنها تحويل مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب وتخزين الطاقة المتجددة بأسعار معقولة.

وقام الفريق البحثي بابتكار بطارية خاصة تعتمد على هذه التقنية تُربط مع تقنيات تحلية مياه البحر، وذلك من أجل دمج عمليتي تخزين الطاقة وتحلية المياه.

وتأتي نتائج هذه الدراسة تلبية لرؤية مبادرة "إزالة الكربون من التصنيع الكيميائي باستخدام الكهرباء المستدامة"، وهي تجمع لفريق متنوع من الباحثين وخبراء الصناعة المخصصين لإزالة الكربون من الصناعة الكيميائية عن طريق الكهرباء، وذلك في سعي لتحويل العالم نحو الطاقة النظيفة.

التحلية بالأكسدة والاختزال

وبحسب المعلومات الواردة في البيان، فإن تحلية مياه البحر سلسلة من العمليات الكيميائية الصناعية تُجرى لإزالة الأملاح الزائدة والمعادن من المياه، حيث يمكن تحلية مياه البحر ليصبح من الممكن استخدامها في الحياة العملية كالزراعة والشرب والصناعة.

تحلية مياه البحر عمليات كيميائية صناعية لإزالة الأملاح الزائدة والمعادن منها لتصبح صالحة للشرب أو الزراعة (شترستوك)

وتتطلب عملية التحلية تقنيات تستهلك طاقة ومالا كبيرين وتُخلف آثارا ضارة في البيئة، إذ إن استهلاك الطاقة في عملية التحلية تُعد من المشاكل والعقبات الصعبة التي تحتاج إلى تذليل، وهي من الأهداف التي يجري العمل عليها في المراكز العلمية التي تبحث عن بدائل ذات استهلاك أقل للطاقة وأكثر فاعلية وصديقة للبيئة.

وتجري عملية التحلية في ثلاث مراحل أساسية قبل عملية التوزيع والضخ في الشبكة مرتبة على النحو التالي: المعالجة الأولية للمياه، عملية إزالة الأملاح للمياه، المعالجة النهائية للمياه.

وفي مرحلة إزالة الأملاح تُزال جميع الأملاح الذائبة في المياه والفيروسات والمواد الأخرى كالمواد الكيميائية والعضوية المنقولة والذائبة عن طريق استخدام الأغشية أو التقطير.

كما تُعد التقنيات الكيميائية التي تُستخدم في مرحلة إزالة الأملاح واحدة من تقنيات الأكسدة والاختزال، وهي عبارة عن جزأين من التفاعلات الكيميائية تحصل تباعا، فالأكسدة تفاعلات كيميائية يحدث فيها تغير في عدد أكسدة ذرات المواد المتفاعلة نتيجة انتقال الإلكترونات فيما بينها، حيث تفقد فيها الإلكترونات من قبل الذرات أو الجزيئات أو الأيونات والتي ينتج عنها زيادة في الشحنة الموجَبة أو نقصان في الشحنة السالبة.

عملية التحلية تتطلب تقنيات تستهلك طاقة ومالا كبيرين مخلفة آثارا ضارة في البيئة (شترستوك)

أما الاختزال أو الإرجاع فهي عملية اكتساب للإلكترونات من قبل الذرات أو الجزيئات أو الأيونات ينتج عنها نقصان في الشحنة الموجبة أو زيادة في الشحنة السالبة.

وبتعريف أدق يمكن وصف عملية الأكسدة بالنسبة لعنصر ما (أو لجزيء يحوي عنصرا تُجرى عليه هذه العملية) بأنها زيادة في عدد أكسدة هذا العنصر، في حين أن الاختزال -أو الإرجاع- هو نقصان في عدد الأكسدة.

فوائد التحلية ببطارية الأكسدة والاختزال

وبحسب البيان الصادر من جامعة نيويورك تاندون، قام فريق الجامعة بقيادة الدكتور أندريه تايلور أستاذ الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية ورئيس مبادرة "إزالة الكربون من التصنيع الكيميائي باستخدام الكهرباء المستدامة"، بزيادة معدل إزالة الملح في نظام تحلية مياه البحر بواسطة الأكسدة والاختزال، وذلك بمقدار يقترب من 20%، مع خفض الطلب على الطاقة عن طريق تحسين معدلات تدفق السوائل.

عملية الأكسدة والاختزال لها أهمية وفوائد كبيرة في إيجاد حل جديد تماما لأزمة المياه العالمية (شترستوك)

ويعتمد مشروع نظام تحلية مياه البحر الذي اقترحته الدراسة على دمج البطاريات التي تقوم بالأكسدة والاختزال مع عمليات تحلية المياه، كما يستفيد من القدرة الكامنة في بطاريات تدفق الأكسدة والاختزال على تخزين الطاقة الزائدة خلال فترات الوفرة وتفريغها أثناء ذروة الطلب، والتي تتماشى بسلاسة مع متطلبات الطاقة المتقلبة أثناء عمليات تحلية المياه.

وبينت الدراسة أن لعملية الأكسدة والاختزال أهمية وفوائد كبيرة في إيجاد حل جديد تماما لأزمة المياه العالمية، حيث إنها توفر نهجا مرنا وقابلا للتطوير لتخزين الطاقة، مما يتيح الاستخدام الفعال لمصادر الطاقة المتجددة المتقطعة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما يمكن أن يقلل الاعتماد على شبكات الطاقة التقليدية، ويعزز أيضا التحول نحو عملية تحلية مياه محايدة للكربون وصديقة للبيئة.

وعن غاية الدراسة يقول تايلور: "من خلال الدمج السلس لتخزين الطاقة وتحلية المياه، تتمثل رؤيتنا في إيجاد حل مستدام وفعال لا يلبي الطلب المتزايد على المياه العذبة فحسب، بل يدعم أيضا الحفاظ على البيئة وتكامل الطاقة المتجددة، كما يمكن للأكسدة والاختزال أن يقلل الاعتماد على شبكات الطاقة التقليدية ويعزز أيضا التحول نحو عملية تحلية مياه محايدة للكربون وصديقة للبيئة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: تحلیة میاه البحر إزالة الأملاح عملیة التحلیة تحلیة المیاه فی الشحنة التی ت

إقرأ أيضاً:

عملية برية قيد الإعداد ضد الحوثيين بدعم أمريكي سعودي إماراتي وتحرير ميناء الحديدة (ترجمة خاصة)

كشفت مصادر دبلوماسية إقليمية بالإضافة إلى محللين عن استعدادات جارية لعملية برية ستُشن من الجنوب والشرق، ضد جماعة الحوثي وكذلك على طول الساحل الغربي، في إطار ردع الجماعة وإيقاف تهديداتها للسفن في البحر الأحمر.

 

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن المصادر قولها إن الهجوم البري وحده في نهاية المطاف هو الكفيل بطرد الحوثيين، الذين يسيطرون حاليًا على العاصمة اليمنية صنعاء، ومينائها الرئيسي، الحديدة، ومعظم شمال اليمن.

 

وتوقعت أن الهجوم المنسق قد يشمل أيضًا دعمًا بحريًا سعوديًا وأمريكيًا في محاولة لاستعادة ميناء الحديدة.

 

وحسب الشبكة فإن المحللين لا يتوقعوا أن تنشر الولايات المتحدة أي قوات برية، باستثناء عدد قليل من القوات الخاصة للمساعدة في توجيه الضربات الجوية.

 

في حديثه مع الشبكة يقول مايكل نايتس، الزميل البارز في معهد واشنطن، إنه يشتبه في أن الحوثيين "فقدوا الكثير من قدرات تصنيع الطائرات المسيرة، ويبدو أن هناك اعتراضًا أكثر فعالية لشحنات إعادة الإمداد القادمة عبر البحر وعبر عُمان. لذا، لا يشعر الحوثيون بالراحة".

 

وأضاف "لكن التاريخ يُظهر أن الحوثيين يتمتعون بقدرة تحمل عالية للغاية. وقد يتطلب تصميم إدارة ترامب على القضاء على التهديد الذي يشكلونه في نهاية المطاف هجومًا بريًا".

 

وأردف إن إكراه الحوثيين "أمر في غاية الصعوبة". "إنهم حركة عدوانية للغاية. أفضل طريقة للقضاء عليهم نهائيًا هي الإطاحة بهم، وإخراجهم من العاصمة، وإخراجهم من ساحل البحر الأحمر".

 

يقول نايتس: "الحوثيون معتادون على خوض حرب مع جيش من الطراز العالمي. إنهم ذوو توجه أيديولوجي، لكنهم أيضًا مقاتلون قبليون شرسون من شمال اليمن".

 

هجوم بري

 

يقاتل الحوثيون من أجل السيطرة على اليمن ضد الحكومة المعترف بها دوليًا، والتي تسيطر على جزء من الجنوب، وتدعمها الإمارات العربية المتحدة بشكل رئيسي. والسؤال الذي يبقى بلا إجابة هو ما إذا كانت القوات الموالية لتلك الحكومة قادرة على مواجهة الحوثيين. يقول نايتس: "إنهم مدربون ومجهزون بالفعل". لكن ثمة شكوكًا حول وحدتهم.

 

يتابع نايتس: "سيتعين على الولايات المتحدة أن تقول للرياض: "سنحميكم بنفس الطريقة التي حمينا بها إسرائيل في عام 2024 من جولتي الضربات الإيرانية".

