مصر تحاكم إسرائيل في «لاهاي».. (ملف خاص)
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
«التاريخ يعيد نفسه والعدو واحد»، هنا فى لاهاى بهولندا، حيث القاعة العريقة الواسعة لمحكمة العدل الدولية، وقفت مصر قبل نحو 36 عاماً وتحديداً عام 1988، تواجه أكاذيب الاحتلال الإسرائيلى بشأن مدينة طابا، وبعد 3 أسابيع من المرافعات أنصفت «العدل الدولية» مصر فى النهاية لتحكم بأحقيتها فى طابا، وغدا تقف مصر وبخطى ثابتة كما كانت فى سابقتها، لتعتلى المنصة للمرافعة ومحاكمة الاحتلال الإسرائيلى للمرة الثانية، ولكن هذه المرة من أجل فلسطين فى العموم وقطاع غزة على وجه الخصوص، بعد أحداث 7 أكتوبر، واتهامها بالباطل بمنع دخول المساعدات للسكان.
هنا تقف مصر لمحاكمة الاحتلال.. يحمل مندوبها أوراقاً دونت فيها أدلّة وبراهين دامغة على الانتهاكات التى ارتكبتها إسرائيل حكومة وجيشاً وشعباً بحق الفلسطينيين، فلم يعد بمقدور الغزاويين الحصول على لقمة الخبز أو شربة الماء بسبب الحصار الذى تفرضه حكومة الكيان وسط شلالات الدماء التى لا تزال مستمرة لما يزيد على 130 يوماً من القصف، وفى الضفة الغربية كمم الجنود الأفواه واستباح المستوطنون منازل وحرمات الفلسطينيين ومقدسات المسلمين، لتطلق القدس صرخة تردد صداها فى محكمة العدل الدولية.
«القاهرة» ستطالب المجتمع الدولي بالتوقف عن دعم دولة الاحتلال وإجبارها على الانسحاب فوراً من الأراضي المحتلة وبينها «القدس»فى مدينة لاهاى، الواقعة غرب مملكة هولندا، يقع مبنى محكمة العدل الدولية بلونيه الرمادى والبرتقالى المميزين، تتجه إليه أنظار العالم من شتى بقاع الأرض صباح اليوم الأربعاء الموافق 21 فبراير الجارى، حيث ستقدم مصر مرافعة شفهية، كما تشارك فى الرأى الاستشارى الذى طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية حول السياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وذلك عقب تقديم مذكرة أمام هيئة المحكمة، وفق ما أعلنه ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، بعد مرور أكثر من شهر على الدعوى التى قدمتها جنوب أفريقيا ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلى بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة خلال العدوان الذى شنه الكيان الصهيونى فى السابع من أكتوبر الماضى.
وحول تفاصيل المذكرة، قال «رشوان» إنّ المرافعة الشفهية تتضمن تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الرأى الاستشارى، باعتبار الجمعية العامة للأمم المتحدة أحد الأجهزة المخولة، وفقاً لميثاق المنظمة، بطلب رأى استشارى من المحكمة، ونظراً لأن الأمر يتناول الأبعاد القانونية للمستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، المخالفة لمبادئ القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية، كما تؤكد المذكرة المصرية عدم شرعية سياسات ضم الأراضى وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، وستطالب المجتمع الدولى بعدم الاعتراف بأى أثر قانونى للإجراءات الإسرائيلية، والتوقف عن دعم إسرائيل، بالإضافة إلى مطالبة المحكمة بتأكيد مسئولية إسرائيل عن الأفعال غير المشروعة، بما يحتم انسحابها فوراً من الأراضى المحتلة ومنها القدس، والتأكيد على تعويض الشعب الفلسطينى عن الأضرار التى لحقت به نتيجة تلك السياسات والممارسات، ورفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصرى، وغيرها من الممارسات الإسرائيلية.
من جهته، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، لـ«الوطن»، إنّ تقديم مصر للمذكرة التى سيتم على أثرها محاكمة الاحتلال بسبب جرائمه وممارساته النازية بحق الفلسطينيين هو أمر فى غاية الأهمية، وتابع: «مصر أكبر دولة عربية ولها ثقل فى المنطقة، وتقدمها لمحاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية مهم للغاية، حيث تستعرض خلالها تاريخاً كاملاً من الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى»، لافتاً إلى أن الموقف المصرى يأتى رداً على ما قام به الاحتلال خلال الأيام الماضية بالتنكر لحق الشعب الفلسطينى فى إعلان دولته، وحديث الحكومة والمعارضة أنها ترفض الاعتراف أحادى الجانب بالدولة الفلسطينية من قبَل العالم يحتاج إلى خطوات جادة: «الخطوة التى اتخذتها مصر ستدفع باتجاه رفع معنويات الشعب الفلسطينى، الذى يُقتل الآن بدم بارد على يد الاحتلال الإسرائيلى، ونطالب الدول العربية بأن تحذو حذو مصر والانضمام لها لمحاكمة إسرائيل بمرافعات رسمية وتقديم طلب رسمى لمحكمة العدل الدولية وليس إعلامياً»، وواصل: «الأمر لا يتعلق فقط بوقف الحرب، ولكن هذه الدعوى تحدٍّ كبير يتعلق بحقوق الشعب الفلسطينى، من ضمنها حقه فى تقرير مصيره وحقه فى قيام الدولة الفلسطينية».
وفى محاولة من الكيان المحتل للتنصل من الاتهامات التى وجهت إليه، نفت مصر فى منتصف شهر يناير الماضى ما زعمه الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية من منع السلطات المصرية نقل المساعدات إلى قطاع غزة واتهمتها بالكذب، ونفى ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، بصورة قاطعة، ما وصفه بمزاعم وأكاذيب فريق الدفاع الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية بأن مصر هى المسئولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من معبر رفح، وأوضح «رشوان» أن كذب الادعاءات الإسرائيلية يتضح فى عدة نقاط؛ بينها أن كل المسئولين الإسرائيليين، وفى مقدمتهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الطاقة، أكدوا عشرات المرات فى تصريحات علنية، منذ بدء العدوان على غزة، أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة، خاصة الوقود، لأن هذا جزء من الحرب التى تشنها دولتهم على القطاع.
ولا يزال الموقف المصرى الرافض للانتهاكات الإسرائيلية واضحاً، وذلك عقب استقبال سامح شكرى، وزير الخارجية، يوم 17 فبراير الجارى، كريم خان، المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، للوقوف على آخر تطورات مجريات التحقيقات التى يضطلع بها مكتبه بشأن الانتهاكات الإسرائيلية محل اختصاص المحكمة فى فلسطين، سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية، بما فيها القدس، مؤكداً على الدور المهم المنوط بالمحكمة فى هذا الشأن، كما تناول «شكرى» تداعيات الأزمة الإنسانية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى غزة تحت وطأة العمليات العسكرية الإسرائيلية وسياسات الحصار والتجويع وتدمير كامل منظومة البنية التحتية فى القطاع، مشدداً على ضرورة تحمل الأطراف الدولية مسئولياتها القانونية والإنسانية لتسمية الانتهاكات الإسرائيلية بمسمياتها الصحيحة، والتدخل لوقف تلك الانتهاكات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة محكمة العدل الدولية فلسطين الإحتلال هولندا تل أبيب إسرائيل الاحتلال الإسرائیلى محکمة العدل الدولیة الشعب الفلسطینى قطاع غزة
إقرأ أيضاً: