تصريحات مُستفزِّة
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
د. صالح الفهدي
التصريح الذي أدلى به سامح شكري وزير خارجية جمهورية مصر العربية، بأَنَّ حماس خارج الإجماع الفلسطيني والاعتراف الإسرائيلي، وبأَنه يجب مُحاسبة من مكَّنها وموَّلها، له تداعياته الخطيرة، والمؤلمة عربيًا؛ فأن يصدر هذا التصريح المُستفز من وزير خارجية مصر التي تعدُّ "أُمُّ العروبة" والوسيط بين الكيان الصهيوني الغاشم وبين المقاومة الفلسطينية المشروعة التي تجاهدُ من أجلِ استعادة حقوق شعبها المسلوب الأرض والمصير، فذلك أَمرٌ لا يكاد عقلٌ يصدِّقه! ويزيدُ الأمر سوءًا أنَّه يوافقُ بتصريحه ما ذهبت إليه الصهيونية "تسيبي ليفيني" في اتهامها لحماس!!
إسرائيل الصهيونية التي تبحث عن نَفَسٍ لها تستنشقه بعد أن حاصرتها أغلب دول العالم في المحاكم، والشوارع، والأروقة السياسية، يُهديها "وزير خارجية مصر" هديَّةً لا تقدَّر بثمن، وفي مؤتمر دوليٍّ للأمن، فتنفست الصعداء، وهي تقول: شهد شاهدٌ من أهلها!!
الله الله يا سامح شكري، ألهذا وصلت بك الدبلوماسية؟ أهانتَ عليكَ مصر بقامتها، وشعبها الأبي الذي ينصرُ الإسلام، ويعتزُّ بعروبته؟ كيف بك أن تُخرجَ حركةً لقَّنت إسرائيل هزيمةً لم تنلها من دول عربية في تاريخها؟ حركة مقاومةٍ شرعية شهدَ بحقِّها الآخرون، وجئتَ لتُخرجها أنتَ من الإجماع الفلسطيني أو العربي أو الإسرائيلي؟ أيُّ إجماع تقصده؟ اجماع محمود عباس وحكومته التي تقوم بدورها في كبح المقاومة في الضفة الغربية في حين تفعل إسرائيل ما شاءت في القطاع قتلا وأسرًا وتدميرا دون أن ترفع السلطة الفلسطينية صوتها؟
إجماعُ من تقصد؟ إجماع المتخاذلين الذين يرمقون آلاف الأطفال الأبرياء تكدس جثثهم، وآلاف النسوة يذبحن، وآلاف الرجال يتساقطون في فعلٍ "حيوانيٍّ" لم تشهده البشرية من قبل، دون أن تقوم لهم قائمة خوفًا ورعبًا من أمريكا، وأين؟ على بعد جدار من مصر العظيمة التي عجبنا كيف تأتَّى لها أن تضبطَ حميَّتها، وتروِّض شهامتها، طوال هذا الوقت، فتسقط عليها صواريخ وشظايا وهي لا تحرِّكُ ساكنًا.
إجماع من يا سامح شكري؟ إجماع أمريكا وأوروبا التي تساوَق رؤساؤها لتضميد جرح إسرائيل والركوع أمامها، والتباكي أمام جدرانها النتنة..! أمريكا التي أسقطت كل ما ترفعه من شعارات زائفة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والأكاذيب الأُخرى! وأوروبا التابعة بذلة وراء عنجهية "الكاوبوي" الأمريكي!.
"حماس" يا وزير خارجية مصر العظيمة، هي في صميم الإجماع الفلسطيني والعربي بل والعالمي، ولو شئت أن تجري استفتاءً في ما بقي من فلسطين فإِنك سترى أنها تحظى بتأييد كبير في الداخل، ذلك لأنها أتت بما لم يأت به الأولون، وأقدمت على ما لم يقدم عليه المتخاذلون، وأوقعت بإسرائيل هزيمة كبرى لا تضاهيها كل هزيمة سابقة، ولا تأتي في مستواها باعترافٍ منها، ولا زالت جراحاتها فاغرة في كل جانب، يعمُّ سكَّانها الاضطراب النفسي، ويشيع فيها الرعب، والشقاق.
"حماس" يا سامح شكري هي التي قلبت الموازين في العالم رأسًا على عقب، هل ستقول أن الآثار مدمرة والأثمان باهظة! أقول لك نعم هي كذلك، ولتقرأ قصيدة شاعر مصر والعرب العظيم وأمير الشعراء أحمد شوقي، لتدرك الإجابة حين يقول:
ففي القتلى لأجيال حياة// وفي الأسرى فدى لهم وعتق
وللحرية الحمراء باب// بكل يد مضرجة يدق
هل أدركت الأثمان الباهظة ومعنى قول شوقي يا شكري؟! ففي القتلى لأجيال حياةٌ، وهذا أمرٌ طبيعي، دفعت له الشعوب أرواح الملايين من أبنائها فدى.
آهٍ نعم، ربما أُخرجت حماس من الإجماع الفلسطيني والاعتراف الإسرائيلي لأنها لم تستسلم للإملاءات الإسرائيلية، وشروطها المُذلَّة، ولم تُهدها الأسرى وهم يحملون باقات الزهور على طبقٍ من ذهب!! ولأنها متعنتة لا تركعُ أمام القصف والدمار والتقتيل الذي يحدثُ وراء جدار حدود مصر بلد الحمية والشهامة.
"حماس" إن فعلت ذلك يا شكري فإنها ستكتبُ ليس على نفسها وحسب؛ بل وعلى ذلك السجن المفتوح في الأصل في القطعة المدفوعة إلى حدود مصر، وعلى مصير شعب بأكمله التصفية النهائية الذليلة، فتصبح إسرائيل جاركم الجديد مقابل رفح المصرية، وهو ما يسهِّلُ عليها الامتداد الذي حلمت به لتصل إلى البحر.
الله يا سامح شكري لقد أتعبت من بعدك، سامحك الله يا سامح.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية أمريكا: سفير جنوب إفريقيا يكره ترامب ولم نعد نرحب به في بلادنا
(CNN)-- أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الجمعة، أن سفير جنوب إفريقيا لدى الولايات المتحدة "لم يعد مرحبا به في بلدنا العظيم".
وزعم روبيو، عبر منصة إكس (تويتر سابقا): "إبراهيم رسول سياسي محرض على العنصرية، يكره أمريكا ويكره الرئيس دونالد ترامب"، وأضاف: "ليس لدينا ما نناقشه معه، ولذلك يُعتبر شخصًا غير مرغوب فيه".
ويُعدّ إعلان شخص ما شخصًا غير مرغوب فيه توبيخا دبلوماسيا شديدا، وعادة ما يجبره على مغادرة البلد المضيف.
وتواصلت شبكة CNN مع سفارة جنوب إفريقيا في واشنطن ووزارة الخارجية للتعليق.