تعرفت عليه بحكم اختصاصي القيادي يوم ذاك كنائبٍ لرئيس جامعة عدن للشؤون المالية والإدارية ، وكان تعاملنا شبه أسبوعي ، وهو كغيره من المتعاقدين العرب يتابعون شؤون ملفات عقودهم وغيرها ، ومن هنا توثقت العلاقة من خلال حواراتنا السياسية والفكرية والتاريخية, وتعمق علاقاتنا خارج العمل من خلال نشاطنا المشترك في منظمة غير حكومية اشتركنا في تأسيسها وهي جمعية / رابطة أصدقاء جامعة الدول العربية في اليمن ، وكنا نأمل يوم ذاك بأن تقوم مؤسسة جامعة الدول العربية في الدفاع المشروع والشجاع عن الدول العربية التي تعرضت للحصار وللضيم وللظلم مثل العراق الشقيق ، وليبيا الشقيقة ولبنان المقاومة والجزائر الثائرة ، بالإضافة إلى قضية الأمة العربية المركزية ، وهي فلسطين المحتلة من قِبَل الكيان الصهيوني الغاصب لأرض الشعب الفلسطيني منذ العام 1947م .

وكنا نعمل بجد واجتهاد وصبر كبير مع آخرين من الأشقاء العرب واليمنيين ، أتذكر منهم :

البروفسور / صالح علي عمر باصره

السفير / عبدالوكيل بن إسماعيل بن محيي الدين السروري

البروفسور / مبارك حسن الخليفة / من السودان الشقيق

البروفسور / ماهر القيسي / من العراق الشقيق

البروفسور / عبدالرزاق الأنباري /من العراق الشقيق

البروفسور / ناصر علي ناصر الكازمي

البروفسور / أحمد قائد الصائدي

الأخ / سالمين صالح بن مخاشن

الدكتور / محمد رجب أبو رجب /من فلسطين

 وآخرين لم تعد تسعفني الذاكرة بتذكر أسمائهم.

عملنا معاً عبر نافذة ونشاط هذه الجمعية الفتية يوم ذاك ، عبر مهرجانات تضامنية مع أقطارنا العربية التي تحتاج إلي مثل ذلك التضامن العروبي في ظل ازدحام المهام الشخصية والرسمية ، وكان نشاطنا التضامني شبه الأسبوعي في كليات الجامعات الحكومية والأهلية والمدارس والأندية الثقافية والرياضية .

ومن بين أنشطتنا الكبيرة هو أن جمعنا أزيد من مليوني قلم رصاص لأطفال العراق الشقيق ، رداً على القرار الأمريكي بمنع إدخال أقلام الرصاص لأطفال مدارس العراق الشقيق ، بحجة أن مادة الرصاص تدخل ضمن مكونان أسلحة الدمار التي أنتجتها العراق في وجه المشاريع الصهيونية.

وقمنا بزيارات شعبية إلى جمهورية العراق ، والأردن و الجمهورية العربية السورية  ودولة  لبنان كي  نتابع القضية التضامنية من أجل رفع الحصار الظالم علي أهلنا في العراق وليبيا ومناصرة للشعب الفلسطيني ، وكانت جميعها زيارات شعبية ، تضامنية ، ثقافية ، وسياسية ناجحة .

نعود إلى صديقنا العزيز الفقيد البروفسور / الأنباري الذي لعب دوراً قومياً وثقافياً كبيراً في نشاطنا وعملنا من خلال تنظيم الندوات والورش العلمية التخصصية لفضح وتعرية المشروع الصهيوني الأمريكي الأطلسي في المنطقة العربية وعالمنا الإسلامي ، وكان يقدم مع عدد من الزملاء البروفسورات العديد من الأبحاث والدراسات والمقالات العلمية الرصينة في جميع تلك الندوات التضامنية العروبية.

