موقع تركي: طوفان الأقصى وعنصر المفاجأة
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
تناول كاتب تركي عنصر المفاجأة في هجوم "طوفان الأقصى" والعوامل التي تجعل المفاجأة ممكنة، عموما. وركز على ما يُعتبر نجاحا عملياتيا لطرف وضعفا استخباراتيا للآخر، دون التطرق للأهداف والنتائج السياسية.
وفي البداية شبّه إمره كاراجا في مقال له بمجلة "كريتر" التركية مفاجأة "طوفان الأقصى" بمفاجأة هجوم الجيشين المصري والسوري خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، مشيرا إلى أن سوء التقديرات في تفسير البيانات الاستخباراتية التي تم نقلها إلى القادة أدى إلى هزيمة إستراتيجية لإسرائيل في الحالتين.
ونسب الكاتب لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت وصفه للمظلة الأمنية الإسرائيلية خلال "طوفان الأقصى" بالضعف، وقوله إن إسرائيل وقعت ضحية للثقة الزائدة التي أدت إلى الغرور والاستهتار، وإن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "قامت بما كانت إسرائيل تمارسه بشكل عادي وهو المفاجأة والذكاء والتفكير خارج الصندوق".
وذكر أن التركيز على المفاجأة في مقولة أولمرت هو أمر مهم للغاية، ومفتاح وظيفي لتفسير العملية.
استهانة التقدم التكنولوجي بالبيانات البشريةأشار الكاتب في أسباب مرور المفاجأة على إسرائيل إلى أن نهج مفهوم الأمن لديها يقلل من أهمية تدفق المعلومات القادمة من مصادر بشرية. فوفقا للمعلومات المتاحة من المصادر، بدأت إسرائيل الاعتماد بشكل كبير على قدراتها التكنولوجية بالمنطقة، مما أدى إلى تجاهل تدفق المعلومات الاستخبارية التي يمكن الحصول عليها من العنصر البشري، واعتبرت مراقبة المحادثات اللاسلكية بين عناصر حماس مضيعة للوقت.
وقال إن هناك ملاحظة ميدانية أخرى وهي أن الجهات الفاعلة الإقليمية لم تتوقع أن تمتلك "كتائب الشهيد عز الدين القسام" الجناح العسكري لحماس القدرة على شن هجوم كهذا، مضيفا أنه اتضح من تصريحات فصائل حماس أن جناحها المسلح شارك المعلومات حول الهجوم مع مجموعة صغيرة جدا من العناصر العملياتية، حتى أنه أخفى ذلك عن جناحه السياسي وحلفائه الإقليميين.
وأوضح الكاتب أن البيانات المتاحة تشير إلى أن هجوم "طوفان الأقصى" نفذه حوالي 1500 عضو فقط من كتائب القسام.
نظرية المفاجأةثم تحدث المقال عن الإطار النظري للمفاجأة بأنه ليس ظاهرة منهجية أو هيكلية، فالمفاجأة موجودة في ذهن الضحية، أي أنها تتعلق بالإدراك البشري والتصورات، إذ تربط تصورات المخاطر المختلفة بين المنافسين الأقوياء والضعفاء وبين البيئة الهيكلية التي تشجع على المفاجأة والبيئة المعرفية التي توفر فرصة لمفاجأة الخصم.
وقال الكاتب أيضا إن استخدام الجاسوسية وعنصر المفاجأة كان موجودا منذ ما قبل الميلاد، وأشار إلى كتاب صينيين وهنود كتبوا تلك الفترة عن هذا الموضوع.
المفاجأة تضاعف القوةوأفاد الكاتب بأن المفاجأة تضاعف القوة، فهي تسمح لجانب واحد بالحصول على التفوق العددي المؤقت اللازم لشن عمليات هجومية، وتعمل على تعليق الطبيعة الجدلية للصراع الإستراتيجي مؤقتا عن طريق إزالة الخصم النشط من ساحة المعركة، كما أنها تحوّل الحرب إلى حدث يمكن فيه تحديد احتمالية بعض الأحداث بدرجة معينة من اليقين، وتكون النتيجة ليست معروفة مسبقا فحسب، بل يحددها أحد أطراف الصراع.
وقال إن التحيز الجماعي، والثقافة التنظيمية، والحاجة إلى إرضاء البيروقراطية تمنع تجنب المفاجأة، مضيفا أنه من الممكن القول إن هذه هي المشكلة التي تواجه أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وأضاف أن كل شيء في الحرب له تكلفة، فالأمن التشغيلي يعيق التخطيط والإحاطة، وحتى الهجمات المفاجئة الناجحة، مثل هجمات 11 سبتمبر2001، حدثت بهامش نجاح ضئيل للغاية.
مشاركة مسيطر عليهاولاحظ الكاتب أن الجناح العسكري لحماس قسّم التخطيط للعملية إلى وحدات مختلفة، مما سمح لجميع المشاركين بالحصول على المعلومات حسب الوصف الوظيفي الخاص بهم فقط.
وأشار إلى أن الضحايا، عموما، يميلون إلى افتراض أن المفاجأة تتجاوز قدرة العدو على تنفيذها. وقال إن التباين في مدى الحذر يعتبر مفارقة تُعرف بـ "مفارقة المخاطرة" ويمكن تلخيصها على النحو التالي: الأعمال المحفوفة بالمخاطر أقل قابلية للتنبؤ بها.
الهجوم محل دراسة لسنوات طويلةواستمر المقال بأن "طوفان الأقصى" أدى إلى تأثير متسلسل مشابه لتأثير قطع الدومينو بنطاقه ونتائجه، وأثبت أن الاحتلال والحصار الذي دام سنوات لم يمنع فصائل المقاومة من التنظيم، وأن صدمة إسرائيل التي تمتلك قدرات تكنولوجية متقدمة بمثل هذا الاستعداد الذي أبدته "كتائب القسام" سيكون محل دراسة لسنوات طويلة.
وختم بتأكيد أن نظرية المفاجأة مفيدة في شرح العوامل التي تجعل بعض الجهات الفاعلة أو الأنظمة أكثر عرضة للمفاجأة، ومفيدة في أنها توفر النهج النظري لمثل هذه الهجمات والذي يعزز تحليل الاستخبارات وإدارة المخاطر. وقال إنه من الأهمية بمكان أن يؤخذ في الاعتبار تعقيد مفهوم "المفاجأة" وعلاقته بعدم القدرة على التنبؤ وبمحدودية نطاقه في التقييمات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: طوفان الأقصى وقال إن إلى أن
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى.. ومصير التطبيع
أما آن للمنافقين المرجفين والمتخاذلين أن يؤمنوا بعدالة القضية الفلسطينية، وأن زوال الاحتلال بات قريبا حتى لو تلقي الدعم والمساندة من هنا وهناك، ومن القريب والبعيد؟ إن عدالة القضية يا سادة والإيمان بها والالتفاف حولها أول درجات النصر وتحقيق المأمول، وأن محاربتها والتشكيك في عدالتها والتخلي عنها، وطعنها في الظهر أول دركات الخيانة والهزيمة.
إن زوال الاحتلال أمر محتوم وهو مؤجل في علم الغيب ليوم معلوم آت لا محالة، هذا يقين وثقة من رب العالمين مهما شكك المشككون ودعم الصهاينة المتخاذلون.
أعلنها أبو العبد الشهيد إسماعيل هنية على مرء وسمع العالم "لن نعترف بإسرائيل"، هل أدركنا الآن أن السرطان الذي يهدد أمن أمتنا هو الاحتلال الصهيوني لا غيره؟
لقد سطرت غزة بدماء شعبها ملحمة تاريخية ووطنية سياسية وثقافية واجتماعية وإعلامية أبهرت بها العالم أجمع، ليستيقظ معها الضمير الإنساني دوليا وعالميا معلنا تضامنه مع شعب غزة في صموده وكفاحه في وجه الطغيان الصهيوني الذي احتل الأرض واستباح العِرض لأكثر من 70 عاما.
لقد ظن البعض أن القضية الفلسطينية قد ماتت أو لن تقوم لها قائمة "في زخم وخضم التطبيع المتسارع من بعض دول المنطقة في دعمهم وتضامنهم المنقطع النظير للكيان الصهيوني على حساب أمن شعبنا وأمتنا"، وتحرير أقصانا ومقدساتنا لفرض واقع جديد يجبر المقاومة وحماس على وجه الخصوص بقبوله، فكان طوفان الأقصى المفاجئ والموفق بمثابة نقلة نوعية وعسكرية وضربة استباقية جعلت القضية الفلسطينية الأولى عالميا في جميع المحافل الدولية، وفي مقدمة ذلك الشعوب الحرة من كل أنحاء العالم وعلى مختلف توجهاتهم على هذا الكوكب، بعدما عمد الاحتلال إلى تزيف الحقائق وممارسة سياسة التضليل وتبرير قمعه ووحشيته في التعامل مع المدنيين، وقد نسي أو تناسي عمدا أنه كيان محتل للأرض.
ومن هنا نؤكد على ما يلي:
أولا: القضية الفلسطينية قضية عادلة بامتياز وهي الأرض الوحيدة المحتلة على مستوى العالم، والدفاع عنها والموت في سبيلها والعمل على تحريرها من أيدي المحتل أمر مشروع لأصحاب الأرض وكل شرفاء العالم.
ثانيا: ثبات وشجاعة وبسالة حماس مع جميع فصائل المقاومة في المواجهة وفي أرض الميدان جعل شعوب العالم تنظر لحماس بنظرة مختلفة عن ذي قبل، وأن طوفان الأقصى وضع فلسطين في صدارة المشهد العالمي.
ثالثا: الصمود الأسطوري لشعب غزة الذي قدم أكثر من 45 الف شهيد تقريبا على مدار أكثر من عام أغلبهم من الأطفال، والذي كشف وعرّى زيف وكذب روايات الاحتلال أمام العالم المدعوم من قبل اللوبي الصهيوني. يستحق هذا الشعب الفلسطيني العظيم وفي القلب منه شعب غزة كل الدعم والمساندة.
المقاومة وحسن إدارة المعركة:
أولا: تفوقت المقاومة بحسن إدارة الحرب تكتيكيا وعسكريا وسياسيا وإعلاميا بشكل مهني ووطني وخاصة في مواقع القتال المختلفة وعلى كل الجبهات، رغم الحصار الذي دام لسنوات طويلة، وكذلك تفوق المتحدث العسكري لحركة حماس أبو عبيدة الملقب بـ"الملثم" بنقل واقع المعركة أمام العالم ليتحمل مسؤوليته، وكذلك أمام الداخل الاسرائيلي قبل أن تزيف الحقائق من قبل قادة الاحتلال الصهيوني وهو ما اعتادوا عليه، فأصبح أبو عبيدة أيقونة الشباب في عالمنا العربي والإسلامي بل ولشباب العالم أجمع.
ثانيا: الإعداد الجيد والمدروس والانسجام التام والتنسيق الموفق بين جميع فصائل المقاومة وبين حماس، مما أربك العدو وحرمه من تحقيق جميع أهدافه المعلنة طول فترة الحرب رغم الدعم العسكري واللوجستي الذي لم يتوقف طول فترة الحرب حتى إعلان وقف إطلاق النار، وعلى رأس أهدافه التي أعلنها والتي خسرها جميعا القضاء على حركة حماس وتدمير قدرتها العسكرية وتحرير الأسرى.
ثالثا: التمسك وعدم التنازل والتفريط فيما أعلنته حماس وباقي الفصائل الفلسطينية مع أطراف التفاوض وأهمها قضية تبادل الأسرى في سجون الاحتلال والانسحاب الكامل للكيان الصهيوني من أرض غزة، وكذلك فتح معبر رفح لإدخال المساعدات اللازمة للقطاع وعودة النازحين إلى منازلهم بأمان دون تهديد من الكيان قد يعرض حياتهم للخطر، وقبل كل ذلك إعادة الإعمار..
رابعا: التفوق الإعلامي والعسكري لحماس وباقي فصائل المقاومة والتي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة على مستوى العالم وعلى رأسها قناة الجزيرة التي كان لها الدور البارز في نقل الأحداث بمهنية وإنصاف دون تزيف أو تضليل للواقع، مما أكسبها بذلك مصداقية كبيرة تضاف الي تاريخها الإعلامي حول العالم.
خامسا: براعة وحنكة فريق التفاوض لحركة حماس وباقي الفصائل بكل حكمة ومسؤولية منضبطة لضمان حقوق الشعب الفلسطيني كاملة دون نقصان، مما وضع مستقبل نتنياهو السياسي على المحك.
وكما رأينا وشاهدنا جميعا حالة التنازع والفشل بل والغضب الذي أصاب حكومة نتنياهو في كل مفاصل ومؤسسات الكيان سواء كانت أمنية أو سياسية أو عسكرية أو إعلامية أو اجتماعية، مما وضع إدارة الكيان الصهيوني في مرمى وغضب الشعب الصهيوني، ورأينا حجم المظاهرات التي خرجت للشارع تطالب نتنياهو بضرورة القبول بصفقة تبادل عاجلة ووقف فوري لإطلاق النار وعودة الأسرى.
أرادوا للقضية الفلسطينية أن تكون طرحى في غرف الإنعاش وفي مرض سريري دائم، فجاء طوفان الأقصى يؤكد عافيتها، ويشحذ همتها، ويبطل ويفشل جميع المؤامرات التي تحاك بها في جنح الظلام من تطبيع آثم وتهجير مفضوح وصفقات مشبوهة، ليعيد للقضية الفلسطينية زخمها الشعبي، وتفرض إرادتها على المجتمع الدولي، وتكتسب حماس بهذا الطوفان حاضنة شعبية جارفة ليس فقط في فلسطين وغزة تحديدا بل على مستوى العالم أجمع، وتؤكد أيضا على أن فلسطين القلب النابض لهذا العالم.
لقد كشف لنا طوفان الأقصى أن الاحتلال مثل بيت العنكبوت وأنه إلى زوال لو تخلى عنه المنافقون والمتخاذلون والمرجفون في أمتنا العربية.