مصر ترفع السرية عن وثائق حرب أكتوبر لأول مرة.. ما دلالة التوقيت؟
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
القاهرة– في سابقة تاريخية، كشفت وزارة الدفاع المصرية عن وثائق عسكرية سرية نادرة، يعود تاريخها إلى حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973، حين بدأت مصر وسوريا هجوما مفاجئا وجريئا ضد إسرائيل؛ لاسترداد الأراضي المحتلة، في حرب ضارية استمرت نحو 3 أسابيع.
الوثائق التي جاءت تحت عنوان "وثائق حرب أكتوبر 1973..
وجاء نشر الوثائق المصرية بعد أشهر من إفراج تل أبيب في سبتمبر/أيلول الماضي عن الأرشيف الكامل للحرب.
ورفْع القاهرة السرية عن وثائق حرب أكتوبر، التي سبق أن نشر قادة الحرب جزءا كبيرا منها في مذكراتهم، أثار تساؤلات حول الدلالة الزمنية لنشرها، في ضوء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يثار عن أن العلاقات المصرية الإسرائيلية في أدنى مستوياتها. خاصة أن القاهرة أعلنت مشاركتها في الترافع أمام محكمة العدل الدولية، غدا الأربعاء، بشأن ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في حين لم تُفصح وزارة الدفاع المصرية عن أسباب رفع السرية عن الوثائق، ربط مراقبون الأمر بمرور 50 عاما على الحرب، وكذا الأوضاع الأمنية الإقليمية غير المستقرة، بما فيها العدوان على غزة، والمساعي الإسرائيلية في تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المجاورة.
وفي هذا السياق، يقول الخبير في الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد، إن رفع السرية جاء رغبة من بلاده في إطلاع المصريين -خاصة الشباب- والمهتمين بالتوثيق التاريخي، على الوثائق الحقيقية والمتعددة والمتنوعة عن الحرب، التي جاء بعضها بخط يد قادتها العسكريين.
وفي حديث للجزيرة نت، ربط اللواء محمد بين توقيت النشر والتوترات الدولية والإقليمية الراهنة، "وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة وعدم التنبؤ بمستقبل الصراع، وفي ضوء التصريحات الإسرائيلية غير المسؤولة حول إجبار الفلسطينيين على النزوح إلى سيناء".
وشدد على أنه "كان من الضروري عرض بطولات الجيش في حربه ضد إسرائيل؛ لتعزيز ترابط الشعب بقيادته وتوحيد الجبهة الداخلية، إذا ما حدث أي نوع من التصعيد، والذي قد يصل إلى التصعيد العسكري في الفترة المقبلة"، وفق قوله.
كما أشار إلى أن حرب غزة "كانت لها آثار سلبية ألقت بظلال محبطة على المجتمع المصري؛ بسبب العدوان والدعم الأميركي المتواصل لإسرائيل، ما زاد من تأثر وارتباط المصريين بالمقاومة الفلسطينية خاصة إعلامها المرئي، الذي يظهر الجندي العادي (من المقاومة) وهو يفجّر أقوى دبابة عالمية من طراز ميركافا".
ومن ثم، يقول محمد عبد الواحد، كان على مصر أن تبين لشعبها أنها نفّذت مثل هذه البطولات، وأن الجندي المصري هو أول من دمّر في حروبه ضد إسرائيل دبابات العدو بسلاح "آر بي جي".
مضامين الوثائقتضمنت الوثائق العسكرية التي نشرتها وزارة الدفاع المصرية عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، محاور رئيسة؛ هي:
حرب يونيو/حزيران 1967، ثالث الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948. والعدوان الثلاثي (إسرائيل وفرنسا وبريطانيا) على مصر 1956. إلى جانب التخطيط الإستراتيجي للحرب بمراحلها المختلفة حتى وقف النار في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1973. ودور الإعلام العسكري. والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية ودورها. ومذكرات القادة، تحديدا رئيس الأركان -وقتها- المشير عبد الغني الجمسي. والدعم العربي لمصر. عملية جرانيتتعرض الوثائق المنشورة طبيعة الحراك السياسي والعسكري المصري، في الفترة التي تلت مبادرة "روجرز" الأميركية، التي دخلت حيز التنفيذ يوم 8 أغسطس/آب 1970 حتى صبيحة حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973.
وهي مبادرة قدّمها وزير الخارجية الأميركي -آنذاك- ويليام روجرز، يوم 5 يونيو/حزيران 1970، لوقف النار، استجاب لها الطرفان، قبل أن تسقط في 4 فبراير/شباط 1971، حين أعلنت القاهرة رفض تمديد المبادرة واستمرار حالة اللاسلم واللاحرب، مع بدء قيادتها وضع الخطط لاسترداد سيناء.
ركزت الوثائق -بشيء من التفصيل- على عملية "جرانيت 2 المعدلة"، وهي خطة إستراتيجية هجومية على الأهداف الإسرائيلية في سيناء والبحر الأحمر وخليج عدن، غُيّرت مرات عدة بمسميات مختلفة، وصولا لتنفيذها في حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول بمسمى "العملية بدر".
كما توضح أعمال الخداع الإستراتيجي والتعبوي لحرب تحرير الأراضي المحتلة في كلّ من مصر وسوريا، التي كان من بين أغراضها إخفاء نيات الحشد والتعبئة العامة.
تطرقت الوثائق إلى عدد من تقارير الموقف والسجلات العسكرية بداية أيام الحرب، ومن الضربة الجوية الأولى، والتمهيد النيراني، وعبور قناة السويس، حتى تدمير خط بارليف (ساتر ترابي على الشط الشرقي لقناة السويس)، وإسقاط المواقع الإسرائيلية، إضافة إلى تكوين وبناء رؤوس الكباري (لعبور القوات قناة السويس) وصد الهجمات المضادة للعدو، وتطوير الهجوم شرقا في عمق سيناء.
ثغرة الدفرسوارومن بين الوثائق العسكرية المنشورة تلك التي تروي تفاصيل الهجوم الإسرائيلي المضاد ليلة 15 و16 أكتوبر/تشرين الأول 1973، ومحاصرة الجيش المصري الثالث غرب قناة السويس، في المعركة المعروفة بـ"ثغرة الدفرسوار"، أو "المزرعة الصينية".
وقالت وزارة الدفاع عن المعركة إنها "كانت محاولة إسرائيلية مخفقة لتقليص حجم الانتصار المصري، وحفظ كرامتها التي سقطت في الحرب رغم الدعم الأميركي"، مشيرا إلى ما قاله رئيس الأركان الإسرائيلي -آنذاك- موشي ديان "لقد حاولنا وكل محاولتنا ذهبت أدراج الرياح، وليس أمامنا إلا أن نستمر حتى النهاية المريرة".
كما كشفت تفصيليا العمليات العسكرية خلال هذه المعركة، لكن دون أن تتطرق إلى الخلاف الشهير بين الرئيس محمد أنور السادات ورئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي؛ بسبب كيفية التعامل مع الثغرة، وهو الخلاف الذي انتهى بإقالة الشاذلي قبل نهاية حرب أكتوبر، وتعيين الجمسي بدلا منه.
مباحثات الكيلو 101أشارت الوثائق إلى أنه بعد اليوم الـ16 للحرب صدر قرار من مجلس الأمن يقضي بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءا من 22 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما قبلته مصر لكن إسرائيل خرقته، مما أدى إلى صدور قرار آخر يوم 24 التزمت به إسرائيل بداية من يوم 28 من الشهر ذاته.
وأوضحت أن إسرائيل اضطرت بعد ذلك إلى الدخول في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات، في شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني 1973، والمعروفة بـ"مباحثات الكيلو 101″ وهي منطقة على طريق السويس- القاهرة، اتُفق فيها على وقف النار، وتولي قوات الطوارئ الدولية المراقبة، مع بدء تبادل الأسرى والجرحى، وهذا الاتفاق كان مرحلة افتتاحية في إقامة السلام بين الجانبين.