وعلي الصعيد العلمي المنهجي في كليات جامعة عدن ساهم البروفسور / الأنباري في إنضاج العديد من الدراسات الاختصاصية المتصلة بالدراسات العليا بدءاً من القسم العلمي ووصولاً إلى كليات الجامعة ، وإسهاماته في طرائق البحث العلمي وإدارة الورش العلمية والندوات المنهجية وفي إعداد أطاريح الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراة.

وبحكم خبرته الأكاديمية الثرية حينما كان أستاذاً مرموقاً في جامعة بغداد العراقية العريقة ، ساهم مع فريق من الخبراء الأكاديميين من الجامعات العراقية و جامعة عدن وجامعة حضرموت في إعداد الخطط العلمية الدقيقة لتطوير أساليب الكتابة وتطورها للكتب الجامعية الرصينة في عالمنا العربي.

لقد كان المفكر العملاق / الأنباري شخصية ثقافية متنوعة القدرات ولديه استيعاب متعمق لتاريخ أمتنا الإسلامية والعربية ، وهو يُشكل بحق خزانة مكتبية تراثية غزيرة وثرية متجولة ومتحركة من العلوم التاريخية والثقافية والإنسانية ، وقد ألّف العديد من الكتب المرجعية الرصينة التي لا يستغني عنها أيُّ باحثة وباحث في الدراسات العليا ، وتركها أمانة للتاريخ ومصدراً للمعرفة وفكراً يضيء الدروب العلمية لأجيال طلاب العلم في حقل التاريخ والمعرفة.

إن البروفسور / الأنباري عالم نابه وغزير المعرف الثقافية والاختصاصية ولكنه في ذات الوقت شديد التواضع والبساطة في تعامله مع طلاب العلم ومع من يقدم إليه عدداً من الاستفسارات في مجال اختصاصه أو غيرها من العلوم ، وتجده مُقرباً من طلابه وطالباته وزملائه الأساتذة .

ينتمي البروفسور/ الأنباري إلي أسرة عراقية عريقة عربية مثقفة ، فأخاه الأكبر الدكتور / حسن علي الأنباري  يعيش في الأردن الشقيق ويعمل كمحاضر في العلوم السياسية في المعهد الدبلوماسي في عمّان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية ، وشقيقة الذي يكبره بسنوات الدكتور/ عبدالأمير علي الأنباري كان يشغل منصب الممثل الدائم لجمهورية العراق حتى لحظة الاحتلال والغزو الغاشم الأمريكي / البريطاني / الإسباني للعراق الشقيق في العام 2003م.

أنها أسرة عروبية عراقية مثقفة متميزة ، فيها العدد الكبير من المثقفين والعلماء والمفكرين والسياسيين ، وهذا حال العديد من الأسر العراقية النابهة التي ركزت على قضايا العلم والمعرفة لتخليد ذكراها .

انقطعت عني أخبار صديقنا العزيز المفكر / الأنباري منذ أن بدأ العدوان الوحشي السعودي / الإماراتي على الجمهورية اليمنية ، ومع انشغال الفرد منا في زمن حروب العدوان غابت عني أسماء كثيرة عزيزة على نفسي وعقلي وفؤادي وهي هامة جداً في علاقاتي وفي مسيرتي العملية المهنية ، وقبل عام تقريباً عاودت البحث بجدية عالية عن أصدقائي وأحبابي الذين فقدت الصلة بهم  ، واستعنت كثيرا بالأصدقاء والمعارف الأحياء ، وعرفت منهم بأن صديقي / عبدالرزاق علي الأنباري قد توفاه الأجل في بغداد عاصمة الرافدين والحضارات الإسلامية العروبية ، حزنت كثيرا لفراقه  ، وتألمت لوجع ذلك الفراق الأبدي ، ولعنت كثيراً مُشعلي الحروب على شعوبنا العربية والإسلامية من الخونة والعملاء الذين ينفذون المشاريع الصهيونية الأمريكية القذرة في أقطارنا العربية التواقة لمرحلة السلم والأمان والسلام والبناء.

تقبل الله فقيدنا / الأنباري بواسع رحمته ، وأسكنه فسيح جناته الواسعة ، والهم أهله وذويه وطلابه وأحباءه الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه راجعون .

بسم الله الرحمن الرحيم

((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي))

صدق الله العظيم.

 

الخلاصة :

 

كان الفقيد الأنباري رحمة الله عليه ، أحد علماء ومفكري الامة العربية ، وأنتج خلال مسيرته العلمية والمهنية في الجامعات العربية العديد من الكتب الجامعية المرجعية والمراجع التاريخية والمقالات البحثية ، جعلها الله في ميزان حسناته ، وجعله الله بها خالداً مخلداً عبر حروف النور المتوهجة التي صنع وأنجز بها منجزاته العلمية الثقافية والإنسانية .

 

وفوق كل ذي علم عليم

*رئيس مجلس وزراء تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: العراق الشقیق العدید من

إقرأ أيضاً:

جامعة الفيوم تحتفل باليوم العالمي للغة العربية.. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 شهد الدكتور عرفه صبري حسن نائب رئيس جامعة الفيوم لشئون الدراسات العليا والبحوث، والمشرف على كلية دار العلوم فعاليات احتفالية "اليوم العالمي للغة العربية" والذي نظمته كلية دار العلوم بالتعاون مع اتحاد الطلاب، وأسرة طلاب من أجل مصر المركزية، تحت إشراف عاصم العيسوي نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على قطاع التعليم والطلاب.

وحاضر خلالها الدكتور عصام عامرية وكيل كلية دار العلوم لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والخبير بمجمع اللغة العربية، الدكتور مأمون وجيه عميد كلية دار العلوم الأسبق، وعضو مجمع اللغة العربية، بحضور عدد من السادة أعضاء هيئة التدريس والطلاب، وذلك اليوم الأحد، بالمكتبة المركزية.

قال الدكتور عرفه صبري حسن، إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، مما يجعلها لغة متفردة وغنية بالمفردات وهي باقيه إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، مشيرًا إلى حديث الوليد بن المغيرة عندما طلب منه أن يسمع القرآن فجاء إلى رسولنا الكريم (ص) فقرأ عليه القرآن، فقال ابن المغيرة، وصفًا دقيقًا يشهد بفضل كلام الله وعظمته، "والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه.

وأضاف أن اللغة العربية هي لغة القوة والنصر والثقافة التي استمرت لعصور طويلة، ولأهميتها اعتمدت من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتكون من اللغات الأساسية يوم ١٨ ديسمبر عام ١٩٧٣ وأصبح  ذلك التاريخ اليوم العالمي للغة العربية تعبيرًا عن أهمية لغتنا العظيمة والتي يتحدث بلسانها أكثر من ٥٥٠ مليون نسمة حول العالم.

وشدد على ضرورة دراسة اللغة العربية والتعمق فيها لاكتشاف قواعدها وجماليات مفرداتها، مشيرًا إلى أن اللغة العربية تمتاز بقدرتها على التعبير عن الأفكار وكانت ولا زالت هي لغة العلم والأدب والفن وأثرت بشكل كبير في الحضارات الأخرى عبر التاريخ، كما أشاد سيادته بجهود الجامعة في تعزيز قيم اللغة العربية وقواعدها من خلال الكليات التي تدرس اللغة العربية.

وفي كلمته أكد الدكتور عصام عامريه، أن اللغة هي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الأمم لأن الهوية واللغة بينهم مكونات تؤثر كل منهما على الآخر، فإذا قويت الهوية قويت معها اللغة لأنها انعكاس لها في الواقع، وأضاف أن اللغة ليست وظيفتها التواصل بين أفراد المجتمع فحسب بل تؤثر في نشاطه وحياته ووعيه فالإنسان لا يرى إلا ما تريه لغته فانظروا للعالم من خلال لغتكم.

