وكالة أنباء سرايا الإخبارية:
2025-03-04@10:50:03 GMT

لماذا مدح بوتين بايدن؟

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

لماذا مدح بوتين بايدن؟

سرايا - خارج النص المعتاد، جاء كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن تفضيله الرئيس الأمريكي جو بايدن، للرئاسة بدلاً من الرئيس السابق دونالد ترمب، واصفاً نظيره الأمريكي بأنه شخص يمكن التنبؤ بأفعاله، وبأنه ينتمي إلى المدرسة التقليدية في السياسة الدولية.

من السهل طبعاً الافتراض أن بوتين، وعبر تأييده وصول بايدن إلى البيت الأبيض، يطبع «قبلة الموت» على جبين الرئيس الحالي الذي يخوض أصعبَ معركة إعادة انتخاب في تاريخ البيت الأبيض.

فلا شيء سيُسيِّج حملة بايدن بالشكوك والتشويش أكثر من جعله يبدو المرشح الأول للكرملين!

وعليه، يمكن النظر إلى تصريحات بوتين، في ضوء التاريخ المثير للجدل بين الولايات المتحدة وروسيا، على أنها مصمَّمة لزرع الانقسام داخل أمريكا. ما يثبت ذلك أن ترامب سارع إلى استخدام تصريحات بوتين للتشكيك في صرامة بايدن تجاه روسيا، ولإثارة المخاوف من التأثير الروسي غير المبرر في الانتخابات أو الاستثمار في نتائجها لاحقاً لتحقيق أهداف روسية. كما يمكن تفسير تعليقات بوتين على أنها تهدف إلى خلق شعور زائف بالأمان أو الرضا عن النفس داخل إدارة بايدن، مما قد يؤدي إلى تقليلها من مخاطر المناورات الجيوسياسية الروسية، ويتيح بالتالي لموسكو هامشاً أوسع لمتابعة مصالحها من دون عوائق أمريكية جدية.

وفي جانب آخر، يمكن تصنيف تصريحات بوتين على أنها «مديح يشبه الذم». فأن يصف أكثر زعماء العالم حرصاً على الغموض في سلوكه وكلامه، شخصاً آخر بأنه «متوقَّع.. ومدرسة قديمة» لَهُوَ في الواقع تشهير وقدح مقصود.

إن مثل هذه التفسيرات، التي تعتمد بشكل كبير على القراءة بين سطور التصريحات السياسية والدبلوماسية، والغوص في الدوافع غير المعلنة لمطلقيها، ليست غريبة تماماً عمّا يمكن تخيله من دوافع لدى بوتين. بيد أن المعركة الرئاسية من القسوة بمكان بحيث إن تصريحاً للرئيس الروسي لن يُغيّر في واقع الانقسام الأمريكي الحاد، ولن يُزعزع ثقة القواعد الصلبة لأيٍّ من المرشحين. أما فيما يعني الأصوات المتأرجحة، فإن آخر بند في لائحة الأولويات التي ترجِّح كفة التصويت، هي تفضيلات بوتين الرئاسية.

وإن جاز لنا ترك البحث في النيات جانباً، فإن سياق الحديث الروسي جاء بمثابة مديح لخصال الرئيس الأمريكي، مما يُسلّط الضوء على حسابات معقَّدة للدبلوماسية الروسية، ويحض على استكشاف خلفيات التموضع الاستراتيجي لبوتين إزاء الانتخابات الأمريكية المقبلة.

الأرجح أن بوتين، من خلال التعبير عن تفضيله بايدن للرئاسة، يسعى إلى الابتعاد عن شبهة محاباة ترامب، وإطفاء أي تهم له بالتدخل في الانتخابات الأمريكية كما حصل في الانتخابات السابقة عامَي 2016 و2020، وهو يفعل ذلك لأسباب روسية محضة. فمن خلال نأيه العلني ببلاده عمّا يقرره الناخبون الأمريكيون، وعبر إبداء قبوله بما يريده الأمريكيون لأنفسهم، يدعو الآخرين للقبول، بما يريده الروس لأنفسهم أيضاً، سواء داخل الكيان الروسي أو خارجه. كما أن بوتين صاحب مصلحة استراتيجية في الحفاظ على واجهة من التزام المعايير الدولية واحترام سيادة الدول، لمحاربة الصورة النمطية عنه كزعيم دولة مارقة. فهو يدرك أنه في ضوء الحرب الروسية - الأوكرانية، يحتاج لإعادة ضبط صورة بلاده روسيا على المسرح العالمي، وإعادة إنتاج سمعتها قوةً عقلانيةً مبدئيةً تتمتع بالمرونة الاستراتيجية والتفاعل الدبلوماسي الرشيد.

إلى ذلك فإن بوتين، من خلال ترحيبه برئيس أمريكي تميَّزت علاقته به بالسوء والتوتر، على حساب رئيس آخر ساد الانطباع بحلول الوئام معه، معنيٌّ بإبراز روسيا على أنها قوة عالمية واثقة لا تتأثر بالمد والجزر في السياسة الأمريكية، ومعنيٌّ أيضاً بتبديد أي انطباع بأنه يتطلع إلى الحماية من رئيس أمريكي ما. وتهدف تصريحات بوتين إلى تقديم روسيا على أنها جهة متزنة وغير متحيزة على المسرح العالمي، إلا فيما يتعلق بمصالح أمنها القومي.

موقف بوتين بهذا المعنى، تموضع محسوب يرمي إلى تظهير صورة روسيا لاعباً قادراً على التعامل مع أي إدارة أمريكية، ويعبر ربما عن الاستعداد لإقامة علاقة دبلوماسية أقل تقلباً مع أمريكا، كأي لاعب مبدئي آخر على المسرح الدولي.

إلى ذلك، صاغ بوتين تعليقاته بدقة، بحيث لا يقتصر صداها على المجتمع الدولي بل يصل أيضاً إلى جمهوره المحلي.

فمثل هذه التصريحات تعزز صورته في الداخل بوصفه رجل دولة، يتقن مهارة التعامل مع السياسات الدولية المعقدة، بهدف حماية سيادة روسيا ورفع مكانتها الدولية. وقد درج بوتين على توزيع التقييمات والشهادات في الرؤساء الأمريكيين الذين عاصرهم، كوسيلة دعائية لتعزيز صورة نفوذ روسيا ومكانتها الدولية.

لا ينسى بوتين بالطبع ولا الروس عامة أن بايدن وصفه بالقاتل. وعليه فإن إشادته بالرئيس الأمريكي تسلط الضوء على براغماتيته الدقيقة، من خلال إظهار قدرة لافتة على فصل مشاعره الشخصية عن المصالح الاستراتيجية لبلاده وشعبه.

يهدف بوتين من مديح بايدن، على الرغم من إهانات الماضي، إلى إظهار مقدار الثقة التي تتمتع بها بلاده، مؤكداً أن روسيا لا تتأثر بسهولة أو تتعرض للإهانة من خلال الهجمات الشخصية. ويهمه أن يُظهر أن روسيا تتمتع بالقوة والمرونة اللتين تسمحان لها بالتركيز على الأهداف الاستراتيجية والمصالح طويلة الأمد بدلاً من الخطاب السياسي العابر.

أياً تكن أهداف بوتين من مديحه بايدن، فهو يثبت مجدداً أنه لاعب يفهم بعمق قوة السرد والإعلام، ما جعله يشحذ على الدوام مهارته في استخدام الدعاية لتشكيل الرأي العام وتعزيز مصالح نظامه. تصريح واحد منه يشغل دوائر التحليل السياسي في العالم، ويربك كبرى العواصم، في لحظة سياسية في العالم، هي الأشد تطلباً للوضوح.
إقرأ أيضاً : “الإسلامية المسيحية لنصرة القدس” تحذر من انفجار الأوضاعإقرأ أيضاً : “الصحة العالمية” تجلي 32 جريحا من مجمع ناصر الطبي بخانيونسإقرأ أيضاً : جنوب إفريقيا تدعو لتفكيك المستوطنات "الإسرائيلية" وتنفيذ حل الدولتين


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الرئيس الرئيس الرئيس بايدن الرئيس بايدن ترامب بوتين بايدن بوتين بوتين العالم بوتين الرئيس التعبير بايدن بوتين روسيا رئيس روسيا رئيس بوتين روسيا بوتين روسيا بوتين روسيا بوتين روسيا بوتين بايدن بوتين روسيا روسيا بوتين الرأي روسيا العالم ترامب أمريكا الرأي التعبير بايدن بوتين رئيس الرئيس تصریحات بوتین على أنها من خلال

إقرأ أيضاً:

ضحايا ترامب - بوتين

لا شك أن تحالفا قويا ومرعبا بدأ يتشكل وتظهر علاماته بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية خاصة مع هذا الانسجام الفائق بين ترامب وبوتين ولا شك أن هذا التحالف المفاجئ والذي أذهل عقول كل المتابعين سيكون له ضحايا كثر خاصة أن أدمغة الرجلين ومن معهما لا تتوقف عند حدود القوانين الدولية واشتراطات حقوق الإنسان أو حتى مقتضيات الدبلوماسية.

نحن إذا أمام تحالف القوتين العظميين في العالم دون ضوابط أو اشتراطات تحترم سيادة الدول أو تحافظ على الشكل الدبلوماسي لهذا الاحترام لممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وخاصة الممثل الأعلى للدولة وهو رئيسها.

شاهدنا مساء الجمعة الماضية كيف نصب ترامب ونائبه فانس فخًا لإهانة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنيسكى والذي انتهى بتوبيخه وطرده أمام وسائل الإعلام العالمية والتي وقف ممثلوها يعانون من صدمة وهول ما حدث في البيت الأبيض، إنه تجريد متعمد لرئيس من كرامته وكرامة دولته وشعبه وربما لن تندهش وسائل الإعلام في المستقبل من الاعتداء على رؤساء آخرين في البيت الأبيض لأن البلطجة والإجرام كانت أهم مشاهد طرد زيلنيسكى.

وفقا لشخصية وطموحات كل من ترامب وبوتين فإن الاستيلاء على ثروات العالم بالقوة هو عنوان التحالف الجديد وهي خطوات لن تتوقف عند أوكرانيا ومعادنها النفيسة التي يحتاجها إيلون ماسك لتطوير ذكائه الاصطناعي، لقد حذرت الصين خبراءها ورواد الذكاء الاصطناعي من السفر إلى أمريكا لأنها تخشى أن يتم احتجازهم وإجبارهم على كشف أسرار التقدم الصيني في مجالات الذكاء الاصطناعي وهو ما ينطبق على أي خبراء أو سياسيين أو مسئولين من أي دولة في العالم يمكن أن تحتاج أمريكا لاحتجازهم وإهانتهم وإجبارهم على تسليم ما لديهم وما لدى دولهم للسيد الأمريكي الجديد ومن أهم ملامح التحالف الجديد هو القضاء على دور الأمم المتحدة ومنظماتها والقوانين والاتفاقيات الدولية والاحتكام فقط لمزاج الرجلين في واشنطن وموسكو وهو ما يطرح أسئلة شديدة الأهمية وبالغة الحساسية على منطقتنا العربية التي تتمتع بثروات نفطية كبرى يضع ترامب عينيه عليها وتشير كل الدلائل إلى أنه يمكن أن يقرر الاستيلاء عليها كما قرر الاستيلاء على قطاع غزة وربما تمتد عيناه إلى موانئ دبي وسيناء وغيرها من المناطق التي يرى أنها غير صالحة للعرب.

وفي هذا الاطار سيترك لروسيا الحق ليس فقط في الاستيلاء على أوكرانيا ولكن سوريا وليبيا والسودان ودول إفريقية ستكون ضمن القسمة الروسية- الأمريكية القادمة.

وطبقا للبروتوكول الرئاسي الجديد الذي وضعه ترامب ومساعدوه فإن على رؤساء هذه الدول أن يتقدموا إلى البيت الأبيض والكرملين صاغرين وشاكرين للسيد ترامب أو بوتين على إدارة بلدانهم وابتلاع ثرواتهم وسحق كرامتهم وفي الحقيقة انتهت البريكس إلى الأبد ولن تنجح أي محاولة لضرب دولار ترامب لأنه قد يمنح الصين تايوان ويقبل أيضا دخولها التحالف الجديد وبدلا من محاولات العالم الثالث الخروج من الحصار والتخلف يطبق الآن تحالف ترامب بوتين على أنفاس العالم ليبقوا هم الأسياد والباقي عبيد.

مقالات مشابهة

  • هل تحالف ترامب مع بوتين ضد أوروبا؟
  • لماذا استقال جواد ظريف من منصب نائب الرئيس الإيراني؟
  • منارة الفاروق في خطر.. لماذا تأخرت أعمال الصيانة؟
  • وزير الخارجية الفرنسي: الهدنة بين روسيا وأوكرانيا قد تظهر مدى استعداد بوتين لمحادثات سلام
  • المؤتمر: لقاء الرئيس السيسي ومفوضة الاتحاد الأوروبي يهدف تعزيز العلاقات الدولية والإقليمية
  • الخارجية الأمريكية: لا بد من جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
  • لا حرب دون مصر ولا سلام أيضا
  • ضحايا ترامب - بوتين
  • حرب المعادن الأوكرانية مستمرة.. بعد توتر العلاقة بين ترامب وزيلينسكى.. السؤال الذى يشغل العالم لماذا تجعل واشنطن اتفاقية التعدين عنصرًا حاسمًا فى عملية السلام مع روسيا؟
  • واشنطن بوست: إدارة بايدن تراجعت في آخر لحظة عن معاقبة إسرائيل