لن يحقق اتفاق التطبيع المحتمل بين إسرائيل والسعودية، بوساطة أمريكية، السلام في الشرق الأوسط، بل سيزيد حدة الصراع، ولاسيما في الخليج، ولذلك على واشنطن أن تمارس نفوذا حقيقيا على تل أبيب.

تلك القراءة طرحها بول بيلار، وهو محلل استراتيجي وضابط سابق في المخابرات الأمريكية، في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد".

وقال بيلار إن "هناك هدفان خلف سعي إسرائيل إلى إقامة علاقات رسمية كاملة مع الدول العربية، وخاصة السعودية، أولهما هو استخدام مثل هذه العلاقات كأساس إضافي لتحالف عسكري معزز ضد إيران".

وبيَّن أن هذا من شأنه "توسيع سياسة إسرائيل المتمثلة في تعزيز أقصى قدر من العداء والعزلة لإيران. وبدلا من جعل الشرق الأوسط أكثر سلاما، فإن مثل هذا التطور لن يؤدي إلا إلى زيادة حدة وتفاقم خطوط الصراع في الخليج".

وتابع: "أما الهدف الإسرائيلي الآخر، وهو الأقوى، فيتمثل في التمتع بعلاقات ودية مع الدول الإقليمية الأخرى، والإظهار لبقية العالم أنها قادر على إقامة مثل هذه العلاقات، على الرغم من استمرار احتلالها الأراضي الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير. باختصار، بالنسبة لإسرائيل، تحسين العلاقات مع العرب يدور حول عدم الاضطرار إلى صنع السلام، وخاصة مع الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً

مقترح أمريكي لـ"اليوم التالي" يضمن عودة السلطة إلى غزة وتطبيع السعودية

عواقب سلبية

و"مؤخرا، أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات يرفض فيها بشدة إقامة دولة فلسطينية، وبالتالي، حتى لو حصلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على الصفقة السعودية الإسرائيلية التي طال انتظارها، فإن الاتفاق ستكون له عواقب سلبية متعددة"، بحسب بيلار.

ومقابل التطبيع، تأمل السعودية في توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة أكثر تطورا، ودعم برنامج نووي مدني، بالإضافة إلى التزامات إسرائيلية لا رجعة فيها نحو إقامة الدولة الفلسطينية.

لكن بيلار قال إن "البطء الإسرائيلي اللاحق (بعد التطبيع) أو الإلغاء الصريح للأحكام الفلسطينية لمثل هذه الصفقة من شأنه أن يترك الدولة الفلسطينية بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى".

وأردف أن "أي أعمال عنف (مقاومة) فلسطينية ضد الإسرائيليين من شأنها أن تعطي نتنياهو ذريعة، كما هي الحال مع مذكرة واي ريفر، لإنهاء تنفيذ الجانب الفلسطيني في الصفقة. وسيحظى الفلسطينيون بمصدر آخر للإحباط والغضب".

اقرأ أيضاً

كاتب إسرائيلي يرجح قرارا من مجلس الأمن بإقامة دولة فلسطين

نفوذ حقيقي

في الوقت نفسه، وفقا لبيلار، "ربما لن يتم التراجع عن تطبيع العلاقات الدبلوماسية السعودية الإسرائيلية، بالنظر إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيرغب في الحفاظ على الخدمات التي حصل عليها من الولايات المتحدة".

ورجح أن "إسرائيل، بعد أن حصلت على هذه الجائزة الدبلوماسية (التطبيع مع السعودية) وهو شيء آخر سيحتاجه نتنياهو على أمل إنقاذ حياته المهنية (في ظل الحرب على قطاع غزة)، سيكون لديها حافز أقل من ذي قبل لتقديم تنازلات للفلسطينيين في المستقبل".

وحذر من أن "مساعدة البرنامج النووي السعودي من شأنها أن تزيد من حالة عدم اليقين في الخليج ومن خطر حدوث سباق تسلح نووي بين السعودية وإيران".

بيلار رأى أنه "بدلا من محاولة القيام بعملية معقدة تعتمد على طموحات ولي العهد السعودي، تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في علاقتها الثنائية مع إسرائيل".

وأوضح أن "التقدم في وقف المعاناة بغزة وتحقيق السلام الدائم، سيتطلب من الولايات المتحدة أن تمارس نفوذا دبلوماسيا وعسكريا حقيقيا لدفع إسرائيل إلى اتجاه المصالح الأمريكية، وليس العكس".

اقرأ أيضاً

اجتياح مرتقب لرفح.. نتنياهو يُغرق التطبيع والسلام في حمام دم

المصدر | بول بيلار/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل السعودية تطبيع إيران دولة فلسطينية الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

لماذا غابت غزة عن الكونغرس رغم أن فريق ترامب سيلعب دورا مهما مع إسرائيل؟

نشر موقع "ذي انترسبت" الأمريكي، تقريرا، أعدّه مات سليدج، قال فيه إنّ: "وزير الدفاع المرشح، بيت هيغسيث، ووزير الخارجية المرشح، ماركو روبيو، سيعلبان دورا مهمة في السياسة الأمريكية المتعلقة بإسرائيل، لكنهما بجلسة الاستماع بمجلس الشيوخ لم يتعرضا لتدقيق كبير بشأن مواقفهما من حرب الإبادة في غزة".

وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "هيغسيث أثناء الإدلاء بشهادته أمام مجلس الشيوخ، الثلاثاء، والتي استمرّت أربع ساعات، لم يواجه سوى سؤالا واحدا عن غزة. وكان ذلك ردّا على احتجاج منظمة -كود بينك-".

"أعلن هيغسيث، ومرشّح وزارة الخارجية، ماركو روبيو، عن دعمهما غير المشروط لإسرائيل، خلال جلسات تأكيد تعيينهما هذا الأسبوع، ولكنهما لم يواجها سوى قدر ضئيل من التدقيق بشأن استجابة الولايات المتحدة للخسائر المدنية وخطر المجاعة الجماعية في غزة" أوضح التقرير نفسه.

وتابع: "بدلا من ذلك واجه هيغسيث الأسئلة التي وجّهها أعضاء المجلس إليه حول شخصيته وصلاحيته للمنصب، أما روبيو فقد حذّر من خطر الصين. وتمسّك الديمقراطيون في الغالب بقائمة من الأسئلة التي لم تسلط الضوء على الانقسامات داخل حزبهم".

واسترسل: "في إشارة لجلسة الاستماع التي عقدها هيغسيث، قال أحد أعضاء جماعة ضغط على الكونغرس من أجل زيادة الضغوط على إسرائيل إنه: منزعج من الافتقار إلى الجوهر".

وقال حسن الطيب من مجموعة "لجنة الأصدقاء للتشريعات الوطنية" في جماعة الكويكر إنّ: "أهم ما يحبط في مشاهدة تلك الجلسة هو الافتقار إلى الاهتمام بكيفية تأثير الجيش الأمريكي حقا على مليارات البشر على هذا الكوكب؛ وكان هناك الكثير من القضايا الملحّة والقضايا الوجودية للولايات المتحدة، وحلفائنا والكون ككل والتي لم يتم تناولها".


ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لعب وزير الدفاع الحالي، لويد أوستن، ما يوصف بـ"الدور الرئيس" في تحديد علاقة إدارة بايدن بدولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ كان يتواصل مع وزير الحرب الإسرائيلي، ويشرف على شحن الأسلحة مثل القنابل التي تزن 2000 رطلا إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف التقرير نفسه، أنه: "فيما يلعب وزير الدفاع دورا في العلاقات الأمريكية مع إسرائيل، لم يطرح الموضوع إلا بالكاد يوم الثلاثاء، خلال جلسة الاستماع لخليفة أوستن المحتمل".

"بدلا من ذلك، هيمنت على جلسة الاستماع الخاصة بهيغسيث أسئلة الديمقراطيين حول عاداته في الشرب واتهامات الاعتداء الجنسي والخيانة الزوجية والأسئلة الأكثر الخفيفة والودية من الجمهوريين الذين كانوا يسعون إلى دعم ترشيحه" بحسب المصدر ذاته.

وأكد: "كانت الفترة الوحيدة التي خرجت فيها الجلسة عن النص، عندما سأل النائب الجمهوري عن أركنساس توم كوتون، هيغسيث، عددا من الأسئلة حول إسرائيل. وأشار كوتون إلى أن المحتجين من مجموعة الناشطين "كود بينك" عطّلوا الجلسة بانتقادات لهيغسيث وطلبوا منه الرد".

وقال كوتون: "أدعم الحرب الوجودية التي تقوم بها إسرائيل في غزة، وأفترض أنكم مثلي والرئيس ترامب تدعمون هذه الحرب، أليس كذلك؟" فرد هيغسيث "سناتور، نعم، وأدعم  تدمير إسرائيل وقتل كل عنصر بحماس".

وأبرز التقرير: "في اليوم التالي لجلسة الاستماع التي عقدها هيغسيث، واجه روبيو أسئلة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إذ بدأت تفاصيل وقف إطلاق النار في غزة تتّضح. ولم يكن هناك سوى سؤال واحد من السيناتور الديمقراطي عن أوريغان، جيف ميركلي، واقترب فيه من انتقاد إسرائيل".


وقال: "أنا، بالمناسبة، أؤيد تماما إسرائيل وقدرتها في الرد على حماس، لكنني أشعر بقلق بالغ بشأن كيفية تطور الأمر من حيث الظروف الإنسانية الهائلة في غزة. هل ستساعد في قيادة العالم في الاستجابة لتلك الظروف الإنسانية؟". 

وأضاف سؤالا آخر حول ما إذا كان روبيو سوف يدعم اتفاقا إقليميا يهدف إلى متابعة حل الدولتين. ولم يرد روبيو مباشرة إن كان سيعمل على تخفيف معاناة أهل غزة، بل انتقل للحديث عن دعمه لاتفاق وقف إطلاق النار.

وقال أيضا إنّ: "وقف إطلاق النار، إلى جانب هروب بشار الأسد من سوريا وإنتخاب رئيس جديد في لبنان، من الممكن أن تؤدي إلى اتفاق إقليمي أوسع"، وأردف: "لا نعرف على وجه اليقين بعد، ولكن هناك فرص موجودة الآن في الشرق الأوسط لم تكن موجودة قبل 90 يوما.

وتابع: "سواء بسبب ما حدث في لبنان أو ما حدث في سوريا وما نأمل أن يحدث مع وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى بعد الاحتجازات المروعة لهم".

وفي جزء من الجلسة، انتقد روبيو، المحكمة الجنائية الدولية لإصدارها مذكرتي اعتقال ضد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق، يواف غالانت. وقال الطيب، الذي ساعد لمنع شحنات الأسلحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، إنه: "ليس من المستغرب أن يتبنى مؤيد إسرائيل القوي منذ فترة طويلة مثل هذا الموقف".


ومع ذلك، قال إنّ: "اتفاق وقف إطلاق النار الذي باركه روبيو، قد يعيش أو يموت بناء على ما إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد لمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق".

وقال الطيب: "لم أر أي شيء من روبيو في تلك الجلسة يقول إنه على استعداد لممارسة أي قدر من النفوذ مع الحكومة الإسرائيلية إذا سارت الأمور على نحو خاطئ، وهو ما أعتقد أنه سيكون مهما حقا".

مقالات مشابهة

  • لماذا غابت غزة عن الكونغرس رغم أن فريق ترامب سيلعب دورا مهما مع إسرائيل؟
  • حظر التطبيع مع إسرائيل.. جمال عبد الرحيم يكشف أهم توصيات اجتماع المكتب الدائم للصحفيين العرب
  • هبوط اضطراري لطائرة الخطوط السعودية في جازان .. فيديو
  • درس غزة القاسي.. لماذا انهزمت إسرائيل إستراتيجيا رغم فداحة التدمير؟
  • كيف سينعكس اتفاق غزة على العلاقات بين الفصائل الفلسطينية؟
  • كاتب صحفي: إسرائيل تريد وطنا قويا لليهود في غزة
  • مستشار ترامب: التطبيع بين إسرائيل والسعودية أولويتنا القصوى 
  • لماذا تخلت حماس عن خطوطها الحمراء مع إسرائيل؟
  • السعودية وروسيا تبحثان المستجدات الإقليمية
  • مستجدات صفقة وقف إطلاق النار .. ماذا تريد إسرائيل وحماس؟