هل دشنت زيارة أردوغان للقاهرة خطا جيوسياسيا جديدا في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
شدد الأكاديمي التركي وعضو هيئة التدريس بجامعة "إسطنبول ألتن باش"، إيراي غوتشلور، على اكتمال تأسيس خط جيوسياسي جديد في الشرق الأوسط في أعقاب تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر وما تلا ذلك من زيارة للرئيس رجب طيب أردوغان إلى القاهرة.
وقال غوتشلور في مقال نشرته صحيفة "أكشم" التركية، وترجمته "عربي21"، إن زيارة أردوغان إلى مصر بتاريخ 14 شباط /فبراير الجاري، تحمل معان أبعد من تطبيع العلاقات بين البلدين.
وأضاف أنه بهذه الزيارة تم تطبيع العلاقات التركية المصرية برفعها إلى المستوى المطلوب، وفي الوقت نفسه تم إنشاء خط جيوسياسي جديد على محور قطر، الإمارات، السعودية، مصر، وتركيا.
وشدد الأكاديمي التركي على أن هذا الخط الجديد يتضمن تعاونا مهما للغاية لمستقبل الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن "السبب الرئيسي لهذا التضامن الذي ظهر في الفترة الجديدة هو أن القوى الإمبريالية، وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا، تريد استغلال الشرق الأوسط من خلال تقسيمه إلى أجزاء أصغر، أي عن طريق تفتيته. وقد أدركت دول الشرق الأوسط هذا الأمر تماماً وأدركت أن هذا دورها".
وأوضح أن جذور هذا التشكيل الجديد الذي يغطي منطقة الشرق الأوسط تعود تقريبا إلى عام 2017، حيث بدأت السعودية والإمارات والبحرين ومصر فرض حظر اقتصادي على قطر في 5 حزيران /يونيو من ذلك العام، وقطعت جميع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بتهمة أنها "تدعم الجماعات الإرهابية" ولها علاقات وثيقة مع إيران.
وفي هذه الفترة بالذات، وفقا للأكاديمي التركي، يمكن اعتبار مساعدة تركيا لقطر في كسر الحصار من خلال إنشاء جسر جوي، بداية لعملية جديدة في الشرق الأوسط. ولاحقا، وعلى الرغم من حادثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وصلت العلاقات المتطورة مع السعودية إلى ذروتها بتوقيع صفقة أسلحة بقيمة 3 مليارات دولار تقريبا.
ولفت إلى أنه بالنظر إلى أن صادرات تركيا الدفاعية في عام 2023 بلغت نحو 5.5 مليار دولار، فيمكن أن نفهم بشكل أفضل مدى أهمية صادرات الأسلحة إلى السعودية.
وتابع بالقول: "ومع ذلك، أستطيع أن أقول بسهولة أن هذه مجرد البداية وسيكون هناك المزيد في المستقبل. على سبيل المثال، تطلب الرياض العديد من المنتجات الدفاعية من أنقرة، وخاصة دبابة ألتاي".
كما مهدت العلاقات المتقدمة بين تركيا والإمارات الطريق أمام التعاون في العديد من المجالات بين البلدين، لاسيما في مجال الصناعة الدفاعية، إذ تعد أبو ظبي الدولة الثانية بعد قطر التي صدرت إليها تركيا أكبر عدد من الأسلحة في الفترة 2018-2022، حسب مقال الأكاديمي التركي.
ورأى الكاتب أن الحوار مع مصر، الذي بدأ بدء بعد 12 عاما، أرسى الأساس للارتقاء بالتشكيل الجيوسياسي في المنطقة إلى مستويات أعلى. فضلا عن هدف زيادة حجم التجارة مع مصر إلى 15 مليار دولار خلال هذه الزيارة، فإن المفاوضات تستمر بشأن توريد العديد من أنظمة الأسلحة التي تريدها مصر، مثل السعودية، من تركيا.
وشدد الكاتب على أن الصناعة الدفاعية التركية أداة مهمة للغاية يمكن لتركيا استخدامها في تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة، مؤكدا أنه بهذه الطريقة، يمكن تنفيذ السياسة على طول خط سلمي ومناهض للإمبريالية. ومع ذلك، فإن حقيقة أن مصر وتركيا جارتان أيضا عن طريق البحر تمهد الطريق لتطوير علاقاتنا بأبعاد مختلفة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية الشرق الأوسط تركيا أردوغان مصر مصر الشرق الأوسط تركيا أردوغان غزة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
اهتمت وسائل إعلام عبرية بتصريحات رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، والتي تحدث فيها عن حق "إسرائيل" في الوجود، وحقها في الدفاع عن نفسها، رغم عدم إدانته لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر لعام 2023، ودعمه الثابت للشعب الفلسطيني، وإدانته للإبادة الجماعية في غزة.
وقال الباحث في معهد ترومان بالجامعة العبرية غيورا أليراز إنّ "إجابات إبراهيم جاءت مفاجئة، لأنه أعلن معارضته لكل أشكال العنف، ملمحا إلى أن خطابه يمحو عقودا قبل السابع من أكتوبر، ويتجاهل محنة الفلسطينيين منذ نكبة 1948، ويغمض عينيه عن تاريخ الاستعمار ويغفر له حتى الإبادة الجماعية".
وتابع ترومان في ورقية بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب وترجمته "عربي21": "ينبغي أن نعرف إذا ما كانت تصريحات إبراهيم مجرد تمرين للعلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموحا للتدخل في الشرق الأوسط، أو ربما علامة أولية على تغيير في الاتجاه نحو إسرائيل (..)".
وذكر أنه "من المفارقات أنه عندما انتُخب إبراهيم رئيسا للوزراء أواخر 2022، بعد مسار سياسي طويل، كان من المتوقع أن يخفف من سياسة ماليزيا الصارمة تقليديا تجاه إسرائيل، بزعم أنه لم يشارك في حدة الخطاب المعادي لها على مدة عقود من الزمن، بعكس سلفه الراحل مهاتير محمد".
ولفت إلى أنه "في مواقف سابقة لإبراهيم نستحضر كلمات قالها في مقابلة عام 2012 مع صحيفة وول ستريت جورنال، عندما كان زعيماً بارزاً للمعارضة بأنه يؤيد كل الجهود لحماية أمن دولة إسرائيل، وأكد في الوقت نفسه التزام بلاده العميق بالقضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حل الدولتين، وأن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مشروط باحترامها لتطلعات الفلسطينيين، وحينها لم تتأخر الانتقادات اللاذعة من خصومه السياسيين بسبب تصريحاته غير العادية بشأن قضية أمن تل أبيب، وظلّت ترافقه".
ونوه إلى أنه "هذه المرة أيضا سمعنا انتقادات بعد تصريحاته الأخيرة، لأنها انتشرت على نطاق واسع في شكل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يبدو أنها كانت هذه المرة محدودة نسبيا من حيث النطاق والشدة، حيث ردّ على المنتقدين، متهماً إياهم بخداع الرأي العام، استناداً لمقطع فيديو تم تحريره، وإخراج بعض كلماته من سياقها، مؤكدا أنه لم يتغير شيء؛ وستظل ماليزيا ملتزمة بدعم فلسطين، وحديثه هنا باللغة الماليزية، مجددا تصريحاته القاسية ضد تل أبيب".
وبحسب رئيس الوزراء الماليزي، "من يسأل هل أن إسرائيل موجودة، سيكون الجواب نعم، هي موجودة، لكن ماليزيا لم تعترف بها قانونيا قط، بل فقط بوجودها كحقيقة واقعة، بدليل عدم وجود علاقات دبلوماسية معها، ومن وجهة نظره فالموضوع مغلق".
لكن الباحث الإسرائيلي قال إن "تصريحات إبراهيم تزامنت مع نشر مقال صحفي لكاتب عمود محلي من أصل هندي في ماليزيا، تحت عنوان "لماذا أؤيد موقف أنور إبراهيم بشأن حق إسرائيل في الوجود"، ما يكشف عن حقيقة المواقف السائدة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بين الأقليات التي تشكل 40% من سكانها، أكبرها الصينيون، يليهم الهنود".
وزعم الكاتب الهندي، وفق القراءة الإسرائيلية، أنه "يتحدث باسم جميع غير المسلمين في ماليزيا، لأنهم، بشكل عام، وعلى عكس المسلمين فيها، ليس لديهم رأي سلبي تجاه دولة إسرائيل، أو رأي إيجابي للغاية تجاه فلسطين، وينظرون للطرفين كدولتين في حالة حرب، مثل أوكرانيا وروسيا، ونرى "نحن غير المسلمين" أن الحرب في الشرق الأوسط حرب خارجية، لا نريد المشاركة فيها، وعندما نرى اعتقاد المسلمين الصادق بأن الحق مع فلسطين، وأن إسرائيل هي الشريرة، فهم يتخذون هذا الموقف من منطلق التعاطف مع الفلسطينيين".
وأشار أننا "نحن غير المسلمين في ماليزيا" نفهم رغبة المسلمين بأن تلعب بلادنا دوراً أكثر نشاطاً لدعم الفلسطينيين في الصراع، مع أنها فعلت الكثير فيما يتصل بالحرب في الشرق الأوسط، ولكن لأن وضع المسلمين أكثر إثارة للقلق، فإن ماليزيا ليست مضطرة للمشاركة في الحرب باختيار الجانب الأضعف ضد الجانب الأقوى بكثير، وهي إسرائيل، لأننا لسنا متأكدين من الصحيح ومن المخطئ، ولا يمكننا أن ندعم رغبات الفلسطينيين إلا إذا اعتزموا أن يروا ماليزيا وسيطًا للسلام في الصراع".
الكاتب الاسرائيلي يعود ليعتبر أن "كلمات رئيس الوزراء إبراهيم، التي يتفق فيها على أن لدولة إسرائيل الحق بالوجود، والدفاع عن النفس، نقطة انطلاق صحيحة لماليزيا، ما يستدعي التوضيح أن التماهي السياسي والعاطفي مع القضية الفلسطينية، الذي يتسم بقوة في الخطاب السياسي والعام في ماليزيا، يبدو متشابكاً مع البناء القديم للهوية الوطنية لدى أغلبيتها المسلمة التي تزيد عن 50% من السكان، بما من شأنه حشد الشعور بالتضامن الإسلامي الشامل، ومثل هذا البناء تضمن أيضًا نغمات معادية لإسرائيل والغرب والاستعمار، لكنه قد يعتبر مشكلة كبيرة من وجهة نظر الأقليات فيها".
وزعم أن "هذه الأقليات الماليزية قد لا تكون الوحيدة التي تشعر حالياً بعدم الرضا عن وضع بلادهم في ضوء حرب غزة الأخيرة، ناقلا عن أحد باحثي الشؤون الماليزية الذي ينقل عن جماعات المجتمع المدني وشخصيات المعارضة استياءهم من موقف الحكومة تجاه حماس، ومخاوفهم من أن يضرّ بمصالح الدولة، بزعم أن تمويل حماس من قِبَل المنظمات الماليزية المؤيدة للفلسطينيين قد يعرضها للعقوبات من قِبَل الغرب".
واستدرك بالقول إن "تصريحات إبراهيم غير العادية بشأن دولة إسرائيل يمكن أن تكون موجهة للخارج والساحة الدولية، لإصلاح صورته في الغرب، وتخفيف التوتر في علاقاته بالولايات المتحدة بسبب اتصالات بقيادة حماس، ويسعى لتجنب الضغوط نظرا لعلاقاته معها، والإشارة أن بلاده شريكة بجهود السلام في الشرق الأوسط، وتتخذ موقفا داعما لجهود السلام من خلال الاتصال بالجسم السياسي للحركة، دون تدخل بأنشطتها العسكرية، زاعما أن علاقاته بها يمنحه ميزة بمحاولة تحقيق السلام في الشرق الأوسط".
وزعم أنه "في الممارسة العملية، فإن خطاب إبراهيم يصرخ بالتناقضات؛ خاصة صمته المطبق إزاء هجوم حماس الدموي في السابع من أكتوبر، مقابل الصراحة الكبيرة بإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعوته على منصة القمة العربية الإسلامية في الرياض لبناء إجماع يحمل المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة ضد دولة الاحتلال، وصولا لطردها من الأمم المتحدة".
وختم بالقول إننا "سنضطر للانتظار حتى نفهم ما إذا كانت التصريحات غير العادية لإبراهيم التي مجرد حادثة عابرة، أو تمرين في العلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموح للانخراط في الشرق الأوسط، أو ربما إشارة أولية لتغيير في الاتجاه".