تُعرض في الطابق الثاني بمكتبة القديس مرقس في فينيسيا بإيطاليا، خريطة للعالم تشغل حجرة بأكملها، نظرا لأهميتها التاريخية، وهي مربعة الشكل ويصل طول ضلعها الواحد إلى مترين وأربعين سنتيمترا.

المدهش أن الخريطة تعود للعصور الوسطى وراسمها رجل لم يغادر موطنه قط.

اكتلمت الخريطة في عام 1459، وعرفت باسم "مابا موندي" وضمت كل المعارف الجغرافية المتاحة في ذلك الوقت، ويمكن اعتبارها أعظم الخرائط التي رسمت في العصور الوسطى على الإطلاق، بحسب تقرير لـ"بي بي سي".



ورغم أن الكاهن لم يخرج من فينيسيا في حياته، إلا أن الخريطة التي رسمها تتسم بدقة عالية في تصوير المدن، والمقاطعات والأنهار، وبالطبع لا وجود لأمريكا لأنها لم تكن قد اكتشفت بعد.

وفي حين لم تكن أستراليا موجودة، فإن اليابان تظهر في الخريطة، وسماها ماورو "سيبانغو"، وكانت هذه أول خريطة غربية تظهر اليابان، كذلك تم رسم القارة الأفريقية بدقة عالية بما يوضّح قابلية الإبحار حولها، وذلك قبل وقت طويل من قيام البرتغاليين بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح في عام 1488.

والخريطة هي أقدم خرائط العصور الوسطى الموجودة، كما تؤكد فرانشيسكا مريديث، مؤلفة كتاب "هنا يبدأ البحر الأسود"، وتصف الخريطة أيضا بأنها أكثر خرائط العصور الوسطة اكتمالا وقربا من الخرائط الحديثة، وتضيف: "إنها أول خريطة تعتمد على العلم أكثر من الدين، أمّا خريطة هيريفورد فكانت دعائية دينية".

وبغض النظر عن حدود القارات والدول، قام فرا ماورو، برسم القصور الرائعة، باللونين الذهبي والأزرق، وكذلك رسم الجسور، والسفن المبحرة، وسط الأمواج الزرقاء، وبعض المخلوقات البحرية، كما كتب 3 آلاف صفحة باللغة الفينيسية القديمة تروي الأساطير والحكايات القديمة.

وتسمح الخريطة لنا بأن ندخل إلى عقل كاهن في القرون الوسطى، وكيف كان يرى العالم، فالعالم لم يكن صغيرا في عينيه رغم أنه عاش حياته بأسرها في فينيسيا، وقد اكتسب فرا ماورو الكثير من المعارف من وصف المسافرين، والتجار الذين التقى بهم بكثافة بسبب إقامته في المدينة التجارية التي كانت مزدهرة.

يقول المؤرخ بيرالفيز زورزي: "كانت الخرائط أساسية للتجارة لأنه إذا كان لديك خريطة جيدة، فيمكنك الذهاب إلى أي مكان.. كل ابتكار في مجال رسم الخرائط كان موضع ترحيب في البندقية، وكان يُدفع مقابله أجر جيد".

وكان مصدر معلومات ماورو بخصوص آسيا تاجر فينيسي ورحالة شهير هو ماركو بولو، الذي نشر شهاداته حول الرحلات التي قام بها شخصيا، قبل رسم الخريطة بنحو 150 عاما، وبين المواقع الموجودة على الخريطة أكثر من 150 موقعا يمكن تتبعها مباشرة حتى كتاب ماركو بولو.

وتبدو خريطة ماورو التي اعتمدت على مصادر كثيرة أخرى، مقلوبة بالنسبة للأوروبيين فالجنوب بدا في الأعلى، وهو ما يشير إلى تأثر ماورو بالخرائط العربية القديمة، وعلى رأسها خريطة العالَم، للعاِلم المغربي محمد الإدريسي والتي رسمها في القرن الثاني عشر.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي من هنا وهناك المرأة والأسرة حول العالم حول العالم فينيسيا الخرائط خرائط جغرافيا فينيسيا حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

"القبطان" يغادر ميناءه.. ويودع نوارسه

"وَما المَرءُ إِلّا كَالشِهابِ وَضَوئِهِ// يَحورُ رَمادًا بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ".. هكذا قال الشاعر القديم لبيد بن ربيعة في واحد من أشهر أبيات الرثاء في الشعر العربي، والذي أراه ينطبق بشدة على رحيل الفنان الكبير نبيل الحلفاوي مؤخرًا.

وها قد رحل "القبطان" مغادرًا ميناءه الكبير (مصر)، ومودعًا النوارس (جمهوره) التي عشقته على مدى عقود من الفن الراقي - سينما ودراما تليفزيونية - ولم لا، وهو الذي دخل القلوب بلا استئذان، كأنه أبوك أو أخوك أو صديقك الذي تطمئن إليه، فتصدقه على الفور؟

لقد جسد الحلفاوي "فضيلة الاستغناء"، فلم يضبط يومًا بأداء دور لا يعجبه لمجرد التواجد فقط، أو بحثًا عن المال الذي يعين الناس على مواصلة الحياة، ولذا حملت أدواره المتنوعة - على قلتها مقارنًة بمجايليه - بصمات مضيئة في دنيا التشخيص الدرامي، فتارًة تجده يحلق عاليًا في دور "نديم قلب الأسد" رجل المخابرات الأريب في المسلسل الملحمي "رأفت الهجان"، وتارًة أخرى تجده متوهجًا في دور الشهاب "زكريا بن راضي" كبير البصاصين في التحفة الفنية "الزيني بركات"، وتارًة ثالثة يكاد يلامس السحاب في دور "القبطان" بالفيلم الرائع "الطريق إلى إيلات"، وغيرها.. وغيرها الكثير.

وإذا كانت مصر دائمًا ولّادة بالممثلين الكبار - وهم كُثر- من الذين يتقمصون شخصياتهم الدرامية بحنكة وبراعة، فنصدقهم ونتفاعل معهم، فإن الحلفاوي كان من تلك القلة النادرة من هؤلاء المبدعين الذين لا نصدقهم وكفى، ولكن نحبهم أيضًا في معادلة غريبة إنسانيًا قبل أن تكون فنيًا.

ويبدو أن السر في ذلك يعود إلى شخصية الراحل الكبير الذي حمل سمات "النبل الإنساني" من اسمه، فهو "نبيل" قلبًا وقالبًا، إذ حمل بين جنبيه سلامًا وهدوءًا مدهشيْن استحالت معهما الحياة عنده إلى جوهرها الحقيقي "البساطة" التي تنتفي معها كل الصراعات والتجاذبات.

منذ عدة سنوات، كتبت عن الراحلة الكبيرة محسنة توفيق حين انتقلت إلى ربها أنها نموذج مثالي للمرأة المصرية، أو هي "بهية" بالمفهوم الحضاري المصري، وأظن أن الحلفاوي - رحمه الله- هو "المعادل الموضوعي" لـ "بهية"، فهو "المصري الحقيقي" بروحه الصافية وبسمرته الأنيقة وبرقيّه الإنساني والأخلاقي. رحمك الله يا قبطان وأدخلك فسيح جناته!

مقالات مشابهة

  • "القبطان" يغادر ميناءه.. ويودع نوارسه
  • «ثقافة الشيوخ» توصي بإدراج محافظة المنيا على الخريطة السياحية
  • ثقافة الشيوخ تناقش اقتراحا برغبة بشأن وضع محافظة المنيا على الخريطة السياحية
  • المفتى: الإسلام وضع ضوابط مرنة تتناسب مع معطيات كل العصور
  • برلمانية: الخريطة السياسية تغيرت بعد ظهور حزب مستقبل وطن
  • تربية التماسيح بغرب سهيل النوبية بأسوان تقليد يجذب السياح على مر العصور
  • من صحراء المغرب إلى فيافي الجزائر.. إيطالي ينقذ نفسه بدماء الخفافيش!
  • الجمل يحطُّ رحاله في أبرق الرغامة
  • بعد أدائه مناسك العمرة.. نائب رئيس نيجيريا يغادر جدة
  • الرجاء المغربي يفسخ عقد بوزوق بسبب أزمة الخريطة