"عدد الضحايا المدنيين صفر" تصريح لمستشار الأمن القومي الأمريكي كيربي جاء مستفزّا للصخر ولكل من كان له ذرّة من ضمير، هكذا بكلّ صلف وصفاقة يقول إن عدد ضحايا المدنيين في غزّة صفر؛ هذا بالطبع بعدما قارب الثلاثين ألفا معظمهم من النساء والأطفال.
وقد استُخدمت أسلحة قنابل وصواريخ أمريكية ثقيلة بكلّ ضراوة، وكان أغلبها في تدمير العمارات السكنية فوق رؤوس ساكنيها باستخدام، فكيف لهذه الأسلحة التي اعترفوا بأنها غير ذكيّة أن لا تقتل مدنيين؛ والحرب تدور رحاها في أماكن مكتظّة سكنيّا.
لو اعترف كيربي بقتل مدنيين لثبت بأنهم مشاركون في هذا القتل، لذلك فإن الكذب هو أحسن وسيلة لإنقاذ رقبتهم من حبل المشنقة.
ومن الصفاقة بمكان أن يذهب إلى هذه الدرجة في الإنكار، فقد كان بإمكانه وحتى يصدقه الناس مثلا أن يقلّل من الأعداد أو أن يشكّك بصحّتها ويذهب إلى أنها تحتاج إلى تحقيق، أمّا أن يُنصّب نفسه لجنة تحقيق ويعتبر نفسه أنه قد قام بالتحقيق ووصل إلى هذه النتيجة، أو أنه قد اعتمد مصدرا موثوقا لهذه المعلومة مثلا، أو أن يرمي بإفكه وافترائه بهذه الجرأة على دماء الناس، فهو أشد فتكا من الذي قتلهم، فذاك قتل وجاء هذا ليخفي الدم والالم. ولا نتحدّث هنا عن دماء بسيطة، وإنما هو نهر من الدماء لشعب ظُلم كثيرا وحمل جبالا من الآلام بعد أن أوقعوا عليه نكبتهم وسارت بهم منذ 75 سنة من شتات إلى شتات ومن مذبحة إلى مجزرة.
ولنا أن نسأل أنفسنا: كيف يفكّر هذا المخلوق؟ ما هي الثقافة التي بنت هذا الإنسان؟ عندئذ ندرك أنه بالفعل لم ير الإنسان المذبوح لأنه لا يعتبره إنسانا بأيّ شكل من الأشكال، فهو سلالة أمّة قامت على أنقاض أمّة سبقتها وكانت تشكّل السكان الأصليين لبلده.
جاء الرجل الأبيض الذي يشبه سحنة هذا المستشار فأباد مائة مليون من الهنود الحمر وبنى بنيانه على جماجم وعظام ذاك الشعب المسحوق.. جاء رجل الكابوي الذي أظهرته هوليود بالبطل الخارق الذي لا يكتفي بمسدس واحد بل يحمل اثنين ويتفنّن في قتل أولئك المتخلفين! الذي تفضّل على البشرية بقتلهم وإبادتهم.. هذا الكيربي الآن هو ذات رجل الكابوي، جاء اليوم ليتفنّن في تجلياته وفبركاته الدعائية ليتفانى فيها في خدمة الجلاد المحتل وتبرأته من كل جرائمه، ويستخفّ بعقول البشر وهو غير بعيد عن الحروب التي أشعلوها العالم منذ فيتنام وأمريكا الجنوبيّة وأفغانستان والعراق والصومال.. الخ، في أي بقعة في الأرض وصلها قتلهم وفسادهم بأيديهم مباشرة أو بأيدي حلفائهم ورضي بأن يكون أداة رخيصة لهم كما هو الحال مع هذه الدولة اللقيطة.
هذا البوق الجميل في داخله قلب ذئب مفترس ويجيد وجهه الظهور والتشكّل بوجه حمل وديع، يحمل لسانا ذلقا يدور بالأشياء ويسوقها إلى حيث يريد المستعمر، يتفلسف ويشقلب الكلمات ويرسيها في غير أماكنها الصحيحة، يخرج منها سمّا قاتلا، وينثرها ذات اليمين وذات الشمال.. فروة رأسه سميكة جدا، لا يسمع ولا يرى ولا يعقل إلا بما يمليه عليه أسياده بنو صهيون، قائم على خدمتهم ومستعد للعق أحذيتهم؛ إذ يرى الحق أبلجا فيلقي عليه شباكه السوداء ويعيد القول أسود لا بياض فيه، يكفي لكلمة الحق أن تمرّ في قلبه فتصبح رمادا أسود جاهزة لذرّها في وجوه المنافقين.
