نتنياهو قرر الهجوم على رفح غير آبه بنصائح الإدارة الأمريكية
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
ناشيونال إنترست: بين سلبية بايدن وتعنّت نتنياهو هناك كارثة إنسانية وعسكرية واستراتيجية سيسببها الهجوم على رفح. غريغ بريدي
رغم انتباه الإدارة للحد من تسعير الصراع في الشرق الأوسط، والطريقة المحسوبة في الرد على الحوثيين، ولكن هناك انفصال كبير بين تلك التطلعات طويلة المدى والسياسة الأمريكية على المدى القريب، والتي أوضحت أن إسرائيل لن تواجه أي عواقب لتحدي التحذيرات الأمريكية بشأن معاملة الفلسطينيين في غزة.
تتجاهل حكومة نتنياهو تحذيرات بايدن وتمضي قدماً في هجوم رفح. فقد أمر نتنياهو الوفد الإسرائيلي في 14 فبراير بعدم العودة إلى القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات حول تبادل محتمل للرهائن مقابل السجناء ووقف إطلاق النار المؤقت.
من المؤكد أن شروط عرض حماس لم تكن مقبولة بالنسبة لنتنياهو. وبحسب ما ورد، تم اتخاذ هذه الخطوة دون استشارة أعضاء الكنيست من حزب الوحدة الوطنية الوسطي الذين انضموا إلى حكومة الحرب بعد هجمات حماس في أكتوبر، بيني غانتس وغادي آيزنكوت. كما رفض نتنياهو مسودة اقتراح وضعها طاقم المخابرات والجيش التابع له كأساس لمزيد من المفاوضات.
هناك أيضًا إحباط واضح في الولايات المتحدة بسبب عدم التحرك بشأن المساعدات الغذائية، حيث قام مستشار الأمن القومي جيك سوليفان بتحذير إسرائيل مرة أخرى في 14 فبراير، لكن لم ترد تقارير لاحقة عن أي تحرك بشأن هذه القضية. ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالإحباط بسبب ما يعترفون به من تراجع تأثيرهم على إسرائيل.
إن الهجوم الإسرائيلي على رفح دون الاستعدادات الكافية يمكن أن يكون نقطة انعطاف، ليس فقط ككارثة إنسانية ولكن فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم. وقد بدأ الشركاء الخليجيون العرب بالفعل في تقييد استخدام الولايات المتحدة لقواعدهم العسكرية لشن هجمات انتقامية على الهجمات ضد القوات الأمريكية في المنطقة، لعدم رغبتهم في أن يُنظر إليهم على أنهم يقفون إلى جانب واشنطن وتل أبيب.
وإذا كانت هناك حركة كبيرة للفلسطينيين إلى مصر نتيجة لهجوم إسرائيلي، حتى لو كان غير مقصود، فإن ذلك من شأنه أن يعرض معاهدة السلام الإسرائيلية مع مصر للخطر، ومن شأنه أن يقوض العلاقات الأمريكية في جميع أنحاء العالم العربي. كما أنه من شأنه أن يزيد من احتمال نشوب حريق إقليمي شامل مع إيران.
ليس هناك ما يشير إلى أنه ستكون هناك أي عواقب فيما يتعلق بالدعم المادي الأمريكي إذا لم تستجب إسرائيل لنصائح بايدن؛ حيث قال بايدن في مؤتمر صحفي بعد ظهر يوم 16 فبراير إنه لا يتوقع هجومًا على رفح في المستقبل القريب بعد أن تحدث مع نتنياهو في اليوم السابق. ومع ذلك، إذا عُرضت عليه مثل هذه الضمانات، فيجب النظر إليها في ضوء السجل السيئ الأخير الذي سجله نتنياهو في عدم الوفاء بوعوده لبايدن، وقضية المساعدات الغذائية هي مثال على ذلك. كما لا يوجد ما يشير من الجانب الإسرائيلي إلى أن هذا هو الحال بعد الإشارات المتكررة إلى أن الهجوم سيمضي قدماً.
لقد حان الوقت للولايات المتحدة لتطبيق شروطها من خلال الحد من المساعدات العسكرية حتى يتم الامتثال لقانون الصراع المسلح، الذي يؤدي عدم وجوده إلى تقويض المصالح الأمريكية الأوسع في المنطقة. وهذا ليس أمرا غير مسبوق. أوقف الرئيس رونالد ريغان شحنات الذخائر العنقودية لإسرائيل أثناء غزو لبنان عام 1982 عندما كانت هناك تساؤلات مثيرة للقلق حول استخدامها في المناطق المكتظة بالسكان.
من المهم أن نفهم أنه لا توجد علاقة ثنائية، بما في ذلك العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، قوامها "تشغيل أو إيقاف". إن تخفيض شحنات الأسلحة، إذا حدث، لن يدمر العلاقة بشكل أساسي. وحتى بريطانيا رأت أن الولايات المتحدة تهدد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الجنيه خلال أزمة السويس. لكن استمرار المحرمات التي فرضها الرئيس بايدن ضد فرض أي عواقب على التصرفات الإسرائيلية، على عكس الرؤساء السابقين، يمكن أن يشجع نتنياهو على تجاهل قانون النزاع المسلح والمصالح الأمريكية.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الحوثيون جو بايدن طوفان الأقصى قطاع غزة مساعدات إنسانية معبر رفح هجمات إسرائيلية الولایات المتحدة على رفح
إقرأ أيضاً:
الدلالات والدوافع وراء اللقاءات المباشرة بين الإدارة الأمريكية وحماس
الثورة / متابعات
في خطوة وُصفت بأنها “غير مسبوقة”، قالت وسائل إعلام أمريكية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب أجرت لقاءً مباشرًا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، للتباحث حول ملف الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار بين الحركة والاحتلال الإسرائيلي، فيما لم يتم الإفصاح عن تفاصيل اللقاء ولا عن مخرجاته حتى الآن.
وقال موقع أكسيوس نقلًا عن مصدرين مطلعين إن مبعوث ترامب لشؤون الرهائن “آدم بولر”، أجرى محادثات مباشرة مع حركة “حماس” في الدوحة، للتباحث حول ملف الأسرى والتوصل إلى اتفاق أوسع لإنهاء الحرب، فيما أشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن اللقاء تم دون علم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وفي الوقت نفسه عاود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديداته للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة بأن “جحيمًا” ينتظرهم إذا لم تفرج “حماس” عن الأسرى الإسرائيليين، وقال: إن “هذا هو التحذير الأخير..، وقد حان الوقت الآن لمغادرة غزة، بينما لا تزال لديكم فرصة”.
وأردف في منشور على منصته الخاصة “تروث سوشال” عقب لقائه بعدد من الأسرى الإسرائيليين الذين أُطلق سراحهم، قائلاً: “شالوم حماس، وتعني مرحبًا ووداعًا، ويمكنك الاختيار، إما إطلاق سراح جميع الرهائن الآن، وليس لاحقًا، وإعادة فورية لجميع جثث الأشخاص الذين قتلتهم، أو إن الأمر انتهى بالنسبة لك”.
مباحثات استطلاعية
وبين الموقفين اللذين صدرا من الإدارة الأمريكية، رأى محللون أنها تسعى للضغط على المقاومة الفلسطينية لإجبارها على تنازلات في ثنايا المفاوضات الجارية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، والتي من أبرز أهداف الاحتلال فيها تحقيق نصرٍ على حركة حماس بإقصائها عن إدارة قطاع غزة وإيجاد بديل لها من قوات عربية ودولية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تسعى إدارة ترامب لإحداث إنجاز في ملف المفاوضات ينتهي بوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
من جهته وصف مصدر قيادي في حركة حماس في تصريح لـ”العربي الجديد”، المفاوضات المباشرة التي أجرتها الحركة مع بولر، بأنها كانت “مفاوضات استطلاعية”، وقال إن المباحثات التي جرت بحضور آدم بولر – مبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون المحتجزين، جاءت مباشرة بعد حديث ترامب قبل أسبوعين بشأن تقديم حماس بادرة حسن نية بإطلاق سراح أسرى يحملون الجنسية الأمريكية.
وأشار القيادي بالحركة، إلى أن حماس طرحت خلال المحادثات صفقة شاملة تنتهي بوقف الحرب، وأن الأسرى الذين تطالب الولايات المتحدة بإطلاق سراحهم كانوا جنودًا مقاتلين أُسروا من مواقع عسكرية وليسوا مدنيين، ولا كانوا في مواقع مدنية، وتراوحت أعدادهم بين 4 و6 أسرى.
وكشف المصدر القيادي بالحركة أن تحرك إدارة ترامب لم يكن الأول من نوعه، لافتاً إلى محاولات لم تكتمل قامت بها إدارة الرئيس السابق جو بايدن قبل الانتخابات الأمريكية، بعدما تأكدت من صعوبة التوصل إلى اتفاق في ظل وجود رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ حيث سعت وقتها لصفقة جزئية يخرج بموجبها الأسرى الذين يحملون الجنسية الأمريكية.
أهداف أمريكية
وفي هذا السياق، قالت الكاتبة والباحثة في الشؤون الدولية هيلينا كوبان، إن الدافع وراء المباحثات التي جرت بين الإدارة الأمريكية وحماس، هو أن أمريكا أدركت من خلال الواقع الميداني على الأرض أنه لا يمكن الاستمرار في محاولة القضاء على الحركة ومناصريها والذي يتطلب الاستمرار أيضًا في الإبادة الجماعية في غزة، خاصة مع وضوح مستوى الدعم الذي تحظى به حماس والمقاومة من قبل الفلسطينيين في القطاع، مضيفة أن من بين أسباب المحادثات أيضًا هي رغبة الرئيس الأمريكي بالفوز بجائزة نوبل للسلام.
الكاتبة كوبان، التي صدر لها كتاب بعنوان “لماذا فهم حماس ضرورة؟”، أضافت في مداخلة لها على شبكة الجزيرة، أن الفرق بين الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جو بايدن والإدارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب، أن الأول يؤمن بالصهيونية كعقيدة، ولذلك دعم الإبادة الجماعية بشكل كامل، أما ترامب فلا يؤمن إلا بنفسه ومصالحه التجارية له ولعائلته، وتَمثّلَ ذلك في طرحه لتهجير سكان غزة لإقامة مشروعات اقتصادية فيها، لكن في الوقت نفسه فإن مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، قد أجبر نتنياهو على وقف إطلاق الحرب على غزة، وذلك يعود على ترامب بالمصلحة التي يسعى لتحقيقها.
اعتراف بالشرعية
أما الكاتب سعيد زياد فيرى أن أيًّا ما كان محتوى المباحثات بين بولر وحركة حماس، فإن مجرد اللقاء المباشر -الذي يجري لأول مرة بين الطرفين- هو اعتراف بشرعية حركة حماس واعتراف بقوتها، وأنها الأقدر على إنقاذ هذا الاتفاق، كما يُعدّ اللقاء تجاوزًا للفكرة اللي انساقت فيها الإدارة الأمريكية وراء رغبة الاحتلال في القضاء على حماس سلطويًّا وسياسيًّا وعسكريًّا.
وأضاف زياد في لقائه مع “الجزيرة” أنه يعتقد أن اللقاء لم يقتصر فقط على المباحثات حول الأسرى الذين يحملون الجنسية الأمريكية، وإنما تطرّق إلى ملفات أخرى تتعلق بوقف إطلاق النار وقواعد الاشتباك مع الاحتلال وترتيب اليوم التالي لوقف الحرب، بل إنه ربما تعلق بترتيب اللجنة الإدارية لقطاع غزة.
مسار جديد
من ناحيته يرى الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر أن اللقاءات التي جرت بين حماس والإدارة الأمريكية لها دلالات على أن هناك مسارًا آخر غير مسار المفاوضات التي يكون الاحتلال الإسرائيلي طرفًا فيها، وذلك من شأنه الدفع نحو تحريك الملف التفاوضي، مشيرًا إلى أن هذه المباحثات تجري من وراء ظهر الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف شاكر في مداخلة له مع “الجزيرة” أن اللقاءات الأمريكية المباشرة قد تسفر عن نتائج معينة في الأيام أو الأسابيع المقبلة، لافتًا إلى أن الإدارة الأمريكية غير مقتنعة بالمفاوضات التي يجريها الاحتلال مع حماس عن طريق الوسطاء، كونه لم يحقق المطالب التي تسعى إليها إدارة ترامب.
وأشار شاكر إلى القلق الإسرائيلي من هذه اللقاءات، خاصة مع النظر إلى ما تقوم به الإدارة الأمريكية الجديدة من التفكير خارج الصندوق، والتي تحدث بطريقة خشنة في كثير من الملفات، وهو ما يمكن أن ينعكس على إسرائيل نفسها بالسلب؛ حيث يُتوقع من هذه الإدارة أن تقوم بتصرف ليس في صالح حكومة الاحتلال.
وتطرق شاكر إلى أن أمريكا تريد بهذه التحركات أن تشق طريقا آخر يحقق مصالحها بعيدًا عن المسارات الجارية، وبالتالي فإن التصريحات التي تصدر أحيانًا من الرئيس الأمريكي والتي تحمل تهديدًا للشعب الفلسطيني ومقاومته، لا تعني بالضرورة أن هذا يمثل طريقة أحادية لدى الإدارة الأمريكية، وأن لديها مسارات أخرى تخوضها في هذا الملف.