جنوب إفريقيا: إسرائيل تعتبر نفسها غير مقيدة في أفعالها ضد الفلسطينيين
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
قال سفير جنوب إفريقيا لدى هولندا، فوسيموزي مادونسيلا، اليوم الثلاثاء 20 فبراير 2024، إن إسرائيل تعتبر نفسها غير مقيدة في أفعالها ضد الفلسطينيين.
جاء ذلك خلال ترأسه وفد بلاده خلال جلسة استماع عقدتها محكمة العدل الدولية حول التبعات القانونية للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف مادونسيلا أن نحو 30 ألف فلسطيني قتلوا خلال آخر 4 أشهر، مؤكدا أن "هذه ليست مجرد إحصائيات بل دماء الشعب الفلسطيني وأشلاؤه".
وأردف متسائلا: "متى ستنتهي عقود الإفلات من العقاب التي عاشتها إسرائيل؟".
وتابع: "على مدى الأيام الـ 136 الماضية، ظل العالم يراقب برعب الهجمات المتواصلة على غزة ، يوما بعد يوم".
وأكد أن "وحشية وعنف العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد غزة وانتهاك القانون الدولي، بما في ذلك الأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية، هي أوضح إشارة إلى أن إسرائيل تعتبر نفسها غير مقيدة في أفعالها ضد الفلسطينيين".
وأشار إلى أن التأخر في التوصل إلى حل عادل ومنصف أدى إلى دائرة لا نهاية لها من العنف.
وأضاف أن إسرائيل بمواصلتها احتلال أراضي فلسطين منذ 56 عاما، تتحدى القانون الدولي ومئات قرارات الأمم المتحدة وتتجاهل بشكل تام ردود فعل المجتمع الدولي.
وشدد على أن "فلسطين لها الحق في تقرير المصير، وينبغي السماح لها بممارسة هذا الحق".
ويشارك في جلسات محكمة العدل الدولية التي انطلقت الاثنين، وتستمر حتى 26 فبراير/ شباط الجاري، أكثر من 50 دولة ستقدم مرافعات بشأن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن بين تلك الدول تركيا والسعودية والجزائر ومصر والإمارات والأردن، إضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وروسيا والصين، وفق الموقع الإلكتروني للمحكمة. المصدر : وكالة سوا
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
الكلاب وجثث الفلسطينيين والعدالة الدولية
في تقرير مثير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بتاريخ 18 ديسمبر/ كانون الأول 2024، كشفت عن شهادات صادمة من ضابط احتياط وعدد من الجنود الإسرائيليين حول الممارسات الوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وفقًا للتقرير، كانت منطقة نتساريم تُعرف بأنها "منطقة قتل"، حيث أُعطي الجنود أوامر بإطلاق النار على أي شخص يعبرها دون تمييز، مما أسفر عن مقتل مئات الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين.
وأوضح الضابط أن التعليمات تضمنت تصوير جثث القتلى وإرسالها للتوثيق، كاشفًا أن من بين 200 جثة تم تصويرها، كان 10 منهم فحسب، ينتمون لحركة حماس، بينما كان الباقون من المدنيين الأبرياء.
وأشار التقرير أيضًا إلى ترك جثث القتلى الفلسطينيين في الميدان دون جمعها، حيث تُركت لتتحلل أو تنهشها الكلاب الضالة، في انتهاك صارخ لأبسط المبادئ الإنسانية والأعراف الدولية. وتوصف هذه الممارسات بأنها تعكس انعدام القيم الإنسانية، وتحول الجيش إلى "مليشيا مسلحة مستقلة" تعمل دون أوامر واضحة أو ضوابط قانونية.
وأكد الضابط، الذي خدم في محور نتساريم، أن الحرب الأخيرة في غزة شهدت غيابًا تامًا للقوانين، حيث تصرف كل قائد وجندي بما يحلو له في منطقته، مما أدى إلى ارتكاب جرائم مروعة بحق المدنيين. وأضاف: "على الإسرائيليين أن يعرفوا ما يحدث في غزة، لأن حياة البشر أصبحت بلا قيمة، ونحن كجنود نتحمل جزءًا من مسؤولية هذا الرعب".
إعلان "كرامة الإنسان حيًا وميتًا" مبدأ قانونيتُعد كرامة الإنسان مبدأً أساسيًا في القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وهي حق غير قابل للتجزئة يُرافق الإنسان في حياته وبعد وفاته.
