أثير- مكتب أثير في تونس

قراءة: محمد الهادي الجزيري

قرأت جلّ القصص المدرجة ضمن هذه المجموعة ..واستنتجت أنّها متون خاصة بنساء متنوعات لهنّ مشاكلهنّ الحياتية ..، وقد تطرقت الكاتبة نجاة الشافعي لأهمّ المعضلات التي تعترضهنّ ..، ولكنّي سأنطلق من قصة شدّتني لما فيها هموم يعرفها الواحد منّا ..ألا وهي المصائب التي تُسمى بأدوات التواصل الاجتماعي والتي نتخبّط فيها على مدار الساعة، وقد عنونتْ القصة ب ” تحت الإقامة الاختيارية ” نفس العنوان المختار للمجموعة .

.، ممّا يفسّر ويُبيّن مدى المعضلة العويصة المطروحة في هذه القصة..، ففي الصيف تدخل الشخصية السردية في السبات الصيفي ..وتتهاطل عليها المشاكل من أقاربها ومعارفها ومن الانترنات التي صارت شيئا رئيسيا في حياتها ..وفي حيوات الخلق العالمي ..، وإن كانت الفقرة المختارة لتوضيح هذه الفكرة مأخوذة عن الالتزامات القاتلة والمهينة :

” المسؤوليات الكثيرة التي تطاردها كل يوم والمجاملات في المدرسة حيث تعمل مع المديرة والمعلمات والموجهات والطالبات وأمهاتهن ومع عائلتها وعائلة زوجها والجيران والأقارب تعتصر روحها وتدمي قلبها كذلك التفاهة والخواء والدجل في الإعلام والتملق المتواصل للآخرين في وسائل التواصل الاجتماعي..”

قصة أخرى شدّتني في هذه المجموعة ، عنوانها ” سرّ ذات الشعر الأبيض ” ، فهذا شأن من شؤون الأنثى وهو عملية صبغ الشعر..وكم عانت النساء من هذه المشكلة وبروز الشيب في سنّ الكبر..، بل إنّ البعض منهنّ يصبن بهذه العاهة مبكّرا مثل الشخصية الواردة في القصة ..فقد دأبت على صبغ شعرها في المدرسة الثانوية وفي فترات متفاوتة دون جدوى وخلاصة القول : العبرة التي يمكننا أخذها من هذه الحكاية …أن الشعر الأبيض جميل ولا بدّ من قبوله حين يهلّ علينا ..فكلّ عمر له لونه وتلك هي الحياة :

” لا يوجد سرّ خطير وراء قرارها الشاذ عن عرف المجتمع بما يتعلق بالأنثى وتاج جمالها ألا وهو شعرها، كل ما في الأمر ببساطة أنه عندما بلغت الخمسين قررت ألا تصبغ شعرها على فالإطلاق سئمت من خداع نفسها والآخرين، والوقت والمجهود الذي تبدده ليبدو شعرها في حلة مصطنعة ملونة تُصَغِّرُها عدة أعوام، عندما اتخذت قرارها ذاك كان الشيب قد غزا كل خصلة وكل شعرة، وأحال ما كان يومًا ما أسودَ حالكًا كثيفًا بياضًا هشًّا رقيقًا مثل الجليد الذي لم تَرَهُ إلا في الصور الفوتوغرافية والأفلام السينمائية؛ لأن في بلدها الصحراوي لا يسقط الثلج أبدًا! “

وهنالك قصص أخرى جديرة بالقراءة ..إذ أنّ الكاتبة مهمومة ب “نسويتها” فكلّ متن جديد عبارة عن قضية أخرى من قضايا المرأة العربية خاصة ..، فثمّة مشكلة المخطوبة التي يلهو بأعصابها الرجل الخطيب ، وثمة المعلّمة التي لا تفكّر في أمر الزواج ..، وثمّة كلّ شيء يخصّ المرأة وعاداتها وخاصة تقاليدها ..، إذن يمكن القول أنّ نجاة الشافعي نجحت في استقطاب اهتمامي بهذا المتن السردي وإن كان أوّل إصدار لها ..، فقد أفلحت في طرح المواضيع الحياتية لبعض النساء وحاولت العيش بداخلهنّ مع اختلاف رتبهنّ وتنوع بيئتهنّ ..، الأهمّ أنّها أخلصت لذاتها وعالجت قدر المستطاع ..وقد كتبت في المقدمة كلمة ضافية وهي خير ما أختم به هذه الاطلالة الشيّقة على ” تحت الإقامة الاختيارية ” :

” هذه المجموعة القصصية هي الباكورة الأولى من أعمالي لكنها تمثّل مسيرة غنية في السرد القصصي حيث بدأتُ أنشرها إلكترونيًّا في مواقع متعددة منذ 2005، وعندما أسست موقعي الشخصي في صيف 2010 نشرت بعض القصص فيه، بينما بقيت أخرى حبيسة الأدراج، والآن جمعتُ بعض ما كتبته من القديم والحديث بين دفتي مجموعة قصصية بعنوان: تحت الإقامة الاختيارية!، هذه القصص الأربعون ومضات تلقي الضوء على جوانب من حياة نساء يعشْنَ في عوالم مختلفة لكن تتوحَّد أحلامهن في الرغبة لتغيير واقعهن من أجل صنع ذوات أفضل وعيش حياة أجمل. “

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مكتب تونس

إقرأ أيضاً:

نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"

في تطور سياسي وقانوني لافت داخل إسرائيل، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى دراسة إمكانية إبرام صفقة "إقرار بالذنب" مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه تهمًا بالفساد قد تضع مستقبله السياسي والشخصي في مهب الريح. هذه المبادرة تعيد إلى الواجهة تساؤلات كبيرة حول مصير نتنياهو وحجم التحديات السياسية والقانونية التي تواجهها إسرائيل في ظل أوضاع داخلية وإقليمية متأزمة.

