بوادر التصدع : الصدمة (2-3)
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
(1)
أحدث انفتاح القوات المسلحة فى منطقة المهندسين خلخلة فى بنية وتماسك المليشيا وداعميها ، ويتضح ذلك من مساعى البحث اللاهث إلى حل يضمن بقاء ووجود المليشيا فى المشهد ..
وقد أتخذ الأمر مسارين ،
الأول : تحريك إتصالات داخلية ، للمصالحة ، والوصول لإتفاق بأى وسيلة ، وعلى اى سقف ، وأمس وصل إلى مستريحة بشمال دارفور قائد ثاني المليشيا عبدالرحيم دقلو وقائد عملياتها عثمان عمليات للحديث مع الشيخ موسي هلال ، وكانت اتصالات العمد بقيادة أبو شوك انتهت إلى سعي هلال للمصالحة ورفضه أن يكون طرفا فى القتال ، وهذه المرة جاء الوفد لطلب وقف الحرب.
ولكن نغمة أخرى تتصاعد ، بضرورة إيقاف نزيف شباب بعض القبائل بدارفور وقد اخذت الحرب الشباب المغامرين والطامحين ، اكثر من 200 ألف قتلوا أو جرحوا ، وهذه خسارة ثقيلة لها تأثيراتها الإجتماعية ودون وجود أى مردود أو فائدة سوى بعض المنهوبات…
– أما المسار الثانى والأكثر ضجيجا ، هو العودة للمفاوضات ، ومن الواضح أن (تقدم) و (قحت) هى من تتولى هذا الملف ، من خلال الحديث المكثف عن مفاوضات البحرين وتسريب ما أسموه نقاط إتفاق ، وهى وثائق تتوفر فقط عند قحت وتقدم ، علما بان طبيعة المفاوضات ذات طبيعة إنسانية تضمنها إتفاق جدة 11 مايو 2023م ، وهو أمر فى غاية الوضوح ، لم يرفض الجيش التفاوض ، وإنما بعد تنفيذ ما اتفق عليه..
(2)
فى الميدان ، فإن المليشيا تعانى من طبيعة المعركة وتداعياتها ، ربما السعى الحثيث لفرض هدنة ، هو محاولة لإلتقاط الأنفاس ، وترتيب الصف ، والحصول على دفعة جديدة من التسليح ووصول نتائج من جماعات سيلكا الارهابية بافريقيا الوسطي لتوفير عدد من المرتزقة ، وتفويج مجموعات من جنوب السودان ، وواضح أن اندفاع عرب الشتات قد تراجع وهم يتناقلون اخبار المعارك والمحرقة فى الخرطوم.. ولم تعد هتافات انتقال قبائل (الجنيد) واردة ، لم تعد الخرطوم أرض مملكة العطاوة..
أمس ، جاءت ردة فعل الجنجا ، فى محاور أمدرمان للوصول إلى شارع العرضة ، وتكبدوا خسائر كبيرة ، وهلكت مجموعة فى منطقة سنار أثر كمين وتدوين طيران ، ولكن الخسائر الكبيرة فى بحري ومنطقة الكدرو ، فقدت المليشيا القدرة على المناورة وكثافة النيران ، مع تناقص قواتها وعتادها ، المئات تساقطوا فى الطرقات والمباني ، وقوة الكدرو اغلبها من ابناء الماهرية ، حيث كان مقر عبدالرحيم دقلو وكبار القادة بكافورى وانتشروا فى مناطق بحري ، بينما مناطق امدرمان من مناطق تندلتي ، وأضيف إليهم قناصين من عدة دول (روس ، سوريا ، جنوب السودان) ، وانخفضت كفاءة أداء المليشيا مع غياب رؤية عملياته واضحة ، والدخول فى مغامرة التمدد دون ادراك المخاطر..
(3)
لم يكن وقع الميدان مؤثرا على المليشيا فقط ، بل هو أكثر تأثيرا على الحاضنة السياسية قحت وتقدم ، ولم تعد هذه القوى السياسية فى مرحلة (الحياد) ، بل أصبحت طرفا فى الحرب من خلال تبني صريح لأجندة ومواقف الجنجا ، بل أكثر تبرعا بالدعاية من ناشطي المليشيا..
وربما لم تعد هذه القوى الشبحية تعول كثيرا على الموقف الشعبي ، أو الراى العام الداخلى فقد أكتشفوا أن الشعب رافض لهم ، من خلال:
– المقاومة الشعبية
– رفض التعايش مع المليشيا
– التفاعل العفوى مع إنتصارات القوات المسلحة..
وعليه ، اصبحت ذات صوت جهور فى تبني مواقف الجنجا ، لإن بقاء قحت وتقدم رهين بوجود المليشيا فى المشهد السياسي ، وهذا تفكير سطحي وساذج ، بل (بلاهة) و (غباء) .. لإن ميراث الجنجا أثقل من أن تقترب منه قوة سياسية ناضجة ، وذات عقل ، ولكنه عمى بصيرة..
(4)
وما يقال عن اتفاق (22) نقطة وبند ، وتهافت قحت وتقدم للدفاع عنه ، ليس هدفه تحقيق (وقف الحرب) ، وإنما إحداث وقيعة فى الصف الوطنى المتماسك ، و أكثر ما يخيفهم هو وحدة وطنية جامعة..
وهذا النشر مقصود به ذلك ، إثارة تشكيك المواطن فى جيشه ، وإثارة حفيظة الإسلاميين ، وبالتالي إبتعادهم عن معركة الوطن ، وهذا وهم..
عندما أنخرط الإسلاميون فى معركة الكرامة كان قادتهم فى السجون ولا زالوا ، وعناصر قحت فى سدة الحكم ، و اغلب الولاة والوزراء عينهم حمدوك ، ومع ذلك دافعوا عن وطنهم ، لإن منظورهم للقضية الوطنية أكبر من مزايدات أو رهينة مصالح صغيرة ، هذه قضية وطن وليس مناورات سياسية وحزبية ، وهذا أمر لا تفهمه قحت وتقدم لإنهم لا يدركون الفرق بين الوطن والحكومة..
ولذلك اقول للاسلاميين ، لا تستغرقوا وقتكم فى هذه المعارك الصغيرة ..
(5)
تقارير أخرى دولية عن مواقف بعض الدول ، وإعادة النظر فى دعم المليشيا وتقدم ، وهذا مهم ، نشير إلى نقطة واحدة منه ، وهو محاولة قحت تسويق المليشيا فى دوائر غربية ، فقد اوردت مصادر متطابقة أن الدكتور نصر الدين عبدالباري وزير العدل السابق فى حكومة حمدوك بذل جهودا مع الادارة الأمريكية للإنخراط فى دعم المليشيا ، وقد أشارت عضوة من وفد (تقدم) فى واحدة من تغريداتها (لقد قدمنا تقارير للوزيرة عن جرائم مليشيا البرهان) ، هذا خطاب القوى المحايدة..
بدأت (الفقاعة) فى التلاشي وفق مؤشرات كثيرة ، حفظ الله البلاد والعباد..
د.ابراهيم الصديق على
20 فبراير 2024م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: لم تعد
إقرأ أيضاً:
بري يدعم اجتماع السرايا.. وهذا ما قيل عن ترشيح قائد الجيش
أفادت مصادر لـ"الجديد" أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان داعماً للاجتماع الذي عقد في السرايا الحكومية، حيث شدد على ضرورة تحمل الحكومة والدول المشرفة مسؤولية إلزام إسرائيل بتطبيق القرار 1701 ودفع الانتشار السريع للجيش في المناطق الجنوبية. من جهة أخرى، أكدت أوساط عين التينة أنه لا يمكن انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية إلا عبر تعديل دستوري يتوافق مع الآليات الدستورية المعتمدة.