فضل الستر على العصاة.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول “رأيت أحد الناس يرتكب معصيةً؛ فماذا أفعل؟ هل أخبر الناس بهذا الفعل، وأقوم بنشره في وسائل التواصل الاجتماعي، أو أن الستر عليه أولى؟”.
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها عن السؤال، إنه قد حَثَّ الشرعُ الشريف على الستر؛ لأنَّ أمور العباد الخاصّة بهم مبنيةٌ على الستر؛ فلا يصحّ من أحد أن يكشف ستر الله على غيره حتى ولو كان ذلك معصيةً.
واستشهدت دار الإفتاء، بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه مسلم، وفي رواية لابن ماجه: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ». قال الإمام أبو عمر ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 337، ط. مؤسسة قرطبة): [وفيه أيضًا ما يدلّ على أنَّ الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضًا في غيره] اهـ.
ويقول الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (3/ 408، ط. دار الفكر): [يجب ستر الفواحش على نفسه وعلى غيره لخبر: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ»] اهـ.
وتابعت: إنَّ نشر خصوصيات الناس فيه اعتداءٌ صريحٌ على حقوق الناس الأسرية والمجتمعية الخاصة والعامة؛ وهذا مذمومٌ شرعًا، وهو أيضًا جريمة قانونية يُعاقَب عليها وفق القانون رقم (175) لسنة 2018م، والخاص بـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"؛ فقد جَرَّم المُشَرِّع المصري في هذا القانون نشر المعلومات المُضَلِّلة والمُنَحرفة، وأَوْدَع فيه مواد تتعلق بالشق الجنائي للمحتوى المعلوماتي غير المشروع؛ ففي المادة (25) من القانون المشار إليه نَصَّ على: [يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مَن اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة..] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فقد حثَّ الشرع الشريف على الستر والاستتار؛ ممَّا يدلّ على فضل الستر على الناس والحفاظ على حرماتهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الستر وسائل التواصل دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
هل صلاة الجنازة مقدمة على السنة أو غيرها من الصلوات؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها من سائل يقول هل صلاة الجنازة مقدمة على السنة الراتبة؟ موضحة أن صلاة الجنازة رغَّب الشرع الشريف في أدائها، ورتَّب على ذلك جزيل الأجر والإثابة، بل وجعله حقًّا للمسلم على أخيه المسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ»، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» متفقٌ عليه.
وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أنه يُستحبُّ تقديم صلاة الجنازة على السُنَّة الراتبة؛ عملًا بمقتضى الشرع الذي حثَّ على ضرورة الإسراع بتجهيز الميت والصلاة عليه وحمله ودفنه؛ حفظًا لكرامة الميت وصونًا له؛ فإنَّ وقت السُنَّة الراتبة مُتَّسِعٌ، وصلاة الجنازة مُتعلقةٌ بحقوق العباد، وصلاة الراتبة متعلقةٌ بحقِّ الله، وحقوق العباد مبنيةٌ على المشاحة، وحقوق الله مبنيةٌ على المسامحة.
لماذا صلاة الجنازة مختلفة عن باقي الصلوات؟.. دار الإفتاء توضح الحكمة
هل تجوز صلاة الجنازة في أوقات الكراهة بعد الفجر؟.. الإفتاء تحسم الجدل
حكم قراءة الفاتحة للمتوفى بعد صلاة الجنازة.. دار الإفتاء تجيب
هل تجوز صلاة الجنازة على الميت أكثر من مرة؟.. الإفتاء ترد
وتابعت الإفتاء "تنوَّعت آراء الفقهاء حول تقديم صلاة الجنازة على غيرها من الصلوات، على اختلافٍ وتفصيلٍ بينهم فيما يتعلَّقُ بتغيرِ الميت، أو عدم تغيره ولكن يأمن فوت الصلاة إن كانت فريضة؛ كجمعةٍ أو غيرها من المكتوبات، وفيما إذا كانت الصلاة المجتمعة مع صلاة الجنازة فريضة أو نافلة".
وأكدت الإفتاء أن تغير الميت قبل الصلاة عليه ودفنه وإن كان قليل الوقوع في هذا الزمان؛ نظرًا لتوافر وسائل التنقل السريعة، وتوافر المواد الطبية التي تقلل من مثل هذا التغير، إلَّا أنَّه قد يقع في بعض الأحيان، فإن كان يُخشى على الميت من التغير: فقد اتفق الفقهاء على أنَّ صلاة الجنازة تقدم على غيرها.
