اهتزاز سعر الدولار هبوطًا لا تهتز معه الأسعار فى مصر على نفس المنوال، وعجب العجاب أن ما يرتفع سعره لدينا لا ينخفض مجددًا ولو تم عمل المستحيل لأجل ذلك من إجراءات اقتصادية، تجارية، مالية، تموينية، الأسعار تتشبث بالارتفاع وتأبى النزول مرة أخرى، ووراء هذا أسباب أهمها فى تصورى جشع التجار وتراخى حبال الرقابة، وعدم إنفاذ حفنة القوانين الرقابية على كل مناحى الفساد فى بلدنا الحبيب، وكما سبق وقلت إن انهيار الجنية لم ينعكس سلبًا فقط على عمليات الاستيراد وعلى الشركات المصرية المتعاملة مع الخارج، ولا على الطلاب الدارسين بالخارج، بل انعكس سلبًا أيضًا على المستثمرين الأجانب.
المستثمر الذكى لن يفرح عندما يحول رأس ماله من العملات الأجنبية إلى الجنية حين يبدأ مشروعه الاستثمارى فى مصر، لأنه يدرك أن أرباحه من مشروعه ستكون بالجنية المصرى، وانه عندما يحول هذه الأرباح من الجنية إلى عملته الأجنبية ليحولها لبلده، ستكون تلك الأرباح هزيلة لا تقاس بمدى الجهد والتعب الذى بذله فى مشروعه الاستثمارى، وهناك فكاهة من الكوميديا السوداء يتداولها المصريون حول هذا الأمر، أن رجل أمريكى استثمر رأس مال بمليون دولار منذ عام، وتحول المبلغ إلى 17 مليون جنية مصرى بسعر البنك فى حينه، وعندما نجح مشروعه وحقق منه أرباحًا أكثر من راس ماله وبلغت الأرباح 30 مليون جنيه مصرى، قام بتحويلها من خلال البنك بشكل رسمى إلى الدولار ليعود لبلده، فوجد فى يده نفس المليون دولار التى جاء بها، أى أن حصاد استثماره وتعبه خلال عام أصبح صفرًا.
وأى كانت المبالغة فى تلك الفكاهة الدرامية، فإن الواقع لقيمة عملتنا العزيزة بات لا يشجع المستثمرين الأجانب مع المتغيرات الدرامية فى توجيه رؤوس أموالهم للاستثمار فى صر رغم حزمة التيسير الهائلة التى عمدت الدولة على مر الأعوام الماضية فى تقديمها للمستثمرين، وأن كانت فى أغلبها تيسيرات ظاهرية لا يزل يعيث فى باطنها الفساد، لذا لم يعد أمام الدولة الأن لتوفير عملات أجنبية سوى الخصخصة، وبيع أصول عديدة للشركات على امل حلحلة المشكلة خاصة مع تراكم الديون الخارجية وفوائدها والتى يجب بالطبع سدادها بالدولار.
وشهدنا فى الآونة الأخيرة اللجوء الفعلى لبيع شركات وأراضى وعقارات مملوكة للدولة، ولكن مما يؤسف له أن عمليات البيع تتم بصورة عشوائية لا انتقائية فيها، ولا يتم حتى التدقيق فى جنسية أو نوعية المشترى، وهو ما قد يعرض عمليات الخصخصة إلى هجمة من جنسيات غير مرغوب بها، ومن أشخاص لن يكون همهم مصلحة مصر، ولا مصلحة العمال العاملين بتلك الشركات، ولا همهم تنمية الاقتصاد المصرى، بل كل ما سيهمهم هو استثمار أموالهم بأى شكل لمصلحتهم فقط.
ومن هنا نجد أن أغلب عمليات الخصخصة لم تنعكس إيجاباً على الحالة الاقتصادية المصرية بالإيجاب، وأن المليارات التى تم تحصيلها من بيع تلك الأصول، لا تعادل أبدًا الخسائر التنموية الاستثمارية التى سيتم حصادها من عمليات البيع غير محسوبة العواقب لأشخاص أو جهات ما، ونعلم جميعًا أن رأس المال كما هو جبان فهو أنانى، لذا إن لم يكن المشترى أو المستثمر وطنى بالمقام الأول، فإن الخسائر التى ستجنيها مصر من عمليات الخصخصة على المدى الطويل ستكون هائلة والنتائج سلبية.
لذا ينصح خبراء الاقتصاد الوطنيين بضرورة عمل غربلة وانتقائية لمن يتم البيع لهم على أمل أن يكون لهذه الخصخصة انعكاسات إيجابية تتجاوز الاستفادة بمبالغ البيع بما يسهم فى خروج مصر من الأزمة الاقتصادية ويعمل سد فجوة النقد الأجنبى إذا ما تمت الخصخصة لجهات وعناصر من رجالات المال والأعمال الوطنيين الذين همهم مصر أيضا وليس فقط أموالهم على حساب مصر وشعبها، وللحديث بقية..
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحل فين 4 فكرية أحمد جنيه مصرى
إقرأ أيضاً:
في مؤسساتنا الصحية .. الحل الأسهل : ما نمشي على الوقت !
ما إن يراجع الدكتور الفلاني سجل الجدول المزدحم في مؤسساتنا الصحية الحكومية، حتى يحدد لك الموعد القادم، ويخبرك بأن الموعد سيكون في التاريخ الفلاني والساعة الفلانية، لتصلك فقط بعد التأكد من تطابق رقم الورقة التي تحملها مع الرقم المعروض على الشاشة. تتوالى في ذهني العديد من التساؤلات: ألا يمكن أن يحدد الموعد بالتاريخ فقط، مع ملاحظة أن الدخول يكون حسب أولوية الوصول؟ ألا يمكن تنظيم مسألة الوقت بحيث يتحمل المتأخر عن موعده رسالة تؤكد ذلك الموعد. وإذا ناقشت الدكتور عن سبب تأخر الموعد، فالسبب جاهز ومنطقي ومقبول غالبا، فالجدول مزدحم الانتظار إذا كان صاحب الموعد المحدد موجودا؟ وغيرها من الحلول التي يمكن تطبيقها بعد إدارة صحية تجاوزت الخمسين عاما، إذ لا أتحدث هنا عن شخص مسن، بل عن مؤسسة يفترض أن تتطور وتجدد كوادرها وتحدث أنظمتها بدلا من تكرار وهذا أقرب موعد متاح. نتقبل، في الغالب، هذا العذر، ونعمل على التجهيز للموعد القادم، ونتخذ عدة وسائل لتذكير أنفسنا لأن فوات الموعد يعني الانتظار أحيانا لشهور إضافية. مشکلات عمرها يزيد عن العشرين عاما. تضطرني الظروف الصحية في كثير من الأحيان إلى التوجه إلى المؤسسات الصحية الخاصة، لسبب واحد فقط، وهو تجنب الوقوع في زحام لا ينتهي أو الذهاب إلى المؤسسة الصحية قبل افتتاحها إذا كانت المشكلة الصحية تتطلب فحوصات طويلة. فبطبيعتي الشخصية، أثق بقدرات الكوادر الطبية في مؤسساتنا الحكومية، لكن حديثي هنا يتعلق بغياب التنظيم في المواعيد وحتى في أولويات وهذا ما يجب علينا الالتزام به كمراجعين المؤسساتنا الحكومية، بأن نحترم المواعيد والأوقات حتى نحصل على خدمة صحية مجانية، فننظم ظروفنا ونجدول أعمالنا لنكون في الموعد المحدد فلا نأخذ مكان شخص آخر، ولا نقبل بأن يأخذ موعدنا شخص آخر، احتراما للتنظيم وللمراجعين والعاملين. فإذا كان الموعد في الساعة ١١ صباحا فمن المنطقي أن أنهي إجراءاتي كحد أقصى في الساعة ١٢ أو بعدها بنصف ساعة، ويمر هذا الوقت بين قسم السجلات، ثم المعاينة، ثم الدكتور، وأخيرا الحالات. أذكر عندما ذهبت إلى قسم الطوارئ بعد ساعات من حادث سير قوي، حيث لم أشعر بأي ألم في البداية إلى أن بدأت آلام رقبتي بالظهور تدريجيا. ربما كان خطئي أنني لم أذهب بسيارة إسعاف، أو لم أقم بالادعاء بأن الألم شديد، فانتظرت حوالي 4 ساعات دون أن يحين دوري. لأنه يتم تصنيف الحالات إلى ثلاث فئات طارئة ومتوسطة وبسيطة ربما تم تصنيفي ضمن الحالات البسيطة، والمفارقة كانت عندما سألت الممرضة عن موعد دخولي إلى الطبيب، فقالت تعال الساعة 4 فجرا»، وكان سؤالي قد طرح في الساعة السابعة مساء بعد انتظار ٤ ساعات فقررت إزالة الدعامة المؤقتة عن رقبتي التي وضعت لي في غرفة المعاينة، وعدت إلى المنزل الصيدلية. ولكن ما إن تصل إلى المؤسسة الصحية، وتجد لافتة لم تبرح مكانها منذ سنوات ( سيطبق نظام حضور المواعيد بالوقت المحدد ابتداء من ١٧ يوليو (۲۰۲۲) حتى تجد نفسك وسط زحام المراجعين، ويفاجئك موظف الاستقبال بالحل الأسهل لديه ولإدارة المستشفى: «ما نمشي على الوقت، ويطلب منك الانتظار مع بقية المراجعين قبلك، حاملا رقما زوجيا كبيرا تنتظر حتى يظهر على الشاشة. ولا فائدة من الجدال، ولست الوحيد الذي يخوض هذا النقاش، فتجد من يأتي بعدك يعيد نفس الشكوى، ويرد موظف الاستقبال مرارا ما نمشي على الوقت، ويجتهد أحيانا بعبارات أخرى لكسر مسلما أمري لله. روتين التكرار مثل: ليست لي علاقة بالمواعيد، أنا فقط أفتح السجل، يمكنك مناقشة الدكتور. لكنك لا تستطيع الوصول إلى الدكتور، فبينك وبينه بوابة لا تفتح إلا بوجود حارس أمن، يسمح بالدخول فهل سنشهد قريبا حلا جذريا المسألة الانتظار، أم سنظل نسمع نفس العبارة المكررة ما نمشي على الوقت؟