التعليم العالي: مبادرة «تحالف وتنمية» خطوة هامة نحو تحقيق رؤية مصر 2030
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي أهمية مبادرة (تحالف وتنمية) في تحقيق طفرة تنموية في الأقاليم الجغرافية المختلفة بمصر، وتعزيز التعاون العلمي والبحثي بين الجامعات المصرية، ومجتمع الصناعة والأعمال، والمؤسسات الإنتاجية.
وأشار إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى دعم التحالفات الإقليمية في بناء التنمية الشاملة ضمن رؤية مصر2030، ورؤية الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي2030، وذلك من خلال دمج مفاهيم الجيل الرابع للتعليم العالي والبحث العلمي في بناء المجتمع، وتضافر رسائله الأربع (التعليم، البحث العلمي، خدمة المجتمع، ريادة الأعمال)، بهدف أن تكون وسيلة للتنمية الشاملة المستدامة.
وأشار الوزير إلى أن (تحالف وتنمية) هي مبادرة رئاسية، وتحظى بمتابعة مستمرة من القيادة السياسية، وقد خصصت الوزارة مبلغ مليار جنيه من الجهات المانحة لتفعيل هذه المبادرة، موضحًا أن كلمة تحالف وتنمية اختصارًا لما يتضمنه من تحالفات على المستوى الأكاديمي والعلمي والبحثي والصناعة.
وأشار إلى أنه تم البدء في تنفيذ المبادرة من خلال التحالفات الإقليمية السبعة التى أعلنت الوزارة عن تشكيلها عقب إطلاق الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالى والبحث العلمي التي ارتكزت على 3 محاور (إستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، والتحول نحو جامعات الجيل الرابع، والعلاقة بين منظومة التعليم العالي والبحث العلمي وخطة التنمية الشاملة لمصر)، لافتًا إلى أن المبادرة بدأت بإنشاء لجنة من الحكماء للتخطيط، ضمت جميع المنظومات الأخرى بجانب الجامعات الحكومية.
وأوضح الدكتور أيمن عاشور أن أهداف المبادرة تقوم على عدد من المحاور، من بينها تعزيز فكرة التحالفات الإقليمية بين الجامعات والصناعة والهيئات الحكومية على مستوى الإقليم، ودور هذه التحالفات في بناء التنمية الشاملة، والخروج بخطط تنمية نابعة من الإقليم، بدراسات أجريت على أسس علمية، يمكن للحكومة تطبيقها ودمجها بخطط التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن عمل المبادرة سيشمل توجيه جزء من الدعم المالي في التعليم والبحث العلمي لدعم فكرة التحالفات للتكامل على أكثر من مستوى، والمشاركة في بناء دوائر بحثية متكاملة قادرة على خلق اقتصاد المعرفة.
وأكد الوزير أن مبادرة (تحالف وتنمية) ستسهم فى تمويل المشروعات البحثية المفيدة لمسارات التنمية بأرقام ومبالغ غير مسبوقة، كما ستسهم فى تفعيل قانون حوافز الابتكار، وأخذ المبادرة لتوطين الصناعة وتعزيز الابتكار بإنشاء شركات بحثية تساهم فى تحقيق التنمية المنشودة.
وأشار الوزير إلى أنه منذ إطلاق الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي2030 مارس الماضي فقد حققت العديد من إنجازاتها وأهدافها وفقًا لمبادئها السبعة، وهي (التكامل، التخصصات المُتداخلة، التواصل، المشاركة الفعالة، الاستدامة، المرجعية الدولية، الابتكار وريادة الأعمال)، بما يدعم تحويل المؤسسات التعليمية إلى مؤسسات ابتكارية تُسهم فى جذب الكوادر العلمية المتميزة، وبناء نظام بيئي قوي يُسهم في تطوير المؤسسات التعليمية.
وأوضح أنه تم توقيع 6 تحالفات حتى الآن، وهي (الإقليم الشمالي، إقليم وسط الصعيد، إقليم جنوب الصعيد، إقليم الدلتا، وإقليم القناة وسيناء، إقليم شمال الصعيد)، لافتًا إلى أن الفترة القادمة ستشهد توقيع تحالف إقليم القاهرة الكبرى، وهو آخر التحالفات لتكتمل التحالفات السبع للأقاليم الجغرافية.
وأكد عاشور أنه بعد اكتمال تشكيل التحالفات السبعة، سيتم بعد ذلك تشكيل المجلس التنفيذي للإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي لوضع خطط عمل التحالفات، ويضم المجلس ممثلي هذه التحالفات، مؤكدًا أهمية هذه التحالفات في تحقيق التكامل بين الجامعات والمراكز البحثية والجهات الصناعية والزراعية والإنتاجية، وتوظيف البحث العلمي لخدمة الصناعة، ومواجهة التحديات المختلفة التي يواجهها كل إقليم جغرافي، بما يعود بالنفع على تطوير المناهج الدراسية والبرامج والتخصصات البينية.
وأشار الوزير إلى نموذج نجاح مصرى لفكرة التحالفات والشركات البحثية المنبثقة عن المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وهو الإعلان عن ابتكار سيارة كهربائية مصرية بإنتاج محلى، وذلك بتعاون وثيق بين الجامعات والقطاعات الصناعية، مؤكدًا أن السوق المصرى سيشهد قريبًا طرح تلك السيارة لتكون علامة على إمكانية مساهمة الجامعات فى خدمة الصناعة والارتقاء بها.
اقرأ أيضاً"التنظيم والإدارة" يعلن موعد امتحان وظائف التعليم العالي
التعليم العالي: تعاون مُشترك بين «شيديان الصينية» و«تيدا مصر» لإنشاء جامعة تكنولوجية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزير التعليم العالي والبحث العلمي رؤية مصر 2030 الدكتور أيمن عاشور الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي م بادرة تحالف وتنمية للتعلیم العالی والبحث العلمی الوطنیة للتعلیم التعلیم العالی تحالف وتنمیة بین الجامعات فی بناء إلى أن
إقرأ أيضاً:
اصلاح التعليم العالي: هل يصلح العطار ما أفسده الدهر
بقلم : ذ. محمد مفضل
هل يمكن اصلاح منظومة تعليمية تعرضت للتدهور لفترة طويلة؟ و هل هناك محاولات جادة مبنية على نظرة استراتيجية بعيدة المدى؟ قد يكون الجواب المتسرع بنعم أو لا مجانبا للصواب لأن عملية الإصلاح معقدة و تتطلبمقاربة ميدانية تبحث في مكامن النجاح و الخلل و في المتدخلين في العملية و مدى مقاومتهم أو استعدادهم لتنزيل الإصلاح على أرض الواقع.
أحيل في البداية على خلاصات عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو حول علاقة المجتمع بالتعليم، حيث تؤكد نظريته السوسيولوجية على دور مؤسسات التعليم في إعادة انتاج التفاوت الاجتماعي. لم تكن هذه الخلاصة أكثر صدقا وواقعية في وصفها لواقع التعليم الجامعي في المغرب مثل اليوم و خصوصا مع انتشار الجامعات الخاصة التي تحقق لمنتسبيها النجاح الأكاديمي و تعزز رأسمالهم الثقافي و مكانتهم الاجتماعية، في حين أن الجامعات العمومية، خصوصا ذات الولوج المفتوح، تبقى ملجأ لعموم الطلبة حيث الاكتظاظ و الهدر و ضعف الإمكانات و التكوين و يبقى فشل أغلب الطلاب في تحقيق الرأسمال الثقافي المطلوب دليلا، في الخطاب الرسمي، ليس على فشل المنظومة بل فشلهم كأفراد منتمين إلى طبقات غير محظوظة. هكذا يصبح الفشل قدرا طبقيا و ليس نتيجة لإصلاحات و سياسات فاشلة.
نبه بازل برنشتاين، عالم الاجتماع البريطاني إلى دور التعليم في إعادة انتاج التفاوت الاجتماعي كذلك، لكن من منظور لغوي، حيث يميل النظام التعليمي، حسب رأيه، إلى تفضيل اللغة الأكثر تعقيدا و تجريدا و التي تستخدمها الطبقات الوسطى و ما يتبع ذلك من تفوق في اللغات و التقنيات، الأمر الذي يجعل الطلبة من طبقات دنيا في وضع غير متكافئ.
تساهم الجامعة في المغرب في توزيع المعرفة و السلطةبطريقة غير متكافئة، و لعل آخر إصلاح للتعليم العالي يشهد على تأثير الفوارق الاجتماعية على التعليم وإعادة انتاجها من طرف هدا الأخير. تم تنزيل نسخة جديدة من الإصلاح الجامعي [إسريESRI] ، الميثاق الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي و البحث العلمي و الابتكار بداية السنة الجامعية2023-2024 ، و يتضمن ضمن محاور أخرى، مهمة دمج المهارات الرقمية و اللغوية و مهارات الحياة في المنظومة البيداغوجية الجديدة. وفرت الوزارة بعض المناصب المالية الخاصة بتوظيف أساتذة محاضرين و تمويل شراء حواسيب للكليات، لكنها لم توفر مهندسين و تقنيين كما وعدت بذلك الوزارة لمؤازرة الأساتذة في تنزيل هذا الإصلاح.
تنزيل الشق المتعلق باللغات الأجنبية و مهارات القوة أبان عن مشاكل قيمية و هيكلية لها علاقة بالسياق العام للسياسات التعليمية بالمغرب. بالنسبة للغات، تعاقدت الوزارة مع منصة أمريكية لتعليم اللغات بمبالغ كبيرة، روزيطا ستون، التي تتعامل مع الطالب كزبون توفر له منتوجا موحدا و من المفروض أنه، أي الطالب، يتوفر على وسائل التواصل مع المنصة و الاشتغال عليها.
نظرا لكثرة المشاكل التقنية المتعلقة بتفعيل الحسابات على منصة روزيطا و استعمالها للتعلم، أصبح همٌ أغلب الطلبة هو حل المشاكل التقنية التي لها علاقة بالمعرفة الرقمية للطلبة، و بعدم تطابق الهواتف مع المنصة، و عدم توفر الطلبة على رصيد بهواتفهم للاشتغال بالمنصة عن بعد، و عدم احتساب المنصة لساعات الاشتغال على المنصة [ضرورة انجاز 30 ساعة في اللغتين الفرنسية و الإنجليزية]، هذه الوضعية الأخيرة دفعت بعض الطلبة، لعدم توصلهم لأي تفسير أو تأويل لهذه الوضعية، إلى استعمال برمجيات بمقابل للرفع من عدد الساعات المسجلة في حسابهم في روزيطا، الأمر الذي أفسد العملية برمتها. كما أن مئات الطلبة، رغم توفرهم على حساب بروزيطا، لا يتم استدعاؤهم لاجتياز الامتحانالنهائي رغم توفرهم على شرط 30 ساعة، لأن أسماءهم غير متضمنة في تقارير روزيطا. أين هي عملية التعلم؟ ضاع انتباه و جهد الطلبة في حل مشاكل تقنية لم يجدوا من يساعدهم على حلها، و في آخر المطاف يُحمل الطالب و الأستاذ مسؤولية فشل جزء من إصلاح المنظومة البيداغوجية، رغم أن مصدر الفشل هو مؤسساتي حيث لم توفر المؤسسة الوسائل التقنية و الموارد البشرية اللازمة لإتمام العملية في أحسن الظروف كما يتم فعلا في مؤسسات التعليم العالي الخاصة التي لا تعرف مشاكل من هذا النوع.
الوجه الثاني للإصلاح البيداغوجي المتعلق بمهارات القوة هو أكثر قبحا من حيث المحتوى و من حيث التدبير التقني و من حيث شروط التقييم. جل وحدات مهارات القوة لا تستجيب لشروط التعليم الجامعي، مجرد وحدات لتلقين معلومات يمكن الحصول عليها باستعمال الانترنت والذكاء الاصطناعي. هل يحتاج طالب بكلية العلوم مثلا أن يعرف فنون الطبخ و الفنون الشعبية كأغاني العيطة، أو أن يعرف تواريخ المعارك؟ من الأكيد أن هناك خلل في التصور، تصور للثقافة كفلكلور، كأرقام و تواريخ، كأسماء و مسميات، كلٌ متشظي لا يستطيع دماغ الطالب جمعه إلا لحظات ثم يهوي الكل إلى فج عميق من النسيان. رغم ضعف المضمون الذي تم تجميعه بمقابل، و رغم دهشة الطالب أمام تدني مستوى المعرفة الملقنة بالجامعة المغربية، يعيش الطالب، تحت ضغط الضرورة، في وهم التعلم على منصة أخرى اسمها مودل، و التي تقدم ما أنتجه الإصلاح، من فيديوهات و دروس توجد محتويات أحسن منها بفضل نقرة في عالم الانترنت. عندما حلت لحظة المراقبة المستمرة، اجتاز الطالب امتحانا في المنزل بمساعدة الذكاء الاصطناعي و وسطاء بمقابل أو دون مقابل، و حصل أغلب الطلاب على 20، 19 أو 18/20، تحتسب بنسبة 50 بالمائة من النقطة النهائية، في مؤسسات التخصص العلمي، حيث قد تمنح شهادة لطالب نجح أكثر في وحدات بعيدة عن تخصصه العلمي، بفضل نقط قد تكون غير مستحقة. هكذا يتم دعم التكوين العلمي. ثم يأتي الامتحان النهائي الحضوري على المنصة، فيجتاز الطلبة الامتحان في قاعات الامتحان أو بالمنزل[!]، بمساعدة وسطاء أو برمجيات الذكاء الاصطناعي، وتتكرر نفس المهزلة.
ما يشهد عليه هذا التنزيل للإصلاح البيداغوجي هو عدم تحقق الأهداف التي كان مخططا لها، لم يتعلم الطالب اللغة بطريقة بيداغوجية جديدة ومتطورة، بل كان همه حل المشاكل التقنية، و مشاكل الاتصال و الانفصال، الامر الذي تركه هائما في عالم من التيه و التساؤل لا يفارق فكره، ماذا يقع حولنا؟ من المسؤول؟ أين الإصلاح؟ ثم يعيد نفس الأسئلة عندما يتذكر امتحان مهارات القوة، ويبتسم في قرارة نفسه، و يشكر الذكاء الاصطناعي و كرم الإنترنت.
من هو المسؤول و من هو الضحية؟ أرجو أن يجيب المسؤولون عن هذا الإصلاح عن هذه الأسئلة حتى يقتنع العطار أن ما أفسده الدهر يصعب إصلاحه بمساحيق سطحية. تربة الإصلاح أعمق من ذلك و تحتاج إلى عطار من نوع خاص، ينصت لنبضات الثقافة المحلية و متطلبات الانخراط الجدي في الحداثة.