"الملا": مصر لديها الحق فى الاستفادة من ثرواتها للوصول إلى التحول الطاقي
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
أكد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية أن الحاجة واضحة لكافة مصادر إمدادات الطاقة من وقود أحفورى وطاقات جديدة ومتجددة وأن الاستثمار فى صناعة البترول والغاز فى ظل ما التزمت به فيما يخص خفض انبعاثات الكربون وتحسين عمليات الإنتاج هو مثال واضح على التزام هذه الصناعة وحرصها على التطوير.
ولفت إلى أن مصر والقارة اﻷفريقية والبلدان المماثلة لديها الحق فى الاستفادة من ثرواتها حتى نصل إلى تحول طاقوى حقيقى يلبى احتياجات التنمية والنمو السكانى والاستهلاكى وتلبية احتياجات الطاقة الكهربائية التى تعتمد على الوقود اﻷحفورى حتى الآن بنسبة أكبر تصل إلى 90% وكذلك احتياجات الطهى النظيف الذى يشكل مصدر معاناة للملايين.
وأضاف الملا خلال المؤتمر الختامى لجلسات المؤتمر الاستراتيجى المقام ضمن فاعليات مؤتمر ومعرض مصر الدولى للطاقة EGYPES 2024 ، أن الدعوة العادلة التى أطلقناها لاقت صدى تمثل فى تخصيص يوم لإزالة الكربون فى قمة المناخ التى استضافتها مصر 2022 وذلك لأول مرة فى تاريخ قمم المناخ وخلال قمتى شرم الشيخ ودبى أوضحت صناعة البترول والغاز مدى التطور والالتزام المتحقق ومشروعاتها لتحقيق التوافق البيئى وترشيد الاستهلاك وتحسين بيئة الإنتاج .
ولفت إلى أهمية الغاز الطبيعى كوقود نظيف وخيار يتم الاعتماد عليه حتى يتم تحقيق التحول الطاقى ، مشيراً إلى أن الدولة ستوجه اكبر قدر ممكن من الانفاق على التوسع في توصيل الغاز الطبيعى لمنازل اهالينا . للعمل علي تعظيم استفادة المصريين من هذا المصدر النظيف كوقود للطهى وبديل للبوتاجاز وما يواجهه من أعباء على الموازنة والمواطن .
وأوضح الملا أن التطوير والابتكار والاستغلال الأمثل للتكنولوجيا ، أدواتنا لتحقيق التحول الطاقى وان هذه الجهود تبدو واضحة فى النسخة الحالية للمؤتمر والمعرض والتى قدمها الشباب الذين نحرص على الاستفادة منهم ووما لديهم من خبرات تقنية ومهارات والرقمنة ، كما أن لدينا العديد من شركات التكنولوجيا التى تبدى التزاماً متميزاً بالتعاون معنا منذ إنطلاق برنامج تطوير وتحديث قطاع البترول عام 2016، ولدينا تجارب متميزة وثقة فى دولتنا وقدرتها على تحقيق الأهداف .
ولفت إلى سعى الدولة لزيادة مساهمة الطاقات الجديدة والمتجددة إلى 42% بحلول عام 2035 وأنها خطة مرهونة بتوفير التمويل اللازم ومن ثم فإن الغاز سيظل خيار لنا كوقود نظيف وأقل انبعاثات .
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البترول والثروة المعدنية البترول والغاز الطاقة الكهربائية انبعاثات الكربون
إقرأ أيضاً:
التحول الديموغرافي وتوجيه مجتمعات المستقبل
في الحديثِ عن المستقبل تبرز بعض العوامل والإشارات التي تأخذ حيزًا أكبر من غيرها في نقاشات المستقبل؛ وذلك كونها تتصل بعالم (الأشياء)، وتكون ملموسة ومشاهدة بشكل مباشر في حياة الأفراد (متخصصين وعامة)، وبالتالي فإن تقديرهم لأولويتها في تحريك المستقبل وتغيير واقع الحياة الإنسانية والمجتمعات يكون أكبر. ومن ذلك التقنيات الحديثة وأهمها ما تولده اليوم فتوحات الذكاء الاصطناعي من تطبيقات وبرمجيات تتقدم بالزمن، وتغير خارطة تموضع الذكاء، وتعيد فتح جدلية تفوق ذكاء الآلة في مقابل ذكاء البشر. غير أن بعض العوامل والإشارات الأخرى المرتبطة بالمستقبل - رغم رصدها - وتكرار الحديث عنها فإنها لا تأخذ ذات الحيز من (الهاجس البشري) في ضرورة العمل والقدرة على تدبير مسارات التكيف أو التعامل معها، وقد يرد ذلك لكونها غير ملموسة أو محسوسة بشكل مباشر، ولا تؤثر على المعيش المدرك اليومي، وقد ترتبط في الذهنية العامة بمستقبل يمكن السيطرة عليه وتفاديه أو سهولة التكيف معه، ومنها المتغير الديموغرافي؛ والذي تكمن حساسيته ليس فقط في المؤشرات (الكمية) المتصلة بتوقعاته وسيناريوهاته، وإنما في القراءات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن يولدها ذلك (الكم)، بحسب طبيعة كل مجتمع وتركيبته وسبل تدبير نظامه السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي.