 

"المرات الوحيدة التي رأيت فيها الحوثيين يلجؤون إلى طاولة المفاوضات أو يقدمون على تسوية كانت عندما هُددوا باحتمال واقعي للهزيمة على الأرض: خسارة الأراضي، وفقدان السيطرة على السكان، وفقدان الوصول إلى ساحل البحر الأحمر"، كما يقول نايتس.

 

حدث ذلك لفترة وجيزة في عام 2017 عندما هددت قوات مدعومة من الإمارات العربية المتحدة وصول الحوثيين إلى البحر الأحمر، وهو أمر بالغ الأهمية لإيراداتهم وإمداداتهم العسكرية.

 

ويُعزى صمود الحوثيين إلى شبكة تهريب مُعقدة تُدخل قطع غيار صواريخ ومعدات أخرى. ففي العام الماضي، عُثر، وفقًا لتحقيق أجرته منظمة أبحاث التسلح في النزاعات (CAR)، على هياكل وزعانف لصواريخ مدفعية، ومحركات نفاثة صغيرة، وخلايا وقود هيدروجينية، مُخبأة بين حمولات إحدى السفن المُعترضة.

 

ويقول كبير المحللين في شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، أحمد ناجي، إن إسرائيل والقوى الغربية تفتقر إلى فهم عميق للحوثيين، "لقد خلقت قيادتهم الغامضة وبنيتهم ​​الداخلية ثغرات استخباراتية مستمرة".

 

وأضاف ناجي لـCNN: "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه العملية قابلة للتنفيذ، حيث أظهر العقد الماضي نتائج متباينة، نجاحات في بعض المجالات وإخفاقات في مجالات أخرى".

 

ويمكن لهذه المعدات أن تُمكّن طائرات الحوثيين المُسيّرة من حمل حمولات أكبر والسفر لمسافات أطول بكثير. وأفادت منظمة أبحاث التسلح في النزاعات أن ذلك "سيُفاقم بشكل كبير التهديد المُحتمل الذي يُشكله الحوثيون".

 

ويقول نايتس إن الولايات المتحدة ربما تُزود (القوات اليمنية) "ببعض الدعم اللوجستي، وبعض الذخائر الرئيسية".

 

ويضيف أن الإمارات العربية المتحدة ستدعم الحكومة اليمنية "بشكل هادئ"، كما دأبت على تزويدها الحكومة في عدن.

 

 يعتقد نايتس أن الرياض متخوفة من رد الحوثيين بطائرات مسيرة بعيدة المدى وصواريخ تستهدف بنيتها التحتية. لكن الولايات المتحدة سرّعت تسليم أنظمة الدفاع الصاروخي إلى المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة.

 

وحسب نايتس قد تكون الأسابيع القليلة المقبلة اختبارًا حاسمًا لقدرة الحوثيين على الصمود.

 

وتتساءل خبيرة أخرى في الشؤون اليمنية، إليزابيث كيندال، عن الهدف النهائي للحملة الأمريكية؟، قائلة: "لقد تعرض الحوثيون للقصف عشرات الآلاف من المرات على مدى العقد الماضي، وما زالوا صامدين. لذا، يبقى المرء يعتقد أن القصف مجرد تمثيلية: دعونا نُظهر للعالم أننا سنفعل ذلك لأننا قادرون".

 


مقالات مشابهة

  • "نموذج متقدم".. البنك الدولي يشيد بريادة المملكة في "تحلية المياه"
  • البنك الدولي يشيد بريادة المملكة في تطوير تقنيات “تحلية المياه”
  • البنك الدولي يشيد بريادة المملكة في تطوير تقنيات “تحلية المياه” منخفضة الطاقة وجهودها في إدارة المياه
  • تعاون بين جامعة خليفة وواحة لتطوير تكنولوجيا إنتاج المياه من الغلاف الجوي
  • عادة صباحية تساعد على تحسين عملية الهضم طوال اليوم
  • عملية برية قيد الإعداد ضد الحوثيين بدعم أمريكي سعودي إماراتي وتحرير ميناء الحديدة (ترجمة خاصة)
  • انفوجرافيك ـ بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن تنفيذ عملية اشتباك مع القطع الحربية المعادية شمالي البحر الأحمر وعلى رأسها حاملة الطائرات الأمريكية ترومان
  • 10 تقنيات عسكرية قد تقلب موازين ساحة المعركة
  • أمريكا تعزز قدرات إسرائيل الدفاعية بـ 3 بطاريات باتريوت وثاد
  • مياه البحر تغمر منطقة في اللحية بالحديدة وتجبر الأسر على النزوح