يستند هذا المبدأ إلى نصوص متعددة، منها المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تفرض احترام جميع الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية، بمن في ذلك الموتى، والمادة 34 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، التي تضمن احترام جثث الموتى ومنع التمثيل بها.
ويعكس هذا الالتزام القانوني اعترافًا عالميًا بأن انتهاك كرامة الإنسان بعد وفاته، من خلال التمثيل بجثثه، أو تركها دون دفن لائق، يُعتبر انتهاكًا صريحًا للمبادئ الإنسانية وللقانون الدولي.
أهمية التقرير ودلالاتهيمثل هذا التقرير أهمية استثنائية؛ لأنه يعكس شهادات من الداخل، صادرة عن جنود وضباط شاركوا فعليًا في العمليات العسكرية. هذه الشهادات تضفي مصداقية إضافية على الاتهامات التي طالما وُجهت لجيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
ويُعد التقرير أداة قيمة لتوثيق الانتهاكات الممنهجة، مما يُمكّن المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان من استخدامها في إعداد ملفات قانونية تقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، والمحاكم الوطنية التي تعتمد مبدأ الولاية القضائية العالمية.
كما يُمكن للتقرير أن يكون نقطة انطلاق لدعوة الأمم المتحدة إلى تشكيل لجان تقصي حقائق مستقلة؛ للتحقيق في هذه الجرائم المزعومة.
دوافع شهادات الجنودرغم أن النظام العسكري الإسرائيلي يمنح الجنود سلطة ميدانية واسعة تجعلهم أشبه بـ "قانون بحد ذاته"، فإن ذلك لا يُلغي دوافعهم للإدلاء بشهادات تكشف الانتهاكات.
هذا النظام الذي يعتمد على طاعة الأوامر العسكرية دون مساءلة فورية، قد يخلق شعورًا لدى الجنود بالندم والضغط النفسي بعد انتهاء العمليات، خاصة عند إدراكهم آثار أفعالهم على المدنيين.
إعلانبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ هذا التفويض الواسع لا يعفي الجنود من الشعور بالمسؤولية الأخلاقية، حيث يدفعهم الوعي إلى فضح السياسات التي تُسهل ارتكاب الجرائم، في محاولة لإصلاح النظام، أو التنصل من المسؤولية الشخصية.
وتؤكد التحليلات الإسرائيلية أن شهادات الجنود غالبًا ما تكون مدفوعة بالرغبة في تسليط الضوء على الانتهاكات كوسيلة للتأثير على القيادة العسكرية العليا، وتحميلها المسؤولية عن القرارات المنهجية التي تقود إلى هذه الجرائم، ما يُظهر تناقضًا بين التفويض المطلق الممنوح للجنود، والضغوط الأخلاقية والقانونية التي تواجههم.
ضرورة تدخل المحكمة الجنائيةإن الجرائم الموثقة في التقرير، بما في ذلك الاستهداف المنهجي للمدنيين وترك الجثث دون دفن لتتحلل أو تنهشها الكلاب، تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتندرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الأساسي.
من الناحية الموضوعية، تُمثل هذه الأفعال جرائم حرب وفق المادة 8، والجرائم ضد الإنسانية وفق المادة 7، حيث يُظهر التقرير أدلة واضحة على وجود سياسة ممنهجة تستهدف السكان المدنيين بشكل واسع النطاق.
أما من الناحية المكانية، فإن وقوع هذه الجرائم على الأراضي الفلسطينية، التي تُعد دولةً طرفًا في نظام روما الأساسي منذ 2015، يمنح المحكمة الولاية للتحقيق فيها. وبالنسبة للاختصاص الزماني، فإن الجرائم المشار إليها وقعت بعد انضمام فلسطين للمحكمة، مما يجعلها مشمولة بالاختصاص الزمني للمحكمة.
وعليه، فإن تدخل المحكمة الجنائية الدولية ضرورة حتمية؛ لضمان العدالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، بما يرسخ مبدأ عدم الإفلات من العقاب، ويحقق الردع العام.
