الحاجة إلى الحب من أقوى الاحتياجات التي يمتلكها البشر، لتمتلئ القلوب به وتشعر بالرضا وتصبح أكثر صبرا وأكثر تعاطفا ولطفا. ولتحقيق الاكتفاء من الحب، يحتاج الإنسان إلى علاقات صحية مع من حوله، خصوصا العلاقات ذات الأولوية مثل العلاقات الزوجية.

ويقول دين أورنيش الحاصل على الدكتوراه في الطب، في كتابه ""الحب والبقاء" (Love & Survival)، إن "الحب والزواج هما أساس ما يجعلنا مرضى وما يجعلنا بصحة جيدة.

. وعندما ننظر إلى البيانات العلمية سنجد أن الحاجة إلى الحب مهمة وأساسية مثل الأكل والتنفس والنوم".

وقد أثبتت دراسات علمية عديدة أنه إضافة إلى فوائد الحب العاطفية؛ فإن قوة الحب تؤثر تأثيرا مباشرا على صحتنا الجسدية، وذلك من خلال تعزيز نظام المناعة لدينا وتحسين أداء القلب والأوعية الدموية وزيادة متوسط العمر المتوقع.

ويتفق الخبراء على أن المفتاح لعلاقة حيوية وطويلة الأمد هو ما تفعله تجاه شريكك على مدار عام كامل، وأن الحفاظ على علاقاتك وحبك يتطلب وقتا وجهدا مستمرين.

قد يجد الزوج أو الزوجة أن استمرار الحب والود مع الطرف الآخر صعب أو مستحيل، ولكن تحسين العلاقة أبسط مما قد يبدو عليه.

ووفقا لموقع "سيكولوجي توداي" (Psychologytoday)، فإن الأمر يتعلق بثلاث إستراتيجيات أساسية، هي: بذل الجهد المستمر، وألا تطلب الكثير وأن تتخلص أيضا من المعايير المستحيلة، وأخيرا تقدر ما لديك مع اعتبار أن الأخيرة هي أبسطها وأيسرها. وفيما يلي شرح لكل واحدة منها وكيف تضع خطة لتحسين علاقتك الزوجية والمحافظة على الحب بينكما.

الخلافات أمر لا مفر منه لذا عندما تظهر اجعليها قصيرة فلا تزيد على 10 دقائق (غيتي) ابذل جهدا

4 ساعات أسبوعيا: إذا كان عدد الساعات في الأسبوع هو 168 ساعة، فلن يكون من الصعب تخصيص 4 ساعات من كل أسبوع لشريك حياتك، ابدأ بجعل علاقتك أولوية خلال هذه الساعات، مع وضع خطة للأنشطة التي يمكن القيام بها في هذا الوقت، على أن تكون جديدة ومثيرة للاهتمام وبها قدر من التحدي والإثارة. وتظهر الأبحاث أن الأزواج الذين يقومون بهذه الأمور يتمتعون بعلاقات أفضل.

بناء مهارات في تحسين العلاقات: خصص جزءا من هذه الساعات الأربع كل أسبوع في بناء مهارات جديدة لتحسين العلاقة مثل مهارة التواصل، وكيفية حل الخلافات، ومدى معرفتك بشريكك، ومدى معرفتك بنفسك وإدارة الحياة وإدارة الإجهاد.

تقليل وقت العراك: وفقا لموقع "فيري ويل مايند" (Very well mind)، فإن الخلافات أمر لا مفر منه، لذا عندما تظهر اجعليها قصيرة فلا تزيد على 10 دقائق، لأن الأمر بعد 10 دقائق سيصبح سيئا ومكررا. حافظي كذلك على حدود الموضوع، ولا تفكري في القضايا من الأسبوع الماضي أو الشهر الماضي.

كن كريما، فوفقا لموقع "ذا نيويورك تايمز" Nytimes، فقد درس بحث بجامعة فرجينيا دور الكرم في تحسين العلاقات الزوجية في عينة قدرها 2870 رجلا وامرأة. تم تعريف الكرم في الدراسة على أنه "فضيلة تقديم الأشياء الجيدة للزوج بحرية وبوفرة"، مثل صنع القهوة في الصباح وإظهار المودة في كثير من الأحيان أو الاستعداد للمسامحة. كان الأزواج الذين حصلوا على أعلى الدرجات على مقياس الكرم أكثر ميلا للإبلاغ عن أنهم كانوا "سعداء جدا" في زيجاتهم.

تم تعريف الكرم في الدراسة على أنه فضيلة تقديم الأشياء الجيدة للزوج بحرية وبوفرة (غيتي) تجنب طلب الكثير

في بعض الأحيان، لا تكمن الإجابة في بذل مزيد من الجهد لتحسين العلاقات الزوجية بل في رغبتك بالقليل والتأكد من واقعية ما تطلبه من الطرف الآخر. وهذا لا يعني بالطبع أنه يجب عليك التخلص من جميع معاييرك، ولكن عليك فقط قياس توقعاتك بمعايير الواقع فتصبح قابلة للتحقق لأنك قمت بمراجعتها مراجعة صحيحة.

أحيانا لا تكون المشكلة في العلاقة بل في وجهة نظرك، ويكمن مفتاح هذا النهج في إدراك أنه "لا يوجد شيء جيد أو سيئ لكن تفكيرك يجعله كذلك"، كما جاء على لسان "هاملت" في مسرحية وليام شكسبير الشهيرة.

تخلص من المعايير المستحيلة: الجميع يضع معايير للعلاقات في حياته، وقد يكون من الصعب تحقيقها من قبل الطرف الآخر في العلاقة أو أنه يحاول جاهدا الوصول إلى مدى توقعات شريكه ولكن هذا يسبب له الإجهاد. في الحقيقة، لا يوجد أحد من دون عيوب لذا عليك تخفيف توقعاتك ولا تطلب أن يكون شريكك "توأم روحك" لأنه لا يوجد توأم للروح.

إدارة التوقعات: إن التوقعات غير الواقعية ستفشل تماما لأنها تضع شريكك وعلاقتك في حالة خيبة أمل مستمرة، لذا اطلب القليل من خلال إدراك أنك لست مثاليا أيضا، فوجود توقعات عالية للغاية ورغبة دائمة في المزيد يمكن أن يؤدي إلى عدم تقدير الشريك المميز الذي لديك.

لا تبحث عن المشاكل: لدينا تحيز طبيعي في شخصياتنا يميل إلى البحث عن الأمور السلبية ويشجعنا على إيلاء مزيد من الاهتمام للجوانب السيئة لتجاربنا والبحث عن الدراما. من الأفضل ألا تبحث عن المشكلات حينما لا تجدها.

قبول شريكك على ما هو عليه: يشجع علاج "القبول" الأزواج على تعلم قبول اختلافات بعضهم. عندما يشعر الزوج بالقبول والتفهم، فمن المرجح أن يتغير طواعية وغالبا ما يقوم بإجراء تغييرات أكثر مما هو مطلوب، وحتى إذا لم يحدث أي تغيير فغالبا ما يؤدي القبول والرحمة إلى تقريب الزوجين.

لدينا تحيز طبيعي في شخصياتنا يميل إلى البحث عن الأمور السلبية (غيتي) تقدير ما لديك

تعد إستراتيجية "تقدير ما لديك" من أسهل الطرق لإنقاذ علاقتك الزوجية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

الامتنان: أحيانا يكون تحسين العلاقة بسيطا مثل أن تكون أكثر امتنانا لما لديك بالفعل. الأزواج الممتنون أكثر رضا في علاقاتهم، ويمكن لمشاعر الامتنان حتى أن تتنبأ بما إذا كان الأزواج سيبقون معا أو ينفصلون، لذا قم بحصر كل شيء جيد في علاقتك ولا تأخذه كأمر مسلم به، وعبّر عن امتنانك لشريك حياتك، فقد وجدت إحدى الدراسات أن التعبير عن الامتنان والتركيز على الجوانب الإيجابية يحسّن جودة العلاقة.

التركيز على الإيجابيات: وجد الباحثون أن الاستمتاع بالأخبار السارة واللحظات الإيجابية في العلاقة يعزز رفاهية الأزواج واحترامهم لذاتهم. فالعلاقات الجيدة لها إيجابيات أكثر بكثير من السلبيات، علينا فقط أن ننتبه لها ونلاحظها.

كن لطيفا: وفقا لمدونة Gaiam، فإنه يجب عليك قول شيء لطيف وعاطفي لشريكك كل يوم. إن التعبير عن أفكار المحبة يغذي علاقتكما، دع شريكك يعرف مدى تقديرك له، وكن كريما مع المجاملات والتعبير عن المودة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على أن

إقرأ أيضاً:

حرف الراء بين الحب والكراهية

أعادني الكاتب سلطان ثاني في مراجعته التي نُشِرتْ في هذه الجريدة قبل عدة أيام لرواية «الحرب» لمحمد اليحيائي بعنوان «الراء المفقودة في الحرب» إلى تاريخ من الكتابات العربية عن هذا الحرف الهجائي بشكل عام، وعمّا يسببه وجوده في منتصف كلمة «حرب» أو فقدانه منها بشكل خاص.

بادئ ذي بدء سأقول إنه يثير تساؤلي دائما احتفاء الكُتّاب والأدباء بحرف معيّن من حروف الهجاء دون سواه، سواء في عناوين مؤلفاتهم أو حتى في مضامينها، وأتساءل: لماذا هذا الحرف بالذات؟ ما الذي فعله لهم أو بهم لينال هذه الحظوة؟ ثم أليست الكتابة لا تكتمل إلا بالحروف الثمانية والعشرين جميعها؟! نجد هذا مثلًا في ديوان «آية جيم» للشاعر المصري حسن طلب، الذي خصصه كاملًا للاحتفاء بحرف الجيم بعد تأنيثه: «الجيم تاج الأبجدية / وهي جوهرة الهجاء/ جُمانة اللهجات/ أو مرجانة الحاجات». ونجد هذا أيضًا في رواية «لغز القاف» للروائي البرازيلي ألبرتو موسى (ترجمة: وائل حسن) التي يستعرض فيها عوالم الأدب الجاهلي والأساطير العربية. هذه الرواية يقسّمها المؤلف إلى ثمانية وعشرين فصلا، عنوان كل منها على حرف من حروف الأبجدية العربية، ومع ذلك اختار أن يضع في العنوان حرف القاف، لماذا؟ يجيب أن القارئ سيكتشف بنفسه حقيقة لغز هذا الحرف عند الانتهاء من قراءة الرواية. أما الشاعر العُماني محمد عبد الكريم الشحي فهو لا يكتفي بحرف واحد في ديوانه «مقامات لام وضمة ميم»، وإنما يحتفي بحرفَيْ اللام والميم معًا. ورغم هذه الأمثلة على الاحتفاء بحروف مختلفة من اللغة العربية إلا أنه يبقى لحرف الراء حكاية أخرى.

كثيرة هي الأعمال الأدبية التي تضع حرف الراء في عناوينها، أذكر منها على سبيل المثال «ثلاثية راء» للقاص اليمني سمير عبدالفتاح التي يجمع فيها ثلاث مجموعات قصصية تبدأ كلها بهذا الحرف، هي «رنين المطر»، و«رجل القش»، و«راء البحر». وللراء لدى هذا الكاتب مكانة كبيرة لا يزاحمها أي حرف آخر، فهو يحضر في كثير من عناوين أعماله، ومنها عمله الأدبي «روايات لا تطير» الذي يبدأ به العنوان وينتهي كما نرى، ويصنفه سمير عبدالفتاح على الغلاف «مصغّرات» (أي روايات صغيرة)، ومن ضمنها مصغّرة عنوانها «رواية راء». وهناك أيضًا رواية «حرف الراء» للكاتبة المصرية عُلا صادق، وقصة «البنت التي أحبت حرف الراء» للشاعر والكاتب العراقي قاسم سعودي. وهذان العملان الأخيران سأرجع إليهما بعد قليل.

وبالعودة إلى مقال سلطان ثاني، فإنه يحدثنا عن حرف راء في رواية محمد اليحيائي، سقط فأصبحت الحرب حُبًّا، وهو يحيلنا بذلك على كرسي خشبي في تلك الرواية أراد البطل أن يحفر على أرضيته بسكين عبارة «الحرب خدعة»، لكن السكين أسقطت الراء، فجاءت العبارة هكذا: «الحب خدعة»! وهي في رأيي طريقة مبتكرة من المؤلف لقول عبارة الحب التي تتحول إلى حرب، إذا ما قارنّاها بالطريقة التقليدية في روايات أو قصص أو مقالات أخرى، والتي أصبحت أقرب إلى كليشيهات. على سبيل المثال كتب البابا تواضروس الثاني مقالًا أقرب إلى موعظة بعنوان «حرف الراء اللعين» يُمكن أن نلخّص فكرته بهذه العبارة: ((وهكذا اخترق حرف الراء تلك الكلمات الجميلة «حب» فقسمها وطرحها أرضًا، وتحولت إلى «حرب»)). وهذه شبيهة بعبارة وردت في قصة الفتيان «البنت التي تحبّ حرف الراء» لقاسم سعودي - التي وعدتُ بالرجوع إليها - حيث تبكي كلمة «حُبّ» حزينة، وتشتكي لصديقاتها: ((إني كنتُ سعيدة حتى هاجمني حرف الراء وتوسّطني. صرت كلمة «حرب»)).

أما رواية «حرف الراء» لعُلا صادق فنجد كليشيه راء الحب والحرب على لسان أكثر من شخصية فيها. يقول فارس: «فلم ندرك نحن في الصغر مقدار الفرق الذي قد يُحدِثه حرف الراء بتدخُّله في كلمة طاهرة، صافية، دافئة، وجميلة مثل كلمة حب»، وفي الرواية نفسها تخاطب فيروزة سينا بالقول: «أتمنى لكِ حبًّا لا ينزعه منكِ حرف الراء بتدخُّله السخيف»، ويبدو أن أمنية فيروزة لم تتحقق، فها هي سينا نفسها تقفل أحداث الرواية بدمدمتها المصدومة: «سُحقًا للحروب، سُحقًا للفراق، سُحقًا لحرف الراء الذي شوَّه كل ما يُحيطني من حبّ»!

هذه الكراهية المقيتة لحرف الراء نجدها في التراث العربي في سيرة إمام المعتزلة واصل بن عطاء، الذي كان يلثغ بهذا الحرف، ولذلك يحرص دائما أن يخلو كلامه منه، وله خطبة شهيرة تخلو -رغم طولها من حرف الراء، وقد وظفتها الروائية المصرية منصورة عز الدين في روايتها «بساتين البصرة». يقول ابن عطاء في هذه الخطبة: «الحمد لله القديم بلا غاية، الباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوّه، ودنا في عُلوّه، فلا يحويه زمان، ولا يُحيط به مكان، ولا يؤوده حفظ ما خَلَق، ولم يخلقه على مثالٍ سبق، بل أنشأه ابتداعًا، وعدّله اصطناعًا، ...... إلى آخر الخطبة».

كان حرف الراء مكروهًا إذن من واصل بن عطاء، ومن البابا تواضروس، ومن شخصيات رواية «حرف الراء»، وربما من بطل رواية «الحرب». لكنّه لم يكن كذلك في قصة قاسم سعودي التي تخبرنا بأنه محبوب منذ العنوان: («البنت التي أحبّت حرف الراء»). والبنت المقصودة هنا «بدور» التي أحبته وآوتْه في حقيبتها، بعد أن سرد لها حكاية مغادرته قرية الكلمات ومنازل الحروف، احتجاجًا على أن «الكلمات تنظر إليه بازدراء، والحروف كذلك». غير أنه في نهاية القصة يفاجأ أنه ليست بدور فقط التي تحبه، وإنما كل الحروف الأبجدية التي جاءت تبحث عنه بعد أن افتقدتْه، فيعانقها سعيدًا لأنها «لم تتخلَّ عنه رغم كل شيء». وهكذا نحن أيضًا، لا يمكن أن نتخلى عن حرف الراء، مهما قيل عن إفساده الحب الصافي وتحويله إلى حرب ضروس. فلا تصحّ كتابة بدونه، ولا يستقيم لسان في غيابه، مع احترامي الشديد لمحاولات واصل ابن عطاء.

سليمان المعمري• كاتب وروائي عماني

مقالات مشابهة

  • حرف الراء بين الحب والكراهية
  • الصديق الحقيقى
  • كيف تعرف زيت الزيتون الأصلي من المغشوش بطرق بسيطة؟
  • الشيباني من بغداد: إدارة الشرع تريد تعزيز العلاقة مع العراق
  • القصة الكاملة لـ صلح مرتضى منصور وأحمد شوبير ..هل انتهت الخلافات؟
  • نصائح ذهبية لتحسين صحة الأمعاء والهضم
  • أحد أبطال أكتوبر: الشعب المصري تحمل الكثير من اجل تحقيق نصر أكتوبر
  • الكوميديا تتطلب جهدا مضاعفا.. لقاء الخميسي: إضحاك الجمهور ليس بالأمر السهل
  • العلاج بالمجان.. كيف تحصل على قرار نفقة الدولة في خطوات بسيطة؟
  • ارو..قل..أكتب