شاهد: عين الهوية.. متنفس فلسطيني تاريخي مهدد بالسلب
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
منذ ساعات الفجر الأولى والفلسطيني محمد شوشة يعمل في مزرعته الواقعة بمقربة من نبع مياه "عين الهوية" في بلدة حوسان الأثرية بمحافظة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية.
ويعتني شوشة (69 عاما) بمزرعته التي يعتاش منها وتبلغ مساحتها نحو دونم (ألف متر)، ويسقيها من مياه نبع الهوية كما أعتاد على ذلك منذ أن كان طفلا.
غير أنه اليوم يتخوف من تنفيذ قرار إسرائيلي يقضي بالسيطرة على النبع وضمه لسلطة السياحة والآثار الإسرائيلية.
وتاريخ ينابيع المياه الجوفية في بلدة حوسان يعود إلى الفترة الرومانية، ولها مكانة تاريخية وأثرية ويتردد عليها السياح الفلسطينيون من مدن الضفة.
ويقع نبع "عين الهوية" -تسمى أيضا "مغارة الشموع"- في واد بين جبال تكسوها أشجار الزيتون، وتتوسطها أراض تزرع بالخضروات وبطريقة بدائية، ومن كثرة عيون وينابيعِ المياه الطبيعية في المنطقة سماها الفلسطينيون وادي العيون، وتمتد من قرية بتير حتى بلدة حوسان غرب بيت لحم.
"نبع الحياة"يقول شوشة لوكالة الأناضول إن "الأرض والنبع يمثلان الحياة بالنسبة له ولسكان بلدته البالغ عددهم 8 آلاف نسمة".
ويضيف: "إسرائيل قادرة على فعل ما تريد بقوة السلاح، لكنهم باقون في أراضيهم، ولا حق لها في نبع المياه".
ويعتمد شوشة وعشرات المزارعين في حوسان على مياه النبع لري زراعتهم صيفا.
ويقول شوشة إن "مستوطنين يهود يأتون لزيارة الموقع ويقضون أوقاتا طويلة، والمخاوف من السيطرة عليه وعلى الأراضي المجاورة له".
وتتدفق مياه من كهف ضيق من باطن إحدى جبال حوسان، للتجمع في بركة مياه أقيمت قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ويعد الموقع ذو الطبيعة الخلابة مهما لأهالي البلدة، الذين يرون فيه متنفسا لهم، وعادة ما يزوره فلسطينيون من مختلف مدن وبلدات الضفة الغربية.
مضايقات إسرائيلية
والاثنين الماضي، صادقت الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها الأسبوعي على إقرار ميزانية بـ120 مليون شيكل (33 مليون دولار) على امتداد 3 سنوات، ضمن مشروع قرار يهدف إلى "الحفاظ على الآثار وحمايتها في الضفة الغربية"، قدّمه وزير التراث الحاخام أميحاي إلياهو، والمالية بتسلئيل سموتريتش، والسياحة حاييم كاتس.
وتقع تلك المواقع في المناطق المصنفة "ج"، حسب اتفاقية أوسلو 2 (1995).
وصنفت أراضي الضفة بحسب الاتفاقية 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية.
ويقول رئيس المجلس المحلي بحوسان جمال سباتين، إن "مزارعي المنطقة يعتمدون على نبع الهوية لري مزروعاتهم التي يعتاشون منها".
وتقسم المياه لكل مزارع وفق نظام معتمد منذ مئات السنوات.
ويستخدم مزارعو البلدة نظام الري القديم والمعروف باسم القنوات "الترع".
وينفي سباتين أي حق للجانب الإسرائيلي في الموقع، وقال "عين الهوية نبع مياه فلسطيني يقع على أراضي بلدة حوسان ولا يوجد أي حق إسرائيلي تاريخي أو ديني فيه".
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية تمنع السلطات المحلية الفلسطينية من ترميم أو تأهيل محيط النبع بحجة أنه يقع ضمن أراضي مصنفة "ج".
ولفت إلى أن أهالي القرية يصرون على الدفاع عن ممتلكاتهم وإرثهم وتاريخهم ولن يسمحوا لإسرائيل بالسيطرة عليها بكل السبل بما فيها المحاكم.
ودعا المجتمع الدولي للضغط على السلطات الإسرائيلية لكف يدها عن النبع وممتلكات المواطنين.
السلطة تتدخلوفي حوسان، بحسب سباتين، 17 نبعا للمياه.
وتقع البلدة على الخط الفاصل بين الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، وسيطرت إسرائيل على نحو 4 آلاف دونم من أراضيها لبناء مستوطنة بيتار عليت التي تعد واحدة من مستوطنات غوش عتصيون الإسرائيلية.
وبين رئيس المجلس المحلي أن السلطات الإسرائيلية عادة ما تنظم مسارات للمستوطنين للموقع تحت حماية الجيش.
والاثنين، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" إلى حماية المواقع الأثرية الفلسطينية من "التهويد والأسرلة".
وأضاف في كلمة له بمستهل الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء الفلسطيني بمدينة رام الله: "على اليونسكو تحمل مسؤولياتها الدولية في حماية المواقع الأثرية والتراثية في فلسطين من محاولات بسط السيطرة والتهويد والأسرلة".
وقال إن "العدوان الإسرائيلي وإرهاب المستوطنين يتصاعد".
وتابع أن منطقة "عين الهوية" الأثرية غربي قرية حوسان بمحافظة بيت لحم المليئة بعيون المياه والبرك "يسعى الاحتلال ومستوطنوه إلى تحويلها إلى مقصد ديني وسياحي للمستوطنين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
الضفة.. مقتل فلسطيني وإصابة 7 آخرين في اقتحامات واسعة للجيش الإسرائيلي
قتل فلسطيني وأصيب 7 آخرون، بينهم 3 برصاص الجيش الإسرائيلي، السبت، ووجهت تهديدات لعائلات فلسطينية، خلال اقتحام أحياء وقرى وبلدات في الضفة الغربية المحتلة، لمنع احتفالات عائلات فلسطينية بتحرر أبنائها من السجون الإسرائيلية.
ففي شمالي الضفة الغربية، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية "استشهاد شاب برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة (شرقي نابلس)" دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وقبيل إعلان وزارة الصحة عن مقتله، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" أن "مواطنا أصيب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء السبت، خلال اقتحامها مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس" ونقلت عن مصادر طبية أن حالة المصاب "خطيرة".
كما أفادت الوكالة أن "عددا من المواطنين أصيبوا بحالات اختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل معتقل محرر في بلدة قبلان، جنوب نابلس (...) واعتدت على المواطنين الذين كانوا بانتظاره، بقنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع، ما أدى لإصابات بالاختناق".
في حي كُفر عقب، شمال القدس، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان مقتضب، أن طواقمها نقلت طفلا (14 عاما) إلى المستشفى بعد إصابته بالرصاص الحي خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي للحي.
فيما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بوقوع إصابتين في الحي ذاته، إضافة إلى مداهمة القوات الإسرائيلية منزل الأسير المحرر أشرف زغير.
وأضافت أن "قوات الاحتلال اقتحمت بلدة الرام، شمال القدس المحتلة، وبلدة العيزرية جنوبا، وداهمت منزل المعتقل المحرر إبراهيم أبو سنينة، ومنعت التجمع لاستقباله".
وفي وقت سابق السبت، أعلنت إسرائيل أنها أطلقت سراح 200 أسير فلسطيني تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما تم إبعاد 70 منهم إلى مصر، ضمن الدفعة الثانية من المرحلة الأولى لاتفاق وقف النار بغزة.
في محافظة رام الله والبيرة (وسط)، أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي النار على مواطن في حي جبل الطويل، ما أدى لإصابته في القدم، ونقل على إثرها إلى المستشفى، بحسب الوكالة.
كما أكدت "وفا" أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي، اقتحمت، عددا من منازل الأسرى المفرج عنهم من سجون الاحتلال".
كما اقتحمت القوات الإسرائيلية عدة بلدات وقرى، بينها سلواد، عين قينيا، بيرزيت، قراوة بني زيد، بيت لقيا، والمغير، وهددت عائلات الأسرى المحررين باتخاذ إجراءات عقابية في حال تنظيم مظاهر احتفال، حسب الوكالة.
وجنوبي الضفة، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمها نقلت إلى المستشفى "4 إصابات نتيجة اعتداء (من قبل الجيش) على شبان في جبل جوهر بمدينة الخليل".
فيما قال شهود عيان للأناضول إن الجيش الإسرائيلي اقتحم وسط مدينة الخليل مصطحبا جرافة، وتمركز بمنطقة دوار ابن رشد.
ووفق تقدير الشهود "فإن آليات الاحتلال تمركزت في منطقة اعتاد سكان الخليل تنظيم وقفات فيها، وربما جاءت لمنع تنظيم مسيرة احتفاء بالأسرى المحررين".
وجنوب مدينة الخليل، اقتحم الجيش بلدات: بيت عوّا والظاهرية ودورا، وحذر عائلات أسرى أفرج عنهم من إبداء أي مظاهر احتفالية.
ووفق الشهود، فإن الجيش الإسرائيلي اقتحم استوديو للتصوير النسائي في بلدة بيت عوّا، واعتقل مالكة الاستوديو بذريعة طباعة صور أسرى من البلدة أفرج عنهم.
وشمال مدينة الخليل، "أصيب عدد من المواطنين بالاختناق، خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة بيت أمر" وفق "وفا".
وأضافت الوكالة أن "مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال التي اقتحمت منطقة البياضة في بيت أمر، أصيب على إثرها عدد من المواطنين بحالات اختناق بالغاز السام المسيل للدموع، جرى نقلهم إلى مركز طبي في البلدة".
وتضمن اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، الذي بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بغزة مقابل أعداد من الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية.
وفي المرحلة الأولى من الاتفاق، المكون من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، تنص البنود على الإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات مقابل عدد من المعتقلين الفلسطينيين يُقدر بين 1700 و2000.
وشهد التبادل الأول، الذي تم في أول أيام الاتفاق، الإفراج عن 3 أسيرات مدنيات إسرائيليات مقابل 90 معتقلا طفلا ومعتقلة فلسطينيين، جميعهم من الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 158 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وبالتوازي وسع الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة فيما صعد المستوطنون اعتداءاتهم ما أسفر عن مقتل 876 فلسطينيا وإصابة نحو 6 آلاف و700 فلسطيني، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات رسمية فلسطينية.