شبكة اخبار العراق:
2025-02-07@03:15:06 GMT

خيانة الحقيقة وكرم الثقافة

تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT

خيانة الحقيقة وكرم الثقافة

آخر تحديث: 20 فبراير 2024 - 9:35 صبقلم: فاروق يوسف يذهب عراقيو الخارج مدعوين إلى بلادهم ليساهموا في حفلة تزييف الواقع. فهم يلتقطون الصور في المطاعم والقاعات ومقاه بعينها ومجمعات التسوق كما يفعل الأجانب من غير أن ينشروا صورة واحدة عن الحياة اليومية كما هي من غير تزويق، فهم يحرصون على أن توجه إليهم مرة أخرى.

حين يتحدثون عما رأوه وعما عاشوه يظن المرء أنهم كانوا في واحدة من مدن الخليج وليس في بغداد. كل شيء طبيعي وكل شيء جيد. يقول لك أحدهم “ما تسمعه من أخبار لا يعبر عن الواقع”. ولسوء الحظ أن تلك الجملة ترددها أجهزة الإعلام في مختلف البقاع المنكوبة في محاولة لتكذيب الصورة التي يتداولها المراسلون المحايدون. تلك جملة مكررة وزائفة ولا تنقل الحقيقة يصر البعض على تحمل تبنيها طلبا لنفاق صار عادة مزمنة لم تنفع الكوارث في علاجها. ومما يجدر قوله هنا إن العراقيين لم يكونوا يوما مرضى بحب الوطن ولم تصل وطنيتهم إلى درجة الهوس كما هي الحال لدى شعوب عربية أخرى. غالبا ما كان العراقي يلجأ إلى التذمر والسخط والغضب في مواجهة أصغر مشكلة يواجهها ويكون النقد المتطرف سلاحه في الدفاع عن حقه المفترض. غير أن الشعوب بتراكم الأزمات تتغير. وهو ما يبدو على العراقيين وهم ينكرون ما وصل إليه وطنهم من رثاثة في ظل هيمنة الميليشيات على مؤسسات الدولة ومنها المؤسسات الثقافية التي صارت تُقاد من قبل أفراد ترشحهم تلك الميليشيات لتمثيلها في السلطة. أتذكر أن وفدا من اتحاد الأدباء زار ذات يوم زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي للسلام عليه والاهتداء بتوجيهاته. أيمكن بعد تلك الزيارة الحديث عن مؤسسات ثقافية وطنية مستقلة؟ لا أحد من أولئك المثقفين العراقيين الذين يذهبون باستمرار إلى العراق بدعوات رسمية كتب يوما ما عن الفقر هناك وهو ظاهرة صارت مرئية بسبب وقوع ملايين البشر تحت خط الفقر. لا أحد كتب عن خريجي الجامعات العاطلين عن العمل وتقارير الحكومة تفيد بأن نسبة البطالة تصل أحيانا إلى “40 في المئة” من بين القوى القادرة على العمل. لا أحد كتب عن انهيار قطاعي التعليم والصحة وانتشار الأدوية الزائفة. لا أحد كتب عن المخدرات التي صارت تفتك بشريحة الشباب حيث دخل مصطلح الكبسلة مفردة في معجم الحياة اليومية. يذهب أحدهم يوم الجمعة ليلتقط صورا في شارع المتنبي وهو أحد أزقة شارع الرشيد من غير أن يجرؤ على التقاط صورة واحدة في شارع الرشيد الذي صار ممرا تخترقه العربات التي تجرها الحمير في حين كان قبل عقود لا تسير فيه سوى السيارات الفاخرة. في كل الصور التي يلتقطها عراقيو الداخل يظهر ذلك الشارع الذي هو رئة بغداد كما لو أنه زريبة. لا أعتقد أن أحدا في النظام الطائفي كان قد وضع خيانة الواقع شرطا لتلبية دعواته التي توجه لمثقفين تختارهم مؤسساته بعناية لحضور مهرجاناته الثقافية المتلاحقة. ولكن العيب في المثقف نفسه. المثقف الذي قرر أن يخون مهمته في قول الحقيقة والاصطفاف وراءها ليلتحق بأعدائها الذين يصنعون واقعا قائما على الاحتيال والكذب والخديعة. وليس الصمت سوى واحد من وجوه ذلك النفاق. أن لا يقول المثقف شيئا في الأزمنة العصيبة التي يعيشها شعبه ووطنه فذلك نوع من الخيانة. ما من أحد من الذين ذهبوا إلى العراق للمساهمة في المهرجات الثقافية التي تُقام هناك لتلميع صورة النظام الطائفي اخترق جدار ذلك الصمت. الصور التي ينشرونها في مواقع التواصل الاجتماعي كانت كافية لفضح موقفهم المنسجم مع أهداف النظام الذي يعرفون جيدا أنه لا يتعامل معهم إلا باعتبارهم أدوات رخيصة قادرة على إشاعة النفاق وتطبيعه. ولكن قوائم المدعوين تخلو دائما من أسماء مبدعين عراقيين يقيمون في الشتات. وفي ذلك معان كثيرة. كثرة المنافقين وأعداء الحقيقة -ولا أقول الخونة- أمر طبيعي في كل المراحل التي مرت فيها الشعوب بأزمنة عصيبة. ما يهم أن هناك مثقفين عراقيين يقيمون خارج العراق رفضوا أن يكونوا شهود زور ولم يشاركوا في حفلات تلميع نظام طائفي معاد لأدنى شروط الإنسانية. مهما فعل أشباه المثقفين من أجل تزوير الواقع فإن في إمكان كلمة واحدة من مثقف حقيقي أن تُخرسهم. وليست مسألة حظ أن يمتلك العراق عددا من المثقفين الأوفياء له. فهو بلد كريم ومعطاء ولا يمكن سوى أن ينتج بناة لثقافة حية لا عمل لهم سوى الدفاع عن الحقيقة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: لا أحد

إقرأ أيضاً:

بوانو يرد على الطالبي بعد تصريحه حول "خيانة الانسحاب" من التصويت على قانون الإضراب

ساعات بعد تصريحات أدلى بها رئيس مجلس النواب في لجنة برلمانية، اتهم فيها المنسحبين من جلسة تشريعية بخيانة الوطن، عبر عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عن رفضه تصريحات الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب.

وقال بوانو صباح اليوم في تفسير التصويت على مشروع قانون الإضراب في جلسة عامة: « تفاجأت كثيراً أمس بتصريحكم، السيد الرئيس، وقولكم بأن الانسحاب خيانة لتمثيل الأمة وللسيادة، وبالتالي للفصل الثاني من الدستور ».

وأضاف بوانو: « إذا كان تصريحكم عاماً، فنحن نرفضه رفضاً باتاً، لأن الانسحاب سلوك سياسي دولي متعارف عليه، بل سلوك مارسته جميع الفرق بما فيها التجمع الوطني للأحرار. في فترة من الفترات، انسحبت كل الفرق من القاعة احتجاجاً على منهجية معينة ».

وقال القيادي في العدالة والتنمية أيضاً: « أما إذا كان المقصود من كلامكم ما حصل في مجلس المستشارين، في علاقة تلك النقابة برئيس الحكومة أو التزام بينهما، كان يجب أن يظل محصوراً هناك. لن نقبل أن نتهم عندما ننسحب أننا نخون وطننا أو نخون تمثيليتنا ».

وكان راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، قد حضر أمس في اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية للمصادقة على مشروع قانون الإضراب في قراءة ثانية، وتناول الكلمة وقال: « أعضاء البرلمان يمثلون الأمة كجزء من الدستور، ومن ثم هم يمثلون السيادة الوطنية »، مؤكداً أن الانسحاب من التصويت على مشروع قانون ينظم ممارسة حق الإضراب هو « خيانة للسيادة الوطنية، بما أن المواطن المغربي منحنا صوته كي ننوب عنه في ممارستها »، في إشارة إلى انسحاب نقابة « موخاريق » من الجلسة العامة للتصويت على مشروع قانون الإضراب في مجلس المستشارين أول أمس الإثنين.

وأوضح العلمي أنه « يمكن للفاعل البرلماني أن يختلف مع مشروع ما، ويمكن أن يعارض ويتشاجر لأجله، ويصوت عليه بالرفض أو العكس، ولكن لابد من ممارسة حقوقنا في تمثيل السيادة الوطنية »، مضيفاً: « الانسحاب أعتبره شخصياً، وأستسمح، خيانة لهذه السيادة، هذه أمانة يجب أن نكون واعين بها ونمارس حقوقنا بما يساند حرية التعبير ».

وكان مجلس النواب قد صادق صباح اليوم على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب كما أحيل من مجلس المستشارين، مع تصحيح خطأ مادي، وذلك في إطار قراءة ثانية.

وفي جلسة تشريعية، وافق على المشروع 84 نائبا ونائبة، وعارضه 20 من نواب المجلس، ليعبر المشروع بصفة نهائية البرلمان، وسيحال على المحكمة الدستورية لإقرار موافقته للدستور قبل نشره في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ.

وكان المشروع قد حظي بموافقة 11 نائباً برلمانياً ومعارضة 7 آخرين في لجنة القطاعات الاجتماعية مساء أمس، فيما لم يمتنع أي نائب عن التصويت.

كلمات دلالية الإضراب المغرب برلمان حكومة معارضة

مقالات مشابهة

  • ما يردده إعلام المليشيا هو في الحقيقة أحد مظاهر الانهيار
  • كولر يوضح الحقيقة: الترجمة كانت خطأ.. واحترامي للمصريين كبير
  • هل لـ الطماطم خطر على الكلى.. اكتشف الحقيقة
  • «خيانة زوجية».. تفاصيل الحلقة الـ 5 من «ساعته وتاريخه» | صورة
  • دخول 237 شاحنة مساعدات إلى معبري العوجة وكرم أبو سالم اليوم
  • بوانو يرد على الطالبي بعد تصريحه حول "خيانة الانسحاب" من التصويت على قانون الإضراب
  • إلغاء الرسوم الجمركية على الهواتف.. ما الحقيقة؟
  • غضب سوري من تصريحات مسؤولة كردية عن إسرائيل: خيانة!
  • كاتب كندي: مكالمة ترودو أول طريق لحل الأزمة.. وليست خيانة
  • دخول 126 شاحنة مساعدات إنسانية إلى معبري العوجة وكرم أبو سالم