تقرير الجمسيمن بين ما كشفته الوثائق العسكرية تقرير سري في الشهر التالي للحرب، لرئيس الأركان الجمسي عن العمليات العسكرية، وضّح فيه أبرز العقبات التي قابلت الخطة العسكرية للهجوم، وكيف تم التغلب عليها؛ ومنها:
الدعم الأميركي لإسرائيل دبلوماسيا وعسكريا. الدفاعات الإسرائيلية على طول القناة. إضافة إلى المانع المائي وخط بارليف، والساتر الترابي، والخطوط الدفاعية للعدو في عمق سيناء، والتفوق الجوي الإسرائيلي. ومضيق تيران (على خليج العقبة بالبحر الأحمر)، كونه أحد الأسباب الرئيسة لحرب 1967، بعد أن أغلقت مصر المضيق الذي كان شريانا رئيسا تعتمد عليه إسرائيل تجاريا، ويُعدّ الطريق الوحيد لإمدادها بالبترول. خسائر إسرائيلقدَّر تقرير الجمسي خسائر إسرائيل في الحرب، بسقوط حوالي 5 آلاف قتيل في المعارك على الجبهة المصرية وحدها، وحوالي 12 ألف جريح، وإسقاط 270 طائرة تمثل نصف طائراتها الجديدة، و36 قطعة بحرية تمثل ثلث قطعها البحرية، و900 دبابة، دون أن يكشف عن عدد أسرى العدو، أو الخسائر المصرية في الأرواح والمعدات، بيد أنه شدد على أنها لا تقارن إطلاقا بخسائر إسرائيل.
الدعم العربيوكشف التقرير عن عدد من المحادثات العسكرية المصرية مع الدول التي دعمت مصر وسوريا خلال الحرب، وأمدّتها بمقاتلات وجنود؛ ومنها: الجزائر والمغرب وتونس وليبيا والسعودية والعراق والسودان ويوغسلافيا (صربيا).
وذكر الجمسي في تقريره عن الحرب، أن سلاح البترول والأرصدة والعلاقات الاقتصادية كان لها دور فعّال في دعم الموقف المصري، وتحقيق العزلة الدولية لإسرائيل، وتعميق الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها، ما أظهر الوحدة العربية في أقوى صورها المعاصرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة وزارة الدفاع حرب أکتوبر فی حرب
إقرأ أيضاً:
انفجارات تهزّ تل أبيب.. إسرائيل تعلن: إحدى الجثث التي تم تسليمها «مجهولة الهوية» وتتوعد!
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الجمعة، “إن إسرائيل ستجعل حركة حماس تدفع ثمن عدم تسليم جثمان المحتجزة شيري بيباس كما هو متفق عليه”.
واتهم نتانياهو حماس بارتكاب انتهاك “وحشي” للهدنة بعدم إعادتها جثة شيري بيباس.
وأضاف في بيان مصور “سنعمل بكل عزم على إعادة شيري إلى الوطن مع كل رهائننا، الأحياء والأموات، وضمان أن تدفع حماس الثمن الكامل لهذا الانتهاك القاسي والشرير للاتفاق”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أنه بعد استكمال عمليات الفحص والتشخيص، تبين أن إحدى الجثث التي سلمتها “حماس” لا تلائم أي أسير إسرائيلي، مشددا على أن الجثة مجهولة الهوية واتهم الحركة بانتهاك وقف إطلاق النار الهش بالفعل.
وقال الجيش في بيان: “بعد استكمال عملية التشخيص في المركز الوطني للطب العدلي بتعاون مع شرطة إسرائيل أبلغ مندوبو جيش الدفاع عائلة بيباس انه تم تشخيص أعزائهم الطفليْن أريئل وكفير بيباس”.
وأضاف: “وفق تقييم الجهات المعنية المختصة وبناء على المعلومات الاستخبارية المتوفرة والمؤشرات من عملية التشخيص فقد تم قتل أريئل وكفير بيباس بوحشية داخل الأسر في شهر نوفمبر من العام 2023 من قبل الإرهابيين الفلسطينيين”.
