عربي21:
2024-07-07@22:15:24 GMT

لماذا تُظهر أمريكا إشارات متناقضة بخصوص الحرب على غزة؟

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

بدت الاندفاعة الأمريكية الهائلة بداية الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة، في تبني تلك الحرب بالمطلق بلا كوابح إلى درجة محاولة إمرار مشروع التهجير الإسرائيلي كما تضافرت على تسريب ذلك وتأكيده مصادر متعددة.. مفاجأة لمن يرون هذه الاندفاعة متعارضة مع مبادئ السياسة الواقعية، إذ أفرطت الولايات المتحدة في تمويل المذبحة وإذكائها وتغطيتها سياسيّا واستثمار الهيمنة للإطباق على الإقليم والعالم؛ ليس فقط لأجل ما تسميه أمريكا "منع تمدد الحرب" بل ولمنع دعم الفلسطينيين بأدنى موقف سياسيّ مؤثّر، وذلك علاوة على انخراطها فيها فعليّا بالاستخبارات ومشاركة الجنرالات بالمشورة والرأي بل وبقوات خاصة أمريكية كما أشارت معطيات مطلع الحرب، وهو الأمر الذي حاولتُ تفسيره في مقالة سابقة عنوانها "لماذا أعلنت الولايات المتحدة الحرب على غزة؟"، من حيث كون "إسرائيل" قوة إمبراطورية فرعية لها نفوذها الخاص، وإن كانت تتبع المركز الإمبراطوري الذي ينتهج أصلا سياسات الهيمنة لا السياسات الواقعية بدفع من مراكز نفوذ عميقة فيه، بالإضافة إلى تعاظم تأثير نوازع الهيبة على الإمبراطورية التي خرجت من أفغانستان بنحو مذلّ وتعاني تعثّرا في الحرب الروسية الأوكرانية.



الآن تبدي الولايات المتحدة مؤشرات متناقضة باستمرار إزاء أساليب الحرب الإسرائيلية المندفعة بقصدية إنجاز أكبر دمار ممكن، بما يستتبعه ذلك من إزاحة دموية للسكان، وهو ما اتسم بسياسات إبادة جماعية ظاهرة، فبعد تبني الدعاية الإسرائيلية بالكامل، وتعمد الكذب وقلب الحقائق، وإنكار أعداد الضحايا الفلسطينيين، والاستناد إلى الإسرائيلي حكما وجلادا في الوقت نفسه، وإطالة أمد الحرب والإعلان الصريح عن رفض وقفها، تبدي الولايات المتحدة مؤشرات متناقضة باستمرار إزاء أساليب الحرب الإسرائيلية المندفعة بقصدية إنجاز أكبر دمار ممكن، بما يستتبعه ذلك من إزاحة دموية للسكان، وهو ما اتسم بسياسات إبادة جماعية ظاهرة، فبعد تبني الدعاية الإسرائيلية بالكامل، وتعمد الكذب وقلب الحقائق، وإنكار أعداد الضحايا الفلسطينيين، والاستناد إلى الإسرائيلي حكما وجلادا في الوقت نفسه، وإطالة أمد الحرب والإعلان الصريح عن رفض وقفهابدأت مستويات متعددة في الإدارة الأمريكية من شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي تتحدث عن نهاية مقترحة للحرب، وكانت التسريبات تشير إلى منتصف كانون الثاني/ يناير وقتا مقترحا لذلك، وها قد صرنا الآن في نهايات شباط/ فبراير دون وجود أفق ظاهر لهذه الحرب.


لم تصل الحرب إلى تلك النهاية المقترحة، كما أنّ التصريحات الأمريكية كانت ما تلبث أن تتراجع لصالح الإرادة الإسرائيلية في استمرار المذبحة، وهو ما يوجب على أيّ عاقل التخفيف من التعامل الجدّي مع التصريحات الأمريكية، وإن بدت هذه التصريحات في هذا الشهر الأخير (شباط/ فبراير) أكثر وضوحا في الاختلاف الأمريكي/ الإسرائيلي حول الحرب، مع غموض نسبي في ماهية الاختلاف، إذا تجاوزنا الخلاف غير المؤثّر جوهريّا حول مسألة مفهوم الدولة الفلسطينية الذي يرفضه نتنياهو جملة وتفصيلا وتتحدث عنه أمريكا مراوغة ومخاتلة لاستعادة زخم التطبيع العربي/ الإسرائيلي، ففيما يتعلق بالحرب ما يزال الشكل الأمريكي المقترح لوقفها غامضا، وإن كان المؤكد أنّه سيُهندس ليكون في صورة انتصار إسرائيلي!

ما الذي يجعل أمريكا مرتبكة ومتناقضة إلى هذا الحد إزاء حرب دولة يفترض أن أمريكا تملك نفوذا عليها، كما أنّ هذه الإدارة قدمت لـ"إسرائيل" في حربها ما يجعلها قادرة على فرض موقفها إن أرادت ذلك؟

يذهب البعض إلى أنّ أمريكا تمارس عملية خداع على الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تأخذ مسافة شكلية من المذبحة الإسرائيلية لأسباب دعائية تحتاجها أي قوّة سياسية مهما كانت طاغية ومهيمنة، بالإضافة إلى حسابات خاصة بهذه الإدارة قد لا تبتعد في جانب منها عن قرب الانتخابات الرئاسية، وعن رؤية تسعى لتبريد المنطقة.

ذلك كله مفيد، لكنه على الأرجح عامل من جملة عوامل؛ منها حالة من الاستعصاء في السياسة الأمريكية الداخلية، تعززها طبيعة هذه الإدارة التي يقف على رأسها رجل يعاني في عافيته البدنية وفي لياقته الذهنية، وهو ما يفتح المجال أوسع لصراع أقطاب الإدارة، وقوى الدولة النافذة في أحشاء المؤسسة، للتزاحم على القرار بشأن الحرب الإسرائيلية، وهذا التزاحم في بعضه انعكاس لقوى التأثير التقليدية كجماعات الضغط الصهيونية والمجمع الصناعي العسكري.

لكن هذا من جهة يشير إلى ما هو أكثر أهمية، فكل هذا التدافع الأمريكي الداخلي الذي يستثمر في ضعف القدرات العقلية والقوى الصحية للرئيس، في حيثية منه ناجم عن كون "إسرائيل" قضية أمريكية داخلية، فهي ليست قوّة إمبراطورية فرعية تابعة للمركز فحسب، ولكنها علاوة على ذلك قضية أمريكية بالغة الحساسية بالنسبة لقوى التأثير التقليدية في الولايات المتحدة، وهو ما يجعل الضعط عليها في حرب وصفتها بالوجودية وفي إطار دعاية تبنتها أمريكا نفسها محفوفا بحسابات دقيقة.

"إسرائيل" قادرة تاريخيّا على إقناع أمريكا بخصوص معاركها ومصالحها الأمنية، أولا من حيث الوظيفية الإسرائيلية بوصفها قوة إمبراطورية تتبع المركز، وثانيا من حيث حساسيتها في السياسة الأمريكية، مما يجعل أمريكا واهنة العزيمة في الضغط الجدي عليها، ولذلك فالغالب أن "إسرائيل" تفعل ما تريد في النهاية، وهي اليوم وفي هذه الحرب تحديدا تستقوي في إقناع أمريكا بقدرتها على احتواء التداعيات، وذلك بقدرتها على الاحتفاظ بتحالفها العربيّ بالرغم من المذبحة
إلا أنّ المهم هو كون حرب "إسرائيل" حربا أمريكية، و"إسرائيل" نفسها قضية أمريكية داخلية، فالنقاش والحالة هذه نقاش على أرضية واحدة، أرضية وحدة الحال. فكما أنّ طبيعة السياسة الأمريكية تشهد سجالات ظاهرة بين أطياف السياسة فيها بنحو حادّ، وقد تطفو تباينات الإدارة الواحدة على سطح المجال العامّ، وكما أنّ "إسرائيل" نفسها تظهر الخلافات فيها بنحو أكثر حدّة ومن قاعدة حرص الجميع على الكيان، ودون الغفلة عن أسباب أخرى للتباينات الإسرائيلية، فإنّ ذلك يعني إمكان حصول اختلافات داخل الإدارة الأمريكية وبين قوى التأثير في أمريكا حول مجريات الحرب الإسرائيلية ومآلاتها، وبين بعض تلك الأطراف والحكومة الإسرائيلية، ولكن على قاعدة وحدة الحال وتقليب النظر، وليس في ذلك أدنى اختلاف على دعم الحرب ما دامت قائمة، والسعي لضمان انتصار إسرائيلي.

أمر أخير، وهو أن "إسرائيل" قادرة تاريخيّا على إقناع أمريكا بخصوص معاركها ومصالحها الأمنية، أولا من حيث الوظيفية الإسرائيلية بوصفها قوة إمبراطورية تتبع المركز، وثانيا من حيث حساسيتها في السياسة الأمريكية، مما يجعل أمريكا واهنة العزيمة في الضغط الجدي عليها، ولذلك فالغالب أن "إسرائيل" تفعل ما تريد في النهاية، وهي اليوم وفي هذه الحرب تحديدا تستقوي في إقناع أمريكا بقدرتها على احتواء التداعيات، وذلك بقدرتها على الاحتفاظ بتحالفها العربيّ بالرغم من المذبحة، إذ يبدو حلفاؤها العرب أكثر حرصا منها على التخلص من حماس، وعلى طمس دلالات يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والعودة إلى سياسات إذلال الشعوب العربية وضمان خضوعها، وفرض انكسار معنوي على المنطقة من بوابة فلسطين؛ الأكثر تأثيرا في تسييس المنطقة وتنوير شعوبها.

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية غزة دعم إسرائيل امريكا غزة دعم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب الإسرائیلیة السیاسة الأمریکیة الولایات المتحدة إقناع أمریکا بقدرتها على ما یجعل من حیث وهو ما کما أن

إقرأ أيضاً:

مع من يجب أن نبحث وقف الحرب؟ و لماذا

الحرب المدمرة و الإجرامية الماثلة بين الدعم السريع الذي ينظم وجوده قانون الدعم السريع الذي أجازه برلمان الحركة الإسلامية في عام 2017م و الجيش الذي خربته الحركة الإسلامية و جعلته مليشيا تابعة لها بمجموعة إجراءات معروفة منذ عام 1989م. ببساطة يمكننا القول أن هذه الحرب الإجرامية هي نزاع حول الإنفراد بالسلطة لإحكام السيطرة علي موارد السودان و الإستفادة من تصديرها علي المستوي الشخصي بالنسبة لكبار ضباط الجيش و الدعم السريع. و يمكننا أيضا القول أن هذه الحرب ناتج مباشر لحكم الإخوان المسلمين منذ إنقلابهم المشؤوم في 30 يونيو 1989م. التلاعب بالمسميات يجب ألا يفوت علي أحد فتنظيم الأخوان المسلمين بقادة الترابي إتخذ عدة أسماء و هي الجبهة القومية الإسلامية و الحركة الإسللامية و حزب المؤتمر الوطني. يجب ألا ننسي أيضا أن الأخوان المسلمين هم التعبير السياسي لرأس المال الطفيلي الذي بدأ و ترعرع في حقبة الحكم المايو البغيض بعد قطيعته الدامية مع اليسار و المقصود مفصولي الحزب الشيوعي و جيوب القوميين العرب المرتبطة بإنقلاب مايو في 1969م.
يحدث الآن في القاهر سعي من أجل وقف الحرب و هذا السعي مرتبط بمجهودات الإيغاد و الإتحاد الأفريقي من جهة و مرتبط بالإجتماع المزمع في سويسرا بإشراف الأمم المتحدة بين قيادات عليا في الجيش و الدعم السريع وصفه رمطان لعمامرة بأنه إجتماع غير مباشر. هذه المساعي مجتمعة و من بها من قوي سياسية مدنية و مسلحة تهدف لوقف الحرب بما يضمن لطرفيها الإفلات من الماحاسبة و ربما تكافئهم بفترة حكم قادمة,. هذه المساعي لن تقدم معالجة لا لأسباب الحرب و لا معالجة لقضاياها الملحة الآن مثل إيصال العون الإنساني و الدفاع عن المواطن السوداني الأعزل الذي رمته تجربة حكم الأخوان المسلمين تحت هذه الأقدار و المصائر المفزعة. قسم من الشعب السوداني يعيش تحت رحمة الدعم السريع الذي لا يعرف غير الإعتداء علي حقوق المواطنين و علي رأسها الحق في الحياة و قسم آخر تحت رحمة الخراب المسمي بالجيش السوداني تحت رحمة الأخوان المسلمين مباشرة من أعتقال و تعذيب و قتل بالمدفعية و القصف بالطيران. القوي المجتمعة الآن في القاهرة معروفة لدينا ظاهر و باطن و الجديد في الأمر أن حمدوك و جماعته صاروا في رداء جديد يشبه التوم هجو و مالك عقار و جبريل ابراهيم برعاية مصرية و مباركة إقليمية و دولية.
يجب البحث عن وقف الحرب حقيقة مع القوي السياسية الفاعلة الآن داخل الوطن في لجان المتطوعين الذين يخدمون بموارد محدودة القطاعات الكبري من بنات و أبناء شعبنا الذين يعانون من من مأساة الحرب في مدن و قري السودان.
تقول الخارجية المصرية أنها دعت لمؤتمر القاهرة القوي الساسية الفاعلة علي حسب وصفهم الدبلوماسي و الإعلامي ، نعم هم فاعلون سياسيا و سودانيون و لكن ليس بما يخدم مصالح الشعب السوداني بل هي مشغولة في الحقيقة لتوفير الملاذات الآمنة لمجرمي الحرب و توفير فرصة واسعة لهم للإفالات من العقاب. القوي السياسية الفاعلة موجودة في مناطق النزوح و في الملاجيء خارج حدود الوطن و العالقين في مناطق العمليات و هذا نوع من الإدراك و المعرفة لا تعرفه أنظمة علي شاكلة نظام السيسي الإنقلابي. و نقول للحكومة المصرية أننا نعرف أردول و التوم هجدو و جبريل إبراهيم و مالك عقار أكثر مما تعرفون و نعرف أنهم يخدمون أسيادهم في الخفاء أمثال علي كرتي و صلاح و قوش و صلاح عبد الله و عبد الباسط حمزة. أما النطيحة و المتردية من جبال الفترة الإنتقالية في الفرقة المصاحبة لحمدوك نعرفهم أكثر في لا جدواهم في خدمة شعارات ثورة ديسمبر المجديدة.
يحتاج السودانيون الآن لصوت مختلف عن هذا الخبوب السياسي غير النافع يخاطب المجتمع الدولي و يكشف له حقيقة معلومة لدي الجميع أن هذه الحرب هي حرب ضد الثورة السودانية و ضد المواطن السوداني تقودها الحركة الإسلامية من جهة و صنيعتهم الدعم السريع من جهة أخري و أننا كشعب سوداني نريد حماية المجتمع الدولي من هؤلاء القتَلَة المجرمون و اتباعهم مما أكل سبع الأخوان المسلمين و المتردية و النطيحة في تقدم.

طه جعفر الخليفة
هاملتون – اونتاريو – كندا
6 يوليو 2024م

taha.e.taha@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • واشنطن تنسق مع مسقط بخصوص إعتقالات الحوثيين
  • لوحات ضخمة في أمريكا تدعو إلى وقف الإبادة الجماعية بحق أهالي غزة
  • روبوتيم وجاكوار والكلب الآلي.. لماذا فشلت الروبوتات الإسرائيلية أمام أنفاق غزة؟
  • مع من يجب أن نبحث وقف الحرب؟ و لماذا
  • إشارات إيجابية تقلل خطر توسع الحرب على لبنان والضمانات في الترتيبات المتبادلة
  • أمريكا نمر من ورق!!
  • اجتماع حزب الله بحماس.. لقاء تصعيد أم تهدئة؟
  • واشنطن بوست: الإدارة الأمريكية تصف التصريحات الإسرائيلية بشأن استئناف المفاوضات بـ«الانفراجة»
  • وسط تصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.. نصر الله يجتمع بوفد من حماس
  • وثيقة مسربة تكشف مخطط إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى مصر