يمانيون – متابعات
في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، وتصنيف الولايات المتحدة أنصار الله منظمة إرهابية، أجرت الجزيرة نت حوارا خاصا مع دكتور حزام الأسد، عضو المكتب السياسي لأنصار الله، للوقوف على مختلف القضايا، من التصنيف الأمريكي، إلى مسار الحرب في اليمن، والمفاوضات مع السعودية، والموقف من القضية الفلسطينية.

وفيما يلي نص المقابلة:

كيف تنظرون إلى قرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة منظمة إرهابية والذي دخل حيز التنفيذ الجمعة 16 فبراير/شباط الجاري؟
فيما يتعلق بتصنيف أنصار الله كجماعة إرهابية، نؤكد أن هذا التصنيف مردود على الإدارة الأميركية، فهي منبع الإرهاب الحقيقي.

والولايات المتحدة تأسست على جماجم وجثث الهنود الحمر، السكان الأصليين لأميركا، وهي من ألقت القنابل الذرية والنووية على هيروشيما وناغازاكي في اليابان، تاركين بصمات إجرامية ووحشية في كل مكان.

ويأتي هذا التصنيف في سياق الابتزاز السياسي لمحاولة ثنينا في الجمهورية اليمنية عن إسناد ونصرة أهلنا في غزة. ولكن، لن تُفلح الولايات المتحدة في مسعاها هذا، فمواقف اليمنيين نابعة من إيمانهم الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتنطلق هذه المواقف أيضًا من قيمنا وأخلاقنا الإنسانية، في ظل المجازر الوحشية وعملية الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بدعم وإسناد وشراكة من أميركا وبريطانيا والغرب كله.

وعليه، ستستمر عملياتنا العسكرية في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، وكذلك في العمق الإسرائيلي بالصواريخ الباليستية وبصواريخ الكروز المجنحة والطيران المسيّر حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفك الحصار عنه.

هل تخشون تصاعد المواجهة مع الولايات المتحدة وبريطانيا خاصة بعد التصنيف الأميركي؟
لا نخشى تصاعد المواجهة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، خاصة بعد التصنيف الأميركي لأنصار الله كجماعة إرهابية ولن يثنينا عن نصرة غزة، بل إن أميركا هي من يجب أن تخاف وتقلق، فنحن ثابتون في أرضنا ومتمسكون بقضايانا المحقة والعادلة، مستندون على الله، وعلى شعبنا الذي ينبري بمواقف شجاعة من خلال المسيرات والتظاهرات المليونية.

نُضيف إلى ذلك مواقف قيادتنا الشجاعة والجريئة والصادقة في مسار نصرة أهلنا في غزة.

إن موقف أميركا هو موقف الضعف، ولجأت إلى هذا التصنيف بعد فقدان حيلتها، بعد أن استخدمت كل الوسائل السياسية والعسكرية، والترغيب والترهيب، واستهدافها لسيادة اليمن وقصفها لبعض المناطق في الجمهورية اليمنية.

هل تعتقدون أن المواجهة العسكرية الجارية في البحر الأحمر والضربات الأميركية على المدن اليمنية ستتوقف في حال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
سنواصل استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر حتى يتوقف العدوان على غزة، أما بشأن عملياتنا العسكرية ضد السفن والمصالح الأميركية فهي ستستمر حتى ينال الشعب اليمني حقه في الرد المشروع والمكفول، لاسيما وقد تجرأت الولايات المتحدة وبريطانيا باستهداف الشعب اليمني وسيادته، وقيادتنا هي من تقرر متى وأين وكيف ستنتهي هذه المعركة، فالأميركي هو من بدأها، ولكننا في اليمن من سيقرر نهاية هذه المعركة.

وبالنسبة لقواعد الاشتباك، فقد أرادت الولايات المتحدة أن تفرض قواعد تراها مناسبة وملاءمة لها ولطبيعتها العسكرية في المنطقة، ولكن نحن وقيادتنا وقواتنا المسلحة هي التي تفرض قواعد الاشتباك، وتراها رادعة في هذا الشأن.

في ضوء قواعد الاشتباك هناك مصادر يمنية تحدثت أنكم ستنتقلون من مرحلة التحذير الناري للسفن إلى الضرب المباشر والإغراق، فهل هذا سيكون مرحلة تالية لما بعد الحرب في غزة؟
إن معظم الضربات التي تنفذها قواتنا البحرية هي في مسار التحذير والإنذار للسفن بعدم المرور عبر البحر الأحمر أو الوصول إلى كيان العدو الإسرائيلي، ولذلك نجد أن العدو الإسرائيلي وأميركا وبريطانيا تلجأ إلى استجلاب فرق بحارة من جنسيات مختلفة لإدارة سفنها، وترفع أعلام بلدان أخرى ونحن مدركون لهذا الأمر.

وقد تشهد المرحلة المقبلة تصعيدا لافتا من خلال اتساع قواعد الاشتباك، أو من خلال العمليات النوعية التي نستهدف بها المصالح والسفن الأميركية والبريطانية.

كيف ترد على من يقول إن هجماتكم في البحر الأحمر أثرت حتى على اليمن خاصة دخول السفن التجارية موانئ الحديدة مما سينعكس سلبا على المواطنين من ناحية ارتفاع الأسعار وتداعيات اقتصادية على الشعب اليمني؟
يُعاني الشعب اليمني من حصار جائر منذ 9 سنوات، ولم يُسمح بدخول سوى بعض الشحنات بشكل اعتيادي.

وتحاول الولايات المتحدة الآن فرض حصار شامل على اليمن، ظنًا منها أنه سيؤثر على وصول الشحنات، لكن هذا لن يمر دون رد.

لدينا إجراءات وردود مكفولة في حال فرض حصار شامل، وسنرد على أي محاولة أميركية للتأثير على وصول الشحنات إلى اليمن.

وعلى الرغم من الحصار، لا تزال هناك حركة طبيعية في ميناء الحديدة، وكذلك في البحر الأحمر، ذهابًا وإيابا إلى جميع الوجهات، باستثناء العدو الصهيوني وموانئ فلسطين المحتلة.

وهناك بعض الشركات التي خضعت للإملاءات الأميركية والبريطانية، ونتيجة لذلك، تواجه العديد من الشركات تهديدات ووعيدًا من البحرية الأميركية بعدم مرور سفنها عبر البحر الأحمر وخليج عدن، والتوجه إلى رأس الرجاء الصالح بدلاً من ذلك.

وتحاول بعض البوارج الأميركية والبريطانية الاحتماء بالسفن التجارية وإطلاق صواريخ من جوارها حتى تصاب بصواريخنا، وحتى تتوسع دائرة الحرب، وتخرج عن إطارها وهو مساندة القضية الفلسطينية ومواجهة السفن الإسرائيلية ومنعها من عبور البحر الأحمر.

هناك مطالبات دولية من بعض الدول الأميركية والأوروبية وحتى العربية بإقامة دولة فلسطينية على أسس حدود عام 1967 ضمن مبدأ حل الدولتين. فما موقفكم؟
نحن نتبنى قضية فلسطين من البحر إلى النهر، وهي قضية عادلة ومحقة، وهي لا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية تخص الأمة بشكل عام، وإن كان هنالك تنازلات، فقد قدمت أكثر من هذه التنازلات ليس فقط من خلال المبادرات أو مسارات التطبيع، ولكن من تحت الطاولة ومن فوقها، وهناك حالة من الارتماء المخزي والمخجل من بعض الأنظمة العربية للأسف.

وبالنسبة لإخواننا في حركات المقاومة والشعب الفلسطيني بالتأكيد لا يرتضون بالمهانة أو الذلة ولا أن تقتطع أراضيهم، وهنالك جزء كبير من اللاجئين في المخيمات في غزة والضفة، وفي كثير من مناطق الشتات في العالم هم من أبناء فلسطين الداخل عام 1948، وبالتالي لا يرتضي أي دين أو قوانين دولية أن يشرد ويطرد شعب فلسطين، ويستجلب قطاع مستوطنين من مختلف أصقاع العالم ليحتلوا أرضهم.

هل يعني هذا أنكم لا تقبلون المبادرة العربية “السلام مقابل الأرض” التي أقرتها قمة بيروت عام 2002؟
نحن لا نرتضي بمسار التطبيع الذي تحاول أن تسوقه بعض الأنظمة وفقا للإملاءات والضغوط الأميركية.

إن الكيان الإسرائيلي أو الصهاينة بشكل عام لا يرون إلا مبدأ القوة، وهذا مجرب بالواقع، وفي القرآن الكريم ومنهجيتنا القرآنية، فإن هؤلاء اليهود والغاصبين لأرض فلسطين لا يرتدعون إلا بمسار القوة والجهاد والمقاومة والتضحية والاستبسال.

أما موضوع أن الصهاينة سيتنازلون عن أرض احتلوها أو سيقدمون شيئا من هذا القبيل، فلن يتأتى ذلك، ولن يحدث أي مسار تسوية في المنطقة، لا سيما ونحن في مواجهة من حكى الله عنهم أنهم عناصر شر وعداء وفساد، ولا يرقبون في مؤمن إلّا ولا ذمة.

مساندتكم للمقاومة في غزة ومنع السفن من عبور البحر الأحمر قد زاد شعبية الحوثيين في اليمن والوطن العربي والعالم، هل يمكن استغلال ذلك داخليا وفي عمليات التسوية السياسية والسلام؟
تنطلق مواقفنا من مبادئنا الإيمانية القرآنية، وهي جزء لا يتجزأ من منهجيتنا في أنصار الله.

نحن في اليمن شعب ذو هوية إيمانية، وتبنينا للقضية الفلسطينية هو مرتكز رئيسي عندنا، ولا نطمح بذلك إلا لرضى الله -سبحانه وتعالى- ونصرة أهلنا في غزة.

وكون القضية الفلسطينية مشرفة، فإنها تحظى بكثير من الحضور والترحاب في الداخل اليمني، وعلى المستوى العربي والإسلامي والإنساني. وهذا بحد ذاته يجب أن تلتفت له الأنظمة العربية والإسلامية، ونقول لهم: إن المواقف المشرفة تكمن في تبني مظلومية الشعب الفلسطيني.

أما بالنسبة لمساراتنا في الداخل اليمني، فنحن مع السلام ومع التعايش المشترك بيننا كيمنيين بشكل عام، وعلى مختلف الجهات اليمنية والمكونات السياسية. ونحن على هذا المسار منذ الوهلة الأولى، وقبل أن يشن العدوان علينا.

وقد أكد المبعوث الأممي لليمن الأسبق جمال بن عمر -في تصريحاته وإحاطته لمجلس الأمن الدولي- أن اليمنيين كادوا أن يكونوا على وشك التوقيع على اتفاق لإنهاء الأزمة قبل أن يشن العدوان علينا. وما زلنا في مسار التسوية الداخلية، وكذلك الشراكة المجتمعية والسياسية.

ألم تؤثر الأحداث الدائرة في اليمن والبحر الأحمر وخليج عدن على جهود التسوية السياسية بين جماعتكم والحكومة اليمنية، وجهود الوساطة التي تقودها السعودية والمبعوث الأممي هانز غروندبرغ؟
طبعا الولايات المتحدة لها أذرع في المنطقة، وهناك ضغوط أميركية تسعى بكل الوسائل للضغط علينا لنوقف إسنادنا لأهلنا في غزة سواء من خلال ما لوحت به أنها ستفشل أي تسوية سياسية في اليمن وهو أمر مخجل ومخز ليس فقط بحقها، بل بحق أدواتها الإقليمية والمحلية.

ألا تخشون تصاعد الأحداث، فربما تلجأ أميركا وبريطانيا إلى التصعيد خاصة على الساحل اليمني من خلال تحريك قوات يمنية للسيطرة على سواحل اليمن على البحر الأحمر لحرمان الحوثيين من منفذ وشريان هام جدا؟
نحن ننطلق من إمكانياتنا وقوتنا التي امتن الله بها علينا على الصعيد الشعبي والإيماني والتسليحي، ومن خلال ما تمتلكه قواتنا المسلحة في مسار التصنيع والإنتاج العسكري، لا سيما أسلحة الجيل الرابع والخامس، خصوصا في منظومات الصواريخ الباليستية والمجنحة الكروز ومختلف أنواع الطيران المسير، والصواريخ البحرية، التي استهدفت بها بدقة عالية وقدرات كبيرة جدا ومتفوقة وبمديات طويلة وبقدرات تدميرية كبيرة.

وهنالك الكثير من المفاجآت ستنتظر العدو إن حاول يصعد أو يزيد استفزازه للشعب اليمني والقيادة والجيش اليمني.

هل هناك دول عربية أو إسلامية أيدت موقفكم بمنع مرور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر؟
فليكن السؤال هل هنالك دول عربية وإسلامية عارضت مواقفنا.. لا توجد حتى الآن.

كان هناك موقف رسمي من جيبوتي بتأييد موقف أنصار الله في البحر الأحمر؟
حتى الدول المطبعة مع كيان العدو لم نلحظ هنالك أي موقف مضاد لعملياتنا العسكرية في البحر الأحمر لمواجهة السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة أو للمواجهة والتصدي والرد على الغطرسة الأميركية، ولكن على الصعيد العام هنالك مواقف تأييدية بشكل عام من الشعوب العربية والإسلامية.

والموقف الجيبوتي مشكور، لا سيما في إطار رفضه للإدارة الأميركية أن تنصب منصات إطلاق صواريخ، أو تكون جيبوتي منطلقا لاستهداف اليمن، وهذا شيء إيجابي ويشكرون عليه.

هل المحادثات بين جماعتكم والسعودية وصلت إلى طريق مسدود أم أن هناك آفاقا مستقبلية خاصة في ضوء تصريحات وزير الخارجية السعودية بأن ما يجري في البحر الأحمر مرتبط بما يجري في غزة؟
بالنسبة لمسارات التفاوض مع الجانب السعودي مستمرة، وهنالك خطوات إيجابية وملموسة، ونأمل أن يصل الوضع إلى اتفاق وشيك إن شاء الله.

وبشأن ربط ما يجري في البحر الأحمر بما يجري في غزة هو أمر منطقي وواقعي، وهو بالفعل ما حدث حيث لم تأت عملياتنا في البحر الأحمر إلا بعد أحداث غزة، وهو ما تحدث به السيد عبد الملك الحوثي.

المصدر : الجزيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر قواعد الاشتباک الشعب الیمنی فی المنطقة أنصار الله ما یجری فی فی الیمن بشکل عام فی مسار من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

معهد واشنطن يدعو لدعم عملية برية ضد مليشيا الحوثي في اليمن والتنسيق مع الرياض وأبوظبي ..ودعم مجلس القيادة الرئاسي

 

حذّر تقرير صدر عن معهد واشنطن من أن حملات ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران لتعطيل حركة الشحن البحري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تمثل تهديداً مباشراً لقدرة الولايات المتحدة على نشر قواتها بسرعة وتأمين إمداداتها في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.

ويطرح التقرير، الذي أعدّه العقيد جيمس إي. شيبرد، زميل معهد واشنطن للعام 2024-2025، حزمة من الحلول المتكاملة اللوجستية والعسكرية والدبلوماسية لمعالجة هذا الخطر.

وقال الكاتب، إنه "يجب جعل الحوثيين غير قادرين أو غير راغبين في تهديد الملاحة. ويستلزم ذلك تصعيد الحملة الحالية بما يتجاوز الضربات الجوية الأمريكية"، مشددا على أنه من الضروري وجود تهديد موثوق من قبل القوات البرية اليمنية، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين.

كما شدد على أنه وينبغي دعم مجلس القيادة الرئاسي، وهو كيان حكومي معترف به دولياً من قبل الأمم المتحدة، لاستغلال الفرصة التي أوجدتها الضربات الجوية الأمريكية.

خلفية

منذ مارس 2023 تصاعدت هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والعسكرية، مستفيدين من دعم إيران وتدريباتها، عبر إطلاق صواريخ كروز وطائرات مسيّرة باتجاه الممر البحري الحيوي، والذي يمر عبره سنوياً نحو تريليون دولار من البضائع و30% من الحاويات العالمية.

ومن ابرز التوصيات السياسية التي دعا لها معهد واشنطن من أجل الحفاظ على الوصول اللوجستي إلى المنطقة، يجب على واشنطن وشركائها العسكريين اتباع نهج مزدوج يركز على أولاً، تلبية الاحتياجات الفورية من خلال الحلول العاجلة والضغط على الحوثيين، وثانياً، البحث عن حلول طويلة الأمد عبر استراتيجية قابلة للتطبيق لتحييد التهديد. وفيما يلي التوصيات التي تلبي كلا الاحتياجين:

مواصلة الضغط : يجب جعل الحوثيين غير قادرين أو غير راغبين في تهديد الملاحة. ويستلزم ذلك تصعيد الحملة الحالية بما يتجاوز الضربات الجوية الأمريكية. ومن الضروري وجود تهديد موثوق من قبل القوات البرية اليمنية، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين. وينبغي دعم مجلس القيادة الرئاسي، وهو كيان حكومي معترف به دولياً من قبل الأمم المتحدة، لاستغلال الفرصة التي أوجدتها الضربات الجوية الأمريكية.

تحويل التركيز نحو المنبع: يجب على إدارة ترامب السعي لردع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من خلال عرض تعزيز قدرات القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة مؤخراً. ويمثل النشر الأمامي لقاذفات "بي- 2" ودخول حاملة طائرات أخرى تهديداً كبيراً لكلا الخصمين - وهو تهديد يجب تسليط الضوء عليه في المفاوضات النووية الحالية مع طهران. فعلى سبيل المثال، يمكن للمسؤولين الأمريكيين مطالبة إيران بوقف جميع أشكال الدعم العسكري للحوثيين كأحد الشروط المسبقة للحصول على تخفيف العقوبات.

توسيع التعاون الأمني: يجب على واشنطن تسريع الجهود الدبلوماسية لحشد تحالف من الدول المستعدة للاستفادة من تأمين البحر الأحمر، بما في ذلك الشركاء الإقليميين مثل مصر، وإسرائيل، والأردن، والسعودية. وتُعد قوة "أسبيدس" البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي -على الرغم من نقص الموارد - نقطة انطلاق جيدة لتمكين تقاسم الأعباء الدفاعية مع القوات الأمريكية.

استكشاف طرق بديلة: في حين أن تأمين البحر الأحمر وباب المندب يجب أن يبقى الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، يجب على الإدارة الأمريكية أيضاً تسريع الجهود الرامية إلى تعزيز المرونة في الخدمات اللوجستية في ساحة العمليات وتطوير بدائل برية سريعة وفعالة من حيث التكلفة مثل "خط إمداد إقليمي" و/أو الممر البري بين الإمارات وإسرائيل.

ومن خلال هذه التدابير وغيرها، يمكن للولايات المتحدة وضع استراتيجية شاملة ضرورية للمهمة طويلة الأمد المتمثلة في التصدي للتهديدات الحوثية والإيرانية للخدمات اللوجستية العسكرية والتجارة العالمية بشكل نهائي.

   

وفي الخامس عشر من آذار/مارس، أطلق الرئيس ترامب حملة عسكرية متواصلة ضد ميليشيا الحوثي في اليمن، مستهدفاً كبار المسؤولين ومراكز القيادة ومستودعات الأسلحة والبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد.

"يتمثل هدف الإدارة الأمريكية في استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث نفذ الحوثيون المدعومون من قبل إيران هجمات متفرقة على مدار سنوات قبل أن يصعدوا من استهدافهم للسفن التجارية والعسكرية مع بدء الحرب على غزة في عام 2023".

إن الدور الحاسم لهذا الممر المائي في التجارة العالمية معروف جيداً - فهو يسهل نقل بضائع بقيمة تريليون دولارسنوياً، إلى جانب 30% من حركة الحاويات في العالم.

ومع ذلك، يعمل هذا الممر أيضا بوصفه طريق عبور رئيسي للخدمات اللوجستية العسكرية المشحونة تجارياً، مما يتيح النشر السريع والفعال للقوات والموارد الأمريكية عبر مسارح عمليات متعددة.

ومن خلال تعطيل كل من هذين الدورين، تمثل هجمات الحوثيين تحدياً مباشراً لما وصفته الولايات المتحدة بأنه "مصلحة وطنية أساسية".

تحدي استراتيجي

ينبع بروز هذا التهديد من الاستراتيجية الأوسع نطاقاً التي تنتهجها إيران، والمتمثلة في تمكين وكلائها من حرمان خصومها من حرية المناورة في المنطقة. فقد تضمنت التعزيزات الضخمة التي قامت بها الولايات المتحدة وقوات التحالف في حملتي 1991 و2003 في العراق استخدام الموانئ في جميع أنحاء الخليج العربي.

 ورداً على ذلك، طورت إيران استراتيجية متعددة الطبقات (A2AD)، اعتمدت فيها على الميليشيات الوكيلة، وأنظمة الضربات بعيدة المدى، والصواريخ أرض - جو، والقوات غير التقليدية، بهدف تقييد حرية الوصول إلى الخليج.

وفي اليمن، أتاح دعم طهران وتوجيهها للحوثيين إمكانية تهديد حركة المرور في البحر الأحمر والموانئ السعودية الرئيسية مثل جدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مما يعزز الهدف الإيراني المتمثل في عرقلة الطرق اللوجستية البديلة ويخدم مصالح الحوثيين أيضاً.

وتُعزى تكتيكات الجماعة - التي تشمل الضربات الدقيقة بالمسيرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية - إلى التدريب الإيراني والمعدات وغيرها من أشكال الدعم.

ورداً على هذا التهديد، واصلت السفن العسكرية المتحالفة عبور مضيق باب المندب، غير أن العديد من شركات الشحن التجارية اضطرت إلى سلوك مسار أكثر تكلفة من الناحية المالية والبيئية حول رأس الرجاء الصالح.

وبذلك، فإن قدرات الحوثيين تبطئ وتيرة الدعم اللوجيستي العسكري، مما يثير التساؤل حول ما إذا كانت الجماعة قد نجحت فعليًّا في "تحييد" واشنطن وشركائها في البحر الأحمر بشكل فعال.

ومن أجل الحفاظ على العمليات القتالية المشتركة في زمن الحرب، تعتمد الولايات المتحدة على الشحن التجاري لنقل ما يصل إلى 80% من العتاد الدفاعي.

وإضافة إلى قدرات النقل البحري الخاصة بالجيش، يمكن لوزارة الدفاع الوصول إلى السفن المملوكة للقطاع الخاص أثناء الأزمات من خلال اتفاقية النقل البحري الطوعي متعدد الوسائط، مما يعزز مرونتها ويخفض التكاليف ويضمن الانتشار السريع في مسارح العمليات البعيدة.

ويتطلب هذا الاعتماد الكبير على النقل البحري التجاري خطوط إمداد آمنة لنقل الخدمات اللوجستية العسكرية دون عوائق خلال عمليات الطوارئ. غير أنه نظراً للموارد المحدودة للبحرية الأمريكية والتزاماتها الواسعة النطاق، لا يمكن حماية كل شحنة غير مسلحة بمرافقة عسكرية.

فضلاً عن ذلك، حتى السفن المرافقة تعرضت للهجوم من حين لآخر في البحر الأحمر، وإن كان ذلك دون جدوى. لذا، فإن التهديد البحري المستمر للحوثيين سيكون له تداعيات خطيرة على أي عمليات طوارئ تكون فيها الخدمات اللوجستية ذات أهمية قصوى.

وللإيضاح: إذا سلكت شحنة نفط من بحر العرب إلى روتردام، الطريق البديل حول رأس الرجاء الصالح، فستحتاج إلى ما يقدر بخمسة عشر يوماً إضافياً وما يصل إلى مليون دولار من الوقود الإضافي، وبالتالي، من المرجح أن تواجهه الشحنات اللوجستية في الاتجاه المعاكس تأخيرات مماثلة (انظر الرسم البياني).

وحتى إذا كانت شركات النقل التجاري مستعدة للمخاطرة لتفادي هذا التأخير بعبور البحر الأحمر، فإن التأمين ضد مخاطر الحرب قد يرفع التكاليف بنسبة تقارب 1 % من قيمة تأمين السفينة.

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فإن زيادة وقت العبور حول أفريقيا ستجعل هذا الخيار غير عملي بالنسبة للسيناريوهات التي تتطلب حركة سريعة وآمنة للموارد العسكرية عبر مسارح عمليات واسعة.

أذ تتطلب الطبيعة العالمية للمنافسة بين القوى العظمى من البنتاغون نقل الأصول بين المناطق الأوروبية، والوسطى، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. وحتى في الظروف الاعتيادية، سيكون استخدام باب المندب إلزامياً كلما أصبحت هذه التحولات ملحة.

ومن الجدير بالذكر أن النقل البحري هو وسيلة النقل الأكثر فعالية من حيث التكلفة المتاحة للخدمات اللوجستية العسكرية. أما النقل الجوي فهو أكثر تكلفة وأكثر طلباً، لكن البنتاغون سيستمر في استخدامه لإعادة التموضع الاستراتيجي الفوري للقدرات ذات القيمة العالية.

 ويستعرض القسم التالي كيف يمكن للجيش الاستفادة بشكل أكبر من النقل البري كخيار ثالث.

خيار النقل البري؟

بالنظر إلى قدراتهم في مجال الطائرات المسيرة والصواريخ، يمكن للحوثيين استهداف سفن الشحن في مختلف أنحاء البحر الأحمر وجزء كبير من بحر العرب وشمال المحيط الهندي، وذلك على الرغم من أن إصابة السفن المتحركةمن مسافة بعيدة تُعد مهمة صعبة.

وتكون السفن أكثر عرضةً للخطر أثناء تفريغ حمولتها في الموانئ، إلا أنه بمجرد نقل الشحنة إلى الشاحنات أو الطائرات أو غيرها من وسائل النقل داخل الميناء، تنخفض احتمالات اعتراضها.

وبناءً على ذلك، فإن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل بالإضافة إلى باب المندب يمكن أن يساعد في التخفيف من التهديد الحوثي.

وتقترح شبكة النقل عبر البحر العربي (TAN)، التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إنشاء 300 مركز لوجستي يشمل المطارات، الموانئ البحرية، والمحاور البرية - في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية بهدف تنويع خيارات الشحن.

فعلى سبيل المثال، يمكن لبعض السفن أن تتجاوز المضيق وترسو في جدة، ثم تنقل حمولتها بعد ذلك جواً أو براً.

وكما ذُكر سابقاً، تقع جدة ضمن نطاق استهداف الحوثيين، غير أن إدخال هذا المسار وغيره من المسارات البديلة من شأنه أن يربك حسابات الجماعة ويوفر قدراً أكبر من المرونة في اتخاذ القرارات الأمريكية الرامية إلى تعزيز السلامة والجاهزية بشكل عام.

وقد تم اختبار نظام (TAN) ، إلا أنه لم يتم تفعيله بشكل كامل بعد. وتشير تجارب القيادة المركزية الأمريكية، التي بدأت عام 2015، إلى التوصل لنتائج واعدة، إلا أن التأخيرات الجمركية لا تزال قائمة بسبب عدم توحيد اللوائح، كما أن الاشتراطات المسبقة للتخليص الجمركي تُعيق الكفاءة.

من الناحية النظرية، يمكن أن يتعامل الممر الجمركي مع آلاف الأطنان يومياً إذا تم تفعيله بالكامل وتطبيق الاتفاقيات الجمركية كافة، مما قد يجعله منافساً لحجم التجارة اليومية عبر مضيق هرمز في الخليج العربي.

غير أن هذا الممر ما يزال مقيداً بمشكلات تتعلق بالمقاولين، وحدود الشحنات العسكرية، وضعف التكامل بين وسائل النقل، فضلاً عن أن جهود تحسين العمليات لم تكتمل.

ومن بين الخيارات المطروحة أيضاً الممر البري بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا الإسرائيلي، مروراً بالأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين، وصولاً إلى الإمارات، ليربط الخليج العربي مع تجاوز البحر الأحمر بالكامل.

وتنشط شركتا نقل - شركة "تراك نت" الإسرائيلية وشركة "بيور ترانس" الإماراتية - بالفعل على طول هذا الطريق، وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي.

وقد جرى تجهيز هذا الممر حالياً لاستقبال ما يصل إلى 350 شاحنة يومياً، وهو ما ينافس أو حتى يتجاوز الممر الذي يعمل بكامل طاقته.

أياً كانت الخيارات التي تعتمدها واشنطن، فإن إيجاد بدائل متعددة ومرنة سيكون ضرورياً طالما ظل الشحن البحري تحت التهديد.

ومع المزيد من الاستثمار في الاستكشاف واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة، كتعزيز الدفاعات الجوية في موانئ التفريغ، يمكن لكل من ممر النقل البحري والممر الإماراتي الإسرائيلي تلبية هذه المتطلبات، ودعم عمليات النقل العسكري في مسرح الشرق الأوسط، وربما أيضاً تقليص أوقات التسليم إلى وجهات مثل الأردن، والكويت، والسعودية، والإمارات.

 

المصدر : معهد واشنطن

 

مقالات مشابهة

  • أزمة البحر الأحمر تكشف الانقسام الأطلسي بين الناتو والاتحاد الأوروبي
  • الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا أطلق من اليمن
  • مصرع امرأة وإصابة شخص في غارات أمريكية على اليمن
  • غارات جديدة على صعدة والحُديدة ومظاهرات تندد بالقصف الأميركي
  • الرئيس المشاط: الأمريكي يمارس التضليل بشأن ما تعرضت له حاملة الطائرات “ترومان” في البحر الأحمر
  • الجيش الأمريكي: الانفجار الذي وقع في أحد أحياء صنعاء ناجم عن صارخ حوثي
  • أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
  • اليمن على طاولة النقاش في مسقط: هل اقترب الحل السياسي؟
  • موسكو: الهجوم الأمريكي على ميناء رأس عيسى في اليمن غير مبرر
  • معهد واشنطن يدعو لدعم عملية برية ضد مليشيا الحوثي في اليمن والتنسيق مع الرياض وأبوظبي ..ودعم مجلس القيادة الرئاسي