وكالة أنباء سرايا الإخبارية:
2024-10-03@17:27:41 GMT

لماذا مدح بوتين بايدن؟

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

لماذا مدح بوتين بايدن؟

سرايا - خارج النص المعتاد، جاء كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن تفضيله الرئيس الأمريكي جو بايدن، للرئاسة بدلاً من الرئيس السابق دونالد ترمب، واصفاً نظيره الأمريكي بأنه شخص يمكن التنبؤ بأفعاله، وبأنه ينتمي إلى المدرسة التقليدية في السياسة الدولية.

من السهل طبعاً الافتراض أن بوتين، وعبر تأييده وصول بايدن إلى البيت الأبيض، يطبع «قبلة الموت» على جبين الرئيس الحالي الذي يخوض أصعبَ معركة إعادة انتخاب في تاريخ البيت الأبيض.

فلا شيء سيُسيِّج حملة بايدن بالشكوك والتشويش أكثر من جعله يبدو المرشح الأول للكرملين!

وعليه، يمكن النظر إلى تصريحات بوتين، في ضوء التاريخ المثير للجدل بين الولايات المتحدة وروسيا، على أنها مصمَّمة لزرع الانقسام داخل أمريكا. ما يثبت ذلك أن ترامب سارع إلى استخدام تصريحات بوتين للتشكيك في صرامة بايدن تجاه روسيا، ولإثارة المخاوف من التأثير الروسي غير المبرر في الانتخابات أو الاستثمار في نتائجها لاحقاً لتحقيق أهداف روسية. كما يمكن تفسير تعليقات بوتين على أنها تهدف إلى خلق شعور زائف بالأمان أو الرضا عن النفس داخل إدارة بايدن، مما قد يؤدي إلى تقليلها من مخاطر المناورات الجيوسياسية الروسية، ويتيح بالتالي لموسكو هامشاً أوسع لمتابعة مصالحها من دون عوائق أمريكية جدية.

وفي جانب آخر، يمكن تصنيف تصريحات بوتين على أنها «مديح يشبه الذم». فأن يصف أكثر زعماء العالم حرصاً على الغموض في سلوكه وكلامه، شخصاً آخر بأنه «متوقَّع.. ومدرسة قديمة» لَهُوَ في الواقع تشهير وقدح مقصود.

إن مثل هذه التفسيرات، التي تعتمد بشكل كبير على القراءة بين سطور التصريحات السياسية والدبلوماسية، والغوص في الدوافع غير المعلنة لمطلقيها، ليست غريبة تماماً عمّا يمكن تخيله من دوافع لدى بوتين. بيد أن المعركة الرئاسية من القسوة بمكان بحيث إن تصريحاً للرئيس الروسي لن يُغيّر في واقع الانقسام الأمريكي الحاد، ولن يُزعزع ثقة القواعد الصلبة لأيٍّ من المرشحين. أما فيما يعني الأصوات المتأرجحة، فإن آخر بند في لائحة الأولويات التي ترجِّح كفة التصويت، هي تفضيلات بوتين الرئاسية.

وإن جاز لنا ترك البحث في النيات جانباً، فإن سياق الحديث الروسي جاء بمثابة مديح لخصال الرئيس الأمريكي، مما يُسلّط الضوء على حسابات معقَّدة للدبلوماسية الروسية، ويحض على استكشاف خلفيات التموضع الاستراتيجي لبوتين إزاء الانتخابات الأمريكية المقبلة.

الأرجح أن بوتين، من خلال التعبير عن تفضيله بايدن للرئاسة، يسعى إلى الابتعاد عن شبهة محاباة ترامب، وإطفاء أي تهم له بالتدخل في الانتخابات الأمريكية كما حصل في الانتخابات السابقة عامَي 2016 و2020، وهو يفعل ذلك لأسباب روسية محضة. فمن خلال نأيه العلني ببلاده عمّا يقرره الناخبون الأمريكيون، وعبر إبداء قبوله بما يريده الأمريكيون لأنفسهم، يدعو الآخرين للقبول، بما يريده الروس لأنفسهم أيضاً، سواء داخل الكيان الروسي أو خارجه. كما أن بوتين صاحب مصلحة استراتيجية في الحفاظ على واجهة من التزام المعايير الدولية واحترام سيادة الدول، لمحاربة الصورة النمطية عنه كزعيم دولة مارقة. فهو يدرك أنه في ضوء الحرب الروسية - الأوكرانية، يحتاج لإعادة ضبط صورة بلاده روسيا على المسرح العالمي، وإعادة إنتاج سمعتها قوةً عقلانيةً مبدئيةً تتمتع بالمرونة الاستراتيجية والتفاعل الدبلوماسي الرشيد.

إلى ذلك فإن بوتين، من خلال ترحيبه برئيس أمريكي تميَّزت علاقته به بالسوء والتوتر، على حساب رئيس آخر ساد الانطباع بحلول الوئام معه، معنيٌّ بإبراز روسيا على أنها قوة عالمية واثقة لا تتأثر بالمد والجزر في السياسة الأمريكية، ومعنيٌّ أيضاً بتبديد أي انطباع بأنه يتطلع إلى الحماية من رئيس أمريكي ما. وتهدف تصريحات بوتين إلى تقديم روسيا على أنها جهة متزنة وغير متحيزة على المسرح العالمي، إلا فيما يتعلق بمصالح أمنها القومي.

موقف بوتين بهذا المعنى، تموضع محسوب يرمي إلى تظهير صورة روسيا لاعباً قادراً على التعامل مع أي إدارة أمريكية، ويعبر ربما عن الاستعداد لإقامة علاقة دبلوماسية أقل تقلباً مع أمريكا، كأي لاعب مبدئي آخر على المسرح الدولي.

إلى ذلك، صاغ بوتين تعليقاته بدقة، بحيث لا يقتصر صداها على المجتمع الدولي بل يصل أيضاً إلى جمهوره المحلي.

فمثل هذه التصريحات تعزز صورته في الداخل بوصفه رجل دولة، يتقن مهارة التعامل مع السياسات الدولية المعقدة، بهدف حماية سيادة روسيا ورفع مكانتها الدولية. وقد درج بوتين على توزيع التقييمات والشهادات في الرؤساء الأمريكيين الذين عاصرهم، كوسيلة دعائية لتعزيز صورة نفوذ روسيا ومكانتها الدولية.

لا ينسى بوتين بالطبع ولا الروس عامة أن بايدن وصفه بالقاتل. وعليه فإن إشادته بالرئيس الأمريكي تسلط الضوء على براغماتيته الدقيقة، من خلال إظهار قدرة لافتة على فصل مشاعره الشخصية عن المصالح الاستراتيجية لبلاده وشعبه.

يهدف بوتين من مديح بايدن، على الرغم من إهانات الماضي، إلى إظهار مقدار الثقة التي تتمتع بها بلاده، مؤكداً أن روسيا لا تتأثر بسهولة أو تتعرض للإهانة من خلال الهجمات الشخصية. ويهمه أن يُظهر أن روسيا تتمتع بالقوة والمرونة اللتين تسمحان لها بالتركيز على الأهداف الاستراتيجية والمصالح طويلة الأمد بدلاً من الخطاب السياسي العابر.

أياً تكن أهداف بوتين من مديحه بايدن، فهو يثبت مجدداً أنه لاعب يفهم بعمق قوة السرد والإعلام، ما جعله يشحذ على الدوام مهارته في استخدام الدعاية لتشكيل الرأي العام وتعزيز مصالح نظامه. تصريح واحد منه يشغل دوائر التحليل السياسي في العالم، ويربك كبرى العواصم، في لحظة سياسية في العالم، هي الأشد تطلباً للوضوح.
إقرأ أيضاً : “الإسلامية المسيحية لنصرة القدس” تحذر من انفجار الأوضاعإقرأ أيضاً : “الصحة العالمية” تجلي 32 جريحا من مجمع ناصر الطبي بخانيونسإقرأ أيضاً : جنوب إفريقيا تدعو لتفكيك المستوطنات "الإسرائيلية" وتنفيذ حل الدولتين


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: الرئيس الرئيس الرئيس بايدن الرئيس بايدن ترامب بوتين بايدن بوتين بوتين العالم بوتين الرئيس التعبير بايدن بوتين روسيا رئيس روسيا رئيس بوتين روسيا بوتين روسيا بوتين روسيا بوتين روسيا بوتين بايدن بوتين روسيا روسيا بوتين الرأي روسيا العالم ترامب أمريكا الرأي التعبير بايدن بوتين رئيس الرئيس تصریحات بوتین على أنها من خلال

إقرأ أيضاً:

بوتين يوقع قانوناً لتجنيد الملاحقين جنائياً

وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشروع قانون، يسمح بتجنيد الملاحقين في قضايا جنائية في الجيش، لتجنيبهم الملاحقة القضائية، ما يجعله قانوناً نافذاً في البلاد.

President Vladimir Putin signs into law a bill allowing criminal suspects to avoid prosecution by enlisting in Russia’s military https://t.co/awokXPIEVE

— Bloomberg (@business) October 2, 2024

ويسمح القانون، الذي أقره مجلسا البرلمان في الأسبوع الماضي، للمحاكم بوقف الملاحقة، إذا وافق المتهم على توقيع عقد للالتحاق بالخدمة العسكرية، وفق وكالة بلومبرغ.

ويسلط القانون الجديد الضوء على الصعوبات التي يواجهها الجيش الروسي في تعويض الخسائر في الجنود على الخطوط الأمامية في أوكرانيا، دون حاجة إلى إعلان تعبئة جديدة، لا تحظي بقبول شعبي.

ووفقاً لتقديرات مسؤولين غربيين، بلغت خسائر روسيا أعلى مستوياتها منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

مقالات مشابهة

  • بتوجيه من الرئيس بوتين.. وصول طائرة مساعدات روسية إلى لبنان
  • لماذا تفاجأ الأميركيون من مناظرة نائب الرئيس؟
  • العالم يتخلى عن بايدن ويتجاوزه.. مايكل هيرش: خطاب الرئيس الأمريكى حول النظام العالمى عكس فشل دبلوماسية واشنطن فى الشرق الأوسط
  • بوتين يوقع قانوناً لتجنيد الملاحقين جنائياً
  • لماذا لا تحظى مناظرات نائب الرئيس الأمريكي بأهمية كبيرة؟
  • لماذا يرسل بايدن آلاف الجنود مع كل تصعيد بالشرق الأوسط؟
  • الرئيس الصيني: مستعدون لمواصلة توسيع التعاون الشامل مع روسيا
  • المرشح لمنصب نائب الرئيس الأمريكي: إيران استخدمت «أموال بايدن» لضرب حلفائنا
  • روسيا: التصعيد في الشرق الأوسط نتيجة لفشل سياسات إدارة بايدن
  • كاتب صحفي: دعوة الرئيس السيسي إلى تماسك المصريين رسالة مهمة في ظل المتغيرات الدولية