في أعظم جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث: الجوع ينهش أجساد سكان شمال غزة.. والأعلاف ملاذهم الأخير
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
الثورة / متابعة/حمدي دوبلة
يحكم جيش الكيان الصهيوني حصاره على قطاع غزة ويصر على منع دخول الغذاء إلى اكثر من مليوني فلسطيني للشهر الخامس على التوالي من حرب الإبادة الجماعية التي يفرضها على القطاع وخصوصا في مناطق الشمال الذين اضطروا إلى أكل الأعلاف والأشجار للبقاء على قيد الحياة في أكبر جريمة يشهدها عالم اليوم دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنا
وأصبح رغيف الخبز في غزة- كما يقول سكان محليون ومنظمات حقوقية- سلعة نادرة وباهظة إن وجدت؛ ليضطر الكثير من السكان إلى طهي الأعشاب وخبز علف الحيوانات لسد جوعهم.
ويوضح تقرير أممي أن أكثر سكان قطاع غزة يعانون من الجوع الشديد في ظل خطر حدوث مجاعة خلال الأشهر الستة المقبلة إذا لم يتوفر ما يكفي من الغذاء والماء النظيف وخدمات الصحة والصرف الصحي..
وأكد تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي للشهر الماضي بغزة، أن جميع سكان غزة – حوالي 2.3 مليون شخص – “يعانون من أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي”، موضحًا أن 26% من السكان (نحو 577 ألف شخص) قد استنفدوا إمداداتهم الغذائية وقدراتهم على التكيف ويواجهون جوعًا كارثيًّا (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل) والجوع الحاد.
وقال التقرير إن هناك خطرا لحدوث المجاعة في غزة خلال الأشهر الستة المقبلة إذا استمر تقييد وصول المساعدات الإنسانية. ويتضمن هذا التحليل الأخير للأمن الغذائي في غزة، بيانات من برنامج الأغذية العالمي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية.
ويعاني الأطفال من سوء التغذية الحاد، وتحدث بسببه أكثر من حالتي وفاة يوميًّا من بين كل 10 آلاف شخص بسبب الجوع الشديد أو نتيجة لسوء التغذية والمرض معا”، وقالت سيندي ماكين- المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي- أن البرنامج حذر على مدى أسابيع من وقوع هذه الكارثة. وأضافت أن الوضع أصبح يائسا بدون ضمان الوصول الإنساني الآمن والمستمر الذي طالبت به الوكالات الأممية. وأكدت أن الجميع في غزة ليسوا في مأمن من الجوع الحاد.
وأفاد خبراء الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي بأن سكان غزة قد استنفدوا جميع مواردهم فيما انهارت سبل عيشهم، ودُمرت المخابز، وأصبحت المتاجر فارغة، ولا تستطيع الأسر العثور على الطعام.
ويشتكي سكان شمال غزة من أنهم غالبًا ما يمضون أياما كاملة دون تناول الطعام، وأن العديد من البالغين يعانون من الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.
ورغم المناشدات الحقوقية والإنسانية للعالم أجمع بأن الوضع الإنساني في غزة -والشمال تحديدا- تجاوز المخاوف إلى الحقائق؛ حيث سُجل العديد من حالات الوقيات بسبب الجوع ونقص الغذاء، إلا أن المعابر لا تزال مغلقة، والمساعدات الإنسانية لا تكفي أقل من 10% من الاحتياجات المطلوبة، ومع ذلك لا يصل شيء منها إلى الشمال بسبب قيام الاحتلال بفصل الشمال عن بقية القطاع، ما يزيد المشهد بؤسا ويهدد بانتشار الأمراض المميتة بين الأهالي.
ويعاني الفلسطينيون في شمال قطاع غزة، من شحة كبيرة في المواد الغذائية الأساسية، لا سيما الدقيق، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.
يأتي ذلك في ظل منع قوات الاحتلال الإسرائيلي إدخال شاحنات المساعدات إلى مناطق شمال غزة واقتصار عبورها إلى جنوب القطاع.
ومنذ اندلاع العدوان، عمدت قوات الاحتلال إلى دفع سكان شمال القطاع للنزوح نحو جنوبه، لا سيما مدينة رفح المحاذية لمصر، وسط مخاوف من نية إسرائيل تهجيرهم إلى شبه جزيرة سيناء.
كما منعت قوات الاحتلال وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” من العمل في شمال غزة، واقتصرت خدماتها على جنوب القطاع منذ الأيام الأولى للعدوان.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن نحو 600 ألف مواطن في شمال غزة يتعرضون للموت نتيجة المجاعة وانتشار الأمراض والقصف الإسرائيلي، فيما حذرت الأمم المتحدة، في بيان سابق، من أن 2.2 مليون شخص في قطاع غزة، معرّضون لخطر المجاعة.
وتؤكد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”أونروا”، إن المساعدات الإنسانية التي تدخل للقطاع بشكل عام “لا تلبّي 7% من احتياجات السكان من كافة المستلزمات الغذائية والإغاثية».
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
«جيروزاليم بوست» العبرية: كيف ترى إسرائيل المقاومة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى؟.. المروجون الفلسطينيون: سكان غزة أمة من الأسود بعد نجاتهم من الإبادة الكاملة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعد المقاومة الفلسطينية جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الشعب الفلسطينى فى نضاله من أجل التحرر واستعادة حقوقه الوطنية.
انطلقت المقاومة بأشكال متعددة عبر العقود الماضية، متأثرة بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى مر بها الشعب الفلسطينى ورغم التحديات العديدة التى واجهتها، لا تزال المقاومة تشكل محوراً أساسياً فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلي.
وفى هذا السياق، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية مقالا للكاتب أطار بورات عن استمرار استراتيجية حماس بسبب منطق مشوّه يحتفى بالمعاناة كقوة ويستغل الديناميكيات العالمية لصالحها.
قال بورات إن المنطق فى استراتيجيات الحرب يعتمد بالكامل على نظرية أنه إذا أردت إجبار عدوك على الهزيمة، عليك أن توقع به ثمناً باهظاً بحيث تدفعه للاستسلام ومع ذلك، لا يعمل هذا المنطق مع إسرائيل فى تعاملها مع الفلسطينيين وحماس من وجهة نظر الكاتب.
وأضاف أن هناك عدة أسباب لذلك، لكن السبب الرئيسى هو أن إسرائيل والولايات المتحدة (وجهات دولية أخرى تضغط على إسرائيل) لكى تخلق إطارًا يجعل فكرة المقاومة (المقاومة) بالنسبة للفلسطينيين منطقية بشكل مستمر.
ولكى تنتصر إسرائيل، يجب أن تعيد صياغة قواعد الصراع بحيث تصبح المقاومة غير مجدية، وغير فعالة على المدى الطويل، وبالتالى لا معنى لها فى نظر الفلسطينيين.
جوهر الروح الفلسطينية هو المقاومة الفكرة يمكن تلخيصها فى جملة واحدة: إسرائيل هى الشر المطلق فى العالم، مصدر كل ما هو خاطئ فى العالم، وإجابة الفلسطينى عن سؤال معنى الحياة هى محاربة إسرائيل، والتضحية بالنفس (وبالعائلة) لإلحاق أكبر قدر ممكن من الدمار بإسرائيل.
وتابع "لا يهم إذا ما حسّنت المقاومة حياة الفلسطينيين، لأن فلسفتها تركز على تدمير إسرائيل وإذا تسبب إلحاق الضرر بإسرائيل أيضًا فى إيذاء المجتمع الفلسطيني، فإنه يُعتبر مسعى مرغوبًا.
وقد أكد على هذا المعنى أحد قادة حماس فى خطاب ألقاه بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، قائلاً: "سنواصل السير على درب القادة الشهداء حتى نحقق النصر أو الشهادة، بإذن الله".
ترتكز الروح الفلسطينية على وجود إسرائيل، وتبنى هويتها بالكامل فى معارضة لها باختصار، يحتاج الفكر الفلسطينى إلى وجود إسرائيل لإضفاء معنى على وجوده – كهدف للكراهية وإسقاط كل الشر عليه.
ويدعى الكاتب أن القضية الفلسطينية وفلسفتها،، تشبه ما يمثله الجوكر لباتمان، إذا اختفت إسرائيل غداً، لن يعرف مروجو الفكر الفلسطينى ماذا يفعلون بأنفسهم، تماماً كما يعتمد وجود الجوكر على مواجهة باتمان.
من وجهة النظر الفلسطينية، لا يُعتبر هناك أى خسارة، كل خسارة فى الأرواح خلال المقاومة تُعتبر تضحية من أجل القضية الكبرى، مما يجعل هذه التضحية ليست فقط مقدسة بل أيضًا مدعاة للاحتفال. كلما عانى الفلسطينيون أكثر، كلما أثبتوا مزيدًا من "الصمود" أو الثبات، وكلما زادت المعاناة، زادت الإشادة بهم – حيث تصبح التضحية عملاً بطوليًا.
وبعد وقف إطلاق النار، قدم المروجون الفلسطينيون سكان غزة على أنهم "أمة من الأسود" بعد "نجاتهم من إبادة جماعية".
ويرى الكاتب أن ضمن هذا الإطار الفكري، يصبح من شبه المستحيل ردع الفلسطينيين لأنهم لا يربطون بين الفعل والنتيجة لا يرون الدمار فى غزة، الذى جلبته حماس عليهم، كنتيجة مباشرة لعدوان حماس فى ٧ أكتوبر. والمعاناة التى يتحملونها تُعتبر جزءًا من الثمن الذى يدفعونه مقابل "صمودهم" البطولى فكرة أن "الليل يكون أشد ظلمة قبل الفجر" واضحة فى معظم مقاطع الفيديو الدعائية من غزة فى هذه الأيام لهذا السبب، يرون أنفسهم حقًا كمنتصرين، وليس فقط كوسيلة لحفظ ماء الوجه فى مقاطع الفيديو الدعائية.
وأحد المبادئ الفكرية التى يستند إليها الفلسطينيون هى فكرة "الصبر"، والتى تعنى أنه يمكنك الانتصار على أى خصم إذا لعبت على عامل الوقت وأظهرت تصميمًا أكبر منهم.
قد تعانى أكثر من خصمك، ولكن إذا تمكنت من الصمود لفترة أطول، فستنتصر فى النهاية.
وقد قال بسام نعيم، مسئول آخر فى حماس: "الضربة التى بدأت فى ٧ أكتوبر، والصمود والمقاومة التى تلتها، تثبت أن الشعوب قادرة على امتلاك الوسائل والظروف المناسبة لتحقيق أهدافها العظيمة فى الحرية والاستقلال." يشير هذا إلى إيمانهم بأن المقاومة تحقق مكاسب فعلية.
وقال خليل الحية نائب رئيس حركة حماس فى خطابه: "سيظل يوم ٧ أكتوبر مصدر فخر لشعبنا ومقاومتنا." وإذا حاولنا رؤية الحرب من المنظور الفلسطيني، فإن سلوكهم المدمر ذاتيًا له منطق خاص بهم. منطق مريض ومشوّه، يجعل إسرائيل دون قصد تضفى عليه طابعًا مقبولاً.بعد أن يتم الحكم على من المقاومة الفلسطينية ، غالبًا ما يلقون خطابًا يُفترض أن يكون متحديًا وبطوليًا قبل دخولهم السجن يصرحون بأنهم يدركون أحيانًا أنهم سيتم الإفراج عنهم فى المستقبل، وأن روح مقاومتهم لم تُكسر رغم سجنهم من قبل إسرائيل وللأسف، هم ليسوا مخطئين فى ذلك.
عندما يتم سجن أحدا منهم ويؤمن دينيًا بأنه سيتم إطلاق سراحه فى صفقة مستقبلية، فهذا يعتمد على قصر نظر إسرائيل وتفكيرها العاطفى المفرط.
والمقاومة الفلسطينية تعلم أن الرهائن سيتم اختطافهم فى المستقبل، مما سيكون بمثابة بطاقة خروجهم من السجن مجانًا.
تحتفل حماس بـ"نصرها" مع حشود فلسطينية تهتف "خيبر يا يهود" لأنهم نجوا من الحرب، ولا تزال حماس مسيطرة. ولا يمكننا السماح للمنطق المشوّه للمقاومة أن يكون مقبولًا للفلسطينيين إذا رأوا أن هذه الاستراتيجية تحقق نتائج – إطلاق سراح الإرهابيين، واستعداد إسرائيل للتخلى عن هدفها فى القضاء على حماس فقط من أجل إطلاق سراح بعض الرهائن – فإنهم سيستمرون فى طريق المقاومة.
وحماس حققت مكاسب سياسية فى غزة والضفة الغربية بما فى ذلك تحقيق إطلاق سراح المعتقلين من جميع الفصائل كجزء من الصفقة.