خلفية القضية: نتنياهو في قفص الاتهام


يُحاكم نتنياهو منذ سنوات بتهم تتعلق بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في عدة ملفات فساد معروفة في الأوساط الإسرائيلية. رغم محاولات مستمرة للطعن في الاتهامات واللجوء إلى الاستراتيجيات السياسية للبقاء في الحكم، إلا أن الضغوط القضائية تزايدت مع الوقت.

وظهرت فكرة صفقة الإقرار بالذنب عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكنها كانت تصطدم برفض نتنياهو التام لأي تسوية تعني انسحابه من المشهد السياسي، الذي يعتبره خط دفاعه الأساسي. القبول بهذه الصفقة يعني الإقرار بوصمة عار قانونية تمنعه من تولي أي منصب رسمي مستقبلًا، وهي خطوة لم يكن مستعدًا لها حتى الآن.

تفاصيل صفقة الإقرار بالذنب

وفقًا لما نشرته صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"، تتضمن الصفقة خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل عدم دخوله السجن. الصفقة تعتمد على إقرار نتنياهو جزئيًا أو كليًا ببعض المخالفات، بعد تعديل لائحة الاتهام لتقليل خطورة الجرائم المزعومة.

مقابل ذلك، ستسقط النيابة العامة بعض التهم أو تقبل بعقوبة مخففة، ما يجنبه المحاكمة الطويلة واحتمال السجن الفعلي. هذه الاستراتيجية القانونية، المعروفة عالميًا باسم "صفقة الإقرار بالذنب"، تتيح إنهاء القضايا الجنائية بسرعة لكنها غالبًا ما تكون محفوفة بالجدل السياسي والأخلاقي.

السياق الدولي: مذكرات اعتقال إضافية تلاحق نتنياهو

لا تقتصر التحديات القانونية لنتنياهو على المحاكم الإسرائيلية فقط. ففي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

وجاء في بيان المحكمة أن هناك أسبابًا منطقية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات استهدفت السكان المدنيين واستخدما التجويع كسلاح حرب. كما أشارت المحكمة إلى أن الجرائم شملت القتل والاضطهاد وأفعالًا غير إنسانية أخرى.

الكشف هذه الأوامر ضاعف من الضغوط على نتنياهو داخليًا وخارجيًا، وساهم في تعقيد حساباته السياسية والقانونية.

احتمالات المستقبل: إلى أين يتجه المشهد الإسرائيلي؟

دخول الرئيس هرتسوغ على خط الأزمة يعكس قلق المؤسسة السياسية من تداعيات استمرار محاكمة نتنياهو على استقرار الدولة. فالخيار بين محاكمة رئيس وزراء حالي أو سابق وسجنه، أو التوصل إلى تسوية سياسية قانونية تخرجه بهدوء من المشهد، يحمل في طياته آثارًا سياسية واجتماعية عميقة.

ورغم أن إبرام صفقة الإقرار بالذنب قد يبدو مخرجًا مناسبًا للعديد من الأطراف، إلا أن قبول نتنياهو بها لا يزال بعيد المنال. فنتنياهو، الذي يَعتبر نفسه ضحية ملاحقات سياسية، قد يفضِّل المضي قدمًا في المعركة القضائية حتى النهاية، آملًا في البراءة أو في انقلاب سياسي لصالحه.

أما إسرائيل، فهي تجد نفسها أمام مفترق طرق: هل تواصل السير في طريق المواجهة القانونية بكل تبعاته، أم تلجأ إلى تسوية مكلفة سياسيًا لكنها تتيح طي صفحة من أكثر الفصول إثارة للانقسام في تاريخها الحديث؟

تطرح مبادرة الرئيس هرتسوغ سؤالًا وجوديًا على إسرائيل: ما هو ثمن العدالة وما هو ثمن الاستقرار السياسي؟ بغض النظر عن النتيجة، فإن مصير بنيامين نتنياهو سيكون علامة فارقة في مسار السياسة الإسرائيلية للسنوات المقبلة.

 

مقالات مشابهة

  • “غروندبرغ” يدعو لتحقيق شفاف في الغارة التي استهدفت مركز احتجاز بصعدة
  • اليابان تعرض هيكلًا عظميًا لديناصور “سبينوصور” المكتشف في المغرب
  • مصدر سياسي:مقتدى كل دقيقة له “موقف”يختلف عن الدقيقة التي قبلها وسيشارك في الانتخابات المقبلة
  • أرسنال ضد سان جيرمان.. ماذا تقول سجلات التاريخ؟
  • مكتب “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"
  • الشرع يحذر من دعوات “قسد” التي تهدد وحدة البلاد وسلامة التراب السوري
  • بعد فقدها 529 يوماً بجزيرة أسترالية.. تعرف إلى قصة نجاة الكلبة فاليري؟
  • “الخارجية”: المملكة ترحب بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية