موقع النيلين:
2025-04-25@12:42:44 GMT

مكي المغربي: الديموقراطية الاسلامية

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT


لا يميل الفقه الاسلامي الى ترجيح رأي الجمهور وإن كانت الأكثرية محترمة ومعتبرة ولكنه يأخذ بالاجماع، ويجوز أن ينعقد الاجماع مع وجود مخالفين إذا كانوا قلة مقارنة بالأصل. ولذلك في حالة شذوذ أو خروج البعض عن الاجماع يظل الأمر إجماعا منعقدا ولا تنزل مكانته الى الوصف بأنه رأي الجمهور والذي يسمى حاليا بالأغلبية المطلقة أو الثلثين فأكثر 67%.

الأغلبية البسيطة (ذات النصف زائد واحد) 51% تسمى إنقساما وإنشقاقا حسب الحالة، وقد يرى البعض -في مجال السياسة- أن التعويل عليها يعزز مبدأ التداول السلمي للسلطة وهذا صحيح في ظاهر الأمر وأوله ولكن من أكبر أضرارها تكريس حالة الانقسام وإجبار (ما يقارب النصف) على رأي (ما يجاوز النصف) وهذا مثل إجبار الزوجة على رأي ضرتها لزيادتها في الأولاد بعدد واحد فقط.

إن التعويل على الأغلبية البسيطة باعتبارها رأي الشعب خطأ لأن الفارق قليل للغاية، والضرر الذي يظهر في انقسام المجتمع على مستوى التقنين واتخاذ القرار سيتنزل إلى مستوى تطبيق القانون وتنفيذ القرار، فينشغل المجتمع بمعركة أخرى، أو بالأحرى هو ترحيل للانقسام من الجهاز التشريعي إلى المستوى التنفيذي وأفرع الدولة كلها، ومنها إلى عامة الناس مجددا، فالنخبة أو السلطة المنتخبة بدلا من التوفيق والتصالح والإبداع في إيجاد الحلول،

تشرعن إنقسامها، كيف إذن تكافأ بتمريره؟ وبالشهادة لها بسلامة الممارسة؟ هذا غير صحيح، فالقول بأن الأغلبية البسيطة تعزز التداول السلمي للسلطة أمر يكذبه الواقع في كبريات الديموقراطيات، ومثال ذلك مؤخرا في أمريكا، عندما يجتاح المتظاهرون الكونغرس بالعنف لايقاف إحصاء الاصوات، وعندما تتمرد قوات ولاية تكساس وتناصرها ولايات يحكمها الحزب الجمهوري، وعندما تنشأ حركات إرهاب ليبرالي مثل (أنتيفا) التي تجرد المحافظين من الحق في حرية التعبير، والحبل على الجرار.

أجتهدت في التفكير للتوصل إلى النسبة التي لو خرجت من الاجماع لا يعتد بها ولا تؤثر فيه، وذلك بغرض التوصل إلى الاجابة متى تكون الشورى ملزمة لأنها حازت وصف الإجماع؟ أو بالأحرى متى ينقص من الإجماع ما لا ينقض وصفه إجماعا؟

سبق أن قلنا أن ما يصطلح عليه بالديموقراطية هو الاحتكام لرأي الخاصة أو العامة، هو موجود في حالة الشورى الملزمة في الفقه الاسلامي وفق شروط محددة، وعليه فإن تحرير مستند الإجماع، وتحديد وزنه هو الأهم إذ لا مشاحة في مصطلح الديموقراطية في ذاته.
هذا الاجتهاد ضروري للغاية، ليس فقط لأننا نتلمس مقاصد الشريعة الاسلامية في حياتنا ونرفض من يستكبر على الدين ويقضي بحبسه في دور العبادة.

ولكن لأن الديموقراطية الحادثة ذاتها ثبت أنها تحتاج الى الإسلام فهو دين المعرفة العلمية والمنطق السديد والفطرة السليمة والحجة البالغة، وهو نعمة على التجارب الإنسانية يتمم مكارمها ويقيل عثراتها.

أقول وبالله التوفيق:
يقول الرسول الكريم في حديث الوصية (الثلث والثلث كثير) إذن المفاضلة هنا بين الثلثين والثلث هي بين (أكثر) و (كثير) والأكثرية لا تسمى إجماعا، ولا بد من البناء على هذا الدليل حتى نتوصل إلى القسمة الصحيحة.

يجب أن يزول عن الثلث المتبقى الكثير منه لصالح الأكثرية فيفقد بذلك صفة (الكثير) وهذا يتم بأن يذهب (ثلث الثلث) لصالح (الثلثين).

بالشرح الأوفى، لو قسمنا الأمر إلى تسعة أقسام، صار الثلثان ستة أقسام، وصار الثلث ثلاثة أقسام فإذا ذهب قسم منه إلى الستة فقد ذهب كثير منه حسب الحديث، وبذلك يفقد الثلث وصف الكثير الذي حازه أولا، وجاز وصف القسمين منه بالقليل.

هذا يقودنا إلى الى أن الشورى إذا بلغت درجة سبعة من تسعة فهي ملزمة ولا يجوز مخالفتها. إذن نسبة 9:7 أو ما يقارب 78% هي النسبة الديموقراطية الملزمة شرعا.
السؤال هو ماذا يحدث في حالة عدم الوصول إلى هذه النسبة؟!

الجواب لو تم الاتفاق بهذه النسبة على التصرف بنسبة الثلثين بشروط محددة وفي قضايا محددة جاز العمل بها، والا فأن الأصل بقاء الأمر على ما هو عليه، أو يرفع الخلاف قرار السلطة المؤسسة على نسبة السبعة أتساع أو 78% تقريبا.

بناء القرار على ما دون الثلثين هو تأسيس على إنقسام ولو تم اجازته بنسبة النصف زائد واحد أو كل ما أقل من الثلثين تكون الشورى قد اتفقت على نقض الشورى، هو أمر لا يجوز البتة، ويجوز للسلطة التي المؤسسة على الشورى الملزمة مخالفته لانها بنيت على إجماع وهذا إنقسام.

ختاما، أعتقد أن تأسيس الكيان أو تجمع أو حزب على هذا المعيار والمرجعية مفيد، لأنه يثمر عن ممارسة ديموقراطية إسلامية داخل الكيان، وهي ممارسة عن قناعة وفقه حقيقي وغير مستعار، وليست بغرض التزين بالحداثة في حين أن القرار الحقيقي يطبخ في مجموعات ضيقة ليتم تمريره بالشكل الديموقراطي والذي لا يؤمنون به من الأساس.

خلاصة القول: ديموقراطية بهذا القيد الفقهي الإسلامي ذي النسبة العالية 78% أفضل من ديموقراطية قليلة القيود لكنها مجرد نفاق وإدعاء.

مكي المغربي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الاتحاد المغربي للشغل يبلغ رئيس الحكومة رفضه رفع سن التقاعد

أبلغ الاتحاد المغربي للشغل، عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، رفضه رفع سن التقاعد، على خلفية انطلاق جولة للحوار مع النقابات عشية الاحتفال بعيد العمال.

وفي هذا السياق، شددت النقابة، على مواقفها الثابتة في رفض أي تعديل مقيــاسي من شأنه الإجهــاز على مكتسبات الموظفين والأجراء المنخرطين في أنظمة التقاعد، ورفضها مرة أخرى للثالوث الملعون المتمثل في الرفع الإجباري لسن التقاعد، والرفع من واجبات الانخراط والتخفيض من قيمة المعاش.

وفد الاتحاد المغربي للشغل، الذي التقى أخنوش، قال إنه إذا ما كان مشكل في أنظمة التقاعد، فإنه يرجع إلى سوء الحكامة والتدبير لبعض الصناديق وانعدام الديمقراطية العمالية في مجالسها الإدارية.
كما اقترح وفد الاتحاد المغربي للشغل إحياء اللجنة الوطنية لأنظمة التقاعد المكونة من أعضاء الحكومة، وأرباب العمل، والحركة النقابية، ومدراء صناديق التقاعد.

في جلسة الحوار الاجتماعي مع أخنوش، أكد وفد UMT، على جملة مطالب من أهمها إعمال زيادة عامة في الأجور، لعموم الأجراء، تماشيا مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وتآكل الزيادة السابقة، بما يحفظ القدرة الشرائية للطبقة العاملة.
والرفع من معاشات المتقاعدين التي لم تعرف أي زيادة منذ سنوات، وذلك لتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، مع مواصلة التخفيف من العبء الضريبي عن الأجور، قصد تحسين الدخل.

كما طالبت النقابة، بالزيادة في التعويضات العائلية بالنسبة للأطفال دون ميز لتصل قيمتها إلى 500 درهم لكل طفل، لتأمين جزء من حاجيات الأسر من علاج وتمدرس وغيرها.
داعية إلى فتح الحوارات الاجتماعية القطاعية، خاصة في قطاع التعليم وقطاع الصحة وقطاع الجماعات الترابية والتدبير المفوض، وذلك بتتبع من رئاسة الحكومة.
كما دعت أيضا، إلى فتح حوارات فئوية: فئة المتصرفين، فئة التقنيين، فئة المهندسين وفئة الموظفين ذوي الاحتياجات الخاصة لتحقيق المساواة الأجرية والإدارية.
مؤكدة على ضرورة مأسسة الحوار الاجتماعي من خلال مقترح قانون منظم للحوار، وبخلق مجلس وطني يعمل على التتبع الدائم لمخرجات الحوار وحل النزاعات الكبرى المتعلقة بكل ما يهم عالم الشغل.

مجددة التأكيد على احترام الحريات النقابية وفق التشريعات الوطنية والمواثيق الدولة بدءا بتسهيل إجراءات تسليم الوصولات، حماية ممثلي الأجراء من الطرد وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي.
مطالبة بتقنين عمل المناولة وعدم السمسرة في اليد العاملة من خلال شركات المناولة، وذلك لتوفير عمل لائق وأجور عادلة تضمن العيش الكريم.

حسب بلاغ للاتحاد المغربي للشغل، دائما، فقد طلب الوفد الحكومي مهلة لدراسة هاته المطالب.

يشار إلى أنه بدعوة من رئيس الحكومة، انعقدت  الثلاثاء 22 أبريل 2025 على الساعة الثانية عشرة زوالا بمقر رئاسة الحكومة، جلسة للحوار الاجتماعي بحضور وفد من الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل ترأسه الأمين العام، الميلودي المخارق، وعن الجانب الحكومي، حضر رئيس الحكومة ووفد من الوزراء المعنيين بالحوار الاجتماعي.

 

 

كلمات دلالية اخنوش الاتحاد المغربي للشغل التقاعد الحوار الاجتماعي الميلودي مخاريق النقابات

مقالات مشابهة

  • ما رؤية الجماعة الاسلامية لأبعاد اغتيال أحد قادتها؟
  • مجلس الشورى يعقد جلسته العادية الـ 24 من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة
  • السفارة الإيرانية: أماني أكد ‎حرص الجمهورية الاسلامية الثابت على دعم استقلال لبنان وسيادته
  • رئيس مجلس الشورى يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع نظيره القطري
  • "الشورى" يستضيف اقتصاديين لبحث تعزيز جاذبية وتنافسية بيئة الأعمال
  • الشورى يناقش مع مختصين تعزيز تنافسية بيئة الأعمال
  • الاتحاد المغربي للشغل يبلغ رئيس الحكومة رفضه رفع سن التقاعد
  • المنتخب النسوي المغربي لكرة الصالات يسحق ناميبيا بالثمانية في أولى مباريات كأس أفريقيا
  • "اقتصادية الشورى" تناقش تقييم واقع الصناعات المحلية وأهمية التحفيز وتذليل التحديات
  • مجلس عُمان يشارك في جلسة "البرلمان العربي" بالعراق