سودانايل:
2025-01-22@08:55:34 GMT

كيف يتم تأجيج الأوضاع في السودان؟

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

عائد عميرة

السودان هو مليون وثماني مئة ألف كلم مربع، تتضمن 200 مليون فدان صالحة للزراعة، و115 مليون فدان مراعي طبيعية و52 مليون فدان من الغابات، واحتياطي نفطي يقدر بقرابة 7 مليارات برميل، ومليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وكثير من المعادن والذهب، ومليون ونصف من احتياطي اليورانيوم، وهو ما جعله هدفاً للأطماع الأجنبية على مدى عقود.


المأساة
في ظل استمرار الصراع المسلح في السودان منذ أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع والذي شرد أكثر من 6 ملايين شخص، منهم 1.3 مليون إلى خارج السودان، وقهر أكثر من 25 مليوناً آخرين، ووضعهم في صف المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية، تعزز دور المنظمات الغير حكومية في البلاد، وجعلها لاعباً هاماً في مسار الصراع.
تدعي كثير من المنظمات الأجنبية غير الحكومية اهتمامها بتوفير المساعدات الإنسانية وحماية حقوق اللاجئين، إلا أنها تعمل في الخفاء على تأزيم الوضع وإثارة العنف بهدف المحافظة على التمويل الخارجي لها وتنفيذ أجندات خارجية مرتبطة بسياسات دول أو وكالات إستخباراتية بعينها، وفق عديد المؤشرات.
ومنذ اندلاع الأحداث المأساوية في السودان، تبنت الأمم المتحدة، خطة استجابة فورية غير نهائية لإنقاذ المدنيين بتكلفة 2.6 مليار دولار، وزعتها على المنظمات الإنسانية لتغطية أعمال الإغاثة والإمدادات الإنسانية ومراكز اللجوء.

ومن هنا يأتي بعض التمويل لرؤوس هذه المنظمات ومسؤوليها، ويدفع بهم لمواصلة العمل في هذه البقعة الساخنة من العالم.

ظهر بالكاشف في الفترة الأخيرة سعي عديد الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لاسقاط الحكومات والأنظمة غير المتعاونة معها في مناطق مختلفة من العالم.

وتدير هذه الدول أعمالها عبر هذه المنظمات الدخيلة على هذه الدول والتي تدعي حمايتها لحقوق الإنسان والديموقراطية وتحض المواطنين على الخروج الى المظاهرات.
دوامة العنف

ولتبدأ دوامة العنف والفوضى لابد من القضاء على حالة الإستقرار، عبر تأجيج الرأي العام ضد طرف سياسي أو آخر كما حدث في السودان لسنوات، والدفع بأكبر عدد ممكن من السودانيين للانتفاض بوجه الحكومة، الأمر الذي تسبب في نهاية المطاف باندلاع أعمال شغب واسعة وصولًا إلى بدء النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع.
بحسب مصادر مطلعة، قامت إدارة المجلس النرويجي للاجئين "NRC" العاملة في السودان باستقبال عشرات المستشارين من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، بداية عام 2020، والذين نسقوا بشكل مباشر مع المجلس لتأجيج الرأي العام السوداني ضد الحكومة وقاموا بتقديم المساعدة للمحتجين والمتظاهرين.

وأقدم منضمين إلى المجلس النرويجي للاجئين، كجزء من فريق التوعية الذي نظمه المجلس لرفع مستوى التعليم والوعي المدني، على تدريب منسقي الاحتجاجات عن طرق الترغيب النفسي، وشجعوا الشباب السوداني على الخروج إلى الشوارع وتحريض المتظاهرين على أعمال العنف.
رسميًا، يعمل المجلس النرويجي على تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين داخليًا واللاجئين. ويمتلك مكاتب في القضارف والخرطوم وشمال وغرب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأبيض.

ويعتبر المجلس النرويجي واحد من العديد من المنظمات غير الحكومية العاملة في مناطق عديدة من العالم، والتي تتلقى تمويلاً سخياً من وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الى جانب التمويل الأممي الذي تحصل عليه في مقابل تقديم خدمات الرصد والتحري ودراسة الوضع الإجتماعي لبلد أو مجموعة سكانية ما.

في حين أن الوكالتين الأمريكيتين هما هيئتان حكوميتان تعملان على تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، والمتمثلة بحماية الأمن القومي الأمريكي عبر تلقي المعلومات الاستخباراتية وتعزيز الأعمال غير الشرعية من تجارة الأسلحة والمخدرات والأعضاء وعمليات غسيل الأموال.
و الجدير بالذكر أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة والتي أصبحت واضحة للقاصي والداني مبنية على الحصول على الثروات والطاقة والمعادن وكل ما يحتاجه مجتمعها وتتطلبه صناعاتها بأبخس الأثمان وعلى حساب حياة الشعوب الأخرى.

وطيلة الأشهر الماضية، ظهر جليا أن المسار العسكري في السودان الذي إتخذه طرفا الصراع لن يؤدي إلا الى تعميق المأساة الإنسانية للسودانيين، ولإيقاف دوامة العنف لابد من التحكم للعقل وإيقاف النزاع المسلح لإيجاد مخرج سياسي للأزمة.

كما أنه يجب تقويض عمل المنظمات الغير حكومية في البلاد وتأطير دورها بالمساعدات الإنسانية فقط عبر الوعي الشعبي وعدم الإنجرار إلى مغامرات "طائشة" تحض عليها المواطنين لتدفع بالبلاد نحو النزاع مجدداً.

عائد عميرة

aayed.amira@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المجلس النرویجی فی السودان

إقرأ أيضاً:

ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟

الإعلان الأمريكي عن فرض عقوبات على أطراف الصراع المسلح في السودان، والكيانات الاقتصادية التابعة لهما، يثير الكثير من الأسئلة في المجالين العام العربي والسوداني معا؛ بشأن توقيت الخطوة والأسباب المعلنة بشأنها، وكذلك مدى فعاليتها في تجفيف القدرات العسكرية والمالية لكل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني؛ بهدف وقف هذه الحرب التي يقدر عدد ضحاياها بضعف أعداد الحرب الإسرائيلية على غزة؛ ليصلوا في السودان إلى حوالي ١٥٠ ألف شخص.

في هذا السياق، فإن التساؤلات المتعلقة بفعالية آلية فرض العقوبات الأمريكية تتبلور في عدد من الاتجاهات منها، أولا:ماهية العقوبات، ومدى مصداقية أسبابها على وجه الدقة وطبيعة الآليات التي تستند إليها في تحجيم فاعلية الأطراف المتصارعة بالسودان في الاستمرار بالحرب، وذلك في ضوء أثر العقوبات الاقتصادي والعسكري من جهة، ومدى فاعليتها في البيئة الإفريقية من جهة ثانية.

أما الاتجاه الثاني: فهو بشأن مدي علاقة هذه العقوبات بمسارات الحرب ذاتها، وليس بمسارات قادة هذه الحرب، وطبيعة تحركاتهم السياسية والدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي.

وفيما يخص التساؤل الثالث، فهو المرتبط بمدى المصداقية، أي علاقة فرض العقوبات بالأسباب المعلنة وليس الخفية، وهو تساؤل يتخطى السودان إلى عالمنا العربي كله، الذي تعد مصداقية آلية العقوبات الأمريكية والأسباب الدافعة لها، لا تتحلى بأية مصداقية في ضوء الخبرة السودانية والعراقية معا، حيث تم اجتياح العراق طبقا لادعاءات ومزاعم أمريكية وأوروبية، ثبت كذبها وعدم واقعيتها.

فيما يتعلق بماهية العقوبات الأمريكية وآلياتها، فيمكن رصد أن العقوبات الأمريكية تتمحور في تقييد الوصول إلى الدولار الأمريكي والاستبعاد من نظام السويفت العالمي (SWIFT)، أو الحجز على الودائع والحسابات، وهي خطوات جميعها لها انعكاسات على نظم الحكم المستقرة وشبه المستقرة، والأشخاص الذين يستعملون آليات مصرفية شفافة وقانونية، إذ أن هذه العقوبات على مستوى الدول تؤدي لتضخم في الأسعار، غالبا ما يثير تذمرا داخليا كالحالة في إيران مثلا التي تعرض فيها نظام الحكم لتحديات داخلية أكثر من مرة، أما على المستوى الفردي، فهذه العقوبات تؤثر علي إمكانية الأشخاص في تفعيل حساباتهم المصرفية أو الاستفادة منها، كما تؤثر على فاعلية الشركات في التعامل مع العالم، ولكن مع الحالة السودانية التي نزح فيها السودانيون إلى الخارج، وبات الأمن وليس التضخم في الداخل هو أهم الهواجس، تكون فعالية العقوبات محدودة على أي سلطة أو أي شخص، خصوصا مع هؤلاء الذين لديهم خبرة بآلية العقوبات، وتحسبوا لها من ناحية، وكذلك مع طبيعة البيئة المحيطة بالسودان من ناحية أخرى. ذلك أن الجيران الأفارقة السبعة للسودان من الدول، تعجز غالبيتهم عن ضبط حدودها، كما تواجه هذه الغالبية أيضا تهديدات أمنية داخلية، بما يجعل الفواعل غير الرسمية أي عصابات التهريب والشركات الأمنية، وكذلك الميليشيات، لهم أدوات غير مرئية، ولا رسمية في التفاعل الاقتصادي والتعامل مع الموارد، خصوصا تهريب النفط والذهب، بما يخدم الكيانات والأشخاص الواقع عليهم العقوبات.

أما فيما يخص توقيت فرض العقوبات، خصوصا على رئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، فإنه يبدو متأخرا من جانب الإدارة الأمريكية التي تقاعست في الاعتراف، بأن الممارسات العسكرية ضد المدنيين من جانب قوات الدعم السريع تنطبق عليها معايير الإبادة الجماعية، حيث أن إدارة بايدن قامت بهذه الخطوة قبل رحيلها بأسبوعين فقط، وذلك في اعتراف متأخر كانت تدفع وراءه خلال العام الماضي تقارير دولية من منظمات متخصصة، بناء على استقصاءات بمناطق الصراع، اتسمت بالدقة، وعلى الرغم من ذلك لم تُعِر إدارة بايدن هذه التقارير الانتباه اللازم في الوقت المناسب.

الأسباب الأمريكية بشأن توقيع العقوبات على قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، جاءت طبقا للإعلان الأمريكي؛ بسبب عدم انخراطه في الجهود الدولية، خصوصا الأمريكية في قبول التفاوض لإنهاء الحرب، لا سيما في منصة سويسرا، وهو توقيت متأخر أيضا في توقيع العقوبات ضد البرهان، بعد مضي نصف عام تقريبا على عدم تفاعل الرجل مع أي جهود دولية بشأن محاولات وقف الحرب.

هذه الملابسات ترجح أن يكون إعلان العقوبات الأمريكية مرتبطا بتوجه قائد الجيش السوداني للتفاعل الإيجابي مع موسكو، بمنحها نقطة ارتكاز عسكرية على البحر الأحمر أكثر ما هو مرتبط بفكرة إصرار البرهان على إمكانية الحسم العسكري، ضد قوات الدعم السريع وقائدها حميدتي، كما تقول واشنطن.

وأخيرا تبدو إمكانية تحقيق العقوبات أغراضها المعلنة في وقف الحرب السودانية مشكوكا فيها، وعلى العكس من ذلك، قد تساهم في تعقد المشهد السياسي السوداني لمستويات جديدة، بل وتساهم في استمرار الحرب ذاتها، ولتفصيل ذلك نشير أن سلاح العقوبات الأمريكي في السودان ليس بجديد، فقد تم استعماله قبل ثلاثة عقود؛ بسبب رعاية نظام البشير للإرهاب والجماعات المتطرفة، ولكن بدلا من الانصياع المطلوب، فإن البشير مارس الاتجاه شرقا على حساب الغرب، فساعدته الصين وماليزيا وغيرها، ودعمت قدرات هذا النظام الاقتصادية لمدة ثلاثة عقود، وبات الغرب خاسرا إلى حد بعيد في السودان، وفي إفريقيا عموما.

أما تحت مظلة الحرب السودانية الراهنة والمندلعة في إبريل ٢٠٢٣، فإن العقوبات الأمريكية قد بدأت بتوقيع عقوبات على شركات تابعة للطرفين المتصارعين داخل السودان، وكذلك توقيع عقوبات على أملاك أشخاص منتمين لكل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني، حيث تم تصنيفهم، أنهم معرقلون لحل سلمي متفاوض عليه في الحرب السودانية، وتدرجت هذه العقوبات إلى حد أن تم توقيع عقوبات على الشخص الثاني في قيادة قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، قبل أن تصل إلى حميدتي نفسه مؤخرا.

وعلى الرغم من الخطوات العقابية الأمريكية، توسعت قوات الدعم السريع في عملياتها العسكرية في الاستيلاء على مناطق إضافية في وسط السودان بعد حيازتها على غالبية ولايات دارفور، بل أن هذا التوسع قد اتسم بممارسة انتهاكات ضد الإنسانية على أسس عرقية وقبلية، وهو أداء أقدمت عليه أيضا مؤخرا أطراف عسكرية موالية للجيش في معارك استرداد مناطق وسط السودان ومناطق من العاصمة المثلثة.

وطبقا لهذا السياق كله، فإن ردود الفعل على قرار العقوبات الأمريكية من جانب الأطراف السودانية كان الرفض والتحدي، ولكن بدرجات متفاوته طبقا لموازين القوى الراهنة، إذ أن قائد الجيش السوداني قام بجولة علنية في عطبرة، محاطا بمؤيديه معلنا استمرار العمليات العسكرية للجيش، ومشيرا أن هذا الخيار هو خيار شعبي سوداني. وفي المقابل كانت بيانات حميدتي تتنصل من الاتهامات الأمريكية التي ترتب عليها توقيع العقوبات، واجهت نحو توسيع عمليتها العسكرية بالمسيرات في مناطق متعددة.

إجمالا، ساهم إعلان العقوبات الأمريكية على أطراف الصراع السوداني، في خلق مسار لم يكن مطلوبا على المستوى السياسي في هذه اللحظة، ومن غير المتوقع أن يساهم في الدفع نحو وقف الحرب عبر آلية الضغوط الأمريكية، حيث كانت تذهب معظم التقديرات، أن نجاح الجيش في استرداد مناطق وسط السودان من الدعم السريع هي العامل المؤثر في ذهاب الجيش ومن معه إلى تسويات وقف الحرب السودانية، خصوصا مع حالة الانهيار الميداني لقوات الدعم السريع، وفقدانها قطاعات ليست بالقليلة من حواضنها الاجتماعية، وذلك بالتوازي مع فشلها في إثبات جدارة ومشروعية ترتب عليها ابتعاد حلفائها السياسيين المحليين.

عن مصر 360  

مقالات مشابهة

  • مبدعون سودانيون يدينون العنف ضد المدنيين ويدعون لحماية حقوق الإنسان في شطري السودان
  • أشرف العشري: العلاقات المصرية الأمريكية مهتمة باستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط
  • كاتب صحفي: العلاقات المصرية الأمريكية مهتمة باستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • مقتل 16 سودانيا إثر أعمال عنف بجنوب السودان
  • «عبدالحفيظ»: المنظمات المعادية تحاول تحويل الإيجابيات لسلبيات في حقوق الإنسان
  • الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية !
  • المفوضية القومية لحقوق الإنسان تدين إستهداف المدنيين السودانيين بمدن جنوب السودان
  • عمليات الاستجابة الإنسانية بجميع المنظمات الإغاثية الدولية تستأنف عملها في غزة
  • محافظ لحج يبحث توسيع تدخلات المشاريع الإنسانية الجديدة مع المنظمات الداعمة الدولية