دمشق-سانا

لوحات بديعة من الخزف الملون غطت البيوت والحمامات والخانات الدمشقية القديمة عبر مئات السنين لتصبح حرفة القيشاني واحدة من ركائز الهوية التراثية لأقدم مدن التاريخ، ومنها انطلقت هذه الزخارف الطينية لتجوب العالم من خلال الهدايا والتحف الثمينة بما يروج للإبداع الدمشقي الأصيل.

القيشاني الذي يعرف بأنه نوع خاص من البلاط يتم الرسم عليه باليد ثم تلوينه قبل حرقه هو تراث قديم طالما تم استخدامه لتزيين البيوت والأرضيات والأواني المنزلية، كما جرى صنع العديد من اللوحات الجدارية لأغراض الديكور الداخلي في المنازل والمحال والصالونات الدمشقية القديمة، كما أوضح محمد رمضان صاحب ورشة متخصصة بأعمال القيشاني، مبيناً أن المواد المستخدمة في هذه الحرفة تؤخذ من الطبيعة المحلية في الريف الدمشقي والمحافظات، وهي عبارة عن تراب وحجارة خاصة غالباً ما تتكون من لونين هما الأحمر والأبيض.

وقال في حديثه لنشرة سانا الشبابية إنه يتم عزل الحجارة وتكسيرها وطحنها حيث يؤخذ اللون الأبيض لتصنيع القطعة أما اللون الأحمر فيتم استخدامه للرسم بعد طحن الحجارة ونقعها بالماء، مبيناً أن هناك أنواعا من الحجارة لا تذوب فيصار الى إضافة القليل من الأحماض عليها وتحريكها ثم تصفيتها وتخميرها قبل أن تبدأ عملية عجنها ومن ثم تقطيعها وقصها على الناشف بحيث يتم تشكيل كل قطعة بقياسات دقيقة.

أما عملية الرسم على القطعة المشكلة فتتم بحسب رمضان باستخدام قلم الرصاص أولاً ثم وضع الأكسيد باللون الأسود على خطوط الرصاص ثم أكسيد الألوان الأخرى لتبدأ مرحلة جديدة اسمها المينة وهي مادة طبيعية توضع على القطعة لتحافظ على رونقها بمعزل عن العوامل المناخية، حيث يصبح العمل جاهزاً للشواء في الفرن وفي هذه المرحلة يتم تطبيق الألوان المرغوبة كل بدرجة حرارة معينة.

ولفت إلى أن معظم النقوش والرسومات مستمدة من الطبيعة الدمشقية بالإضافة إلى ثراء هذه الحرفة بالأشكال الهندسية، مضيفاً: “هناك أيضاً رسومات مستوحاة من الفن الإغريقي وصلتنا عن طريق الكتب وتحتاج إلى إتقان عال ودقة كبيرة لتنفيذها، حيث يضع بعض الصناع توقيعهم واسم بلدهم سورية على بعض القطع المميزة من تلك المقتنيات التي تحمل في حقائب الزوار لتروي قصص الحضارة السورية في جولاتها حول العالم.

واختتم رمضان حديثه بالقول: “تحتاج بعض القطع لأشهر طويلة لإنجازها ورغم ذلك يشعر الصانع الشغوف بأن الوقت قصير جداً نظراً لاستمتاعه بما يقوم به من عمل محبب إلى قلبه، فهي بالنسبة له ليست مجرد مهنة لكسب العيش إنما هي قصة حب عميقة مع كمشة من الطين تؤجج فيه مشاعر دافئة منذ لحظة لمسها لأول مرة.

أحلام الغباري

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

حكم تعليق الزينة والفوانيس في شهر رمضان

قالت دار الإفتاء المصرية إن تعليق الزينة والفوانيس فرحًا بقدوم شهر رمضان مباح من حيث الأصل، بل قد يكون مندوبًا متى تعلَّقت به نية صالحة، إلَّا أن يتعلق بتعليقها أمر محرَّم، كأن يكون بها إسراف أو إضرار واعتداء على حق الغير، ولا يستقيم وصف هذ الفعل بالبدعة لكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله؛ إذ ترك الفعل لا يستلزم منه عدم الجواز.


إظهار الفرح والسرور بقدوم شهر رمضان

وأوضحت الإفتاء أن المقرر في الشرع أنَّ الفرح مطلوبٌ عند حلول النعم، ومن تلك النعم قدوم مواسم الطاعات؛ كالصيام والحج وسائر العبادات؛ لقول الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].

وقد كان السلف يفرحون بقدوم شهر رمضان ويحمدون الله على بلوغه؛ قال معلى بن الفضل: "كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم"؛ كما في "لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 348، ط. دار ابن خزيمة).

قال الإمام ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 349): [بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه ويدل عليه: حديث الثلاثة الذين استشهد اثنان منهم، ثم مات الثالث على فراشه بعدهما فَرُئِي في المنام سابقًا لهما فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة وأدرك رمضان فصامه! فوالذي نفسي بيده إن بينهما لأبعد ممَّا بين السماء والأرض» خرجه الإمام أحمد وغيره] اهـ.

حكم تعليق الزينة والفوانيس في رمضان

ويحتفل المسلم بقدوم الشهر المبارك قرنًا بعد قرن وجيلًا بعد جيل بإشعال أنوار الشموع والقناديل فرحًا باستقباله؛ يقول الرحالة ابن جبير في "رحلته" (ص: 122، ط. دار صادر): [ووقع الاحتفال في المسجد الحرام لهذا الشهر المبارك، وحَقُّ ذلك من تجديد الحُصُر وتكثير الشمع والمشاعيل وغير ذلك من الآلات حتى تلألأ الحرم نورًا وسطع ضياءً] اهـ.

وممَّا درج عليه المصريون منذ زمن بعيد استقبالهم شهر رمضان الكريم بتعليق الزينة والفوانيس كلونٍ من ألوان إظهار الفرح والسرور؛ استبشارًا بفضل الله فيه؛ من نزول الرحمات، وإفاضة النفحات، وتوسيع الأرزاق، وفتح أبواب الجنان، وغلِّ أبواب النيران، وتصفيد المردة من الجان، فهو أعمُّ الشهور خيرًا وأكثرها فضلًا وأوسعها أجرًا.

وقد تقرَّر أنَّ الأصل في الأشياء الإباحة وأنَّه لا يحرم إلَّا ما دلَّ الشرع الشريف على تحريمه؛ قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 60، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم] اهـ.

ويدل لهذا الأصل: ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا: «مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا»، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64] أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"؛ قال الشيخ ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/ 429، ط. دار ابن الجوزي): [أخبر النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنَّ كل ما سَكَتَ عن إيجابه أو تحريمه فهو عَفْوٌ عَفَا عنه لعباده، يباح إباحة العفو؛ فلا يجوزُ تحريمه ولا إيجابُه] اهـ.

مقالات مشابهة

  • حكم صيام الكفارة والنذر مع صيام رمضان
  • الموانئ تُفصح عن مراحل تعويم النفق المغمور بقناة خور الزبير
  • قبلة أطفال قرية هارون.. حكاية كُتّاب الشيخ جلال لتحفيظ القرآن في بني سويف
  • أول مسلسل فنتازيا تاريخية في السعودية.. حكاية "الزافر" في رمضان 2025
  • مرحبا شعبان
  • العيد القومي للدقهلية.. دار ابن لقمان تسرد حكاية النصر على لويس التاسع
  • “حكاية خيانة زوجية".. أحمد أسامة وعمر حسين نجوم الحلقة الخامسة من مسلسل "ساعته وتاريخه 2"
  • حكم تعليق الزينة والفوانيس في شهر رمضان
  • حكاية مدينة أثرية عملاقة تحت الأرض.. كيف عاش 20 ألف شخص في ديرينكويو؟
  • "واحد من الناس" يعرض كواليس حكاية عبد الوهاب أم كلثوم مع "أنت عمري"