وأشارت إلى أنه في حالة إذا لم يُخشَ على الميت من التغير: فقد اختلف الفقهاء في حكم تقديم صلاة الجنازة على السُنَّة الراتبة، او غيرها من الصلوات المسنونات:
فاختار بعض الفقهاء تقديم السُنَّة الراتبة على صلاة الجنازة، ووجهوا قولهم بأنَّ التأخير اليسير لا يضر إذا وُجِدَ ما يدعو إليه؛ كانتظار بعض أقارب الميت، أو انتظار الوالي أو أهل الفضل من العلماء والأئمة الصالحين، ولما يترتب عليه من منفعة اجتماع أكبر عددٍ من المصلين على الجنازة، وإن كان الإسراع في تجهيز الميت من غسلٍ، وتكفينٍ، وصلاةٍ عليه، ودفنٍ أمرٌ مُستَحبٌ شرعًا، فإنَّ زيادة عدد المصلين على الجنازة أيضًا من المندوبات التي حثَّ عليها الشرع:
قال العلَّامة ابن نُجَيم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 266، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وفي شرح "المنية" معزيًا إلى حُجَّة الدين البلخي: أنَّ الفَتوى على تأخير صلاة الجنازة عن سنة الجمعة، وهي سُنَّة، فعلى هذا: تؤخر عن سُنَّة المغرب؛ لأنها آكد] اهـ.
وقال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (1/ 376، ط. دار الفكر): [وفي "الحلية": الفتوى على تأخير صلاة الجنازة عن سُنَّة الجمعة، فعلى هذا تؤخر عن سُنَّة المغرب؛ لأنها آكد] اهـ.
وقال العلَّامة داماد الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 172، ط. دار إحياء التراث العربي): [وتقدَّم صلاة العيد على صلاة الجنازة إذا اجتمعتا] اهـ.
بينما اختار جماعةٌ من الفقهاء وهم الجمهور ضرورة تقديم صلاة الجنازة على غيرها من الصلوات، فرضًا: إن أمِنَ خروج وقت الفريضة، أو نفلًا: لأنَّ وقت النافلة متسع، بخلاف الجنازة؛ فإنها من الواجبات الكفائية التي حث الشرع على سرعة أدائها والمبادرة إلى القيام بها:
قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "ردّ المحتار" (2/ 167): [(قوله: ينبغي إلخ) عبارة الأشباه: اجتمعت جنازة وُسنَّة: قُدِّمَت الجنازة.. ولو اجتمع عيد وكسوف وجنازة: ينبغي تقديم الجنازة، وكذا لو اجتمعت مع فرض وجمعة ولم يخف خروج وقته] اهـ.
وقال العلَّامة ابن شاس المالكي في "عقد الجواهر الثمينة" (1/ 177، ط. دار الغرب الإسلامي): [ولو اجتمع جنازة مع هاتين الصلاتين -أي: الكسوف والجمعة- فهي مقدمة، إلا أن يضيق وقت الجمعة، فإنها تقدم عند ضيق وقتها] اهـ.
وقال إمام الحرمين الجويني في "نهاية المطلب" (2/ 641، ط. دار المنهاج):[ومما يتصل بذلك: أنه لو شُهدت جنازة في يوم جمعة، فإذا اتسع الوقت، اتفق الأئمة على تقديم صلاة الجنازة] اهـ.
وقال العلَّامة الرافعي الشافعي في "العزيز شرح الوجيز" (2/ 379): [ولو حضرت وقت الجمعة جنازة ولم يضق وقت الجمعة: قُدِّمت الجنازة، وإن ضاق قدمت الجمعة لافتراضها. وقال في "النهاية": قطع شيخي بتقديم صلاة الجنازة؛ لأنَّ للجمعة خلفًا، وهو الظهر، والذي يحذر وقوعه من الميت لو فرض لم يجبره شيء] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 56، ط. دار الفكر): [ولو حضرت جنازة وجمعة ولم يضق الوقت؛ قُدِّمت الجنازة بلا خلاف نُصَّ عليه] اهـ.
وقال العلَّامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 449، ط. دار إحياء التراث العربي): [لو اجتمع جنازة وكسوف: قدمت الجنازة.. قال في "الفروع": تقدم أنَّ الجنازة تُقدَّم على الكسوف فدلَّ على أنها تقدم على ما يقدم الكسوف عليه، وصرحوا منه بالعيد، والجمعة، وصرح ابن الجوزي بالمكتوبات، ونقل الجماعة: تقديم الجنازة على فجرٍ وعصرٍ فقط، وجَزمَ به جماعة] اهـ.