نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن استراتيجيات الكرملين لتشديد رقابته الرقمية على المعارضين في ظل تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية في روسيا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في الثالث من شباط/ فبراير ذهبت إيرينا إلى اجتماع حضرت فيه زوجات الجنود الذين تم حشدهم من قبل الكرملين.



وبعد يومين، تلقت هذه الشابة المقيمة بموسكو مكالمة هاتفية من الشرطة تطلب منها الحضور إلى مركز الأمن. وفي نهاية المطاف، أفلتت من الملاحقة الجنائية وتلقت تحذيرا بسيطا.  في ذلك اليوم، تم اعتقال حوالي عشرين صحافيا روسيا وأجنبيا على عين المكان، بينما رأى آخرون ضباط شرطة أمام منازلهم ومعهم أجهزة لوحية ظهرت عليها صورهم وبياناتهم الشخصية، مرة أخرى لتحذيرهم، قبل الغرامة أو حتى السجن.



على الأرجح أنه تم إبلاغ الشرطة من قبل "المخبرين" من قسم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وريث الاستخبارات السوفيتية أو ما يعرف ب "كي جي بي"، المسؤول عن مكافحة المعارضين. وعلى هامش أي تجمع عام، نصادف بشكل منهجي شبابا يرتدون قبعات وأقنعة سوداء على وجوههم، يصورون عن بعد تصرفات المشاركين أو يختلطون أحيانا مع الحشود. وقد ظلت هذه الأساليب القديمة سارية المفعول. لكن الآن، تستفيد الشرطة بشكل أساسي من تعزيز المراقبة الرقمية في موسكو، حيث تعمل بالفعل حوالي 225 ألف كاميرا مراقبة بالفيديو، وعدد متزايد منها مزوّد بتقنية التعرف على الوجه.

وبينت الصحيفة أنه في الساحات ومداخل المباني، وفي وسائل النقل والحدائق والعيادات، تنتشر الرقابة على نطاق واسع، على مدار 24 ساعة في اليوم، وتتطور بشكل متزايد.

ويهدف ذلك رسميا إلى ضمان هدوء المواطنين. 

تحدثت الصحيفة عن الشابة مارينا، التي كانت متوجهة إلى المطار واستقلت سيارة أجرة جاءت لاصطحابها في منتصف الليل في فناء مبنى مهجور. ما لا تعرفه الشابة هو أن سيارة الأجرة، قبل دقائق قليلة، اصطدمت بجناح سيارة متوقفة وتسببت في تهشيمه وكان صاحبها قد تقدم بشكوى. وفي اليوم التالي، قرعت الشرطة باب منزل والدة مارينا، وطلبوا منها تأكيد بيانات سائق سيارة الأجرة، المخزنة على هاتفها الذكي. وعلى ما يبدو أنه تم التعرف على الشابة من خلال عين الكاميرا "الفضولية".

نشر التكنولوجيا الفائقة

أوردت الصحيفة أن دخول المترو واضعا يديك في جيوبك ودفع ثمن مشترياتك من البقالة في المحلات التجارية بينما تحدق في عدسة الكاميرا يمكن أن يكون تجربة رائعة للغاية، وبعيدا كل البعد عن كليشيهات روسيا المتخلفة. لكن هذا النشر للتكنولوجيا المتقدمة، المستوحى بشكل مباشر من النموذج الصيني، يعمل أيضا على اضطهاد المعارضة.

زاد تتبع المعارضين - أو المعارضين المفترضين - حتى عتبة منازلهم، ووقع انتهاك خصوصية بياناتهم الشخصية، منذ المسيرات المؤيدة لأليكسي نافالني في سنة2021. وقد تم الكشف عن هوية العديد من الأشخاص الذين كانوا في الشارع في ذلك الوقت، وإدخال بياناتهم في قاعدة بيانات وزارة الداخلية.

مع غزو أوكرانيا، تركز اهتمام السلطات على منع المظاهرات المحتملة ضد الحرب، خاصة في تواريخ رمزية معينة مثل يوم روسيا (12 حزيران/يونيو). في مثل هذا اليوم من سنة 2022، بعد أشهر قليلة من بدء "العملية العسكرية الخاصة"، اعتقلت الشرطة ما لا يقل عن 43 شخصا في المترو، وفقا لإحصاء أجرته منظمة "أو في دي-أنفو" غير الحكومية، التي تم تصنيفها منذ ذلك الحين على أنها "عميل أجنبي".



ووقع إبلاغ بعض المعتقلين أن كاميرات المراقبة بالفيديو حددتهم كمتظاهرين محتملين. كما تم إصدار أمر بعدم استخدام المترو في ذلك اليوم وعدم التوجه إلى وسط العاصمة. وعلى ضوء ذلك، قالت المدونة آسيا كازانتسيفا، التي ألقي القبض عليها في محطة مترو فيلي في 12 حزيران/يونيو، لصحيفة "كوميرسانت" الروسية: "لقد أوضحوا لي أن الكاميرات تعرفت علي كشخص لديه بالفعل مشاكل تتعلق بالاحتجاجات".

كما عانت آرينا من نفس المشاكل، حيث أكدت لصحيفة "كوميرسانت" أنه منذ بداية الحرب، كانت الشرطة تأتي إلى منزلها "كل شهر" لإلقاء محاضرات عليها. وقالت: "على الرغم من أنني لست ناشطة، إلا أنهم يستمرون في إخباري بأنني مدرجة على قائمة وزارة الداخلية وأنهم لن يتوقفوا عن القدوم إلا عندما ينتهي كل شيء، دون أن أعرف ماذا يعني ذلك…".

 ومنذ أيلول/ سبتمبر 2022، جاء دور الشباب الذين يحاولون الهروب من التجنيد الجزئي ليكونوا تحت عدسة المراقبة. بعد أن حاصرتهم الكاميرات المنتشرة في الممرات الطويلة لمترو موسكو، تم جمع عدد معين منهم وإرسالهم إلى الجبهة.

مليون كاميرا مراقبة

تتمثل أحدث ابتكارات "الأخ الأكبر" الروسي في إشارات المرور المجهزة بكاميرا بيومترية مع خاصية التعرف على الوجه. تم اختبار النظام المسمى "فيسير"، الذي تم اختباره السنة الماضية في بيريزوفسكايا في موسكو، لعدة أسابيع ويقوم بتسجيل ومعاقبة المخالفات المرورية التي يرتكبها المترجّلون، خاصة عندما يعبرون الطريق في المكان الخطأ.

 لكن من الواضح أن هذا الجهاز يهدف إلى زيادة مراقبة السكان من خلال تتبع تحركات الشخص من كاميرا إلى أخرى، وكذلك تحليل الصور الظلية للمارة لاكتشاف أو حتى توقع "السلوكيات الخطيرة". وحتى التعرف على "الأحداث الصوتية"، أي تمييز الأصوات.
ومن جهتها، حصلت سلطات موسكو على 150 من هذه الوحدات البيومترية المتنقلة، التي ستنفق نحو 1.9 مليار روبل (20 مليون يورو) في سنة 2024 لتطوير التقنيات الرقمية التي تهدف إلى "تنفيذ القانون ومنع الجرائم".

وأكدت الصحيفة أن العاصمة ليست الوحيدة المعنية. وفقا لمنظمة "روسكوم سفوبودا"، وهي منظمة غير حكومية روسية تحاول الدفاع عن أفكار حرية المعلومات وحرية الوصول إلى المعلومات والتنظيم الذاتي لصناعة الإنترنت، فإنه منذ السنة الماضية، تم دمج الكاميرات في مناطق مختلفة في شبكة واحدة، مما سيسمح لقوات الأمن بإنفاذ القانون بالبحث عن الأشخاص في أي مكان في البلاد. 

وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد في روسيا ما يقارب مليون كاميرا مراقبة في 62 منطقة. وأصبحت المنظمات التي لديها بيانات بيومترية لعملائها، مثل البنوك، مضطرة الآن إلى نقلها إلى النظام البيومتري الموحد للدولة. والأمر متروك لهم لإبلاغ عملائهم مقدما بثلاثين يوما والذين يمكنهم، نظريا، طلب الإعفاء.



مع ذلك، أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "فتسيوم" مؤخرا أن غالبية الروس (56 بالمئة) لديهم موقف إيجابي أو محايد فيما يتعلق بتوفير بياناتهم البيومترية، مع معارضة الثلث فقط (32 بالمئة) لذلك. وقال رئيس شرطة المرور في موسكو، أندريه بيكوف، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إن "توفير البيانات البيومترية يجب أن يصبح التزاما على المواطنين"، موضحا أن هذا من شأنه أن يحسّن بشكل كبير من فعالية أنظمة المراقبة.

أما أولئك الذين يعارضون هذا "القمع" الرقمي فبالكاد تُسمع أصواتهم. ومن جهتها، تدعو مؤسسة "روسكوم سفوبودا" إلى وقف استخدام أنظمة التعرف على الوجه، وتدين استخدام هذه التقنيات المزدوجة لمضايقة شخصيات المعارضة أو أولئك الذين يقاومون التعبئة الجزئية.  وتحذر أيضا من "الأخطاء" التي قد تكون لها عواقب وخيمة في بعض الأحيان. ففي 11 كانون الأول/ديسمبر، أطلقت محكمة في موسكو سراح ألكسندر تسفيتكوف بعد سجنه عن طريق الخطأ لمدة سنة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم القبض على هذا المتخصص في الهيدرولوجيا في مطار دوموديدوفو بعد أن تم التعرف عليه بواسطة نظام التعرف على الوجه باعتباره مرتكب جريمة قتل الوحشية لثلاث نساء ورجل. ووفقا للخوارزمية المستخدمة، طابقت بيانات تسفيتكوف 60 بالمئة من بيانات أحد القتلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الكرملين روسيا المعارضة روسيا بوتين معارضة الكرملين نفالني صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التعرف على الوجه فی موسکو

إقرأ أيضاً:

"جون أفريك" تكشف تفاصيل جديدة عن فضيحة اغتصاب فرنسية من طرف أبناء أثرياء في الدار البیضاء

كشفت صحيفة جون أفريك الفرنسية تفاصيل جديدة عن حادث اتهامات باغتصاب فرنسية باستعمال مخدر، تورط فيه أبناء أثرياء في الدار البيضاء.

حسب الصحيفة، فإن الجنس والمخدرات شكلت مكونات ملف تفجر في أوساط عائلات بورجوازية في الدار البيضاء بعد اتهام أبناء شخصيات معروفة بالاغتصاب، العنف، واستخدام المواد الممنوعة.

إحدى الشكايات قُدمت في فرنسا بتهمة الاغتصاب من قبل شابة فرنسية الجنسية، وشكايتان أخريتان قدمتا بالمغرب: الأولى تتعلق بالاغتصاب، تقدمت بها نفس المشتكية، والثانية تتعلق بالضرب والجرح، تقدم بها صديقها محمد أمين نجيب، وهو مسؤول في الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM).

يتعلق الأمر بوقائع جرت في الدار البيضاء خلال عطلة نهاية الأسبوع من 8 إلى 10 نونبر.

تورط في هذه القضية، ثلاثة أبناء لشخصيات نافذة في عالم الأعمال: كمال بنيس (37 سنة)، ابن الرئيس السابق لشركة « لابروفان » علي بنيس، ومحمد لعلج، ابن رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج، وسعد السلاوي، المعروف بكونه شريك كمال بنيس في مشروع « R.W.C » في مجال الرياضة والتغذية.

خلال نهاية الأسبوع المشار إليه، حضر محمد أمين نجيب وخطيبته (المعروفة فقط بالأحرف الأولى S.F.) حفلة في فيلا ابن عمه كمال بنيس في حي أنفا. نجيب ينتمي لعائلة معروفة في عالم الأعمال في الدار البيضاء، حيث والدته نادية اليوسي، رئيسة « Agricolair Maghreb »، ووالده عبد الإله نجيب، مدير في شركة « باتيشيم ». أما خطيبته، فهي متخصصة في القانون، ويُعتقد أنهما كانا يخططان للزواج وفقاً لشهود.

دعا هذا المؤثر ورائد الأعمال النشط في مجال اللياقة البدنية قرابة 100 شخص.

لكن، ما كان من المفترض أن يكون لحظة احتفال، تحول إلى مأساة.

يقال إن خطيبة محمد أمين شعرت بالإهانة في كرامتها بعد أن وجدت صديقها منشغلًا بإحدى حبيباته السابقات. لذا حاولت لفت الانتباه من خلال قضاء الوقت مع متهمين آخرين، ما أدى إلى شجار عنيف بعد أن وجدها نجيب برفقة هؤلاء في غرفة.

من جهتها، صرحت S.F. أنها تعرضت للاغتصاب تحت تأثير مخدر الـGHB، وهو مخدر يستخدم غالباً لخصائصه المهدئة. وتدعم نتائج الفحوص الطبية التي أجريت عند عودتها إلى فرنسا روايتها، حيث قدمت هذه النتائج خلال جلسة الاستماع أمام الشرطة المغربية يوم الخميس 21 نونبر.

أما محمد أمين، فأفاد بأنه حاول الاطمئنان على خطيبته بعد أن شعرت بالتعب وصعدت إلى الطابق العلوي للراحة، إلا أنه مُنع من الدخول، وتعرض لاعتداء جسدي نتج عنه كسر ضلعين.

هذا الملف يوجد حاليا عند وكيل الملك، وقد يحال على قاضي التحقيق.

كلمات دلالية أثرياء إغتصاب شكيب لعلج فرنسية

مقالات مشابهة

  • احتجاج إيراني رسمي نادر لدى حليفتها موسكو
  • "جون أفريك" تكشف تفاصيل جديدة عن فضيحة اغتصاب فرنسية من طرف أبناء أثرياء في الدار البیضاء
  • توقيف الكاتب بوعلام صنصال.. الجزائر تهاجم أصواتا فرنسية تطالب بحريته
  • مصادر فرنسية: الملك يحضر حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام إلى جانب ترامب وبايدن
  • سعود بن صقر: التعرف إلى الخطط التنموية للشركات العالمية خطوة لتعزيز التعاون
  • بوتين: موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها
  • قافلة إرشادية بقرية العجوزين في كفر الشيخ لتوعية المزارعين بطرق اختيار أصناف القمح
  • مباحثات يمنية فرنسية حول جهود السلام في اليمن
  • نظام جديد للسفر في مطارات إسطنبول وإزمير
  • أشهر المعارضين الجزائريين من الناظور: النظام العسكري يتنكر لدور المغرب في تحرير الجزائر