وأشار الجيش إلى أنه “خلال عملية التشخيص تبين أن الجثة الأخرى التي تم تسليمها لا تعود لشيري بيباس ولا تلائم أي مختطف أو مختطفة آخرين. الحديث عن جثة مجهولة الهوية دون تشخيص”.
وشدد الجيش الإسرائيلي على أن هذا “خرق فاضح لحماس التي التزمت وفق الاتفاق بإعادة أربعة مختطفين.. نطالب حماس بإعادة شيري بيباس مع جميع المخطوفين”.
واختتم الجيش بيانه قائلا: “نشارك عائلة بيباس حزنها العميق في هذه الساعة العصيبة وسنواصل الجهود لإعادة شيري وجميع المختطفين في أسرع وقت”.
وسلمت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة أمس الخميس، جثث 4 أسرى إسرائيليين تعود 3 منها لعائلة بيباس (أم وطفليها) كانوا بحوزة “كتائب المجاهدين” في حين كان أسير رابع بحوزة حركة “الجهاد الإسلامي”.
وذكرت قناة (كان) أن “حماس نقلت الرهائن القتلى في نعوش مقفلة وكان معها مفاتيح لا تناسبها”، كما ذكرت وسائل الإعلام العبرية أن السلطات في تل أبيب عثرت على مواد دعائية لحماس في التوابيت.
بدوره، أصدر مسؤول أميركي بارز تحذيرا شديد اللهجة لحماس، بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي أن الحركة أطلقت سراح “جثة مجهولة الهوية”، وليست جثة رهينة إسرائيلية.
وفي حديثه لشبكة “سي إن إن” الإخبارية الأميركية، وصف مبعوث الولايات المتحدة لشؤون الرهائن آدم بوهلر، ما اعتبره “قرار حماس بإطلاق سراح الجثة مجهولة الهوية”، بأنه “مروع وانتهاك واضح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة”.
وقال بوهلر: “لو كنت مكانهم لأطلقت سراح الجميع، وإلا فسوف يواجهون الإبادة الكاملة”.
ولم يصدر أي تعليق من حماس على الفور.
انفجار 3 حافلات في عدة مواقع يهز تل أبيب
انفجرت 3 حافلات مساء الخميس في مواقف ومواقع مختلفة بمدينة بات يام جنوب مدينة تل أبيب وسط إسرائيل، وأعلنت الشرطة الاشتباه بعملية والبحث عن مشتبه به.
وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن الشاباك يحقق في اشتباه زرع عبوات ناسفة بحافلات، ما أدى إلى انفجارها، فيما أفادت هيئة البث العامة الإسرائيلية “كان 11” باشتباه وجود عبوتين ناسفتين أخريين دون انفجارهما.
وأشارت مصادر أمنية إسرائيلية إلى تعزز التقديرات بأن الانفجارات كانت محاولة لتنفيذ عملية، حسبما نقل عنها موقع “هآرتس”، وأفيد بأن حركة القطار الخفيف توقفت بشكل كامل في منطقة بات يام على خلفية انفجار الحافلات.
وأوردت القناة 12 الإسرائيلية، أنه يستدل من التقديرات الأولية لانفجار الحافلات بأن اتجاه التحقيق يشير إلى محاولة لتنفيذ عملية، فيما جرى إيعاز جميع السائقين بمنطقة تل أبيب بتفقد حافلاتهم.
وجاء عن بلدية بات يام أن “انفجارين وقعا بحافلتين بينما كانتا في موقفي حافلات بالمدينة من دون وجود مسافرين على متنهما، ولم تقع إصابات في الحدثين”.
وأشارت إلى أن “تفاصيل الحدثين غير واضحة حتى الآن، وتجري عمليات بحث واتخاذ وسائل الحذر في هذه المرحلة من أجل التأكد من عدم وجود أي خطر آخر”.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية في بيان الاشتباه بعملية على خلفية انفجار عدد من الحافلات، فيما وصلت قوات كبيرة إلى المواقع وشرعت بالبحث عن مشتبه بهم، وباشرت فرق المتفجرات بفحص الأغراض المشبوهة بالمنطقة، حسبما جاء في بيان لها.