ميتة واحدة ودفنان .. غزة تجدد الأحزان كلما انتقل جثمان
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
سرايا - بعد انسحاب الجيش الصهيوني وآلياته من مدينة غزة ومحافظة الشمال بالقطاع خلال الأيام الماضية، شرع الفلسطينيون بإعادة فتح القبور المؤقتة "للشهداء" في الشوارع والمرافق العامة ومراكز الإيواء بهدف نقلها إلى المقابر العامة.
وكانت بعض العائلات قد اضطرت إلى دفن الجثامين في مقابر مؤقتة أثناء توغل الجيش الصهيوني برا في غزة والشمال، بسبب عدم قدرتها على الوصول إلى المقابر العامة بفعل الاستهداف الصهيوني لكل جسم متحرك.
وشهدت جميع مناطق قطاع غزة عمليات دفن للجثامين في مقابر مؤقتة أو جماعية، وخصوصاً في المناطق المحاصرة بمدينة غزة وشمال القطاع، فضلاً عن انتشار عمليات الدفن العشوائي في باحات المدارس والمستشفيات والشوارع والأسواق.
وتعتبر المقبرة الشرقية شرق مدينة غزة ومقبرة الفالوجا في جباليا والمقبرة الغربية في بلدة بيت لاهيا هي المقابر الثلاث المصرح بالدفن فيها من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة والشمال.
ويتمكن المواطنون من الوصول إلى مقبرة الفالوجا على حدود مخيم جباليا، عند انسحاب الجيش الصهيوني من مناطق شمال القطاع، لكنها أصبحت ممتلئة عن آخرها، بعد دفن أعداد كبيرة من الشهداء فيها.
عائلة الصحفي أنس الشريف، نقلت جثمان والده جمال الشريف من قبره المؤقت داخل مركز للإيواء بمخيم جباليا إلى مقبرة الفالوجا.
وكان الجيش الصهيوني استهدف قبل شهرين منزل الشريف بمنطقة الترنس وسط مخيم جباليا، ما أسفر عن مقتل الوالد وهو مختار العائلة التي يوجد معظم أفرادها في المخيم.
وأجبرت العائلة في حينه على دفن جثمان فقيدها داخل باحة إحدى المدارس بسبب فرض الجيش حصارًا على المخيم من كل الجهات واستهداف جميع مناطقه، وفق شقيقه أبو اياد الشريف.
ويقول "أبو إياد"، إن "معظم الشهداء في تلك الفترة دفنوا في مراكز الإيواء والشوارع والحدائق العامة بسبب التوغل البري الصهيوني شمال قطاع غزة".
ويضيف: "اليوم بإعادة نبش القبور وإخراج جثامين الشهداء فتح الجرح مجددًا وتجددت الأحزان والأوجاع".
ويكمل: "هذا ديدن الاحتلال الصهيوني منذ 75 عامًا، القتل والتدمير والتشريد ومحاربة الأحياء والأموات"، مؤكدًا أن الدفن بمراكز الإيواء والشوارع والطرقات "أمر مرفوض".
وفي مدينة غزة، يصعب منذ بداية الحرب الصهيونية الوصول إلى المقبرة الشرقية نظرًا لوجودها في منطقة حدودية شرقية.
واضطر المواطنون في غزة إلى دفن قتلاهم في مقابر جماعية خاصة بالعائلات الغزية كمقبرة البطش وغيرها، لكن سرعان ما امتلأت عن بكرة أبيها بسبب العدد الكبير من الضحايا.
وشوهد عشرات من المواطنين في غزة ينبشون قبور الشهداء الموجودة في الشوارع وباحات المستشفيات ومراكز الإيواء وينقلون الجثامين إلى المقابر العامة.
وبينما كانت جموع من المواطنين تستخرج جثامين من ساحة مجمع الشفاء الطبي، يقول حسن أحمد (34 عامًا): "تتجدد الأحزان اليوم بنبش قبور الشهداء واستخراج جثامينهم لدفنها في مقابر المدينة، بعد انسحاب الجيش الصهيوني".
ويضيف أحمد النازح في مجمع الشفاء الطبي من غرب مدينة غزة: "اليوم يتم إكرام الشهداء بدفنهم في المقابر، فيما تواصل عائلات كثيرة البحث عن جثامين أبنائها تحت الأنقاض".
ويشن الجيش الصهيوني حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، خلفت حتى الاثنين "29 ألفا و92 شهيدا و69 ألفا و28 مصابا، معظمهم أطفال ونساء"، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، بحسب السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
ولا يزال 7 آلاف فلسطيني مفقودين في قطاع غزة منذ بداية الحرب، 70 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفق تقرير صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الجیش الصهیونی مدینة غزة فی مقابر قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
حكم ما يُسمى بـ"طلعة رجب" لتوزيع الصدقات عند المقابر
قالت دار الإفتاء المصرية إن الصدقة في الأيام والشهور الفاضلة مستحبة شرعًا، فقد روي عن محمد بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا». أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".
ومن المعلوم أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي رغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس في الإقبال على الطاعات فيها، وبالأخص ما يكون نفعه متعديًا؛ كالصدقات وإطعام الطعام.. ونحو ذلك.
فعن نُبَيْشَةَ رضي الله عنه، قال: نادى رجل وهو بِمِنًى فقال: يا رسول الله، إنا كنا نَعْتِرُ عَتِيرَةً في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «اذْبَحُوا فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا». أخرجه النسائي في "سننه".
الصدقة
والصدقة عن الميِّت جائزة ومستحبة شرعًا ويصل ثوابها له، سواء أكان التصدق عن الميت في شهر رجب، أم في غيره من الشهور، وهي في رجب وغيره من الأوقات الفاضلة أرجى ثوابا.
وأوضحت الإفتاء أنه لا يوجد حرج في توزيع هذه الصدقات عند القبر أو في أي مكان يتوارد عليه المساكين والفقراء وذوو الحاجة؛ لأن الجواز يعمُّ جميع الأزمنة والأحوال والأماكن متى روعيت الضوابط والآداب، وليس ثمة دليلٍ شرعي يدل على تخصيص هذا الجواز، فقصره على زمن دون زمن، أو على حال دون حال، أو على مكان دون مكان يعدُّ تضييقًا لما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
مشروعية الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليهأضافت الإفتاء أن من المقرَّر شرعًا جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه؛ وقد وردت جملة من الأحاديث النبوية الشريفة تدلُّ على ذلك؛ منها: ما ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا» متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ سعد بن عبادة رضي الله عنه توفِّيت أمه وهو غائب عنها، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» أخرجه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» أخرجه مسلم.
وقد أجمع الفقهاء على جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها للمتوفَّى ولم يُعرف بينهم خلاف فيه.
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (20/ 27، ط. أوقاف المغرب): [أمَّا الصدقة عن الميت فمجتمع على جوازها لا خلاف بين العلماء فيها] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 323، ط. دار الفكر): [أجمع المسلمون على أنَّ الصدقة عن الميِّت تنفعه وتصله] اهـ.
وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (2/ 83، ط. الأميرية): [الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة؛ صلاة كان أو صوما أو حجًّا أو صدقة أو قراءة قرآن أو الأذكار، إلى غير ذلك من جميع أنواع البر، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه] اهـ.
حكم توزيع الصدقات عند زيارة المقابر على روح المتوفين في شهر رجبأما بالنسبة لعادة بعض الناس في إخراج تلك الصدقة في زمان معين أو مكان محدد؛ وذلك نحو ما يفعله البعض من توزيع الصدقات في شهر رجب عند زيارة قبور الأقارب المتوفّين، وذلك بنية وهب ثواب إخراج الصدقة عند الميت، فهذا لا حرج فيه شرعًا، بشرط وصول ثواب هذه الصدقة إلى المقصودين.
والصدقة في الأيام والشهور الفاضلة مستحبة شرعًا، فقد روي عن محمد بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".
وعن لقيط بن عامر رضي الله عنه أنَّه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إِنَّا كُنَّا نَذْبَحُ ذَبَائِحَ فِي رَجَبٍ فَنُطْعِمُ مَنْ جَاءَنَا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا بَأْسَ» قال وكيع: لَا أَتْرُكُهَا أَبَدًا. أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار".