رواية ( حب وحرب ).. أعادت صياغة معادلة الإنسان العربي
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
فبراير 20, 2024آخر تحديث: فبراير 20, 2024
المستقلة/- بعد إن طغت معالم الحروب على حياتنا المعاصرة وبخاصة الحرب الإسرائيلية على الوجود الفلسطيني والعربي في إكتوبر 2023 وهي تسعى لمحو ما تبقى من هوية الشعب الفلسطيني وإلغاء وجوده كليا لم يتبق من مجال تتنفس منه الأجيال العربية سوى (بقايا) من أحلام تخفق بين ثنايا القلوب وتنغرس داخل نفوس الأجيال تضيء قلوبهم المتعبة بحثا عن ذاتهم وعن مشاعرهم ووجدانهم وهم يأملون أن يبقى هذا الحب عنصر المعادلة الذي لاينبغي أن يفقد الإنسان العربي فيها توازنه ووجوده فيه ، فالحب هو الكنز الثمين الذي لايقدر بثمن.
رواية (حب وحرب) تتناول علاقة حب بين أسيرة إسرائيلية وشاب فلسطيني في معتقل الأسر بغزة أعادت صياغة مفهوم الصراع الإنساني بين الخير والشر بين القبح والجمال بين الكفر والإيمان بين الحق والباطل وبين الظلام والنور بين الخصومة وعناصر الالتقاء لتتحول (الخصومة) الى حياة أخرى أكثر إيجابية وأكثر إشراقا برغم كل الأحياء والمخيمات التي تهدمت على رؤوس ساكنيها وكان للأطفال الصغار نصيب كبير من شهدائها وجرحاها إلا أن معالم الخضرة والحياة لابد وأن تدب بين ثناياها لتنبت الأزهار والورود وتعلو أشجار الزيتون وتظهر شمس الحقيقة ساطعة بأن محاولات طمس هوية الإنسان العربي وإلغاء وجوده لا يمكن أن تختزلها حروب ، أو قنابل الموت والفتك والدمار، لأن الله قادر على أن يعيد صياغة الوجود ، لكي يبقى الإنسان قادرا على أن يلوي ذراع قدره كلما أوغل الشر في محاولة ثنيه على إثبات الوجود ، ولكي تنتصر قيم الحب ومبادئه في نهاية المطاف عندها تنقشع غيوم الحروب وويلاتها وأطماع من أوقدوا نيرانها الى غير رجعة.
وقد استطاعت سطور رواية (حب وحرب) أن تدخل في ميدان هذا الصراع المرير بين الحب والحرب وكيف يكون بمقدور الإنسان أن يروضهما لصالح الحب لكي لاتبقى الحروب التي تفتك بالبشر عامل هدم وتخريب سوى للدور والعمارات والكيانات المادية أما القلوب والضمائر وقيم أرواح الخليقة فتبقى حية يقظة تأبى أن يدوسها الزمن أو أن تختفي من قاموس الوجدان العربي والبطولة العربية أما الشهداء فهم ” أحياء عند ربهم يرزقون”.
الروائي أمجد توفيق ربما يكون الوحيد الذي غاص في أعماق حروف رواية (حب وحرب) ، ليدخلها مفاعلاته النووية ويعيد صهر حروفها ، لكي يكون بمقدوره أن يكتشف تفاعلات عناصرها الإحيائية والكيميائية والعضوية والأخلاقية ، فوجد أن حروفها بقيت تتلألأ ، ليس بمقدور معادنها أن تنصهر وتذوب ، لكون مبادئها صافية أصيلة صادقة مع نفسها ومع محيطها وقد ازدادت إثر صهرها لمعانا وبريقا بعد أن تفحص مكنوناتها وعناصرها الذرية فكانت شهادته بحق تلك الرواية مشعل أمل يضيء قلوب العشق ومن هاموا في بحور الغرام ومن نهلوا من ينابيع الحب العطرة لكي يعيد لهم توازنهم ولكي يكون بمقدورهم أن يرتووا من عبق الحب وكؤوسه ما يزيد قلوبهم توهجا وإشتعالا ..فهو يقول :” حامد كاتب تحكمه الفكرة وما يترسب عنها من دلالات.. إنه غير مهموم بآليات كتابة الرواية ونظريات السرد وإجتهادات المدارس النقدية وتناقضاتها.. فهو يحمل مفرداته بعطر الصدق والموقف الواضح يحدوه الأمل أن يكون الصدق وسيلته وطريقته في الدخول الى قلب قرائه..
في (حب وحرب) كما يقول الأديب والكاتب أمجد توفيق لا يكتفي الكاتب بمتابعة علاقة عاطفية بين ثائر فلسطيني وأسيرة اسرائيلية.. إنه يخضع هذه العلاقة إلى فحص من نوع خاص قوامه استحضار التاريخ والسياسة والأخلاق وضغط الموقف العسكري ليقدم خلطة يتداخل فيها الحب في حاضره مع الماضي بآلامه مع آمال تعاني صعوبة شديدة في التشكل مستقبلا..
ويضيف الروائي أمجد توفيق: جهد يتوّجه حامد شهاب بموقف واضح مشهود في تقييمه لمعركة طوفان الأقصى وما تمثله من انتصار المعنى على ظلام الصهاينة وما أكدته من قدرة فذة على الرد على عناصر الهزيمة في النظام العربي حيث يحمل شباب فلسطين أرواحهم للرد على تاريخ من النكسات ولا يتناسون وهم في قمة عطائهم المعنى الإنساني العميق لتجربتهم وما الثائر ياسين سوى أمل مخضب بالحب والأمل في مستقبل عادل..
أملنا أن تنتصر رواية (حب وحرب) لنضال شعب غزة وعموم الشعب الفلسطيني لتبقى جذوة البطولة والشهامة متوهجة في نفوس الاجيال العربية ليعيدوا قدسها الشريف وأرضها المغتصبة ولتعود فلسطين (أرض الأنبياء) حرة عربية كما كانت، وكما أراد لها التاريخ أن تكون.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
بالوعي والمقاومة.. كيف أعاد اليمن صياغة معركة الأمة؟
يمانيون../
ليس أخطر على أمّة من أزماتها الفكرية والثقافية، ولا أشد قسوة عليها من الانحطاط الذي يُطوّق وعيها ويحاصر إرادتها، فالأزمات السياسية قد تجد طريقاً للحل إذا كانت هناك إرادة واعية، ولكن حين تتصدع منظومة القيم، ويتسلل الوهن إلى الثقافة والضمير الجمعي، تصبح الأمّة عاجزة عن مواجهة الأخطار التي تحدق بها، بل قد تتحول إلى شريك في تسهيل هذه الأخطار وتمكينها من تحقيق مآربها.
هذا ما نعيشه اليوم في واقع الأمّة العربية، حيثُ لم يعد الانقسام والتشتت مجرد ظاهرة سياسية، بل باتا جزءًا من المشهد الثقافي والفكري.
انحراف مبادئ وفلسطين ثابتة
لقد أصبحت فلسطين، التي كانت رمزاً للوحدة والنضال، هدفاً للخذلان، بل وحتى خنجراً في خاصرة النخب التي اختارت الاصطفاف مع العدوّ الصهيوني، ليس فقط بالتطبيع، بل بالدفاع عن جرائمه، وتشجيعه على قصف كلّ صوت مقاوم.
إن هذا الانحطاط لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج طويل من العمل الممنهج الذي استهدف الثقافة والوعي العربيين.
منذ عقود، والآلة الاستعمارية تعمل على تفريغ الهوية العربية من محتواها، واستبدال قيم التضامن والإباء بقيم الاستهلاك والخضوع.
واليوم، نرى ثمرة هذا المشروع واضحة في مواقف بعض النخب السياسية والإعلامية التي تتباهى بولائها للمحتل، وتهاجم كلّ من يقف في وجهه.
لقد أصبح المشروع الإسرائيلي جزءاً لا يتجزأ من مشروع الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وكلاهما يسعيان إلى تمزيق ما تبقى من وحدة عربية، وتصفية كلّ جيوب المقاومة التي تقف حجر عثرة أمام مخططاتهما.
وما يثير الألم والغضب هو أن بعض الدول والجماعات السياسية في المنطقة لم تكتفِ بالصمت، بل انضمت إلى هذه المشاريع، وأصبحت شريكاً فاعلاً فيها.
إن هؤلاء الذين يشرعنون وجود الكيان الصهيوني، ويدافعون عن قصفه للمدن والمخيمات، لا يدركون أنهم يطعنون شعوبهم قبل أن يطعنوا القضية الفلسطينية، إنهم يقفون في خندق الخيانة، ويتحولون إلى أدوات بيد المحتل، يُروِّجون لرواياته، ويُضلِّلون الرأي العام العربي، حتى أصبح من يدافع عن فلسطين يُتهم بالتطرف، ومن يُناصر الاحتلال يُصنَّف بالاعتدال.
اليمن يبرز بالمشروع القرآني
القصة بدأت قبل عقدين من الزمن وبينما كان الكيان الصهيوني يواصل تنفيذ مخططاته لتدجين الشعوب وتفريغ الهوية الثقافية العربية من محتواها، وقفت الأنظمة العربية عاجزة، بل وغافلة عن الأخطار التي تُحاك ضد الأمّة.
في خضم هذا الواقع المرير، برزت بصيرة رجل من أعماق جبال اليمن، الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، الذي أدرك بحكمته ووعيه حجم المخاطر التي تهدد الأمّة وكرامتها.
بدأ بتأسيس مشروع قرآني يهدف إلى مواجهة هذه المخططات الاستعمارية، مستندًا إلى ثقافة المقاومة والإباء، ليعيد صياغة الوعي الجمعي للأمة، ويضع أسساً جديدة لصراع يمتد إلى عمق الوجود العربي والإسلامي في مواجهة الاحتلال والاستكبار.
في خضم هذا الواقع المرير الذي تعيشه الأمّة العربية، حيثُ تخفت أصوات المقاومة وتتعالى أصوات التطبيع والانحلال، ويغيب المشروع العربي، يظهر اليمن كاستثناء لافت، يكسر هذه المعادلة المذلة، ويعيد إلى الوعي العربي الأمل.
منذ اللحظة التي أطلق فيها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، مشروعه القرآني التحرري في عام 2003 كان يدرك بعين بصيرته أن الأمّة تقف على شفا هاوية، وأن التخاذل أمام المشروع الأمريكي الصهيوني ليس إلا بداية لسلسلة لا تنتهي من الانكسارات والهزائم.
لقد أطلق مشروعًا لم يكن مجرد حراك سياسي أو عسكري، بل ثورة فكرية وثقافية، انطلقت من عمق جبال مران في صعدة، لتعيد صياغة مفهوم المقاومة وفق أسس ثقافية ودينية وأخلاقية متينة، كان يؤمن بأن أية مواجهة مع قوى الاستكبار العالمي يجب أن تسبقها مواجهة داخلية مع الجهل، والخنوع، والتبعية؛ ولهذا أسس وعيًّا شعبيًّا يربط بين معركة الكرامة الوطنية ومعركة البناء الثقافي والروحي.
حمل المشروع يخلق التحولات
وبعد سنوات من التضحيات، أصبحت نتائج هذا المشروع واضحة للعيان، الجيش اليمني، الذي كان يوماً مستضعفاً ومحاصرًا، تحول إلى قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، استطاع أن يفرض معادلات استراتيجية غير مسبوقة، من التحكم في مياه البحر الأحمر إلى دك عمق الأراضي المحتلة بالصواريخ والمسيّرات، معلنًا أن الأمّة قادرة، إن أرادت، على كسر هيمنة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
على الجانب الآخر، نجد الشعب اليمني في حالة استثنائية من الوعي والحركة، في وقت غرق فيه كثير من شعوب المنطقة في الخمول واللامبالاة، يقف الشعب اليمني في ميادين المقاومة بكل أشكالها، تجدهم في معسكرات التدريب، وفي دورات التأهيل الثقافي والعسكري، وفي الإعلام، وفي حملات التبرع لدعم المجهود الحربي، وفي الوقفات الاحتجاجية والمسيرات المليونية التي تجدد روح الصمود والتحدي كلّ أسبوع.
هذا المشهد يضعنا أمام مقارنة مؤلمة مع بقية شعوب وقادة المنطقة، في حين يُباد أهل غزة تحت القصف الإسرائيلي، وتُدمَّر المدن الفلسطينية، نرى كثيراً من الدول العربية غارقة في مهرجانات الترفيه والرقص والانحلال الأخلاقي، بينما يستمر الكيان الصهيوني في جرائمه، نجد هذه الدول تلتزم الصمت، أو في أحسن الأحوال تصدر بيانات خجولة لا ترقى إلى مستوى الجريمة.
بل إن الأمر تجاوز حدود الصمت إلى التواطؤ، فبعض الدول أصبحت تطالب الكيان علنًا باجتثاث حركات المقاومة، وتتهمها بالإرهاب، وكأنها تنطق بلسان المحتل، أما التطبيع، فلم يعد مجرد اتفاقيات سرية، بل تحول إلى حالة فجة من التحالف مع العدوّ، بل والدفاع عن جرائمه، تحت ذرائع واهية لا تنطلي إلا على العقول المستعبدة.
إن الفارق بين اليمن وبقية المنطقة ليس في الإمكانيات، بل في الإرادة والوعي، في اليمن، أدرك الشعب والقيادة أن الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع، أما في بقية الدول، فقد استسلمت شعوبها وقادتها لفكرة أن المقاومة مستحيلة، وأن الخضوع قدر لا مفر منه.
إن ما يقدمه اليمن اليوم ليس فقط نموذجاً للمقاومة، بل دعوة صريحة للأمة لاستعادة دورها ومكانتها، ما يفعله الشعب اليمني هو تأكيد على أن الكفاح ممكن، وأن التغيير يبدأ من الوعي والإيمان بعدالة القضية.
وفي النهاية، تبقى الحقيقة واضحة: الكيان الصهيوني وأعوانه يعتمدون على حالة الخنوع التي يعيشها معظم العالم العربي، لكنهم يدركون تماما أن هناك شعوباً، كاليمن، لا تزال عصية على الخضوع، قادرة على كسر معادلات الهيمنة، وكتابة مستقبل الأمّة بأحرف من نور ودم.
النموذج اليمني كدعوة اقتداء للأمة
أخيراً، وفي ظل غياب المشروع العربي فإن ما يقدمه اليمن من نموذج راسخ في الصمود والمقاومة يؤكد أن الخلاص الحقيقي للأمة يكمن في الانضواء تحت راية المشروع القرآني، الذي أثبت صلابته في مواجهة قوى الاحتلال والاستكبار؛ فهذا المشروع لم يكن مجرد حراك عابر، بل رؤية متكاملة تستنهض قيم الحق والعدل والكرامة، وتعيد للأمة هويتها ومكانتها.
هل تتذكرون خطابات السيد القائد عبد الملك الحوثي، خلال أغسطس وسبتمبر من هذا العام، عندما حذر من خطورة التنصل عن المسؤولية تجاه ما يحدث من عدوان على غزة؟ فقد أكّد أن التخاذل أو صمت بعض الدول العربية عن دعم غزة ليس مجرد خطأ سياسي، بل خطوة خطيرة تحمل بذور اضطرابات كبرى ستطال الجميع، سواء أكانوا دولًا أو جهات سياسية.
وأشار إلى أن ما يحدث في غزة ليس سوى بداية لمعركة أكبر ستحدد مستقبل الأمّة العربية بأسرها.
وقد رأينا قبل أيام تحقق ذلك في سوريا، حيثُ حاول النظام السابق بقيادة بشار الأسد تحييد سوريا عما يحدث في غزة، لكن نتيجة هذا التفريط كانت كارثية،؛ إذ انتهى الأمر بسقوط سوريا، مما مثَّل فرصة لتوسع الاحتلال في الأراضي السورية واحتلال مساحات كبيرة، إلى جانب تدمير مقدرات سوريا العسكرية.
وهناك اليوم أيضاً تحذيرات من أن تكون الأردن هي التالية؛ إذ بات الكيان الصهيوني يلعب على نفس السيناريو والمخطط وهو مستعد لاقتناص هذه الفرص لتدمير مقدرات الجيوش العربية.
ما أود قوله في هذه السطور هو التأكيد على رسالة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، في خطابه يوم الخميس لجمهورية مصر العربية، حيثُ أشار وحذر من وجود سيناريو أمريكي وإسرائيلي يستهدف الجيش المصري بشكل مباشر.
هذا التحذير يجب أن يُؤخذ على محمل الجد من قبل القيادة والشعب والجيش المصري، فلقد رأينا كيف تحول التهاون في سوريا إلى انهيار أمني وعسكري واسع النطاق.
ومن هنا كانت الرسالة واضحة من قبل السيد الحوثي؛ إذ شدّد على أنه يتعين على مصر القيام بواجبها ومسؤولياتها تجاه الأمّة لدرء هذه المخاطر قبل أن تصل إليها.
المسيرة: كامل المعمري