ويُعد ضم الشهادات الواردة في التقرير إلى الملفات المقدمة للمحكمة خطوة محورية؛ لتعزيز الأدلة، وتأكيد الطبيعة الممنهجة لهذه الجرائم. كما يجب أن يشمل ملف المطلوبين أسماء قادة سياسيين وعسكريين متورطين في هذه الجرائم، مثل: قادة الفرق العسكرية الذين أصدروا الأوامر بترك الجثث، والمسؤولين الحكوميين الذين دعموا هذه السياسات؛ لضمان محاسبة جميع المستويات القيادية.
إعلان تقرير هآرتس وصلاحية الأمم المتحدة في التحقيقويتماشى التقرير الذي يوثق الانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين في غزة مع اختصاصات الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في حماية حقوق الإنسان، وتعزيز المساءلة الدولية.
بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتحديدًا المادة 55، يقع على عاتق الأمم المتحدة التزام بحماية الحقوق الأساسية، وضمان احترام القانون الدولي الإنساني. كما أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يملك صلاحية قانونية لتشكيل لجان تحقيق مستقلة وفقًا لقراره رقم 5/1 لعام 2007، والذي يمنحه تفويضًا للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
على غرار ذلك، سبق للمجلس أن أنشأ لجان تحقيق دولية في حالات مماثلة، مثل لجنة التحقيق بشأن النزاع في سوريا عام 2011، ولجنة تقصي الحقائق في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني عقب عمليات غزة 2009 (تقرير غولدستون).
يُشكل التقرير الحالي دعامة إضافية لدعوة مجلس حقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة تحقيق دائمة بشأن الجرائم المرتكبة في غزة، مما يعزز الاختصاص القانوني للأمم المتحدة في مراقبة امتثال الدول لأحكام القانون الدولي الإنساني، وضمان تحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب".
التقرير ومنظمات حقوق الإنسانيمثل تقرير هآرتس قيمة هامة لمنظمات حقوق الإنسان الدولية والوطنية، حيث يُعد دليلًا إضافيًا على الإفلات المستمر من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين.
بالنسبة للمنظمات الدولية، مثل: هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية (أمنستي)، يتقاطع التقرير مع جهودها في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية، حيث سبق أن ركزت هذه المنظمات على استهداف المدنيين، واستخدام القوة المفرطة، وتجاهل قواعد القانون الدولي الإنساني، وهي نفس المحاور التي أشار إليها تقرير هآرتس.
أكدت منظمة العفو الدولية في تقارير سابقة أن السياسات الإسرائيلية تجاه غزة تُظهر نمطًا ممنهجًا من العقاب الجماعي، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بينما أشارت هيومن رايتس ووتش إلى وجود ممارسات يمكن أن تُصنف كجرائم حرب. بالتالي، يُعزز التقرير مصداقية هذه المنظمات، ويوفر شهادة من الداخل تُعمق فهم السياق الممنهج لهذه الانتهاكات.
إعلان خلاصة القولعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه الجرائم الموثقة في تقرير "هآرتس"، عبر تبني نهج صارم مستند إلى مبادئ نورمبرغ لعام 1945 التي تكرّس المسؤولية الفردية عن الجرائم الدولية، بغض النظر عن الأوامر العليا أو المناصب الرسمية.
نوصي بضرورة تفعيل مبدأ "الولاية القضائية العالمية"؛ لضمان محاكمة الجناة أمام المحاكم الدولية أو الوطنية المختصة، وتطبيق اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لعام 1968؛ لضمان استمرار الملاحقة القانونية بغض النظر عن الزمن.
ورغم وضوح هذه المبادئ والاتفاقيات، فإن الانتهاكات المروّعة التي يكشفها التقرير تعكس تقاعسًا خطيرًا عن احترامها وتنفيذها، ما أدى إلى إهدار كرامة الإنسانية بهذا الشكل المريع.
وللخروج من هذا الواقع، لا بد من توفير بيئة سياسية مواتية تعزّز إعمال القواعد الأخلاقية والقانونية للحروب، وتتيح مساءلة جميع المجرمين دون استثناء. كما يجب أن يتحلّى المدعي العام وقضاة الغرفة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بالشجاعة العالية في التعامل مع هذه الجرائم، بما يضمن تفعيل العدالة الدولية بشكل فعّال.
رؤية الكلاب وهي تنهش جثث الفلسطينيين ليس أمرًا مسليًا أو ممتعًا، بل هو منتهى الوحشية وإهانة غير مسبوقة لكرامة الإنسان.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية