أمريكا تعسكر البحار دفاعا عن “إسرائيل” واليمن تحذر الأوروبيين وتدعوهم للاستفادة من تجربة أمريكا وبريطانيا
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
وزير المالية البريطاني : الهجمات اليمنية على السفن في البحر الأحمر لها تأثير على الاقتصاد البريطاني وترفع الأسعار
حذرت اليمن الاتحاد الأوروبي من تبعات عسكرة البحار المشاطئة لليمن ، واعتبر التحذير الذي جاء على لسان عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي ذلك بمثابة زيادة للتوتر، ولفت الحوثي إلى أن اليمن ستتعامل مع أية دولة تنخرط بحماية إسرائيل في البحر الأحمر كمعتدية، مطالبا الاتحاد الأوروبي بالاستفادة من التجربة البريطانية – الأمريكية التي فشلت في تأمين إسرائيل وفتحت النار على سفنها في البحر الأحمر، كما اعتبر الحوثي زيادة التنسيق مع اليمن وحده هو الكفيل بحماية الملاحة الذي يبدد مخاوف أية دولة بشأن الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب.
الثورة / أحمد المالكي
ناطق الحكومة اليمنية بصنعاء ضيف الله الشامي أكد أن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي آمنة ولن تواجه أي تهديد أو مخاطر، باستثناء سفن الكيان الصهيوني أو المتجهة إليه وكذا سفن أمريكا وبريطانيا، وأن أمريكاً هي التهديد الحقيقي الذي تعسكر البحر الأحمر لحماية الكيان الصهيوني الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، حيث جدد التأكيد على حق اليمن المشروع في الدفاع عن أرضها وسيادتها والرد على الاعتداءات الأمريكية والبريطانية التي لن تفلت دون عقاب، كاشفاً عن معلومات بأن الإمارات تجند مرتزقة من مختلف الجنسيات لتنفيذ عمليات إرهابية على السفن في البحرين الأحمر والعربي لإلصاق التهمة على اليمن، محذراً من الإقدام على مثل هذا الأعمال كون اليمن واضحة وصريحة في موقفها وعملياتها.
ارتفاع الأسعار
وكان وزير المالية البريطاني جيرمي هانت قال : إن الهجمات على السفن في البحر الأحمر من قبل القوات البحرية اليمنية لها تأثير على الاقتصاد البريطاني بسبب زيادة الأسعار.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت هجمات القوات المسلحة اليمنية يمكن أن تعني ارتفاع الأسعار في بريطانيا، قال هانت لهيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي “قد يكون لها تأثير وسنراقب ذلك بعناية شديدة”.
عالية المخاطر
وقد ذكرت وكالة رويترز للأنباء، نقلا عن خبراء في الأمن الملاحي والتأمين، أن الهجمات اليمنية الأخيرة أدت بالفعل إلى ارتفاع تكلفة أقساط تأمين السفن التجارية التي تمر بالبحر الأحمر، وأدرجت سوق التأمين في لندن منطقة جنوب البحر الأحمر ضمن المناطق عالية المخاطر، وهو ما يستلزم دفع أقساط إضافية، ويتوقع أن يؤدي بدوره إلى زيادة أسعار السلع التي تحملها تلك السفن.
قدرات عسكرية
فيما أكد الدكتور مايكل نايتس، زميل برنامج برنستاين بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والخبير في الشؤون العسكرية والأمنية لدول الخليج، أن اليمنيين لديهم قدرات عسكرية تمكّنهم من إلحاق أضرار بالغة بالسفن التجارية والحربية الأمريكية والبريطانية، التي تمر عبر البحر الأحمر. ويضيف أن اليمنيين “آثروا أن يظهروا جزءا صغيرا فقط من ترسانتهم ، وإذا استخدموا أسرابا من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، فإنهم سينهكون الأنظمة الدفاعية التي تعترضها البوارج الحربية الأمريكية والبريطانية، والتي تزيد تكلفتها بكثير عن تكلفة قدراتهم الهجومية البدائية، وبحسب مايكل نايتس فاليمنيون يستنزفون البحرية الأمريكية وأنهم في الوقت الحالي يقومون فقط بإطلاق صواريخ فردية ، ولكن حتى تلك الصواريخ أدت إلى ابتعاد بعض سفن الشحن عن باب المندب وقناة السويس ، وهو أمر أشبه بإعادة صناعة الشحن إلى ما كانت عليه قبل افتتاح قناة السويس في ستينيات القرن التاسع عشر”.
ارتفاع التكلفة
ومع استمرار حالة التوتر الذي فرضته أمريكا في البحر الأحمر دفاعا عن “إسرائيل”، بدأت بالفعل بعض شركات الشحن تحويل مسار سفنها عن قناة السويس وسلكت طرقا بديلة، ومنها شركة الشحن البحري الإسرائيلية “زيم” التي أعلنت الشهر الماضي أنها اضطرت إلى اتخاذ ذلك الإجراء بسبب الأوضاع في بحر العرب والبحر الأحمر.
