بعد 6 سنوات على انتهاء الحرب.. لماذا لا يزال سكان القرى العربية في نينوى العراقية نازحين؟
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
الموصل- "مئات العوائل لا تزال ممنوعة من العودة إلى قراها، أسكن في بيت مستأجر في ناحية ربيعة، والسلطات الكردية تمنعنا من العودة إلى قرانا التي نمتلك فيها مئات الدونمات من الأراضي الزراعية المتروكة منذ سنوات"، بهذه الكلمات يصف خلف محمد أحد سكان ناحية ربيعة (غرب مدينة الموصل) معاناته بعد 6 سنوات على انتهاء الحرب واستعادة القوات العراقية السيطرة على الناحية من مقاتلي تنظيم الدولة.
ويتابع محمد -في حديثه للجزيرة نت- أنهم طرقوا أبواب جميع المسؤولين الحكوميين في حكومتي بغداد وإقليم كردستان العراق لأجل حل مشكلتهم، مشيرا إلى أن وضعهم لا يزال على ما هو عليه، الأمر الذي أجبرهم على الخروج بوقفة احتجاجية في الناحية الاثنين الماضي.
وتقع ناحية ربيعة التابعة إداريا لمحافظة نينوى على بعد 100 كيلومتر إلى الغرب من مدينة الموصل (عاصمة المحافظة). وكان تنظيم الدولة قد أحكم سيطرته على المنطقة في يونيو/حزيران 2014، قبل أن تستعيدها القوات العراقية في يوليو/تموز 2017.
وشهدت ناحية ربيعة وقفة شعبية احتجاجية شارك فيها المئات احتجاجا على استمرار منع حكومة إقليم كردستان إعادة سكان القرى العربية في ناحيتي ربيعة وزمار إلى مناطقهم، حيث تمنع القوات الكردية سكان قرى الشيخان والسعودية والمحمودية وصفية والقاهرة من العودة إلى قراهم وأراضيهم الزراعية.
وفي السياق، يقول النائب عن محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري إن هناك عشرات القرى في مناطق الحمدانية وزمار ومخمور وربيعة لا تزال قوات البيشمركة الكردية تمنع أهلها من العودة إليها، مبينا أن هذه الوقفة الاحتجاجية تعد الخطوة الأولى.
وعن قصة هذه القرى، يتابع الشمري -الذي ينحدر من ناحية ربيعة- أن قوات البيشمركة كانت من ضمن القوات التي حررت هذه المناطق من تنظيم الدولة وفرضت سيطرتها العسكرية عليها ومنعت أهلها من العودة إليها، مشيرا إلى أن شروع القوات العراقية في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بعملية فرض القانون ضد القوات الكردية التي أعقبت استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق أسهمت بانسحاب القوات الكردية عن كثير من القرى، إلا أن هناك قرى أخرى لم تنسحب منها، وتتمثل بـ 5 قرى في ناحية ربيعة و3 أخرى في ناحية زمار، ومجموع قرى حسن شامي في منطقة الخازر التابعة لقضاء الحمدانية جنوب شرق الموصل.
ويبين الشمري -في حديثه للجزيرة نت- أن نازحي هذه القرى موزعون إما في المخيمات أو في البيوت المستأجرة، بعد أن كان هؤلاء النازحون يمتلكون أراضي زراعية شاسعة تغنيهم عن مخيمات النزوح والمساعدات.
وعن الخطوات اللاحقة، أوضح أنه بعد إخفاق بعثة الأمم المتحدة في العراق والحكومة في إيجاد حل لهذه المشكلة، بدأت أولى الخطوات بوقفة احتجاجية شارك فيها قرابة 3 آلاف شخص، ثم مظاهرات واعتصامات، مبينا أنه في حال عدم التوصل إلى حل، فإن جميع الخيارات مطروحة من قبل عشائر المنطقة، وفق تعبيره.
أما عن عدد سكان هذه القرى، فكشف أنه يناهز 12 ألف نسمة في قرى ربيعة وحدها، فضلا عن آلاف آخرين في مناطق الخازر وزمار وغيرها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع هذه المناطق تعد مستقرة أمنيا ولا يوجد مانع أمني يحول دون إعادتهم إلى قراهم.
