الجزيرة:
2025-01-31@06:04:04 GMT

فن الكاريكاتير.. سلاحٌ يستخدمه الفلسطينيون في نضالهم

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

فن الكاريكاتير.. سلاحٌ يستخدمه الفلسطينيون في نضالهم

يعد الكاريكاتير أحد أكثر الفنون شراسة وقدرة على المواجهة والاشتباك مع الساسة والسياسات والأحداث السياسية المتبدلة باستمرار، فقد تستغرق قصيدة، أو أغنية مقاومة، أو مسرحية أو لوحة، زمن طويلاً حتى توصل رسالتها، لكن صرير قلم على ورقة يرسم "إسكتش" به عدة خطوط، متصلة ببعضها، قد يغضب السياسيين ويغير السياسات وقد يطيح بالحكومات.

فالكاريكاتير فن تخشاه الكثير من الحكومات والمحامون والأثرياء على حد سواء.

"نيويورك تايمز" ومنع الكاريكاتير

في يوليو/تموز 2019، أعلنت صحيفة "نيويورك تايمز" توقفها تماما عن نشر الكاريكاتير السياسي في قرار خلف حالة من السخط وسط رسامي الكاريكاتير، الأمر الذي دفع رئيس جمعية رسامي الكاريكاتير الأميركية والحاصل على جائزة "بوليتزر" كيفن سيرز، لإصدار بيان ناري قال فيه "إن رسامي الكاريكاتير يتسمون بالوضوح والجرأة في التعبير عن الأفكار التي تجول بخيال القراء، وهم وسيلة قوية للتعبير عن الرأي".

وأضاف سيزر أن هذه القوة في التعبير عن الرأي تخيف رؤساء التحرير "لكن منع نشر الكاريكاتير السياسي بالمرة يجعل هذا الخوف يتحول إلى جبن".

وجاء قرار الصحيفة على خلفية كاريكاتير نشره الفنان البرتغالي أنطونيو موريرا في أبريل/نيسان من نفس العام، يصور فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في صورة أحد الكلاب التي تقود المكفوفين، وتطوق عنقه نجمة داود وهو يسحب خلفه الكفيف (الرئيس السابق دونالد) ترامب الذي يرتدي الطاقية اليهودية "الكيباه".

وتم توصيف هذا الكاريكاتير على أنه معاد للسامية.

متى ظهر الكاريكاتير؟

وكان فن الكاريكاتير ظهر أوروبيا بالقرن الـ16 مع نشوء حركة الإصلاح الديني واحتدام الصراع مع الرومان الكاثوليك والبروتستانت. وقام حينها عدد من الكاريكاتيريين بعمل رسوم تهاجم وتسخر من الأطراف الدينية المتصارعة.

ثم ازدهر لاحقاً بالقرنين الـ18 و19، وكان أشهر فناني ذلك العصر الإنجليزي وليام هوغارث الذي وظف لوحاته للسخرية من طبقات المجتمع المختلفة بغرض إزعاجهم والسخرية منهم. وكانت أهم أعماله كاريكاتير "مجسم البحر الجنوبي" الساخر والذي نشر عام 1724، وكان موضوعه شركة البحر الجنوبي واحتكارها للتجارة مع المستعمرات، وازدهارها بعد المضاربة في أصول الشركة ثم لاحقا انهيار سوق البضائع والذي خسر فيه كثير من الإنجليز أموالا طائلة.

وتظهر اللوحة شخصيات تقامر وتضارب في أصول الشركة، كذلك صورة عنزة ينتشر الناس بفوضوية حولها وفي أرجاء اللوحة، وأخيرا صفوف من الرجال حسني المظهر بثياب جميلة يسيرون باتجاه السفينة، في وصف للشره في شراء الأوراق المالية من شركة البحر الجنوبي.

نضال فلسطيني

وحول أهمية الكاريكاتير في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي وفي ظل الحرب على غزة، تقول التشكيلية الفلسطينية أمية جحا إن "الكاريكاتير فن يصل إلى الجميع لأنه لا يحتاج لترجمة أو شرح، ويسعى الفنان الفلسطيني من خلاله لإيصال الحقيقة إلى غيره من شعوب العالم التي يسيطر عليها الإعلام الصهيوني ويبرز نفسه كضحية، ويصور الشعب الفلسطيني بأنه مجرم وإرهابي. وهناك كثير من أحرار العالم الغربي من الرسامين الذين يقفون إلى جانب الحق الفلسطيني، ويسخرون ريشتهم لذلك، وهذا ما نحتاجه من كل فناني الكاريكاتير العربي والغربي، وأن يقفوا في مواجهة الرواية الصهيونية".

وتضيف الرسامة الحاصلة على جائزة "ناجي العلي للكاريكاتير" سنة 2010 "أيقنت منذ صغري بأن فلسطين تستحق التضحية والفداء، وتحتاج منا لكل جهد ولكل موهبة، فمن المعيب أن أجد رسام كاريكاتير إسرائيليا يسخر ريشته ليثبت أن وطني أنا هو حقه، وليثبت أن من يدافع من شعبنا عن حقوقه هو إرهابي! وفي ذات الوقت تكون لدي موهبة ولا أسخرها لإثبات حقوقنا وكشف الزيف العالمي الذي يمارسه الإعلام الصهيوني".

شخصية "حنظلة" الشهيرة في كاريكاتيرات الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي (مواقع التواصل الإجتماعي)

وتقول أيضا "أردت أن أواصل مسيرة الشهيد ناجي العلي في جعل هذا الفن الذي عُرف عند الناس حتى وقت قريب بأنه للفكاهة والسخرية الهابطة من شكل مخلوق بشري، إلى فنٍ إنساني راقٍ يخدم قضايا الشعوب عامة، وقضية فلسطين خاصة. فإذا كانت الرصاصة تقتل جسد العدو، فإن الفن يقتل فكره. إذن الفن لغة عالمية لا تحتاج معاجم لتفسيرها، وهذا ما يجعله سهل الفهم وسريع الانتشار، خاصة مع التطور التكنولوجي الرهيب الذي جعل العالم قرية صغيرة".

وتستطرد جحا "الكاريكاتير أداة مقاومة رئيسية وله دور هام في حالات الحروب، خاصة إن كان يدافع عن قضية عادلة عمرها يزيد على 70 عاما، فالقضية الفلسطينية عانت الظلم الطويل في انتظار من ينصفها، والشعب الفلسطيني ذاق الأمرّين من أجل أن يتحرر، وضحى بآلاف الشهداء، وعانى ويلات الحروب المتتالية، وخاصة هذه الحرب التدميرية الأخيرة والتي سعى الاحتلال فيها إلى تدمير مقدرات القطاع الاقتصادية والبشرية، وأنا على صعيدي الشخصي تم تدمير بيتين لي وكل أرشيف أعمالي وكل جوائزي التي حصلت عليها".

وتختم الفنانة المقيمة بالقطاع المحاصر "الفنان الفلسطيني مكبل داخل قطاع غزة، فالعدوان على غزة لم يستثن بشرا أو حجرا أو حيوانا! لم يعد لي أي جهاز للرسم، ولا حتى الإنترنت متاح لإرسال ما أستطيع رسمه على جهاز يملكه غيري إلا بصعوبة بالغة. فضلا عما بات يعتريني من الإحباط والحزن بسبب ما أراه من الدمار حولي في كل مكان على مدار 5 أشهر!".

تدمير الموروث الثقافي السوداني

أما على صعيد السودان والنزاع المسلح الذي دخل شهره العاشر، فقد لعب العديد من رسامي الكاريكاتير دورا هاما في عكس فظاعات الحرب بالكاريكاتير، مثل الريح امبدي، وعمر دفع الله، ونادر جني، وكثيرين في مقدمتهم صاحب أول صحيفة سودانية متخصصة "نبض الكاريكاتير" التي صدرت عام 1993.

وعن دور الكاريكاتير في نقل معاناة السودانيين، قال الفنان السوداني منعم حمزة "لعب فن الكاريكاتير دورا كبيرا في السودان منذ استقلاله عام 1956، وإلى الآن يجتهد في محاولة إرساء الديمقراطية والحكم الراشد. فالكاريكاتير فن لا يزدهر مطلقا تحت النظم الدكتاتورية، بالطبع لأن التعبير يحتاج لقدر وافر من الحرية. كل النظم المستبدة والفاسدة حاربت الكاريكاتير الذي ساهم في إسقاط بعضها، فالحكومات الديمقراطية السودانية لم تكن تستمر طويلا، إذ سرعان ما ينقلب عليها النظام العسكري الصارم، لذلك كانت النتيجة الحتمية ما يحدث الآن من نزاع يقودنا يوميا إلى الحرب الأهلية الشاملة".

ويواصل حمزة "موقفي مما يحدث كفنان هو الرفض التام لأن الحروب تدمر الثقافة. واستباحت الحرب الحالية المكتبات ودار الوثائق والجامعات، وحتى كلية الفنون الجميلة والتطبيقية تم تدميرها، والحرب تقتل خيال الأطفال وكذلك المبدعين. وفنانون كبار مثل الدكتور راشد دياب فقدوا مراكزهم الثقافية التي تعبوا في إنشائها، ومكتباتهم العامرة وإرثهم من الأعمال الفنية العظيمة، ودمرت المطابع ودور النشر ومراكز المعرفة تماما كما حدث في بغداد أيام غزو المغول وهولاكو التتاري".

ويستطرد الفنان السوداني "الحرب الحالية بين أبناء الوطن الواحد يغلب عليها طابع التعصب والجهل، ونتج عن هذا الصراع الدموي دمار وخراب الوطن وتفتته، بالإضافة إلى نزوح ملايين السودانيين إلى دول الجوار هربا من أوار الحرب. ووسائل التواصل مكنت الفنانين من نشر الوعي بنشر أعمالهم المناهضة للحرب. ورسام الكاريكاتير عادة ما يقرأ المستقبل، وقد سبق أن أقمت وآخرين معرضا بالخرطوم قبل 4 سنوات بعنوان (لا للعنف) دعونا فيه للسلم ونزع السلاح من الحركات المسلحة المتفلتة المتعددة، إذ يذخر السودان بكم هائل من القبائل ومختلف التقاليد والأعراف والمذاهب السياسية والدينية المتباينة".

ويختم حمزة بالقول "رسامو الكاريكاتير السودانيون منتشرون حول العالم في هجرة قسرية منذ زمن ليس بالقريب، إلا أنهم يواصلون إبداعاتهم ونشر الوعي والتنوير بمخاطر الانقسامات والحروب، ويقيمون المعارض حول العالم للتأثير على الرأي العالمي حتى يدعم إيقاف الحرب".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • زكريا الزبيدي حرا.. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • زكريا الزبيدي حر .. التنين الفلسطيني الذي هزم الصياد
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • "70 عامًا" السيسي يوضح الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني
  • هل يتحول تطبيق «ديب سيك» إلى سلاح استراتيجي في الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين؟
  • مسلسلات رمضان 2025.. من هو «النُّص» الذي يؤدي أحمد أمين شخصيته؟
  • رسالة من حزب الله إلى أهالي الجنوب.. إليكم ما جاء فيها
  • تخبئة سلاح الوحدة الفلسطيني وقت عازته