قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن إسرائيل لن تتمكن أبدًا من إنجاز مهتمها في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال الحرب على قطاع غزة، وفي المقابل ستستمر المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الذي لن ينتصر في القتال.

هيرست أضاف، في مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "إصرار حكومة الحرب الإسرائيلية على احتلال رفح (في أقصى جنوبي القطاع)، حيث يلجأ 1.

4 مليون فلسطيني طردتهم قسرا من شمال ووسط غزة، يخفي شكوكا متزايدة حول ما سيحققونه عندما يصلون إلى المدينة".

وتابع أن "المخابرات العسكرية الإسرائيلية تعتقد أن حماس ستظل قائمة وقادرة على شن عمليات ضد إسرائيل، وأن الدعم الحقيقي لحماس لا يزال مرتفعا بين الفلسطينيين في غزة". وذلك على الرغم من فظائع الاحتلال في غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

اقرأ أيضاً

نتنياهو: لا دولة فلسطينية بعد 7 أكتوبر ومطالب حماس هزيمة لإسرائيل وسنجتاح رفح

شعلة المقاومة

"لنفترض أنه سيأتي وقت تسيطر فيه إسرائيل على قطاع غزة بأكمله، فما الذي ستحققه بخلاف أكثر من 30 ألف قتيل؟"، كما زاد هيرست.

واعتبر أن "الخطأ الأول الذي يرتكبه (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو هو اعتقاده أنه إذا قضى على ما يفترض أنها آخر أربع كتائب لحماس في رفح، فستنتهي اللعبة".

وشدد على أن "حماس ليست جيشا بعدد محدود من المقاتلين، إنها فكرة يمكن أن تنتقل من عائلة إلى أخرى ومن جيل إلى آخر. كانت منظمة التحرير في عهد ياسر عرفات علمانية وحماس إسلامية.. لا يهم الجانب الذي يحمل الشعلة، لكنها تستمر في الاشتعال".

وأردف: "لا الجزائريين ولا حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ولا الجيش الجمهوري الأيرلندي حققوا النصر في ساحة المعركة، فالجميع قاتل للوصول إلى طاولة المفاوضات. لذا، فحتى لو أجبرت إسرائيل حماس على الخروج من غزة، ولا أعتقد أنها تستطيع، فهل ستنتصر؟".

و"قد أعلنت إسرائيل النصر مرات عدة في هذا الصراع المستمر منذ 75 عاما. أعلنت النصر عام 1948 بطرد 700 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم. واعتقدت أنها سحقت ثلاثة جيوش عربية في 1967"، بحسب هيرست.

واستطرد: "وأعلن أرييل شارون النصر بعد 15 عاما عندما أجبر عرفات ومنظمة التحرير على الخروج من بيروت. وبعد خمس سنوات، اندلعت الانتفاضة الأولى (1987). وعندما انهارت مفاوضات السلام، اندلعت الانتفاضة الثانية (2000)".

ومضى قائلا: "وظنت إسرائيل مرة أخرى أنها قادرة على سحق القضية الوطنية الفلسطينية بمحاصرة عرفات في مقره برام الله وتسميمه. هل كان ذلك انتصارا؟".

اقرأ أيضاً

مسؤولون بالمخابرات الأمريكية: إسرائيل لم تقترب من القضاء على حماس

خياران أمام إسرائيل

هيرست قال إن "إسرائيل تعتقد اليوم أنها قادرة على سحق حماس بقتل أربعة رجال، بينهم (رئيس الحركة في غزة) يحيى السنوار و(قائد كتائب القسام) محمد ضيف".

وأضاف أن "قائمة القادة الفلسطينيين الذين قُتلوا في هذا الصراع طويلة، فما الذي حققته عمليات القتل هذه سوى إطلاق موجة أخرى أقوى من المقاومة".

وتابع أن "التاريخ تغذيه الذاكرة الجماعية، وقد تناقلت شفهيا ذكرى مجازر حرب 1948، مثل الطنطورة وصبرا وشاتيلا في  1982. لم يكن هناك إنترنت، فقط القليل من مقاطع الفيديو، وكانت الكلمات قوية بما يكفي لإلهام الأجيال القادمة للمقاومة".

"أما النكبة أو الكارثة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة خلال الأشهر الأربعة الماضية، فتم توثيقها بشكل أفضل، وستبقى هذه الصور على شبكة الإنترنت إلى الأبد. فلماذا تعتقد إسرائيل أن هذه النكبة ستتبخر في الوعي الشعبي عندما تنتهي من القتال؟"، كما أردف هيرست.

واعتبر أنه "ليس أمام إسرائيل سوى خيارين: إما أن تحذو حذو وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش (اليمينيين المتطرفين) في سعيهما لتحويل الحرب على الأرض إلى حرب دينية أو أن تناقش مع الفلسطينيين كيف يمكنهم تقاسم الأرض على قدم المساواة".

((3))

المصدر | ديفيد هيرست/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة إسرائيل مقاومة حماس رفح فی غزة

إقرأ أيضاً:

الحرب في غزّة إلى أين؟

 

سؤال يلحّ على جميع المهتمّين بما يحدث في قطاع غزّة من الطرفين؛ المقاوم وحلفائه وأنصاره، والمشروع الاستعماري وأدواته وأنصاره.
في غزّة يطرح المقاومون الصمود والتمسّك بالأرض وفرض وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار وإطلاق سراح الأسرى كشروط لنهاية الحرب، وتتفرّع عن هذه النهاية خطط ومشاريع من قبيل لجنة مختصة لإدارة شؤون القطاع بإشراف حكومة رام الله (لجنة الإسناد المجتمعي)، وكذلك لجان عربية أو دولية تشرف على عملية إعادة الإعمار.
أما العدو، فيطرح أهدافه بتصفية جميع قوى المقاومة سواء كانت منظّمات أو دولاً، وتحرير الأسرى في قطاع غزّة بالقوة، والاحتفاظ بقوات من “جيش” العدو في مناطق محدّدة من قطاع غزّة مثل محوري فيلادلفيا ونتساريم، وخلق منطقة عازلة في جنوب لبنان. تتفرّع عن هذه الأهداف مشاريع مثل عودة الاحتلال الكامل للقطاع، وإعادة حركة الاستيطان فيه، وتتصدّر هذا النشاط حركة “حباد” الصهيونية الأرثوذكسية التي أعلنت عن قيام أول مستوطنة “بيت حباد” في مبنى بلدية بيت حانون في شمال قطاع غزّة.
بين الموقعين يستمر مشهد المجزرة وسط صمت عالمي مدوٍ، صامدون يقدّمون التضحيات، وقتلة لا يتردّدون في قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية، مطاردة كلّ من يقف إلى جانب محور المقاومة في كلّ مكان في العالم. معظم الأنظمة العربية متواطئة سواء بالعمل على الأرض أو بالصمت والتظاهر بأن القضية إنسانية بحتة تقع ضمن اختصاصات الأمم المتحدة ومنظّماتها غير الحكومية. المطلوب استعمارياً تحقيق هدفين، القضاء على المقاومة بجميع أشكالها، وبثّ اليأس والاستسلام في نفوس جماهيرها، لتتحوّل هذه الجماهير إلى أقلية مسالمة تندمج في الكيانات الناتجة عن المشروع الاستعماري، وتصبح ما يمكن أن نسمّيه “أقلية مهملة” .
هذا السيناريو الذي قد يبدو للبعض وكأنه يحمل الكثير من المبالغة، كرّره المستعمرون أكثر من مرة عبر تاريخهم، خاصة في المرات التي احتلوا فيها أراضي الآخرين تحت شعارات ووعود دينية كما حدث في أمريكا وأستراليا ونيوزلندا. لقد اعتبر المستوطنون الأوائل أن أميركا هي “أرض الميعاد” المسيحية، وأنهم حجّاج أرسلهم الرب لإقامة مملكته، والقضاء على المتوّحشين الوثنيين. الشعارات نفسها أطلقتها حركة “حباد” الصهيونية التي اعتبرت العرب كفّاراً، لا بدّ من قتلهم لإقامة “دولة إسرائيل” من النيل إلى الفرات.
عبّرت هذه المشاريع عن نفسها سياسياً في الخرائط التي يرفعها غلاة الصهاينة من وزراء وقادة حركة الاستيطان، وتجد دعماً لدى الدوائر الاستعمارية كما حدث في تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حول صغر مساحة الكيان الصهيوني وضرورة توسيعها.
تمرّ عملية التدجين بثلاث مراحل: الهزيمة العسكرية من خلال ارتكاب مجازر بحقّ الشعوب بحيث تتحوّل المطالبة بالبقاء على قيد الحياة مطلباً للشعوب المقهورة، في المرحلة الثانية يقوم العدو بفرض التسويات بشروطه من خلال بثّ روح الهزيمة واليأس من المستقبل.
وقد تحتاج هذه المرحلة إلى المزيد من المجازر غير المبرّرة، واحتلال المزيد من الأراضي كما يحدث اليوم في غزّة وسوريا ولبنان، وعند الوصول إلى المرحلة الثالثة يكون مصير الأقلية المهملة بعد تدجينها بالكامل، الحصول على ميزات اجتماعية واقتصادية على اعتبارات إثنية أو دينية أو ثقافية، فيعيش أفرادها في محميات خاصة، ويسمح لهم بممارسة طقوسهم وثقافاتهم بهدف تفتيت الهوية الوطنية، وتحويل الدول إلى ائتلاف من الهويات والثقافات الفرعية.
هذا ما فعله الاستعمار الأبيض مع أصحاب البلاد الأصليين، بل إن هذا المستعمر قد يلبس قناع الإنسانية ويتظاهر بالدفاع عن حقوق الأقليات المهملة، ويمجّد تاريخهم وينتج أفلاماً ودراسات عن تاريخهم.
إذا قبلنا بإمكانية حدوث هذا السيناريو، فإنه يلقي على عاتقنا مسؤوليات جساماً، تنبع من حقائق التاريخ والجغرافيا. الشعب الفلسطيني، الذي تشكّل قضيته مركزاً للصراع مع المشاريع الاستعمارية، يختلف عن سكان البلاد الأصليين الذين أبادهم المستعمر الأبيض في أكثر من مكان من العالم، فالشعب الفلسطيني يمتلك امتداداً عربياً في الجغرافيا، وامتداداً إسلامياً في التاريخ، هذان البعدان تجسّدا خلال معركة طوفان الأقصى، من خلال انخراط جبهات الإسناد العربية في اليمن وسوريا والعراق، وجبهة الإسناد الإسلامية التي مثّلتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعمها المستمر للمقاومة الفلسطينية.
أدرك المستعمرون بعد الهزيمة المذلّة في شمال فلسطين، أن مخطّطاتهم مهما كان شكلها لن تجد طريقها إلى التنفيذ إلا بقطع التواصل بين أطراف محور المقاومة كخطوة أولى، ثم الانتقال إلى تدمير قوى محور المقاومة بشكل منفرد.
وفي هذا السياق وافق العدو على وقف إطلاق النار في لبنان، ويتجه إلى القبول ببعض التنازلات مقابل وقف إطلاق النار في غزّة بناء على المبادرة المصرية، في الوقت نفسه كان التحالف الاستعماري يعمل بمشاركة تركية على إسقاط الجبهة السورية لقطع خطوط إمداد المقاومة، وتفتيت جبهاتها، وكذلك فصل الحرب في سوريا عمّا يحدث في غزة وما حدث في لبنان.
لقد فتحت الحرب على غزّة أبواب منازلنا لقنوات الربيع الاستعماري، التي بادرت منذ اللحظة الأولى لانطلاق الحرب على سوريا إلى تبديل سياساتها، وشنّ هجوم إعلامي مركّز على الدولة السورية، والتركيز على فكرة “تحرير” المدن السورية، وتحميل الدولة السورية المسؤولية عمّا يحدث برفضها التعاون مع تركيا لمناقشة مستقبل سوريا، الفكرة التي طرحها الرئيس التركي أردوغان، ولقيت رواجاً لدى الكثيرين بمن فيهم بعض المثقّفين المناصرين لمحور المقاومة، ناسين أو متناسين أن الهدف الأصلي للحرب التي انطلقت عام 2011م كان مصادرة سيادة الدولة السورية ووضعها بيد آخرين سواء كانت التنظيمات الإرهابية أو داعميها في الغرب وتركيا، وهو ما تحقّق يوم 8 ديسمبر.
الهدف من الحرب على سوريا اليوم، هو توسيع مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية وصولاً إلى الحدود اللبنانية، لقطع التواصل بين أطراف محور المقاومة، وعزل المقاومة في لبنان تمهيداً للاستفراد بها عسكرياً وسياسياً، وإلحاق قطاع غزّة بالنظام العربي المطبّع بواجهة فلسطينية مرتبطة بحكومة رام الله المنخرطة في التنسيق الأمني مع العدو.
وصل العدو الصهيوني إلى الحدود السورية اللبنانية والأردنية، واندفع الغرب والولايات المتحدة للتواصل مع حكومة الأمر الواقع في دمشق.
وواجب كلّ المقاومين وجمهورهم التصدّي للمشروع الاستعماري الجديد، عسكرياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً. هذا ما عبّرت عنه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمقاومة اللبنانية واليمنية، وما على كل القوى السياسية في الوطن العربي المبادرة إليه، فهذه هي المعركة الأخيرة التي تحمل في طيّاتها إمكانية النصر أو الهزيمة وترسم ملامح مستقبل المنطقة.

كاتب سياسي أردني

مقالات مشابهة

  • ○ من الذي خدع حميدتي ؟
  • الحرب في غزّة إلى أين؟
  • مطران القدس: جهود مصر لوقف الحرب لم تتوقف.. ورسالة «الميلاد» هذا العام «انتصار المحبة»
  • حماس: مقاومة طولكرم أثبتت أنها عصية على الانكسار
  • لبنان يقدم شكوى جديدة لمجلس الأمن بشأن خروقات إسرائيل المتكررة
  • لبنان يقدم شكوى ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن
  • حرب غزة نظرة إلى الواقع واحتمالات المستقبل.. دراسات إسرائيلية
  • محافظ بورسعيد يستقبل أسر وأبطال المقاومة الشعبية ويقدم التهنئة بعيد النصر
  • محافظ بورسعيد يستقبل أسر وأبطال المقاومة الشعبية ويقدم التهنئة لهم بعيد النصر
  • رأي يمثلني: أوهام القوة والنصر