ثقافة وفن، أمير الشعراء أحمد شوقى أول صانع للنجوم فى العالم العربى،أمجد مصطفى يكتب المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة 46 الأب الروحى لموسيقار .،عبر صحافة مصر، حيث يهتم الكثير من الناس بمشاهدة ومتابعه الاخبار، وتصدر خبر أمير الشعراء أحمد شوقى أول صانع للنجوم فى العالم العربى، محركات البحث العالمية و نتابع معكم تفاصيل ومعلوماته كما وردت الينا والان إلى التفاصيل.

أمير الشعراء أحمد شوقى أول صانع للنجوم فى العالم العربى

أمجد مصطفى يكتب: المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة «46»

الأب الروحى لموسيقار الأجيال.. غنت له أم كلثوم 10 قصائد

لماذا تمنى «شوقى» وفاة «عبدالوهاب»؟

أسماء أكدت أن مصر هى قِبلة الغناء والفن منذ عصر الجدود وأنها دولة الطرب، من هنا تعلم العالم معنى كلمة السلطنة فى الغناء، ومن هنا بدأت الأجساد تتمايل طربًا، بجمل موسيقية تقشعر لها الأبدان، مصر هى قِبلة الغناء العربى، هى دولة الملحنين والمطربين، هى رائد التجديد ومنبع المجددين فى الموسيقى والغناء، لم تمر فترة زمنية إلا ويخرج منها أستاذ أو أستاذة يرفع الجميع له أو لها القبعة، هنا ولد رائد وفارس التجديد سيد درويش، وهنا ولد محمد القصبجى وعبدالوهاب والسنباطى، الذين توارثوا الموسيقى والغناء عن الشيخ المسلوب، وسلامة حجازى ومحمد عثمان وكامل الخلعى. هنا أرض الكنانة والمكانة.

مصر هى الشريان الذى قام بتغذية العالم العربى بكل حرف وجملة موسيقية، هنا القاهرة التى منحت الجميع شهادة الاعتماد، والارتباط بالجمهور، هنا الإذاعة المصرية التى حملت عبر أثيرها مهمة تقديم الأصوات والنغم الشرقى الأصيل، ومهما ظهرت من زوابع داخل الوسط الغنائى وظهر الهاموش والناموس، والذباب، لن يضيع تاريخنا الغنائى، بل إن هذه الزوابع كلما ظهرت تذكّرنا ماضينا الجميل.

فى حلقات سابقة ذكرنا أن مصر فنانة منذ 7 آلاف سنة، فى الجزء الأول قدمنا بانوراما عن الفن المصرى بصفة عامة، وريادته، وفى الجزء الثانى خصصناه لتاريخ مصر الغنائى من قدماء المصريين حتى مشايخنا فى العصر الحالى.

كما واصلنا تقديم تاريخنا فى عالم التلحين، وما أكثر ما قدمت مصر للعالم العربى من ملحنين، لذلك فالجزء الخاص بالملحنين سوف نواصل الكتابة عنه لعدة أجزاء، حتى نعطى هؤلاء الرواد حقهم الطبيعى.

تحدثنا فى «المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة» عن ريادتنا بصفة عامة فى الموسيقى والغناء والسينما والدراما والإعلام والمسرح، والأوبرا وأكاديمية الفنون، ثم بدأنا فى حلقات تالية نتحدث بتوسع أكبر، عن كل مجال، من المجالات، تحدثنا عن الموسيقى من عهد قدماء المصريين، مرورًا بدور الترانيم القبطية، فى الكنائس والموالد الشعبية حتى وصلنا إلى عصر المشايخ، تناولنا الملحنين من الشيخ المسلوب مرورًا بسلامة حجازى وسيد درويش وعبدالوهاب والسنباطى وزكريا أحمد والقصبجى، استكملنا مسيرة الملحنين فى النهوض بالأغنية المصرية والعربية، بما يؤكد أننا فى مصر دولة الإبداع والمبدعين، وأن عمر بعض فنانينا أطول من أعمار دولة بأكملها. وأن إبداعهم ربما يكون أكثر تأثيرًا من دول كثيرة.

