صحيفة صدى:
2025-02-23@13:49:30 GMT
حديث طارق كيال عن لاعب النصر سلطان الغنام
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
حديث طارق كيال عن لاعب النصر سلطان الغنام.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
الخصخصة في سوريا.. حديث في الإيجابيات والسلبيات والطريق نحو الخصخصة النموذجية
ما هي الخصخصة؟تُعدّ الخصخصة عملية معقدة تنطوي على تحويل ملكية وإدارة الموارد والخدمات من القطاع العام إلى القطاع الخاص. من منظور فلسفي، يمكن أن تُفهم الخصخصة بوصفها جزءا من التحول الأوسع نحو نماذج اقتصادية نيوليبرالية، التي تؤكد على تقليل دور الدولة في الاقتصاد وتعزيز حرية السوق.
يرتكز الفكر الليبرالي على فكرة أنّ تخصيص الملكية للأفراد والشركات الخاصة يشجع الابتكار والكفاءة بسبب التنافسية الطبيعية التي تنشأ في الأسواق الحرة، إذ يعتقد الفلاسفة الليبراليون أنّ الخصخصة تعزز حقوق الملكية الشخصية، وهي حقوق تُعتبر جوهرية لتحقيق العدالة التوزيعية. على الجانب الآخر، ينتقد الفلاسفة الاجتماعيون واليساريون الخصخصة، حيث يعتبرونها خطوة قد تؤدي إلى تقويض دور الدولة في تقديم الخدمات الأساسية، وتفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين طبقات المجتمع.
ومن هنا، يمكن القول: تعد الخصخصة عملية ديناميكية تعيد رسم الحدود بين الدولة والسوق والمجتمع، وتثير تساؤلات فلسفية جوهرية حول دور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق الأفراد في تملك وإدارة الموارد.
الحكومة السورية المؤقتة والحديث عن الخصخصة:
تسعى الحكومة السورية المؤقتة جاهدة لإعادة بناء اقتصادها المدمر بعد سنوات من الصراع الداخلي، إحدى الخطوات المهمّة التي تفكر بها هي خصخصة جزء من الاقتصاد، خصوصا الشركات الحكومية التي تعاني من خسائر مستمرة. والفكرة وراء ذلك هي تحسين كفاءة هذه الشركات، وجذب الاستثمارات الأجنبية التي من شأنها تعزيز الاقتصاد السوري.
وتشمل عملية الخصخصة بيع الشركات الحكومية أو تحويلها إلى شركات خاصة، مع الحفاظ على بعض الأصول الاستراتيجية مثل الطاقة والنقل تحت سيطرة الدولة لضمان الأمان الوطني، وتعتمد هذه العملية على إقناع المستثمرين الأجانب والمحليين بأن السوق السورية ستكون مكانا آمنا ومربحا للاستثمار.
من الجوانب المهمة التي تناقشها الحكومة؛ تقليل عدد موظفي القطاع العام بنسبة كبيرة تصل إلى الثلث. الهدف من ذلك هو تقليص النفقات الحكومية وتحقيق كفاءة أعلى في تشغيل المؤسسات، لكن هذه الخطوة تلقى معارضة من بعض الأوساط التي تخشى من تأثيرها السلبي على المواطنين، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها.
ومن الجدير بالذكر أن هناك جدلا واسعا حول الخصخصة في سوريا، حيث يخشى البعض من أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع الاقتصادي للمواطنين، وإلى تدهور الخدمات العامة إذا لم تُنفذ بشكل مدروس ومتوازن.
الخصخصة بين الإيجابيات والسلبيات:
تُعتبر الخصخصة وسيلة فعّالة لتحسين كفاءة المؤسسات، فعندما تُدار الشركات من القطاع الخاص، يكون هناك دافع أكبر لتحقيق الربح وتقليل التكاليف، ما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية. ويمكن للمؤسسات الخاصة أن تكون أكثر ابتكارا واستجابة للتغيرات في السوق، ما يعزز النمو الاقتصادي، ناهيك عن أنّ فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية يمكن أن يعزز الاقتصاد السوري من خلال نقل التكنولوجيا والمعرفة والخبرات الدولية، ما يحفز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة، ويسهم في تحسين مستوى المعيشة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تخفف الخصخصة من العبء المالي على الحكومة، ما يتيح لها توجيه الموارد المالية نحو تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وبالتالي تعزيز التنمية المستدامة.
ومع ذلك، تحمل الخصخصة بعض المخاطر والسلبيات، إذ قد تؤدي الخصخصة إلى تسريح عدد كبير من موظفي القطاع العام، ما يفاقم البطالة ويزيد من الضغط على النظام الاجتماعي. وقد يجد المواطنون العاديون أنفسهم أمام تحديات اقتصادية أكبر، مما يتطلب توفير دعم اجتماعي مناسب. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تُنفذ الخصخصة بشكل مدروس، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور الخدمات العامة. في بعض الحالات، قد تتحول الشركات الخاصة إلى البحث عن الربح فقط دون مراعاة الجودة والاحتياجات المجتمعية، ما يضر بالمواطنين. وقد تسهم الخصخصة في زيادة التفاوت الاقتصادي إذا لم تُنفذ بطرق تضمن العدالة، فيمكن أن يصبح الأغنياء أكثر ثراء بينما يزداد الفقراء فقرا، مما يؤدي إلى تفاقم الفجوة الاجتماعية وزيادة التوترات.
بالنظر إلى فلسفة الخصخصة، يمكننا أن نرى أنها تعكس تصادما بين الرؤى الاقتصادية النيوليبرالية والمفاهيم الاجتماعية للعدالة والتضامن. تعزز الخصخصة مبدأ السوق الحرة والكفاءة الاقتصادية، بينما تصطدم بقيم العدالة الاجتماعية والتكافل بين أفراد المجتمع. إذا تم تنفيذ الخصخصة بحذر وبمراعاة هذه التوازنات، يمكن أن تكون أداة قوية للنهوض بالاقتصاد السوري. ولكن، إذا أُسيء استخدامها، فقد تسفر عن نتائج عكسية تؤثر سلبا على المجتمع ككل.
كيف تتحقق الخصخصة النموذجية في سوريا؟
يستدعي تحقيق الخصخصة في سوريا بطريقة نموذجية اتباع نهج شامل ومتوازن يجمع بين الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية.
وتُعدّ الشفافية أمرا أساسيا في عملية الخصخصة، حيث يتعين على الحكومة إطلاع الجمهور على كل خطوة من خطوات التنفيذ، وتساهم هذه الشفافية في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، مما يمكن المجتمع من المشاركة الفعالة في صنع القرار والشعور بالأمان.
المساءلة هي عنصر آخر لا غنى عنه، إذ يتعين على الشركات التي ستخضع للخصخصة أن تكون مسؤولة أمام الجهات الرقابية وأمام المجتمع، وهذا الالتزام يضمن تقديم خدمات عالية الجودة وتحقيق التنمية الاقتصادية.
توازن الربحية مع العدالة الاجتماعية هو أمر حيوي، إذ يجب أن تُوجه الأرباح المحققة من عملية الخصخصة نحو تحسين الخدمات العامة وتعزيز الدعم الاجتماعي، لا سيما للفئات الأكثر ضعفا في المجتمع. هذا النهج يضمن أن القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية لن تُهمل لصالح الربح المالي فقط.
التوعية والتثقيف يلعبان دورا حاسما في هذه العملية، فقبل الشروع في الخصخصة، ينبغي على الحكومة تنفيذ حملات توعية شاملة تشرح الأهداف والفوائد والتحديات المحتملة. وتثقيف المواطنين والموظفين حول التوقعات وكيفية التعامل مع التغييرات القادمة يمكن أن يسهم في تحقيق انتقال سلس. فالمعرفة قوة، وتمكين المجتمع من خلال الفهم يساعد على تحقيق ذلك.
الخصخصة التدريجية تُعتبر استراتيجية فعالة لتجنب السلبيات، حيث إنّ تنفيذ الخصخصة على مراحل يتيح التقييم المستمر للنتائج والتكيف مع التحديات. هذه الطريقة تمكن الحكومة من تعديل السياسات وتجنب الوقوع في أخطاء كارثية قد تنجم عن التنفيذ السريع.
لا يمكن إغفال الجوانب البيئية ضمن فلسفة التنمية المستدامة، فالشركات الخاصة التي ستتولى الأصول الحكومية ينبغي أن تلتزم بمعايير البيئة والاستدامة، حتى لا تكون التنمية الاقتصادية على حساب البيئة.
التشريعات والتنظيمات الواضحة والقوية تساهم في تنظيم عمل الشركات الخاصة وتضمن التزامها بالأهداف الوطنية. التنظيم الذكي لا يعني تقييد الشركات، بل يهدف إلى تحقيق التوازن بين الحرية الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية.
في المجمل، تعتمد الخصخصة النموذجية على تحقيق توازن دقيق بين الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. يتطلب ذلك قيادة حكيمة وإدارة شاملة تأخذ بعين الاعتبار تطلعات المجتمع واحتياجاته، مع الحفاظ على القيم الإنسانية والمبادئ الفلسفية. إنها رحلة طويلة ومعقدة، ولكن بإدارة حكيمة، يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.