ثمة مؤشرات لا يمكن إغفالها في الحديث عن متغير الديموغرافيا ومستقبله، فالنمو العالمي لأعداد السكان بنحو 18% بين عامي 2025 حتى 2050 يحمل في طياته أوجهًا متباينة لطبيعة هذا النمو، وتوزيعه، والحصص الاقتصادية لمكاسبه، والأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على نقصه في أقطار واقتصادات بعينها. واقتراب معدلات الخصوبة العالمية من (مستويات الإحلال) حسب توقعات عام 2050 لتكون عند (2.1) ولادة لكل أمرة يفتح أسئلة حول الدوافع والمسببات الصحية والاجتماعية لوضع الخصوبة العالمي، ففي السياق الاجتماعي هل تبدو ثمة أفكار وإيديولوجيا جديدة ناشئة تحرك المجتمعات نحو حسر موجات الزواج، أو حين الزواج حسر معدلات الإنجاب (طواعية). انشغلت النظرية الاجتماعية خلال العقود الفائتة بتبرير ذلك بسبب تركيبة الأسر الجديدة (النواة)، وممارسات الفاعلين الأسريين، من خروج المرأة بشكل موسع للانخراط في العمل والاقتصاد، إلى تزايد المسؤوليات الاقتصادية للمربين، إلى دخول مفاهيم جديدة في معادلة التربية، وهو ما استدعى الأسر الجديدة إلى تبني عقيدة (الإنجاب المحدد) في مقابل (التربية المكتملة)، ولكن لا يزال السؤال قائمًا: هل هذه المبررات الاجتماعية تصلح وحدها لتفسير حالة الخصوبة العالمية اليوم؟ أم أن هناك متغيرات تتعلق بقناعات الأفراد أنفسهم قد تغيرت حتى في ظل انخراطهم في تكوين أسر جديدة. ومن المؤشرات البارزة في سياق المتغير الديموغرافي تحصل القارة الإفريقية على نصيب الأسد من حصة النمو السكاني العالمي، في مقابل انحسار تلك النسب في أوروبا وبعض بلدان أمريكا الشمالية، وتطرح هذه المؤشرات أسئلة حول سؤال الطلب على القوى العاملة، وخاصة في الاقتصادات المتقدمة التي ستعاني من الانحسار في معدلات السكان في سن العمل، وهل سيغير ذلك خارطة الهجرة العالمية، لتكون هجرة قائمة على الطلب أكثر من كونها هجرة قائمة على الحاجة مثلما هو الوضع العالمي الراهن. كيف ستنشأ كذلك أنماط جديدة للعمل عن بعد، والعمل في قارات مختلفة من قارة واحدة لشخص واحد، وكيف سيعالج انتماء الإنسان الاقتصادي ومساهمته الاقتصادية ضمن منظومات الناتج المحلي القومي وإنتاجية العمالة في ظل خدمته في أكثر من قُطر وقارة. وفي المقابل كيف تستفيد إفريقيا (اقتصاديًا) من حالة الانفجار السكاني في بعض دولها، خصوصًا مع توسع نطاق القوى العاملة، وهل ستركز المؤسسات الرائدة في التعليم والتدريب جهودها في الدول الإفريقية لخلق جيل من المهارات والمعارف قادر على تحقيق الانتقال الاقتصادي.
الواقع أننا يمكن تقسيم دول العالم في سبيل تعاملها مع المتغير الديموغرافي اليوم إلى خمسة نطاقات أساسية: دول عملت على تمكين سياسات الهجرة إليها بشكل مطلق ومباشر عبر الحوافز والتسهيلات وسياسات الجذب والاستقطاب، ودول عملت على تمكين تلك السياسات وفي سياق مواز طورت سياسات للهوية الوطنية ولحماية التركيبة السكانية الأصيلة، ودول تحاول تقييد مسائل الهجرة والإقامة والمحافظة على المكون الأصيل لمجتمعاتها، ودول لا زالت تنتهج سياسات غير متسقة بين الجذب والاستقطاب وبين محاولات تمكين المكون الأصيل لمجتمعاتها، ودول تحاول المراهنة على نظم تنمية الموارد البشرية والحماية الاجتماعية للتعامل مع المتغير الديموغرافية دون النظر إلى السياسات الأخرى التكميلية مثل سياسات الهجرة والإقامة. تكاد الخارطة العالمية تتقسم - حسب حدود رصدنا - بين هذه النطاقات الخمسة. وفي تقديرنا فإن حساسية المتغير الديموغرافي تتطلب سياسات يتم صنعها بحساسية ودقة؛ بحيث توازن في (حالتنا المحلية) بين أربعة عناصر أساسية: حاجيات نمو الاقتصاد وتنويعه وتوسيع هياكله الانتاجية، المحافظة على عناصر الهوية الوطنية بوصفها سمة للتنمية والنمو، تحقيق الاكتفاء الاقتصادي للسكان خاصة فئة السكان في سن العمل، وديمومة البيئة المتكاملة لرعاية الأشخاص ما بعد سن العمل والحفاظ على مستويات أفضل من الصحة العامة لهم. وفي تقديرنا كذلك فإن التعامل مع المتغير الديموغرافي لن يكون محصورًا بمجرد وجود السياسة السكانية بل يكون عبر عملية تنسيق ومواءمة كافة السياسات الاجتماعية والاقتصادية لتكون متفقة على مقصد (سيناريو) ديموغرافي واضح ومحدد، تنطلق منه وتتمحور حوله، فإذا كان مقصد السيناريو تعظيم الاستفادة من السكان في سن العمل باعتبار فرصة النافذة الديموغرافية، سعت قطاعات التعليم والتدريب والتأهيل لتغيير مقارباتها نحو تحقيق هذا المقصد، ووسع الاقتصاد فرصه للعمل والريادة لهذه الفئة، وحسنت مؤسسات الرعاية الشبابية الظروف الكاملة للنمو الأمثل لهذه الفئة بما يخدم تحقيق مقاصد السيناريو الوطني المنشود.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان