تحرُّك متجدّد لسفراء الخماسية على وقْع العدوان الاسرائيلي ومخاوف ماكرون والسيسي
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
عكس التواصل الفرنسي المصري ارتفاع منسوب المخاوف على انزلاق لبنان نحو حرب واسعة. اذ أجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصالاً هاتفيّاً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكد خلاله "ضرورة بذل الجهود بهدف تجنّب التصعيد واشتعال المنطقة، خصوصاً في لبنان والبحر الاحمر، حيث مخاطر التصعيد قائمة".
وكشف بيان قصر الاليزيه أنّ الرئيسين تناولا الوضع في غزة والتنسيق الجاري بين البلدين حول الوضع الانساني.
غير انه وسط هذه الأجواء بدا ان ثمة ما عاد ليتحرك على خط ازمة الاستحقاق الرئاسي. وفي هذا السياق، أفادت المعلومات ان اجتماعا سيعقد في الرابعة من بعد ظهر اليوم الثلثاء في قصر الصنوبر، يجمع سفراء المجموعة الدولية الخماسية المعنية بأزمة الفراغ الرئاسي في لبنان والتي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر. ومن شأن هذا الاجتماع ان يشكل استكمالا للتحرك الذي باشره السفراء الخمسة مجتمعين بدءا بزيارتهم لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي ظل تبادلهم للمعطيات التي أعقبت تلك الزيارة ربما يبرز جديد ما في شأن تحركهم المقبل محليا.
وكتبت" الاخبار": في انتظار تبلور الصورة بشأن خلفية هذا اللقاء، أكدت مصادر سياسية أن «الاجتماع يأتي بدعوة من السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، وسيكون نسخة عن اللقاء الذي سبقَه بدعوة من السفير السعودي في بيروت وليد البخاري»، مشيرة إلى أن «اللقاء يهدف الى التداول في آخر التطورات لكن لن يصدر عنه شيء عملي، لا في ما يتعلق بالجبهة الجنوبية ولا الملف الرئاسي». وكما جرت العادة، «قد يكون هناك بيان يتناول ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية مع تحديد المواصفات»، علماً أن «الفجوة بين عواصم الخماسية في ما يتعلق بمقاربة الملف اللبناني لا تزال كبيرة على عكس ما يحاول السفراء الإيحاء به».
ولفتت المصادر إلى أن كل ما يحكى عن مواعيد لزيارة سيقوم بها الموفد الفرنسي الموكل بالملف اللبناني، وزير الخارجية السابق، جان إيف لودريان غير دقيق. وقالت مصادر في وزارة الخارجية إن «لبنان لم يتبلغ حتى اللحظة أي معلومات عن زيارة للودريان إلى بيروت، ولا طلباً لمواعيد مع المسؤولين الرسميين».
على صعيد آخر، وفيما تحضّر باريس لاستضافة مؤتمر يخصّص لدعم الجيش اللبناني، تقول المعلومات إنه سيكون في 27 الجاري، على أن تستضيف روما مؤتمراً مماثلاً مطلع الشهر المقبل، علمت «الأخبار» أن وفداً من لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي سيصل إلى بيروت اليوم، وسيلتقي ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزف عون، وربما وزير الخارجية عبد الله بوحبيب. وتهدف الزيارة الى البحث في أوضاع المؤسسة العسكرية والمساعدات التي تحتاج إليها، على أن يرفع الوفد تقريراً إلى الكونغرس لاتخاذ قرار في ما يتعلق بدعم الجيش.
وكتبت" نداء الوطن": من المقرّر أن يجتمع سفراء اللجنة الخماسية في قصر الصنوبر الرابعة عصر اليوم، للاطلاع، بحسب معلومات «نداء الوطن»، على نتائج لقاءات السفير السعودي وليد البخاري في الرياض، خصوصاً مع المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا. ويتوقع تحديد الخطوات التالية، بحيث لا تكون زيارة السفراء الجماعية الأخيرة الى عين التينة يتيمة، وسيتم وضع برنامج لزيارات مماثلة ذات تأثير مباشر على الاستحقاق الرئاسي، كما سيجرى تقييم للقاءات التي عقدها السفراء إفرادياً مع قيادات لبنانية.
وكتبت"البناء": ذكرت مصادر إعلامية أن “الموفد الفرنسي جان إيف لودريان سيكون في بيروت خلال الأسابيع المقبلة وقبل شهر رمضان لـ”إعلان المعايير والمواصفات التي تحدد ملامح رئيس الجمهورية”. ولفتت الى أن “ملامح رئيس الجمهورية ستكون مبنية على جولة لقاءات وزيارات ثنائية أو ثلاثية لسفراء الخماسية مع أطراف لبنانية، واللقاء النيابي المستقل الذي يضم كتلتي الاعتدال ولبنان الجديد سيكون مبادراً الى حوارات تحت سقف مجلس النواب على أن يتم تسليم الدفة الى الرئيس نبيه بري لاحقاً”. وأضاف “لودريان سيستكمل مساعيه مع الطرف الأميركي بعد أن التقى كلاً من الطرفين المصري والخليجي في الأيام الماضية”.
واشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الاجتماع المرتقب لسفراء دول اللجنة الخماسية مؤشر إلى استئناف البحث في الملف الرئاسي، من دون أن يعني أن هناك أي معطى جديد، وقالت أنه ربما يجري الاتفاق على معاودة نشاطها واجرائها لعدد من اللقاءات، مؤكدة أن ذلك يتبلور بعد الاجتماع مع العلم أن الواقع الراهن لا يوحي بمناخ إعادة تشغيل المحركات الرئاسية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على إجراء الحوار في هذا الملف لم يتبدل وبالتالي قد تكون أي حركة جديدة من دون أي نتيجة ملموسة.
وكتبت" الديار":المبعوث الاميركي اموس هوكشتاين يتعامل مع الملف بواقعية اغضبت اسرائيل التي حاولت وضع بند السلاح على الطاولة، لكنه ابلغها بان مجرد النقاش بهذا الامر يعني الغاء اي احتمال للتوصل الى تفاهمات تعيد المستوطنين الى مستوطنات الشمال، لهذا يجري العمل على ترتيب مؤتمرات ستعقد تباعاً اعتباراً من نهاية الشهر الجاري بين باريس وروما ، لتأمين اوسع مروحة دعم دولي للجيش اللبناني كي يؤمن انتشارا في منطقة تطبيق القرار الدولي، بعد توقف الحرب في غزة، بالتفاهم مع حزب الله وليس عكس ذلك، لانه وحده من يضمن حسن تنفيذ اي اتفاق، وهو امر جرت تجربته لمدة طويلة بعد حرب 2006 وكان ناجحا.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان الاميركيين مقتنعون بانه لا يمكن ربط ملف الجبهة الجنوبية بمسألة حل الدولتين، لانه صعب المنال حاليا بوجود حكومة اليمين «الاسرائيلية»، وان زمن التسويات الكبرى لم يحن بعد، ولهذا كل ما يمكن الوصول اليه ترتيبات امنية على جانبي الحدود تعيد الوضع الى ما قبل السابع من تشرين الاول.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مجلس النواب نبیه بری
إقرأ أيضاً:
الأطماع المائية “الإسرائيلية”.. تهديد متجدّد لموارد سوريا والأردن
الثورة /
كان التحكم في موارد المياه واستغلالها من العناصر الأساسية في استراتيجية إسرائيل منذ الأيام الأولى للمشروع الصهيوني
بداية شهر يناير الجاري واستغلالاً للفوضى التي أعقبت سقوط دمشق، وسّعت القوات الإسرائيلية من توغّلها البرّي في جنوب سوريا حتى وصلت إلى محيط سد المنطرة، أكبر سدود جنوبي سوريا، في الريف الغربي للقنيطرة وهو من أكبر وأهم السدود المائية في الجنوب السوري.
لقد لعبت الموارد الطبيعية دوراً حاسماً في تشكيل الديناميكيات الجيوسياسية، حيث أدى توزيعها غير المتكافئ إلى تعزيز إما الصراع أو التعاون عبر التاريخ.
وعلى مر التاريخ، تنافست الدول على الوصول إلى الأراضي الغنية بالمياه، والتأثير على طرق التجارة والتحالفات والتقدم التكنولوجي.
وفي العصر الحديث، لا تزال ندرة المياه تشكل الاستراتيجيات السياسية والاستقرار الإقليمي.
وتُعتبر منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا المنطقة الأكثر ندرة في المياه في العالم، حيث يتعرض 83% من السكان لضغط مائي شديد الارتفاع في الأراضي العربية المحتلة تشكّل الصحاري أكثر من نصف المساحة وهو ما انعكس من خلال الضغط المائي المرتفع بشكل كبير على كيان العدو. تتمثل موارد المياه العذبة الرئيسية في إسرائيل في بحيرة طبريا، ونهر الأردن، والخزان الجوفي الساحلي، والخزان الجوفي الجبلي، وما تزال المياه السطحية والمياه الجوفية هما المصدران الرئيسيان لإمدادات المياه.
وقد أدّت التغيّرات المناخية إلى زيادة حدّة التحدّيات المائية للكيان. ففي السنوات الأخيرة، أصبحت الأحداث الجوية المتطرفة أكثر تواترًا واستمرت لفترة أطول، بما في ذلك السنوات التي كانت إما رطبة أو جافة للغاية. وبحسب خبراء، في ظل “سيناريو الانبعاثات العالية”، يمكن أن ترتفع درجة الحرارة السنوية المتوسطة بما يصل إلى 4.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن؛ ويمكن أن تكون 60٪ من الأيام “أيامًا حارة”، وفي الوقت نفسه، يمكن أن ينخفض إجمالي هطول الأمطار السنوي بنسبة 25٪، مع تقلبات كبيرة من عام إلى آخر في ظروف الجفاف.
كما أنها لمعالجة هذه التحدّيات، عملت إسرائيل على جمع ومعالجة حوالي 94% من مياه الصرف الصحي، وإعادة استخدام 87% منها، في المقام الأول للزراعة، وبشكل عام، بين عامي 2000 و2018م، انخفضت حصة الزراعة من عمليات سحب المياه العذبة من 64% إلى 35% من إجمالي عمليات سحب المياه، لكن مع ذلك، تبقى الحلول التكنولوجية مثل تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي مكلفة وغير كافية لسد الفجوة، ونتيجة لهذا، لجأت إسرائيل إلى مصادر المياه الإقليمية، بما في ذلك نهر اليرموك في الأردن ونهر الليطاني في لبنان، لتأمين إمدادات إضافية.
لقد كان التحكم في موارد المياه واستغلالها من العناصر الأساسية في استراتيجية إسرائيل منذ الأيام الأولى للمشروع الصهيوني. فالمياه ليست مجرد مورد أساسي للبقاء، بل إنها تشكل أيضاً عاملاً حاسماً في العلاقة بين الأرض والشعب. ومنذ تأسيس الحركة الصهيونية من خلال الحروب والاحتلالات والمفاوضات مع الدول العربية المجاورة، وكان الوصول إلى المياه يشكل أولوية استراتيجية لإسرائيل.
تاريخياً، كانت المياه جزءاً لا يتجزأ من الخطط الصهيونية للتنمية الزراعية والتوسع الإقليمي. وقد أبرز القادة الصهاينة الأوائل، مثل حاييم وايزمان، أهمية المياه من مناطق مثل جبل الشيخ ونهر الليطاني للري والتنمية الاقتصادية، وبعد تأسيس إسرائيل في عام 1948م، أممت الحكومة موارد المياه ونفذت مشاريع واسعة النطاق مثل الناقل الوطني للمياه لنقل المياه من الشمال الأكثر رطوبة إلى الجنوب القاحل. وقد شملت هذه الجهود الاستفادة من خزانات المياه الجوفية في الضفة الغربية، والتي أصبحت مصدراً حيوياً للمياه بعد حرب 1967م، وبحلول ذلك الوقت، كانت إسرائيل تسيطر على أراضٍ غنية بالمياه، بما في ذلك الضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان. وكانت هذه المناطق تزوّد أجزاء كبيرة من احتياجات إسرائيل من المياه، حيث كانت الضفة الغربية وحدها تمثل ما يصل إلى 40٪ من إمدادات المياه في إسرائيل.
وكان نهج إسرائيل في إدارة المياه، يأتي في كثير من الأحيان على حساب الفلسطينيين والدول العربية المجاورة. فبالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن الوصول إلى المياه مقيد بشدة، فهم يعتمدون على الآبار والينابيع والصهاريج للحصول على المياه، ولكن هذه الموارد محدودة، حيث يبلغ متوسط استهلاك الفرد من المياه 20 متراً مكعباً سنوياً مقارنة بـ 60 متراً مكعباً في إسرائيل، وتنظم الحكومة الإسرائيلية بشكل صارم استخدام الفلسطينيين للمياه، وتحظر حفر آبار جديدة وتفرض غرامات على تجاوز الحصص، في حين لا تواجه المستوطنات الإسرائيلية مثل هذه القيود، والنتيجة هي تفاوت رهيب في الوصول إلى المياه، حيث تظل الزراعة الفلسطينية متخلفة وغير فعالة، في حين تتمتع المستوطنات الإسرائيلية بأنظمة الري الحديثة.
وبعيداً عن الضفة الغربية، تمتد سياسات المياه الإسرائيلية إلى مرتفعات الجولان وجنوب لبنان. مثلا، يوفر الجولان سيطرة استراتيجية على حوض جبل الشيخ، وهو مصدر حيوي للمياه لنهر الأردن.
بالنسبة للبنان، تمتد جذور الأطماع الصهيونية في المياه اللبنانية إلى أواخر القرن التاسع عشر، أي قبل قيام الكيان الصهيوني في عام 1948، كما أن الحركة الصهيونية منذ نشأتها، أولت أهمية خاصة لمسألة المياه، حيث ركز قادة المشروع الصهيوني على تحديد حدود فلسطين بما يشمل مصادر المياه الضرورية لها، ومن بين هؤلاء القادة، برز ثيودور هيرتزل، زعيم المنظمة الصهيونية، الذي أكد ضرورة أن تشمل الدولة اليهودية جنوب لبنان، مشددًا على أهميته الاقتصادية والعسكرية واحتوائه على مصادر مياه حيوية لتطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين.
وقد مارست الحركة الصهيونية ضغوطًا هائلة خلال مؤتمر الصلح في باريس عام 1919م، سعيًا لضم منابع نهر الأردن ونهر الليطاني وسهل حوران في سوريا إلى فلسطين. إلا أن هذه المطالب قوبلت برفض من الجانب الفرنسي، الذي كانت له اليد العليا في سوريا ولبنان بموجب اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916م وانتدابهما لاحقًا.
وفي عام 1941م، أعلن ديفيد بن غوريون، الذي أصبح لاحقًا أول رئيس وزراء لإسرائيل، تصريحًا واضحًا حول أهمية نهر الليطاني، قائلًا: “علينا أن نتذكر أنه لا بد أن يكون نهر الليطاني ضمن حدود الدولة اليهودية لضمان قدرتها على البقاء”، وبالتالي، يمكن القول إن دولة الاحتلال لن تتوارى يومًا عن استغلال أي فرصة تخوّلها تحقيق أطماعها المائية المعلنة منذ التأسيس في لبنان.
وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات التي أجريت حول المياه خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين إلى أن مشروع جونستون الإسرائيلي عام 1953م تجاهل الحدود السياسية لدول حوض نهر الأردن، معتبراً بحيرة طبريا خزانًا طبيعيًا لمياه النهر، فمنذ إعلان قيامها عام 1948م، خططت إسرائيل لتحويل مجرى مياه نهر الأردن لصالحها، وبدأت فعليًا في تنفيذ هذه الخطط عبر شركة “ميكوروت” الإسرائيلية منذ عام 1953م.
وتمثلت هذه الجهود بتحويل مياه نهر الأردن وروافده إلى بحيرة طبريا، وهو ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في البحر الميت. بدأت مساحات البحر الميت بالتقلص تدريجيًا مع جفاف أجزائه الجنوبية بسبب تحويل مجاري الروافد لاستخدامات الري والتوسع الزراعي، وإلى جانب ذلك، ساهمت نسبة التبخر العالية الناتجة عن درجات الحرارة المرتفعة في منطقة غور الأردن في تسريع تراجع مستوى المياه، وبحلول مطلع تسعينيات القرن الماضي، وصل منسوب مياه البحر الميت إلى أقل من 410 أمتار تحت مستوى سطح البحر، مما يهدد بشكل جدي بموته التدريجي كمورد طبيعي فريد.
ورغم كل ما ذكر، يُظهر الأداء الإسرائيلي الأخير في جنوب سوريا استمرارًا لسياسات مواجهة تحدّيات الكيان المائية من خلال التوسّع الإقليمي، وما تنتظره إسرائيل لتحقيق هذه الأطماع في دول الجوار هو اللحظة المناسبة فقط، فالزلزال السياسي في سوريا شكّل الفرصة التاريخية للكيان لتعزيز هذه الأطماع، ولا بد من الإشارة هنا، أن أحداث المنطقة تؤكّد أن الرادع الأساسي أمام منع العدو من استغلال الموارد المائية اللبنانية هي المقاومة المُجدية التي نجحت حتى الآن بمنع جيش العدو من تحقيق أمر مشابه لما حقٌقه في الأردن وسوريا والضفة.
وتشير تقارير حديثة إلى أن تل أبيب تسيطر الآن على 40% من موارد المياه المشتركة بين سوريا والأردن، فبعد سيطرة العدو، في كانون الأول الماضي، على سد الوحدة في حوض اليرموك الواقع على الحدود السورية الأردنية قام جيش العدو باستكمال توغّله ليسيطر أيضا على سد المنطرة السوري.
ويُعد حوض اليرموك منطقة جغرافية ذات أهمية استراتيجية بارزة في الريف الغربي لمحافظة درعا جنوب سوريا، ويشكّل جزءًا من الحدود الطبيعية بين سوريا والأردن، ويمتد الحوض كجزء من وادي نهر اليرموك، الذي يُعتبر من أكبر روافد نهر الأردن.
يحمل نهر اليرموك، الذي ينبع من بحيرة مزيريب في درعا، أهمية حيوية لكونه المصدر المائي الرئيسي الذي يغذي الأراضي الزراعية ويوفر مياه الشرب لمناطق في درعا والسويداء في سوريا، بالإضافة إلى شمال الأردن، ويقطع النهر مسافة 57 كيلومترًا، منها 47 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، فيما يشكل المتبقي جزءًا من الحدود السورية الأردنية. على ضفافه، أقامت سوريا عددًا من السدود، أبرزها سد اليرموك، إلى جانب سد الوحدة الذي يُعد الأكبر، وتصل طاقته التخزينية إلى 225 مليون متر مكعب.
وتُستخدم هذه السدود في ري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، تقدر بحوالي 13.640 هكتارا، فضلاً عن تزويد القرى المحيطة بمياه الشرب عبر شبكات ضخ رئيسية مثل “خط الثورة” الذي يمتد من الحوض إلى مدينة درعا وريفها وصولًا إلى ريف السويداء.
من هنا، تُجسّد التحركات الإسرائيلية الأخيرة في جنوب سوريا تصعيداً خطيراً في استراتيجيتها المائية، والتي تركز على تأمين الموارد على حساب الأمن المائي لدول الجوار، وتسلّط هذه التحركات الضوء على طموحات إسرائيل المتواصلة للسيطرة على مصادر المياه الإقليمية، مما يشكّل تهديداً مباشراً للاستقرار في كل من سوريا والأردن ولبنان بشكل أساسي، ولعل الأحداث المتسارعة في المنطقة لا تسمح لكثيرين للالتفات لخطورة ما يقوم به جيش العدو من تهديد للأمن المائي الإقليمي، ولكن ما يحدث الآن يدق ناقوس الخطر فالواضح أن أطماع إسرائيل لا نهاية لها.