مصر الفن والفنانين، أقدم دولة عرفها التاريخ وعرفت الفنون بكافة أشكالها، مصر التى سطرت أهم سيناريوهات العرب، فى السينما والدراما، وأهم من كتبت النوتة الموسيقية وأهم من قدمت عازفين وملحنين وشعراء، مصر الطرب الأصيل والنغم المشبع بالموهبة، مصر تواصل الأجيال، وشموخ الجبال، وكبرياء الإنسان، مصر أقدم لوحة فنية وأقدم فنان.

كما رصدنا حكايات أخرى من سلسلة «المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة» عن نجوم الفن المصرى الذين انتقلوا إلى الحياة فى أوروبا، وكذلك نجوم الفن الشعبى والفن النوبى وآخرين.

اليوم نواصل الكتابة عن فرع جديد من أفرع الأغنية ألا وهو شعراء الأغنية، كما تناولنا الملحنين والمطربين اليوم نبدأ بأمير الشعراء، أول صانع للنجوم، أحمد شوقى.

لم يكن أمير الشعراء مجرد شاعر كتب مجموعة من القصائد بعضها تحول إلى قصائد مغناة وبعضها دواوين شعرية، لكنه كان بمثابة معلم وأستاذ للأجيال التى جاءت بعده، وبعيداً عن إبداعه الشعرى الذى جعل شعراء جيله ينصبونه أميراً لهم، فهو بلغة عصرنا أول صانع للنجوم، هو الذى أخذ بيد أمير الغناء الأول وموسيقار الأجيال، وعمل على تحويله من مجرد مطرب يغنى فى بعض المسارح وصلات غنائية إلى مدرسة غنائية مستقلة بذاتها، فتح عينه على أن الغناء ليس مجرد أغنية تغنى، لكن على المطرب أو الملحن أن يكون مثقفاً ومفكراً وشاعراً وفيلسوفاً، وسياسياً دون أن يعمل بالسياسة، وعالماً إن لزم الأمر، لذلك كان يضع عبدالوهاب مع أهم المثقفين والسياسين داخل صالون واحد أو على مائدة واحده،لذلك أصبح عبدالوهاب هو موسيقار الأجيال وأصبحت أعماله هى المرشد لكل الأجيال التى جاءت بعده، أحمد شوقى أثبت أن المطرب ليس صوتاً يغنى أو موهبة فقط، فقد أكد أن ثقافة المطرب تساوى موهبته، فكم من المواهب ضاعت وذهبت مع الريح نتيجة الجهل وعدم الثقافة، ضاعت لأنها لم تجد المعلم والأستاذ، ثقافة المطرب هى التى تدفعه لاختيار الكلمة واللحن، شوقى اصطحب معه عبدالوهاب إلى أوروبا وهناك كان حريصًا أن يطلعه على ما وصل اليه الغرب فى الغناء بشقيه الاوبرالى والغناء التقليدى، لذلك كان عبدالوهاب سابقاً عصره، والفضل يعود إلى صانع النجوم الاول فى الوطن العربى احمد شوقى. ولهذا الشاعر الكبير تجربتان مع اثنين من عظماء الغناء الأول عبدالوهاب وأم كلثوم.. إلى رحلة شوقى ولد أحمد شوقى بحى الحنفى بالقاهرة فى 20 رجب 1287 هـ الموافق 16 أكتوبر 1868، لأب شركسى وأم يونانية تركية، وفى مصادر أخرى يذكر أن أباه كردى وأمه من أصول تركية وشركسية، وبعض المصادر تقول إن جدته لأبيه شركسية وجدته لأمه يونانية.

وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة فى قصر الخديو إسماعيل، تكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها فى القصر. وعندما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، حفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء قراءة وحفظًا، ومن هنا بدأ نبوغه الشعرى يتدفق ويظهر للعلن.

فى سن الخامسة عشرة التحق بمدرسة الحقوق، وذلك سنة (1303هـ/1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذى كان قد أنشئ بها حديثًا، وفى هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر استاذه الشيخ محمد البسيونى، ورأى فيه مشروعًا لشاعر كبير.

سافر إلى فرنسا على نفقة الخديو توفيق، وقد حسمت تلك الرحلة الدراسية الأولى منطلقات شوقى الفكرية والإبداعية، وخلالها اشترك مع زملاء البعثة فى تكوين (جمعية التقدم المصرى)، التى كانت أحد أشكال العمل الوطنى ضد الاحتلال الإنجليزى. وربطته حينئذ صداقة حميمة بالزعيم مصطفى كامل، وتفتح على مشروعات النهضة المصرية.

طوال إقامته بأوروبا، كان فيها بجسده بينما ظل قلبه معلقًا بالثقافة العربية وبالشعراء العرب الكبار وعلى رأسهم المتنبى. لكن تأثره بالثقافة الفرنسية لم يكن محدودًا، بل تواصل معها، وتأثر بالشعراء الفرنسيين وعلى رأسهم راسين وموليير.

خلال فترة الدراسة فى فرنسا وبعد عودته إلى مصر كان شعر شوقى يتوجه نحو المديح للخديو عباس، الذى كانت سلطته مهددة من قبل الإنجليز، ويرجع النقاد التزام أحمد شوقى بالمديح للأسرة الحاكمة إلى عدة أسباب، منها أن الخديو هو ولى نعمة أحمد شوقى، وثانياً الأثر الدينى الذى كان يوجه الشعراء على أن الخلافة العثمانية هى خلافة إسلامية وبالتالى وجب الدفاع عن هذه الخلافة.

هذا الامر أدى إلى نفى الإنجليز للشاعر إلى إسبانيا عام 1915، وفى هذا النفى اطلع أحمد شوقى على الأدب العربى والحضارة الأندلسية هذا بالإضافة إلى قدرته التى تكونت فى استخدام عدة لغات والاطلاع على الآداب الأوروبية، وكان أحمد شوقى فى هذه الفترة على علم بالأوضاع التى تجرى فى مصر، فأصبح يشارك فى الشعر من خلال اهتمامه بالتحركات الشعبية والوطنية من أجل التحرير، وبدأ شعره يتجه ناحية مشاعر الحزن على نفيه من مصر، وعلى هذا الأساس وجد توجه آخر فى شعر أحمد شوقى بعيدا عن المدح الذى التزم به قبل النفى.

عاد شوقى إلى مصر سنة 1920 وكما كان سيد درويش المجدد والمتجدد الأول فى تاريخ الغناء العربى، كان شوقى كذلك فى عالم المسرح الغنائى، حيث جنح به إلى عالم جديد، يجمع بين الدراما والشعر، وهنا يكمن السؤال هل وجود شوقى فى أوروبا وانفتاحه على عالم فنى مختلف أثر فيه، بالقطع نعم، ولذلك عندما جاء، اصطحب معه مجموعة من الأفكار والأشعار التى كانت بمثابة حصاد الرحلة، رحلة الشقاء والإبداع والدراسة.

فى عام 1927، بايع شعراء العرب شوقى، أميراً للشعر، وبعد تلك الفترة تفرغ شوقى للمسرح الشعرى حيث يعد الرائد الأول فى هذا المجال عربياً.

سنة 1927 حين بويع أميراً للشعراء، رأى أن تكون الإمارة حافزاً له لإتمام ما بدأ به عمله المسرحى وسرعان ما أخرج مسرحية مصرع كليوباترا سنة 1927 ثم مسرحية مجنون ليلى 1932 وكذلك فى السنة نفسها قمبيز وفى سنة 1932 أخرج إلى النور مسرحية عنترة ثم عمد إلى إدخال بعض التعديلات على مسرحية على بك الكبير وأخرجها فى السنة ذاتها، مع مسرحية أميرة الأندلس وهى مسرحية نثرية.

شوقى وعبدالوهاب «المعلم والتلميذ»

اللقاء الأول بين أمير الشعراء وأمير المغنين محمد عبدالوهاب، كان عام ١٩١٥ ولم يكن سارّاً للفتى المطرب النحيل الذى كان يعمل مع فرقة عبدالرحمن رشدى.

وعندما صعد المسرح للغناء أثار ضعفه ونحوله وصغر سنّه عاطفة شوقى الذى كان يحضر العرض فطلب من «رسل باشا» حكمدار القاهرة أن يصدر أمراً بمنع السهر والعمل ليلاً لصغار السن.

 وقد ترك هذا الحادث جرحًا مؤلمًا فى روح عبدالوهاب الطموح والفقير إلى ذلك الدخل الذى كان يتقاضاه نظير غنائه وظهوره على المسرح.

وفى عام ١٩٢٤ الذى اعتبره عبدالوهاب بعد ذلك أسعد أعوام حياته، التقيا مرة أخرى. كان عبدالوهاب هذه المرة شاباً تجاوز العشرين.

شاءت الأقدار أن يستمع إليه فى حفل أقامه نادى الموسيقى الشرقى بفندق سان ستيفانو بالإسكندرية، وغنّى عبدالوهاب من أدوار محمد عثمان: «جددى يا نفس حظك» و«ملا الكاسات». 

وفى هذه المرة حاز إعجاب شوقى فاستدعاه إلى مقصورته وطلب منه أن يلتقى به فى القاهرة، وظلا على تواصل طوال ثمانى سنوات وانتهت برحيل شوقى سنة ١٩٣2.

لم تقف العلاقة بين شوقى وعبدالوهاب عند الإعجاب والصداقة بل تجاوزتهما إلى الرعاية الشاملة والتبنى. فقد أخذ شوقى على عاتقه مهمة تعليم وتثقيف صوت عبدالوهاب وتوجيهه. وظل عبدالوهاب تحت رعاية أمير الشعراء إلى آخر يوم فى حياته. حتى إنه أعد غرفة خاصة له فى كرمة ابن هانئ بالجيزة أطلق عليها اسم «عش البلبل». 

يدين عبدالوهاب لشوقى بمآثر كثيرة، وقد ذكر عبدالوهاب فى أحاديثه ولقاءاته الكثير منها. لعل أهمها أنه أخذ عن شوقى اهتمامه بتجويد فنه ودقته فى ذلك، واحترامه لإبداعه والإخلاص له وتقديمه على أولويات الحياة. وكذلك إحساسه بالكلمة والإلمام بأبعاد معانيها فضلاً عن تنمية تذوقه للفنون والآداب ومنها الرسم.

وقد صحبه لزيارة لمتحف اللوفر بباريس عام ١٩٢٧ وفتح عينيه هناك على الأوبرا والموسيقى العالمية. «لقد فتح شوقى الباب أمام عبدالوهاب على العلم والحضارة».

وعرف عبدالوهاب عن طريق شوقى عشرات الشخصيات المؤثرة والفاعلة فى تاريخ مصر والوطن العربى فى شتى مناحى الفكر والفن والأدب والسياسة، تعرف على سعد زغلول وأحمد لطفى السيد وطه حسين وإسماعيل صدقى وغيرهم. كان شوقى حريصاً على أن يضع عبدالوهاب أمام تلك الشخصيات.

يقول عبدالوهاب: «فتح القدر لى عن طريق شوقى مدارس لم يوفق إليها أحد». كما أرسله شوقى، نيابة عنه وتلبية لدعوة تلقاها، إلى الملك فيصل الأول ملك العراق عام ١٩٣١، وكان شوقى وعبدالوهاب التقيا الملك على السفينة خلال عودتهما من باريس عام ١٩٢٧، وقد نظم شوقى قصيدته الخالدة «يا شراعاً» ليغنيها عبدالوهاب فى زيارته تلك لبغداد، تعتبر من أجمل ما غنى به موسيقار الجيل،

العلاقة بين شوقى وعبدالوهاب جعلت الأخير ينتهج أسلوباً معتدلاً فى حياته الشخصية كما كان يفعل شوقى، بعكس ما كان يفعله فنانون آخرون، بمعنى أن عبدالوهاب كان حريصاً جداً فى كل تعاملاته الفنية والاجتماعية.

وامتد تأثير شوقى فى عبدالوهاب ليشمل العادات والسلوكيات التى ترسبت خلال المعايشة اللصيقة لثمانى سنوات، منها قلقه فى فترات الإبداع، وحرصه الشديد على الحياة والخوف من ذكر الموت، والنرجسية الجميلة النابعة من الإحساس بالقدرات الخارقة على الإبداع. وكذلك «الوسوسة» ذلك السلوك المرضى الذى عرف عن عبدالوهاب.

كان حب شوقى لعبدالوهاب كبيراً لذلك ولم يبخل عليه بعلمه وثقافته ودعمه له. فعندما هاجمته الصحف مرة نصحه بأن يضعها تحت قدميه ويقف عليها فترتفع قامته. وتمنّى يومًا أمامه أمنية غريبة: أن يموت عبدالوهاب ففزع، فقال له شوقى فيما تروى الروايات:

«حتى أكتب فيك أعظم قصيدة رثاء فأخلد بها أنا وتخلد أنت».. وقد بلغ حب شوقى له أن كتب له خصيصًا بالعامية أدواراً وأغانى ومونولوجات ومواويل كثيرة. ولم يكن شوقى ليتخلى عن الفصحى إلا ليتألق صوت عبدالوهاب وتحلق كلماته عبر حنجرة عبدالوهاب الذهبية.

غنى عبدالوهاب ستة وثلاثين نصاً لشوقى ما بين فصحى وعامية. وهذه النصوص وفق قوالب الغناء كالآتى:

سبع عشرة قصيدة فصحى، أربعة أدوار، ستة مونولوجات، طقطوقة واحدة، ثمانية مواويل.

ويأتى شوقى فى طليعة شعراء الفصحى الذين غنّى لهم عبدالوهاب.

يحتل شوقى المرتبة الرابعة بين المؤلفين الذين غنى لهم عبدالوهاب، حيث يسبقه فى عدد الأغنيات كلًا من: حسين السيد، أحمد رامى، مأمون الشناوى.

لحن عبدالوهاب سبع عشرة قصيدة من شعر شوقى: قدّم عشرًا منها حتى وفاة شوقى سنة ١٩٣٢، وسبعًا بعد رحيله انتقاها من الشوقيات، وتخيّر بعض أبياتها بما تقتضيه المناسبات المختلفة لتقديمها.

أضاف عبدالوهاب الكثير فى بعض هذه الألحان، أما بالنسبة إلى أعمال شوقى المكتوبة بالعامية، التى كتبها خصيصاً لعبدالوهاب حتى إنه كان يغير فى بعض كلماتها إذا أحس بثقل الكلمة خلال أدائه لها، فهذه الأعمال وعددها ١٩ مختلفة القوالب غنائيًا. وقد غناها عبدالوهاب كلها فى حياة شوقى باستثناء «النيل نجاشى» التى قدمها سنة ١٩٣٣ بعد عام من رحيل شوقى وأهداها إلى روح شوقى فى فيلمه «الوردة البيضاء». 

أم كلثوم 

أم كلثوم وشوقى

رغم متانة وقوة علاقة عبدالوهاب بأمير الشعراء، لكن أحمد شوقى كان حريصًا على التعامل والتعاون مع سيدة الغناء العربى أم كلثوم، وهناك قصص كثيرة جمعت الثنائى كما جمعتهما أعمال لا بأس بها.

لم تغن أم كلثوم لأمير الشعراء شوقى إلا بعد وفاته مع أنها عرفته شخصياً، ومدحها فى قصيدة.. ويبدو أن من أسباب ذلك وجود منافس شرس لها داخل قلب أمير الشعراء هو المطرب محمد عبدالوهاب.

ذكرت أم كلثوم مرة أنها التقت بشوقى فى أواخر أيامه.. وكانت أول مرة رأته فيها فى كلوب «سولت» فى شارع فؤاد القديم بجانب شيكوريل، وكان معه محمود فهمى النقراشى باشا والدكتور محجوب ثابت وقد دعاها إلى الغناء فى «كرمة ابن هانئ» منزله وذهبت مع والدها وشقيقها وغنّت ليلتها كما لم تغن من قبل، ورأت شوقى يتمايل طرباً ولكنه كان يقطع النشوة التى هو فيها ليختفى دقائق ثم يعود ساهماً.. ولم تكن أم كلثوم تدرى لماذا يختفى، فيهمس والدها فى أذنها: «إنه إلهام الشعر يجيئه فيقوم ليدوّن شيئاً ثم يعود»!

وعن تلك الليلة كتبت السيدة لوتس عبدالكريم فى مقال لها قالت..

دعا أحمد شوقى (أمير الشعراء) أم كلثوم إلى داره بالجيزة «كرمة ابن هانئ» على النيل، لتقدم أمسية غنائية، وغنت أم كلثوم أغنية «اللى حبك يا هناه يا نعيمه يا شقاه»، وقد كتبها الشاعر أحمد رامى ولحنها الموسيقار زكريا أحمد، وبعد انتهاء وصلة الطرب الأولى، أخذ أحمد شوقى أم كلثوم من يدها، وصحبها إلى مكتبه، وسُمِعَ صوت أم كلثوم وهى تصيح: لا مستحيل، لا يمكن أبداً، ثم تقول: إنك تهيننى فى بيتك، هذا عيب.

وتقول أم كلثوم إن سبب هذا الغضب هو أن أحمد شوقى أراد أن يعطيها مظروفاً به نقود أجرًا على غنائها، وقد جاءت إلى منزله كصديقة وليست كمطربة، ولكن أحمد شوقى يقول إنه قصد من إعطائها هذا المبلغ أن يدفع لها أجر الموسيقيين وأعضاء التخت، لكنها قالت: إنها ستدفع لهم، وأكملت السهرة، وغنت الوصلة الثانية «هو دا يخلص من الله القوى يذل الضعيف»، وأخرج أحمد شوقى من جيبه علبة سجائر وقلماً صغيراً، وكتب بضع كلمات على علبة السجائر، واندمج مع الغناء وعاد يكتب كلمات أخرى.

وفى اليوم التالى فوجئت بأحمد شوقى بك يزورها فى منزلها، ويقدم لها مظروفاً مغلقاً، وثارت أم كلثوم قائلة: لقد حاولت أن تهيننى فى بيتك أمس، وجئت اليوم لتهيننى فى بيتى، فابتسم شوقى، وقال لها: افتحى المظروف قبل أن تغضبى، فقالت له سأمزِّق المظروف، فرد شوقى: هذه ليست فلوس، إن هذا وصفى لك وأنت تغنين، وفتحت أم كلثوم المظروف؛ فوجدت فيه أكبر أجر تلقته فى حياتها عن حفل غنائى أقامته، وهى قصيدة: «سَلوا كؤوسَ الطِلا هل لامَسَتْ فاها».

وألح عليها الشاعر أحمد رامى أن تغنيها، وكانت ترفض وقتذاك؛ لاعتقادها أن أحمد شوقى من حزب محمد عبدالوهاب، وكان هناك حزبان فى ذلك الوقت، حزب لعبدالوهاب، وثان لأم كلثوم، ففى بداية الأمر كان أحمد رامى من حزب عبدالوهاب إذْ كانا صديقين على مدى طويل، ثم يعودان ويتسلَّل رامى تحت السرير ليكتب شعره، بينما محمد عبدالوهاب يدندن بجواره أرضاً، وقد اعترف عبدالوهاب قائلاً: لقد تعلمت البوهيمية من أحمد رامى.

ثم اتجه أحمد رامى إلى أم كلثوم، وارتبط محمد عبدالوهاب بأحمد شوقى لسنوات طويلة، وانتهى الأمر بافتتاح أم كلثوم بقصائد شوقى لتغنيها حتى وفاة أحمد شوقى، فاتجهت إلى شعر الدعاء:

(سَأَلتُ اللهَ فى أَبناءِ دينى

فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لى أَجابا

وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ

إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا).

وفى الأربعينيات من القرن الماضى بعد موت أحمد شوقى بدأت تقرأ شعره، فقرأت قصيدة «سلوا قلبى» ثم بعض أبيات عن السودان، ثم قصيدة الهمزية، واختارت الأبيات التى تبدأ بـ «وُلِدَ الهدى...»، ونجحت قصائد أحمد شوقى نجاحاً كبيراً. معها وذات يوم دُعيت أم كلثوم لتناول الغداء فى مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية بدعوة من الدكتور بهى الدين بركات، وفى الطريق تمهل السائق؛ ليعبر الطريق جماعة من الفلاحين مع دوابهم، وصاحت أم كلثوم فى السائق: قف مكانك لا تتحرك، وأشارت إلى فلاحٍ يجر خلفه جاموسة، ويغنى قصيدة «سلوا قلبى»، استمعت إليه باهتمام رغم كآبة صوته، ولكنها طربت له، وقالت: كنت أتمنى أن يعيش شوقى ليسمع شعره يتغنى به الفلاحون المصريون فى حقولهم، فقد كان يقول: إن شعره لا يفهمه إلا المثقفون والأدباء.

غنت أم كلثوم لشوقى عشر قصائد هى بالترتيب: الملك بين يديك فى عام 1936م.. وبعد هذا التاريخ بعشر سنوات غنت لشوقى ست قصائد: ولد الهدى، وفى الأرض شر مقاديره (من قصيدة السودان)، ريم على القاع من قصيدة نهج البردة، سلوا قلبى، سلوا كؤوس الطلى، ثم اتعجل العمر.

وفى عام 1949 غنت أم كلثوم لشوقى: من أى عهد فى القرى تتدفق (من قصيدة النيل).. ثم اختتمت هذه الرحلة مع أمير الشعراء فى عام 1969م حين غنت قصيدة «إلى عرفات الله».

المصدر: صحافة العرب

كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس أم کلثوم فى عام لم یکن

إقرأ أيضاً:

مغنون بلا أغنية .. أصوات تصنعها المصادفة والميديا

أصوات كثيرة ولدت أو على أقل وصف اشتهرت خلال الأشهر الماضية، إما بفعل برنامج تليفزيونى، أو بمشاركة أحد النجوم أغنية هنا أو هناك، لكن السؤال الذى يفرض نفسه، هذه الأصوات فرضت نفسها فعرفتها الجماهير، لكن هل يمكنها أن تؤرخ لنفسها بأغان جديدة ذات قيمة فنية، إننا حقاً أمام مشكلة غنائية كبرى تولدت عبر السنوات الماضية، وهى أنك تعرف مغنياً بلا أغنية، وذلك أن شهرته على «السوشيال ميديا» بسبب مقطع ما أو حفلة غنى فيها أغنية لأحد المشاهير من رواد الغناء، أو شارك مطرباً شهيراً معاصراً «كليب» ما أو حفلة ما، نماذج ذلك كثيرة لكن من بينها المطربة أسماء لمنور التى عرفتها منذ وصولها القاهرة قادمة من المغرب وألتقينا معاً بنقيب الموسيقيين حلمى أمين، وكان ذلك أيام شغله لهذا المنصب، وسهل لها الغناء فى القاهرة، وبعدها شاركت المطرب «كاظم الساهر» قصيدة «المحكمة» وكذلك الأمر مؤخراً مع المطربة، سهيلة بهجت التى شاركت أيضاً كاظم فى حفله الأخير بمصر، وقد التقيت أيضاً بسهيلة وكان حاضراً بيننا الموسيقار هانى شنودة وغنت لنا رائعة عبدالوهاب وأم كلثوم «دارت الأيام» وأعجبنا بأدائها، وما بين أسماء لمنور وسهيلة بهجت، ظهر صوت المطربة «بلقيس» صاحبة الأداء المبهر، لكن الخليج أخذها، وهى ابنة الملحن الفنان وعازف العود الكبير أحمد فتحي، وقد ظهرت عبر التاريخ الغنائى القريب والبعيد نماذج كثيرة لأصوات ظهرت واشتهرت بأغنية أو بفعل برنامج أو لقاء أو تصريح صحفى، ثم لا نسمع إبداعاً لهم، لتتردد أسماؤهم فترة وجيزة من الزمان لتأتى أسماء لمطربين جدد يفعلون نفس الفعل، يشتهرون بموقف أو ربما بأغنية، وتتواصل ساقية الغناء والشهرة بهذا الشكل.

ومن بين نماذج تلك الأصوات التى اشتهرت بأغنية واحدة تقريباً عاشت أصواتهم بفعل شهرة لا بفعل غناء، صوت المطربة هدى زايد أو هدى السنباطى أو حتى الفنان سعد عبدالوهاب الذى لم نسمع له ألحاناً أو غناء بعد ما قدمه عمه عبدالوهاب بألحان ولحن هو لنفسه بعض الألحان، ثم ظل أكثر من نصف قرن لا نسممع له غناء جديداً، رغم أنه قال لى قبل رحيله إنه يمتلك العديد من الألحان الجديدة لحنها لنفسه لم تظهر للنور ولم يسجعلها، وكما كان الأمر مع المطرب كمال حسنى الذى غنى «غالى عليه» من ألحان الموجى وكان منافساً للفنان عبدالحليم حافظ، وما بين الماضى والحاضر ظهرت أسماء لمطربين ومغنين اشتهروا أكثر ما اشهرت له أعمالهم، ولعلنا هنا نجيب على سؤال من هو المغنى؟!.. هو لا شك الذى يغني، فإن لم يغنى المغنى أعمالاً يسجلها فى قائمة الشرف والجمال الغنائى فلا يكون مغنياً، إنما هو صوت خارج نطاق الخدمة، وفى انتظار تفعيله ليعرفه الناس بأعماله أكثر مما يعرفونه باسمه أو بشكله أو بمجرد أغنية أو مشاركة.

مقالات مشابهة

  • مغنون بلا أغنية .. أصوات تصنعها المصادفة والميديا
  • السفير عبد الله الرحبي: العربية لغة كتاب مقدّس وشارة هوية ولسان ثقافة
  • السفير الرحبي : العربية لغة كتاب مقدّس وشارة هوية ولسان ثقافة
  • « اتحقق قبل ما تصدق » ندوة تثقيفية لمواجهة الشائعات بقاعة أم كلثوم فى السنبلاوين
  • ‏أحمد الشرع يدعو أمير قطر لزيارة سوريا
  • مهرجان القيروان للشعر العربي يختتم فعاليات الدورة التاسعة
  • بوب ديلان: الصوت الذى شكّل ثقافة الستينيات
  • ثورة الشباب العربى بين المسارين الأصلى والمصطنع ومحاولات إجهاضها بين الإسقاط العنيف والهبوط الناعم
  • الزناتى: جمال سليمان علامة مضيئة فى الفن العربى ونموذج مشرف للفنان المثقف الواعى
  • الزناتى: جمال سليمان علامة مضيئة فى الفن العربى