سيّدي الأبله بحركاتك الساذجة، حريّ بك أن تجد لنفسك مكانا في صناعة السينما الأمريكية، في هوليود سيجدون فيك دمية قادرة على التشكّل حيث أرادوا، هناك أفلام تنتَج خصّيصا للترويج لثقافة المستكبرين، ستجد لك فيها مكانا مرموقا وستشتهر أكثر في هذا الميدان الذي ظلمك من وضعك فيه كثيرا.. في التمثيل تستطيع أن تقتل أكثر، أن تكذب أكثر، أن تصنع إثارة بطريقة أفضل وتقوم بدورك خير قيام.
نقول له لن تخدع بكلامك الأسود أحدا إلا من هم على شاكلتك، ستبقى أنت ومن تمثّل ومعكم الدول المستكبّرة في مواجهة العالم كلّه، لقد سقطت منظومة القيم التي صدّعتم فيها رأس البشرية، سقطت سقوطا مدوّيا ولم يعد هناك من يأبه بها أو يقيم لها وزنا، ومن هناك في غزّة حيث وقع ظلمكم ستنطلق قيامة منظومة قيم إنسانية لا تشبهكم ولا تشبهوها أبدا بل هي على النقيض التام معكم، اعلموا أن فلسطين هي ملتقى الحضارات ولن تذوب في سياساتكم الضالة أبدا، وستبقى شوكة في حلقكم وحلق من طاف في فلككم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل امريكا غزة مجازر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
كتلة الحوار: مراجعة المدرجين بقوائم الكيانات الإرهابية خطوة هامة لتحسين المناخ الحقوقي
أشاد الدكتور محمد عبد المجيد، نائب رئيس كتلة الحوار، بقرار محكمة الجنايات برفع أسماء 716 شخصًا دفعة واحدة من قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين بناءً على طلب النيابة العامة، قائلا: القرار يمثل خطوة إيجابية كبيرة، ليس فقط في إطار تحسين المناخ الحقوقي في مصر، بل أيضًا في تعزيز صورة الدولة ككيان يحترم القانون ويسعى لتحقيق التوازن بين حماية الأمن القومي وضمان حقوق الإنسان.
وأكد عبد المجيد، في بيان له، أن هذا التوجه يظهر وعيًا سياسيًا عميقًا بأهمية الإصلاح، ويرسخ لقناعة بأن التقدم لا يتحقق فقط بالاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الكبرى، بل أيضًا من خلال الاستثمار في بناء الثقة مع المواطنين وضمان العدالة والكرامة للجميع.
ولفت نائب رئيس كتلة الحوار، أن القرار يعكس تحولًا محوريًا في سياسات الدولة الأمنية والقانونية، ويُبرز التزامًا جادًا بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تسعى إلى تحقيق توازن بين حماية الأمن القومي واحترام الحقوق الأساسية للأفراد، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تحمل دلالات عميقة، ليس فقط على المستوى القانوني، بل أيضًا على صعيد تحسين المناخ الحقوقي وتعزيز الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
وأكد عبد المجيد، أن إجراء مراجعة دقيقة للأسماء المُدرجة على قوائم الكيانات الإرهابية يُظهر أن الدولة تتبنى منهجًا متطورًا في التعامل مع التهديدات الأمنية، بجانب أن تكليف النيابة العامة الجهات الأمنية بإجراء تحريات شاملة حول الأنشطة الإرهابية للأفراد المدرجين يعكس حرصًا على ضمان أن تكون القرارات مبنية على أدلة محدثة وموثوقة، وهو ما يساهم في تصحيح أي أخطاء سابقة قد تكون قد أثرت على أشخاص بريئين أو على أسرهم.
وأضاف عبد المجيد، أن هذه الخطوة تُجسد العدالة وتُبرز أن الدولة تسعى لإقامة التوازن بين أمن المجتمع واحترام حقوق الأفراد، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تعكس الاستجابة الفعلية لبنودها التي تدعو إلى تحسين المناخ الحقوقي وتعزيز سيادة القانون.