وبالذهاب إلى الموقف الحكومي، يشير المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية علي عباس جهانكير إلى أن جميع هذه المناطق تسكنها العشائر العربية، وبالتالي، تحاول الحكومة إعادة هؤلاء النازحين إلى مناطقهم، ويقول إن أعداد نازحي قرى ربيعة تقدر بـ2400 عائلة، في حين يرزح نحو 600 عائلة من منطقة الخازر في المخيمات، فضلا عن آلاف آخرين نازحين في مناطق مختلفة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتابع جهانكير أن حكومة الإقليم اتخذت خطوات عملية لإعادة نازحي منطقة الخازر جنوب شرق الموصل؛ غير أن الإجراءات لا تزال غير مفعلة، في حين لم تعقد أي مباحثات رسمية حول إعادة نازحي قرى ناحيتي ربيعة وزمار، وفق قوله.
على الجانب الآخر، يشير النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة نينوى شيروان الدوبرداني إلى أن الوقفة الاحتجاجية في ناحية ربيعة تمت برعاية النائب عبد الرحيم الشمري لأغراض الدعاية الانتخابية.
ويتابع -في حديثه للجزيرة نت- أن قوات البيشمركة هي التي حررت هذه المناطق من سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة، حيث إن قيادة الحزب الديمقراطي كان قد وافق على إعادة سكان هذه القرى إلى مناطقهم، غير أن الأزمات التي اندلعت بين بغداد وأربيل ثم جائحة فيروس كورونا أخرت إعادة النازحين إلى مناطقهم.
وأكد الدوبرداني أن موضوع إعادة النازحين في منقطة الخازر قد انتهى، وأن عودتهم ستكون خلال الأسابيع القادمة، وأشار إلى أن العمليات العسكرية خلال عمليات فرض القانون أدت إلى نزوح سكان ناحية ربيعة من قراهم، وأن مباحثات إعادة سكان قرى ربيعة ستبدأ بعد إعادة نازحي منطقة الخازر.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أنه قد تم تخصص مبلغ 17 مليون دولار لأجل إعادة البنى التحتية في منطقة الخازر تحضيرا لإعادة نازحي مخيم حسن شامي، وفق قوله.
في حين أكد النائب عبد الرحيم الشمري أن هناك ما وصفه بـ"المماطلة" من قبل حكومة إقليم كردستان تجاه إعادة سكان هذه القرى، لا سيما أن حكومة الإقليم كانت قد وعدت بإعادة نازحي منطقة الخازر في قضاء الحمدانية عام 2018، غير أن أي إجراء حقيقي لم يتخذ حتى الآن، وفق قوله.
وما بين وعود إعادتهم إلى ديارهم وتعقيدات المشهد السياسي في العراق، لا يزال النازحون يكابدون ضنك العيش في ظل لهيب أجواء الصيف في العراق والبرد القارس شتاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إقلیم کردستان تنظیم الدولة هذه المناطق من العودة فی ناحیة لا تزال إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد تحرير الخرطوم: الرياض تفتح كتاب إعادة إعمار السودان
يفتح السودان صفحة جديدة في تاريخه الاقتصادي بعد أن أعلن القائد العام للجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان ، الخرطوم خالية من مليشيا الدعم السريع المتمردة.
الإعلان يشير إلى ضربة بداية إعادة إعمار ما دمرته الحرب خلال عامين في المناطق التي سيطرت عليها مليشيا الدعم السريع ودمرتها.
ووفقا لأحدث التقديرات فإن الحرب دمرت 20 في المئة من الرصيد الرأسمالي للاقتصاد السوداني والمقدر بنحو 600 مليار دولار، و أدت إلى تآكل أكثر من نصف الناتج القومي الإجمالي الذي يبلغ متوسطه السنوي نحو 33 مليار دولار.
وتقدمت المملكة العربية السعودية الدول التي ستساعد السودان في إعادة إعمار ما دمرته الحرب عبر وفد وصل الأراضي السودانية منذ يومين، ويضم الوفد ممثلين لوزارة الخارجية السعودية، مركز الملك سلمان للإغاثة، صندوق التنمية السعودي، وصندوق الاستثمارات السعودية، ويترأسه سفير المملكة بالسودان، علي بن حسن جعفر.
وأعلن السفير السعودي أن الزيارة تجئ إنفاذاً لتوجيهات القيادة السعودية بإجراء تقييم لاحتياجات السودان لإعادة إعمار ما دمرته الحرب ومن ثم توفير الدعم اللازم لإنفاذ المشروعات المطلوبة بالتنسيق مع جهات الاختصاص السودانية.
و قدم السفير السعودي شرحاً للمهام التي كلف بها من قبل القيادة العليا للمملكة العربية السعودية وهي إجراء مسح للمجالات التي يحتاجها السودان في جانب إعادة تأهيل وإعمار البنى التحتية و مشروعات الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والمرافق الصحية والخدمية الأخرى في إطار برنامج اسعافي يمتد العمل فيه لستة أشهر في هذه المرحلة التي تشهد نهاية التمرد وحلول الامن وعودة الحياة لطبيعتها .
وأوضح وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أن المملكة ظلت دوما هي السباقة في الوقوف إلى جانب السودان وشعبه في كل الأزمات التي مر بها، وأن هذا الوفد حقق السبق في الحضور لتقديم الدعم وتزامنت زيارته مع إعلان الخرطوم محررة وخالية من عبث المليشيا المتمردة التي مارست كل أنواع الانتهاكات وخربت البنى التحتية والمرافق العامة والممتلكات الخاصة بلا هوادة.
بدوره كشف وزير المالية والتخطيط الاقتصادي ، د. جبريل إبراهيم عن أولويات الحكومة العاجلة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وحدد – خلال ترؤسه الاجتماع الموسع مع لجنة المملكة العربية السعودية برئاسة سفيرها في السودان- أهم القطاعات ذات الأولوية لبدء مسيرة إعادة البناء والإعمار والتنمية لضمان العودة الآمنه للمواطنين إلى مقارهم بالولايات المتأثرة بالحرب.
وتم إستعراض الأولويات – بمشاركة وزراء الوزارات المعنية- بالتركيز على قطاعات الكهرباء ، خدمات الصحة ، المياه ، المدخلات الزراعية وكآفة المشاريع ذات التأثير المباشر على المواطنين.
وأبان سفير السعودية بالسودان أن لجنة المملكة تم تشكيلها بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بهدف تلمس الاحتياجات الأساسية للمواطن السوداني خلال الستة أشهر القادمة ومساندة جهود الحكومة لمواجهة ما خلفته الحرب.
ووعد بدراسة المشاريع المقترحة للاحتياجات ورفع تقرير عنها للقيادة السعودية توطئة لبدء تنفيذها.
وتبرز المملكة كإحدى أهم الدول التي تربطها علاقات اقتصادية بالسودان
وأودعت الرياض مبلغ 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني في مايو 2019، لتعزيز سعر صرف العملة المحلية.
و قدمت مساعدات مالية تجاوزت 250 مليون دولار منذ بداية الفترة الانتقالية، للتخفيف من أي أثر سلبي على المواطن السوداني جراء تعويم سعر صرف الجنيه.
وتعهدت المملكة في شهر مارس 2021 باستثمار ثلاثة مليارات دولار في صندوق مشترك للاستثمار في السودان.
وقدم الصندوق السعودي للتنمية قرضين لتمويل مشروعات في قطاعي الصحة والتعليم في السودان للعام 2020م بقيمة 487.5 مليون ريال سعودي بواقع 243.75 مليون ريال لكل قطاع، ويعد هذان القرضان جزءًا من التمويل المقدم من الصندوق لدعم تنفيذ عشرات المشروعات التنموية في السودان.
وشدد الخبير الاقتصادي ، د. هيثم محمد فتحي على أهمية عقد مؤتمر وطني حول مرحلة إعادة الإعمار، لتحديد الأولويات والمنهجية والآليات ومصادر التمويل .
وأشار فتحي إلى أهمية تحديد أولويات إعادة الإعمار. والاتفاق على منهجية المرحلة والشركاء المتوقعين . إضافة إلى تحديد مصادر التمويل المقبولة ، والترويج للاستثمار في شكل فعال.
ودعا في حديثه مع “المحقق” إلى سن قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص لتطوير وبناء المنشأت والمرافق العامة الــ PPP Public private partnership .
وإحداث بنية تنظيمية مناسبة تتصف بالكفاءة والقدرة على العمل من خلال هيئة وطنية قومية لإعادة الإعمار، تضم ممثلي البنوك السودانية وخبراء ومختصين من القطاعين العام والخاص، بالاضافة الى تأسيس صندوق خاص بإعادة الإعمار مع تحديد مشروعات بعينها ذات العائد والاثر السريع سواءا كان في توفير الاحتياجات الاساسية أو توفير العملات الأجنبية أو في دعمها للميزانية العامة للدولة ، خاصة في قطاع المعادن أي أن تكون هنالك أولويات مع إصلاح القوانين وضبط سعر الصرف واصلاح الميزانية.
المحقق – نازك شمام
إنضم لقناة النيلين على واتساب