وسلك طرق بديلة وفق خبراء الملاحة والاقتصاد يعني إطالة مدة الرحلة التي تقطعها سفن الشحن، وهو ما يعني عرقلة سلاسل الإمداد وارتفاع تكلفة النقل البحري ، كما أن زيادة التوترات والتي تعرضها أمريكا سوف تؤدي إلى ارتفاع كبير في “كلفة التأمين على السلع وتجارة النفط والغاز ، ووفق الخبراء فأن “الكثير من أصحاب شركات النفط والسلع الأخرى قد يترددون في إرسال سفنهم إلى مرمى الخطر، وبامتناعهم، سيكونون قد أوقفوا إمدادات النفط والغاز الآتية من الخليج إلى أوروبا وأمريكا، وربما منطقة حوض الباسيفيكي أيضا.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”
قد تكون تركيا ـــــ على غرار إيران و”إسرائيل” ـــــ إحدى القوى الإقليمية الثلاث في المنطقة، ذات الحضور الإقليمي، والتي لديها مشروع إقليمي، في مقابل بقيّة الفاعلين الدوليين والإقليميين، على امتداد الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.
وتبقى تركيا وإيران، كما بلدان وشعوب المنطقة، بخلاف “إسرائيل”، في صلب التكوين أو التركيب السوسيولوجي والديموغرافي للإقليم. لكنّ أنقرة ليست مطلقة اليدين في مواجهة واشنطن و”تل أبيب”، ولا سيما بمسألة سوريا والمسألة الكردية. فماذا عن تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”؟ وما هي آفاقها وحدودها؟
في التمدّد أو التوسّع التركي في المنطقة
مع اندلاع الأحداث في سوريا، في غمار ما بات يُصطلَح على تسميته بـ “الربيع العربي”، لم تكن تركيا بعيدة عن خلفيّات ومجريات تلك المستجدّات وتلك المتغيّرات. هي لم تكن البتة بمنأى عن تطوّرات المشهد السوري، وهي لم تنأَ بنفسها عن مسار العمليات الأمنية والعسكرية على الساحة السورية. فتركيا ترى أنّ إقليم سوريا الطبيعي والجغرافي هو جزء لا يتجزأ من المجال الحيوي، الذي يشكّل الامتداد الخارجي للأمن القومي التركي في عمقه الاستراتيجي ضمن النطاق الداخلي.
هذا ما يفسّر ـــــ من وجهة النظر التركية ـــــ الوجود العسكري والحضور الأمني في سوريا منذ وقت مبكر، ولا سيما بين أنصار ومناصري الرئيس التركي والحزب الحاكم التركي. إن سوريا، بالنسبة إلى تركيا، تمثّل الممر الإلزامي لمشروع التمدّد أو التوسّع باتجاه الجنوب، ضمن المشرق العربي ونحو الجزيرة العربية والخليج. وهي كانت، ولا تزال، حتى حينه، تتطلّع إلى المزيد من التسلّل والتوغّل داخل سوريا لإثبات حضورها ودورها مع العثمانيين الجدد في إطار النظام الإقليمي.
إنّ ضلوع تركيا في الكثير من التطوّرات السياسية وغير السياسية التي طرأت على سوريا لا ينفصل عن انخراطها مبكراً في الكثير من الأحداث التي اندلعت سابقاً في العراق بصورة عامّة وإقليم كردستان شمالي العراق بصورة خاصة. هنا بالتحديد تبرز هواجس الأتراك بشأن قضية الكرد وحراكهم وتحرّكهم بالتنسيق والتعاون مع الأمريكيين والإسرائيليين. ثم عمدت تركيا إلى المضي قدماً والذهاب بعيداً على امتداد الإقليم، من غربي آسيا إلى شمالي أفريقيا، وحتى ليبيا على حدود مصر!
في الحسابات والتقديرات العربية في المنطقة
أثار الاتجاه السياسي والاستراتيجي لدى أنقرة نحو التوسّع والتمدّد ضمن المنطقة العربية، والمتنامي والمتصاعد طيلة حقبة الرئيس رجب طيب إردوغان على رأس السلطة ونظام الحكم في تركيا، حفيظة العرب، في إشارة إلى الأنظمة العربية، ولا سيما في المشرق العربي والخليج، بصرف النظر عن الخلاف أو الاختلاف بين العرب حول الاتجاهات والتموضعات والاصطفافات الإقليمية، حتى إنه أثار الشعور بالريبة، وكذلك الشعور بالقلق. وقد أصبح هذا الشعور المركّب مفهوماً ومبرّراً أكثر، بل مضاعفاً، مع سقوط سوريا ودور تركيا بالمعطى المستجدّ.
كان الحضور التركي والدور التركي ذو الصلة على حساب المصالح والحقوق والأدوار العربية. ثم جاء التوسّع والتمدّد في النفوذ التركي على أنقاض المشاريع والطموحات والتطلّعات العربية. مما يفسّر ردود الأفعال العربية، من جانب كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما مصر، والتي بدأنا نرصد الإرهاصات والمؤشرات لها بالحراك والتحرّك العربيّين، على الصعيد الإقليمي، ولا سيما الأوساط العربية، وعلى الصعيد الدولي، ولا سيما الأوساط الغربية، في محاولة للحدّ من سطوة، أو لنقل صعود، النفوذ والدور التركيين الإقليميين.
في المشاريع الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة
لقد قامت “إسرائيل” بعجالة ـــــ فور سقوط النظام قبل الدولة ـــــ بتدمير قوة سوريا العسكرية والأمنية والاستراتيجية. وهي تمعن في عملية تفكيك الدولة السورية وفي عملية تمزيق الوحدة الوطنية السورية، السياسية والاجتماعية. هي تريد – ومعها أيضاً أمريكا – تقسيم سوريا، على أسس طائفية ومذهبية وإثنية، وتقاسم الحصص ومناطق النفوذ فيها. لم يعد هذا المسار أو هذا المسير خافيين على أحد- أيّ أحد- في الإقليم وفي العالم بأسره. كما قامت “إسرائيل” بتوسيع احتلالها جنوبي البلاد، بينما قامت أمريكا بتثبيت وتكريس احتلالها شمالي البلاد.
هذا الكلام ليس بالجديد على الإطلاق. وقد عمدنا سابقاً إلى الإدلاء به وتدوينه مرات عديدة. أمريكا و”إسرائيل” تريدان تفتيت إقليم الشرق الأوسط عموماً وإقليم المشرق العربي خصوصاً، بقصد التمكّن منهما وإحكام السيطرة والهيمنة عليهما. قد لا تكون بقية الحكومات والأنظمة والجيوش والدول والبلدان العربية بمنأى عن مخاض التدمير والتقسيم والتفتيت، ومن بينها الجيش المصري والعرش الأردني.
بعد النيل من الجيش العراقي أولاً، ومن ثم الجيش السوري ثانياً، ثمة تصريحات وتسريبات تفيدان بنية “إسرائيل” تدمير قوة مصر لاحقاً، بل قريباً.
في الخيارات والرهانات التركية في المنطقة
لا يمكن تركيا أن تنتهج سياسة وضع اليد على سوريا برمّتها، بالنظر إلى وجود كلّ من الأمريكيين في منطقة الكرد شمال شرقي البلاد والإسرائيليين في منطقة الدروز وغير منطقة جنوبي البلاد. ستشهد الخارطة السياسية لسوريا تغيّرات أو تغييرات دراماتيكية وتراجيدية، إن عاجلاً أم آجلاً. أمّا بعد دخول تركيا عمق وقلب سوريا، فهي لن تستطيع أن تستحوذ عليها كلّها، حتى وإن كانت المخابرات التركية تجوب الأرجاء والأنحاء كافة، بحيث ستحتفظ فقط بالمنطقة الممتدة من حلب إلى حماة شمالي البلاد.
ويبقى على الروزنامة التركية لدى أنقرة الأولوية المتصلة بتقويض المشروع والحراك الكرديّين، ومنع تصديرهما من شمالي شرقي سوريا وشمالي العراق إلى جنوبي تركيا. وهو ما يفسّر خطوة الأتراك الأخيرة على صعيد المفاوضات السياسية على خط زعيم الكرد عبد الله أوجلان في سجنه. إنّ الحكومة التركية تريد التخلّص من الحالة الكردية، الثائرة أو الثورية، المتمردة على القرار التركي بأيّ شكل من الأشكال. وهي لا تعير أيّ اهتمام أو انتباه لقضية الكرد وحقهم بتقرير المصير.
يبدو الأفق السياسي لوجود وبقاء تركيا في سوريا محدوداً بالزمان والمكان، إن في المدى الزماني أو في النطاق المكاني. هي مقيّدة بالحسابات المتقاطعة والمتداخلة أو المتشابكة. وعليها التعامل والتعاطي مع الأمريكيين والإسرائيليين بإيجابية، فيكون لها ويبقى لديها ما تريد، مع الإشارة إلى أنّ أمريكا و”إسرائيل” تبديان الحزم والحسم في سوريا، كما في لبنان وفلسطين، بل ربما في مصر. وقد لا تكتفيان بتدجين الموقف السياسي المصري، بل قد تقومان بضرب القوة العسكرية المصرية!
أنقرة والإدارة الأمريكية
قد يكون لتركيا دور ومكانة في النظام الإقليمي، بالنظر إلى حجمها ووزنها ضمن الإقليم بميزان الجيوبوليتيك. وهي تحتفظ لنفسها بهامش خاصّ بها، وتتمايز، بطريقة أو بأخرى، عن بقية اللاعبين الدوليين والإقليميين في المنطقة، من حيث التموضع أو الاصطفاف السياسيان والاستراتيجيّان.
لكنّ أنقرة لا تستطيع الخروج عن الإرادة الأمريكية، الضابطة والناظمة لإيقاع الترتيبات الإقليمية، ولا تستطيع بالتبعية تحدّي الإرادة الإسرائيلية، ولا حتى استفزازها.
هكذا تغدو أنقرة محكومة، أو لنقل ملزمة، بهذه السقوف والضوابط في حراكها أو تحرّكها الإقليمي.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية.