جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-07@02:38:59 GMT

المعلم العُماني.. نبع عطاء لا ينضب

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

المعلم العُماني.. نبع عطاء لا ينضب

 

د. سالم عبدالله العامري **

تحتفل السلطنة بيوم المُعلم العُماني الذي يُوافق الرابع والعشرين من شهر فبراير من كل عام، تقديرًا للمكانة العظيمة التي يحظى بها المعلم في السلطنة، وتأكيدًا للدور الفاعل للمُعلم باعتباره المُحرك الأساسي للعملية التعليمية، ودوره الفاعل في إعداد جيل يتسلح بالعلم والمعرفة ويرتقي بفكره نحو آفاق عُليا تُسهم في بناء الوطن وتطوّره وتقدّمه.

وتقديرًا لجهود المُعلم الكبيرة والنبيلة ومكانته العظيمة التي يحظى بها، فقد أقر مجلس الوزراء تخصيص يوم المعلم العُماني -الذي يوافق 24 من فبراير من كل عام- إجازة رسمية لجميع المعلمين والمعلمات والوظائف المساندة المرتبطة بها في المدارس الحكومية والخاصة بدءًا من العام الدراسي الجاري 2023/ 2024؛ ما ينعكس إيجابًا في تطوير أدائه الوظيفي، وتعزيز الدافعية المهنية لديه.

وفي السياق ذاته، يحظى المعلم العُماني باهتمام بالغ، من قبل القائمين في وزارة التربية والتعليم من حيث تأهيله وتحفيزه وتطوير قدراته وتسخير كل ما من شأنه من أجل تسهيل مُهمته وأداء رسالته على أكمل وجه؛ حيث تحرص الوزارة على تكريمه والاحتفاء به سواء من خلال الحفل الذي يقام سنويًا على مستوى ديوان عام الوزارة وفق معايير تعتمد على المبادرات كحافز لكل من جد واجتهد وثابر من أجل الرقيِ بالعملية التعليمية وتتويج لجهود مخلصة بُذلت من مُعلمين وتربويين، لتطوير المنظومة التعليمية في السلطنة، أو على مستوى المديريات العامة للتربية والتعليم في مختلف محافظات السلطنة التي تحتفل بدورها بيوم المعلم العُماني، من خلال تكريم عدد من أعضاء الهيئة التعليمية على مستوى المحافظات التعليمية، وكذلك على مستوى المدرسة حيث تتنوع مظاهر الاحتفال بيوم المعلم في مختلف مدارس السلطنة على اختلاف مراحلها الدراسية.

وعلى الرغم من كل ما تبذله الوزارة من حرص واهتمام على تقديم كل ما من شأنه تحقيق النمو الذاتي للمعلم وبناء الشخصية التربوية وتقديم الخدمات المتميزة له، بما يتناسب ودوره ومكانته الرفيعة في المجتمع، وهو ما اتضح جليًا، ولمسناه مؤخرا من توظيف عدد كبير من المعلمين العُمانيين الجدد، ليصل العدد الكلي للمعلمين حتى بداية الفصل الدراسي الثاني 2023/ 2024 ما يقارب 61195 معلمًا ومعلمة بنسبة تعمين بلغت 88% في المدارس الحكومية، ونحو 10652 إداريًا وفنيًا، وكذلك العمل على توفير بنية تحتية مناسبة للتعليم من مدارس ووسائل ومواد تعليمية وتقنيات حديثة، والتخطيط لبناء مدارس جديدة في مختلف المحافظات التعليمية بعد أن ارتفعت أعداد المدارس المسائية في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع معدلات الطلبة المقيدين بالمدارس الحكومية؛ حيث تم تشييد 29 مبنى مدرسي العام الحالي ليقلص عدد المدارس المسائية إلى ما يقارب 122 مدرسة مطلع العام المقبل، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من التحديات التي أثقلت كاهل المعلم العُماني، وربما ساهمت بشكل كبير في إعاقة تقدمه وتطوير مهاراته  الإبداعية  أبرزها الكثافة الطلابية داخل القاعة الصفية، وزيادة نصاب المعلم من الحصص علاوة على الأعباء الإدارية المكلف بها في مهامه الوظيفية، وطول برنامج اليوم الدراسي، وكثافة المنهج الدراسي لبعض المواد، وزيادة المواد الدراسية في الصف الواحد، بالإضافة إلى المدارس المسائية، وقلة الحوافز والترقيات، وعدم زيادة الرواتب للمعلمين.

ونظرًا لتطور المعرفة والتحول الرقمي الذي يشهده العالم، كان لزامًا على المعلم مواكبة هذه التغيرات واستخدام مختلف تقنيات وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة وأبرزها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ولن تستطيع مدارسنا وجامعاتنا فعل شيء ذي قيمة إلّا إذا واكبت هذا التغيير وكفت عن تلقين المعلومات، فإنْ ظلت خزانات من المعلومات فلن تستطيع إعداد إنسانا للحياة. ومن الأهمية بمكان التأكيد على أن المعلم هو الأساس في عملية التدريس، فليست الطريقة أو الأسلوب ذاته هو الأساس، وهو الأمر الذي يتركه التربويون للمعلم في حرية اختيار الطريقة أو الأسلوب المناسب حسب رؤيته هو وتقديره للموقف الصفي والذي يتناسب مع أهداف المادة التدريسية التي يقوم المعلم بتدريسها.

إنَّ المعلم أشبه ما يكون بالشمعة تحرق نفسها لتُنير الطريق أمام العابرين إلى المجد والمعالي، فجديرُ بمن يحرق نفسه ليضيء الطريق لغيره أن يُكرم وأن يحتفى به اعترافًا بعظيم فضله وكبير جهده وإسهامه اللامحدود في نشر العلم والمعرفة، ومحاربة الجهل والتخلف، فالعلم الذي يقدمه المعلم يعلي شأنه ويعود بالنفع عليه وعلى الأمة، فهو الذي يربي الأجيال ويصنع الرجال الذين يحملون آمال الأمة، يقول الإمام الشافعي: "بالعلم يدرك أقصى المجد من أممٍ.. ولا رقي بغير العلم للأمم".

تحية لك يا من حملت مشعل العلم وراية النور والسلام في يوم عيدك، ودمت نبراسًا لهداية البشرية وبناء الأوطان.

** دكتوراة في فلسفة التعليم

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صدور كتاب السلطنة الراسخة : عُمان في العالم

صدر مؤخرا عن دار الفلق للنشر والتوزيع كتاب "السلطنة الراسخة، عُمان في العالم، من قابوس بن سعيد إلى هيثم بن طارق"، للكاتب والمؤلف الدكتور جوزيف كشيشيان. الكتاب الصادر باللغة الإنجليزية لأول مرة في عام 2023م عن دار Sussex Academia Press تحت عنوان A Sultanate the Endures: Oman in the world from Qaboos Bin Said to Haitham Bin Tariq ترجمته للعربية جوزيت ريشا ملكي.

يتناول الكتاب في فصليه الأول والثاني بالتحليل محطات مرحلية مهمة في سياسة سلطنة عمان، حيث يحلل مرحلة انتقال الحكم من السلطان قابوس بن سعيد إلى السلطان هيثم بن طارق وتقديم مراجعة شاملة لتولي مقاليد الحكم. ويسلط الكتاب الضوء على التطورات التاريخية المهمة التي مرت بها سلطنة عُمان، بينها تقاليد الحكم والتطورات المتصلة بحقب حكم الأسرة البوسعيدية مع التركيز على عناصر قوة أساسية بينها فكر القادة والشخصية العمانية التي ساهمت في تأسيس معالم الدولة الحديثة.

ويركز الفصل الثالث للكتاب على خطابات وسياسات السلطان الراحل قابوس بن سعيد، حيث يقدم هذا الفصل تحليلاً معمّقاً لمختلف هذه الخطابات التي ألقاها السلطان الراحل على مرّ خمسة عقود مستدعياً تفكيك حالة السلطنة من خلال هذه الخطابات ثم تحديد خطاب "المصلحة الوطنية" المرتكز على السياسات الاقتصادية وإدارة الثروات فضلاً عن الأولويات الأخرى للبلاد. كما يتناول هذا الفصل تقييماً لخطاب الهُوية العمانية ويختتم بتحليل خاص حول الشخصية العمانية.

ويركز الفصل الرابع على الدولة العمانية من خلال تحليل مستوى الاستقرار ومشروع الوحدة الوطنية التي حققتها سلطنة عمان رغم التحديات الكثيرة المحيطة بها. ويغوص التحليل في المسائل الداخلية للدولة العمانية الجديدة من خلال تقييم التقاليد والسياسات المؤسسية التي تعكس الطابع والقيم والشخصية العُمانية. ويناقش هذا الفصل المعالم الرئيسية للسياسة الخارجية العمانية في حكم السلطان الراحل قابوس بن سعيد مع تركيزها على دوره القيادي في إطار جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومساهمته في نضج هذين الكيانين على مدار السنوات.

ويسلط الفصل الخامس من الكتاب الضوء على السياسة الخارجية العمانية من منظور تاريخي والتي تمثل إحدى القوى الجوهرية للسلطنة. ويناقش الفصل علاقات عُمان مع العالم الإسلامي ودور الإسلام المعتدل في شؤون الدولة والدور الذي لعبته عُمان ضمن المؤتمر الإسلامي والروابط الكبيرة التي ربطت عُمان بدول إسلامية عدة بينها بنجلاديش وباكستان وتركيا.

ويستكمل الفصل السادس السياسة الخارجية العمانية التاريخية بالتركيز على الدور العماني في القارة الإفريقية، حيث تم إيلاء اهتمام خاص بالرستمية ( وهي سلالة إباضية حاكمة في شمال إفريقيا)، ثم تحقيق مشروع الإمبراطورية العمانية في إفريقيا خلال المدة من 1650 و1860 قبل وأثناء حكم الأسرة البوسعيدية. ويدرس هذا الفصل الروابط العمانية مع زنجبار ثم يتطرق إلى العلاقات مع دول أخرى بينها الجزائر والمغرب وليبيا وتونس.

وفي الفصل السابع، يناقش الكتاب تحديات السياسة الخارجية المعاصرة ضمن العالم العربي، حيث يتمحور موضوع هذا الفصل حول "عُمان والعالم" من خلال تغطية العلاقات الدبلوماسية العُمانية مع الدول العربية مع التركيز على الصراع العربي الإسرائيلي ودور عُمان في جامعة الدول العربية فضلاً عن العلاقة مع العراق ولبنان والأردن واليمن. ويتطرق الفصل الثامن من الكتاب إلى العلاقات الدبلوماسية مع بلدان آسيوية وغربية بينها الصين وكوريا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، مع تقييم للنجاحات التي حققتها عُمان في هذا الجانب.

ويبحر الفصل التاسع في المرحلة الانتقالية للحكم من السلطان الراحل قابوس بن سعيد إلى السلطان هيثم بن طارق وذلك في أربعة جوانب أساسية هي: إرساء الديمقراطية والاستقرار السياسي وبناء الدولة والشرعية السياسية منذ عام 1970. ويستهل الفصل العاشر بنبذة مقتضبة عن سيرة السلطان الحالي هيثم بن طارق وتقديم تحليل لأول عامين من الحكم، كما يناقش أهم التعيينات الرئيسية في حكومته ويحدد التحديات المستقبلية على المستويين المحلي والإقليمي.

ويقول الكاتب جوزيف كشيشيان عن الكتاب: هذه دراسة تتناول تاريخ عُمان وسياستها بل وروحها وهي عمل مليء بالحب لبلد تعلمت أن أقدّره. في هذا الكتاب، بذلتُ جهداً لصياغة بحث تأملي يهدف إلى إيضاح ما راقبته على مدار سنوات وما سمعته من آلاف العمانيين والأجانب المهتمين بسلطنة عُمان وبطريقة متواضعة ما أتوقعه لمستقبل هذا البلد.

وحول مشروع الكتاب يقول: كتبتُ مسودة هذا الكتاب في عام 2008 عندما كان جلالة السلطان هيثم بن طارق وزيراً للتراث والثقافة، فاستفدت حينها من آرائه كما قدّم جلالته الكثير من الملاحظات وفي عدد من اللقاءات التي جمعتنا اقترح عليّ إعادة ترتيب المحتوى مع الإبقاء على الروابط الحيوية من الماضي لتسليط الضوء على تماسك الشؤون المعاصرة لعُمان ودور الدين والتاريخ في صقل تجربة البلاد.

مقالات مشابهة

  • اجتماعًا موسعًا لمتابعة استعدادات الإدارات التعليمية لبدء الفصل الدراسي الثانى للعام بقنا
  • إضراب شامل للمعلمين يشل العملية التعليمية في عدن وسط أزمة معيشية خانقة
  • اجتماع بتعليم قنا لمتابعة استعدادات الإدارات التعليمية لبدء الفصل الدراسى الثانى
  • اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 80 مليار جنيه
  • مفتي عام السلطنة
  • وزير التربية والتعليم نذير القادري لـ سانا: ضمن عملية التنظيم الإداري للواقع التربوي، وبعد دراسة واقع الكوادر التعليمية والإدارية بالمحافظات، أصدرنا عدة قرارات نقل للكوادر التعليمية إلى محافظاتهم التي تقدموا بطلبات النقل إليها خلال العطلة الانتصافية
  • صدور كتاب السلطنة الراسخة : عُمان في العالم
  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: نسعى مع الشركاء الكرام من الجمعيات والمنظمات وأصحاب الخير للبدء بعملية إعادة إعمار المساجد والمؤسسات التعليمية التي تعتبر من أهم الأسباب المشجعة على عودة المهجرين واللاجئين لمدنهم وبلداتهم
  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: منذ اليوم الأول للتحرير عملنا في وزارة الأوقاف على تشكيل لجان لإحصاء المساجد والمنشآت التعليمية الشرعية المهدمة جراء القصف الهمجي الذي شنه النظام البائد على المدن والأرياف، حيث لم تسلم أي محافظة من المحافظات
  • البنك المركزي يسحب 967.45 مليار جنيه سيولة عبر عطاء السوق المفتوحة