وأشار إلى أن اللغة العربية تختلف عن كافة اللغات لما فيها من أسرار التعبير والبيان وحملت ثقافتنا للعالم أجمع ولم يستطع الاستعمار طمسها وفرض لغات أخرى عبر العصور لأنها لغة القرآن الكريم، وكانت لغة شعائر كنسية ويهودية في العصور الوسطى.

كما أوضح أن اللغة العربية تتعرض لكثير من التحديات خلال هذه الفترة مع استبدال مفرداتها أو تعلم لغات أخرى وتركها لذا فهي في تراجع مستمر من قبل أبنائها، واللغات تتجمد بجمود أصحابها وغاب عن كثير منا أن اللغة تتطور ولا تتغير وعلينا الحفاظ عليها لأنها تعبر عن هويتنا وثقافتنا، داعيًا إلى تعزيز استخدام العربية الفصحى في الحياة اليومية.

ومن جانبه أكد الدكتور مأمون وجيه قيمة اللغة العربية ومكانتها وإرثها وحضارتها التى علمت العالم أجمع، معربًا عن أسفه لما تشهده اللغة العربية من عدم استخدام لأنها أصبحت لغة لا يتقنها إلا المتخصصون فيها، فهؤلاء يدرسون في منابر العلم أما اللغة فهي وطن وحال نعيش فيه ولها قيمة يعرفها الناس في شتى بقاع الأرض وأقيمت لها المجامع والمؤسسات.

واصفًا اللغة في كلمات بسيطة هي الفكر ذاته وليست وعاء الفكر، أوعية الفكر هي الكتب أما التفكير هو اللغة وتكمن اللغة في قيمتها كركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي في المجتمع العربي من المحيط إلى الخليج لأن أمن المجتمعات يحتاج إلى الوحدة، واللغة هي الجامع الذي يوحد الخطاب وهي خط الدفاع ضد التطرف الفكري لأنها أداة فهم النصوص والتي يختلف على تفسيرها كثيرًا لعدم التمكن من اللغة والفهم الصحيح لمقاصد القرآن والسنة.

وأشار إلى وضع سياسات حاكمة لتعدد اللغات التي إن تُركت انهارت المجتمعات، ضاربًا المثل بأوروبا التى كانت تتحدث لغة واحدة وهي اللغة اللاتينية، وفي كل منطقة طغت لهجة دارجة ومفردات مختلفة لكل مجتمع فتولدت منها لغات عديدة وكانت في البداية لغة واحدة.

وأوضح أن اللغة العربية كانت جسرًا لنقل المعارف العلمية والفلسفية إلى أوروبا مما ساهم في تطور الحضارة الإنسانية لذلك يجب أن يتقن الناس اللغة العربية الفصحى ولا نحصرها داخل منابر العلم ونعزلها عن الحياة اليومية.

وفي ختام الندوة قام الدكتور عرفه صبري حسن والحضور بتسليم شهادات التقدير للطلاب المتميزين في الأنشطة الطلابية.

مقالات مشابهة

  • داعية إسلامي: البركة في الرزق أكبر من الحسابات أو العدد
  • جامعة الدول العربية تعلن تجهيز 10 أطنان من الأدوية إلى فلسطين
  • جامعة الدول العربية تعلن عن تجهيز 10 أطنان من الأدوية إلى فلسطين
  • نائب رئيس الوزراء يستعرض مسيرته العلمية في عيد العلم بجامعة القاهرة
  • حذيفة عبد الله: سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى
  • العراق يخطف لقب البطولة العربية للمصارعة الحرة
  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • جامعة الفيوم تحتفل باليوم العالمي للغة العربية.. صور
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • العراق يتراجع للمرتبة الثانية بين البلدان العربية في السياحة إلى تركيا