تحت شعار ” الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الرهانات والتحديات“، عقدت المنظمة المغربية لحماية المال العام بالمغرب مؤتمرها الوطني الاستثنائي، أيام 16 و17 و18 فبراير 2024 .

وانعقد المؤتمر في سياق وطني إقليمي ودولي مليء بالتحديات والمخاطر التي تتجلى في أطماع القوى الإمبريالية ومن يدور في فلكها، لتحقيق مشروعها الرامي إلى السيطرة الكاملة على ثروات الشعوب في كل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية، وفي سياق تنامي معدلات الفساد، مما أصبح لزاما على المجتمع المغربي والقوى الديمقراطية والمنظمات الحقوقية والنقابية اتخاذ مواقف حازمة لمواجهة المخاطر التي تحدق ببلادنا جراء سياسة التطبيع مع الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب.

وإن اختيار المنظمة لهذا الشعار ” الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الرهانات والتحديات ” يؤكد مدى وعيها بطبيعة المرحلة وملابساتها، وما تحتاجه من جبهة ديمقراطية لحماة المال العام واسعة لتحقيق هذا الهدف، كما يعكس رفضه لكل أشكال التطبيع مع الفساد ونهب المال العام والثروات الطبيعية.

إن المؤتمر، وبعد تدارسه للوضع العام الوطني في كافة أبعاده، وفي مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبعد وقوفه عند تعطيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتي انطلقت منذ 2015 لدى الدولة للتصدي لمظاهر الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب، كما تجلى ذلك بوضوح في التعاطي السلبي مع ملفات الفساد التي تعرفها كل القطاعات العمومية وشبه العمومية، والتي صدرت بشأنها تقارير رسمية توثق لإختلالات مالية جسيمة ذات طبيعة جنائية، والتي لا تتم إحالتها على الجهات القضائية من أجل محاكمة المتورطين في تلك الجرائم في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة .

1 – يعتبر المؤتمر بأن استمرار الدولة في التطبيع مع الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب يشكل خطورة على مستقبل المجتمع في التنمية والحرية والكرامة، إذ لم يتجاوز المغرب المركز 123 في تقرير التنمية البشرية الذي تصدره منظمة الأمم المتحدة، ويأتي المغرب في آخر الترتيب الدولي من بين 222 دولة بالنسبة للدخل الفردي، في حين تتقدم عليه دول إفريقية وعربية في هذا المجال، كما أن القدرة الشرائية انخفضت بالنسبة للدخل الفردي بسبب سيادة الفساد وسوء توزيع الثروة، وهو ما أدى إلى تفاوتات اجتماعية ومجالية.

2 ـ يعتبر المؤتمر بأن كلفة الفساد والرشوة في المغرب تتعدى 5 % من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو رقم يشكل تهديداً للتنمية ويضع الاقتصاد في نفق مسدود غير قادر على رفع تحديات المنافسة على المستوى الدولي، وأن الفساد أصبح من أبرز المعيقات لتحقيق النموذج التنموي الجديد، لأنه يساهم في ضياع هذا الطموح، ويحرم المجتمع المغربي من التمتع بالحريات والعدالة الاجتماعية وضمان مستقبل الأجيال القادمة، كما يحرمه من المساهمة في صياغة السياسات العامة للبلاد ومختلف الخطط التنموية والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بمستقبلها، ويضعف الثقة بالنظامين القانوني والقضائي، كما يعيق القدرة على الاحتفاظ بموظفين ذوي كفاءة عالية، ويتسبب في هدر المال العمومي والثروات الطبيعية وتعطيل الموارد البشرية.

3 ـ يعتبر المؤتمر بأن استمرار الدولة في التطبيع مع مظاهر الفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب والرشوة واقتصاد الريع والامتيازات سيؤدي حتما إلى المزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويشجع لوبيات الفساد ونهب المال العام والثروات الطبيعية والسطو على أراضي الدولة والممتلكات العمومية والتمادي في ارتكاب جرائم مالية، مما يتسبب بشكل كبير في انتشار الفقر والبطالة والجريمة ولجوء الشباب إلى الهجرة السرية أو الوقوع في شبكات الانحراف والاتجار في المخدرات.

4 – كما يؤكد المؤتمر أن ارتفاع معدل الفقر وانتشار الجريمة بمختلف أشكالها والبطالة وتنامي استنزاف الموارد الطبيعية، وتدمير البيئة، وضعف النمو الاقتصادي، وتحويل إنفاق الدولة من الأنشطة الأكثر إنتاجية إلى الأنشطة الأقل إنتاجية، مما من شأنه أن يساهم في حدوث اضطرابات نقدية ومالية وتراجع نسبة الاستثمار الوطني والأجنبي.

5 – إن المؤتمر و هو يقف عند خطورة الجرائم المالية على الأوضاع العامة للمجتمع، فإنه يلتمس من جلالة الملك باعتباره رئيسا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بإخراج العديد من الملفات المعروضة أمام محاكم المملكة ومحكمة النقض، بالخصوص في جرائم الأموال ذات صلة بالفساد ونهب المال العام عمرت طويلا ولأمد غير معقول كاد أن يلفها النسيان ويتطاير الغبار من أوراقها وتسقط في هدر الزمن القضائي، وعلى سبيل المثال لا الحصر : – ملف المدعو عبد النبي بيوي ومن معه رئيس جهة الشرق المعتقل على ذمة جريمة الاتجار الدولي للمخدرات – ملف شكاية ضد بعض مسؤولي وزارة الصحة بشبهة فساد صفقات ب 200 مليار ابان جائحة كرونا – ملف شكاية صفقات شبهة التبديد والاختلاس لاموال عمومية ل44 ملعب لوزارة الشباب والرياضة والتي تم وضعهما لدى رئاسة النيابة العامة – وملف شكاية شركة النقل سيتي باص باستئنافية فاس بقسم جرائم الاموال بفاس ، وشكايات التي وضعتها المنظمة المغربية لحماية المال العام باستئنافية الدار البيضاء ضد بعض رؤساء الجماعات : ملف رئيس جماعة مولاي عبد الله والرئيس السابق لجماعة بني ملال وخريبكة وأكلمام ازكزا اقليم خنيفرة … ، ويؤكد أن المتابعات القضائية المسطرة في عدة ملفات تقتصر على بعض المنتخبين وبعض الموظفين والمقاولين دون أن تطال الرؤوس الكبيرة، وأن هذه المتابعات يبقى أثرها محدودا وغير مصحوبة بإجراءات شجاعة وجريئة من شأنها أن تعيد للناس الثقة في جهاز العدالة باعتبار الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية طبقا للفصل 107 من دستور المملكة.

كما صادق المؤتمر على المطالبة بأجرأة تقارير مؤسسات الافتحاص التي صدرت وذلك بتفعيلها لدى القضاء مرفوقة بشكايات لتحريك الدعاوى العمومية في مواجهة كل من:

– بعض رؤساء الاحزاب الذي ذكرهم تقرير تدقيق الحسابات السنوية للأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي للسنة المالية الاخيرة . .

– الرئيس المدير العام السابق لصندوق الإيداع والتدبير والذي ذكره .

– بعض المدراء السابقين ومسؤولين إداريين لبعض الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الذين صدرت في حقهم تقارير للمجالس الجهوية للحسابات وتمت متابعتهم من طرف النيابة العامة.

6 – يعتبر المؤتمر بأن التصدي لمظاهر الفساد وطنهب المال العام ومعالجة آثارها على التنمية جزء من عملية واسعة لإرساء قواعد الحكامة وترسيخ الديمقراطية ودولة المؤسسات بما يقتضيه ذلك من تعزيز لقيم الشفافية والنزاهة والمساءلة في التدبير العمومي وسير المرافق العمومية، وهو ما يتطلب ملاءمة التشريع المغربي مع المواثيق الدولية ذات الصلة، وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، وسن استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد للتصدي للفساد والرشوة، وتوسيع صلاحيات ومهام مؤسسات الحكامة ومدها بالإمكانيات اللازمة لممارسة مهامها مع إحالة تقاريرها على القضاء.

7 – يدعو المؤتمر إلى تظافر جهود كل القوى الحية من حماة المال العام والجمعيات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني من أجل جبهة ديمقراطية وطنية واسعة لمحاربة الفساد و نهب المال العام وإرساء أسس ربط المسؤولية بالمحاسبة والشفافية والنزاهة وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومواجهة التوجه المناهض لأي تحول نحو الديمقراطية والمستفيد من واقع الفساد والنهب.”

وقد انتهت أشغال المؤتمر الوطني الأول للمنظمة المغربية لحماية المال العام بالمغرب بانتخاب أجهزتها الوطنية والتقريرية وهي كالتالي:

– 62 عضوا المجلس الوطني ممثلة على صعيد 10 جهات مشاركة في المؤتمر .
رئيس المنظمة : ذ. محمد سقراط
إضافة إلى 15 عضو بالمكتب التنفيدي أسمائهم كالتالي :

– ذ ابراهيم الذهبي (هيئة المحامين بالرباط ) .
– ذ. عضراوي عبد الرحمان ( هيئة المحامين بالرباط ) .
– ذ بنهمو عزيز (هيئة المحامين بالرباط )
– ذ خالد كويس ( هيئة المحامين بمراكش ) ممثلا لجهة مراكش أسفي.
– ذ أحمد الزايدي ( هيئة المحامين بخريبكة )
– ذ أحمد العماري
– ذ فريد نعناع
– ذ عز الدين العسال
– ذ مراد زيبوح (هيئة المحامين وجدة ) .
-ذ محمد بن ساسي (هيئة المحامين الرباط ) .
– ذ دنيا رياض .
– ذ عصام أربيب .
– ذ فيصل امرزوك .(هيئة المحامين الرباط ) .
– ذ المختار العسولي (هيئة المحامين الدار البيضاء ) .
– ذ. رشيد الفيزازي (هيئة المحامين بالرباط ) .

كما إنبثقت عن المؤتمر لجن فرعية وجهوية .

المصدر: مراكش الان

كلمات دلالية: لمکافحة الفساد التطبیع مع

إقرأ أيضاً:

انطلاق المؤتمر الدولي “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” بنسخته الثانية في مكة المكرمة

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبمشاركة كبار مفتي الأمة الإسلامية وعلمائها من جميع المذاهب والطوائف من أكثر من 90 دولة، انطلقت أمس الخميس في مكة المكرمة أعمال النسخة الثانية من المؤتمر الدولي: “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” الذي دعت رابطة العالم الإسلامي إلى انعقاده هذا العام، تحت عنوان: “نحو مؤتلفٍ إسلاميٍّ فاعِل”؛ وذلك بهدف وضع برامج عملية لوثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، وتنسيق المواقف لمواجهة التحديات والمخاطر المشتركة.

واستهلَّ المؤتمرُ أعماله بكلمة سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وألقاها نيابةً عنه الأمين العام لهيئة كبار العلماء الدكتور فهد بن سعد الماجد.

وأكَّد سماحته أنَّ مؤتمر “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” في نسخته الثانية يمثل نموذجًا مهمًّا يتعلَّق بالشأن الإسلامي المذهبي، والتحذير من نزعات الصدام والصراع التي زادت من متاعب الأُمّة.

من جهته، أكَّد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، أنَّ “الاختلاف والتنوع سُنَّةٌ ربانية كونية، وهو في الداخل الإسلامي من قرون”، محذرًا من أنَّ “المسارات السلبية للسجالات المذهبية لم تقتصر مآسيها على فاعليها، وإنما امتدَّ شررها إلى النيل من الإسلام والمسلمين في وقائع مؤلمة دوَّنها التاريخ في صفحاته المظلمة”.

من جانبه، وصف الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران، الدكتور حميد شهرياري، “وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” بأنها ذات نصٍّ علميٍّ عميق، وتمَّت صياغتها على مستوى عالٍ من الفكر المبني على الأدلة الميدانية، والمعرفة الاجتماعية المتقدمة، مؤكدًا أنَّ الظروف التاريخية التي يعيشها المسلمون تجعل الواجب الأساسي للعلماء والمرجعيات الدينية هو إظهار أنَّ كلَّ مواطن من أبناء الأمة الذي يشهد الشهادتين هو جزءٌ من الأمّة الإسلامية.

اقرأ أيضاًالمجتمعأمطار على مدينة الرياض

فيما شدَّد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، السيد حسين إبراهيم طه، في كلمته على أنَّ الوحدة واجب ديني، ومسؤولية تاريخية، داعيًا إلى التحلي بالشجاعة لنبذ الخلافات، وتعزيز أواصر الأخوة، والعمل معًا نحو رؤية موحدة تُعيد للأمة مجدها، وتستعيد بها دورها الريادي بين الأمم.

وعقب حفل الافتتاح عقدت الجلسة الرئيسية للمؤتمر بعنوان “نحو مؤتلَفٍ إسلاميٍّ فاعِل”، كما عُقدت أيضًا جلسة “فقه الاختلاف وثقافة الائتلاف”.

وتتواصل أعمال المؤتمر اليوم الجمعة من خلال أربع جلسات تتناول: “مقومات الائتلاف الإسلامي”، و”ميادين العمل المشترك بين المذاهب الإسلامية وفق وثيقة بناء الجسور”، و”قضايا الأمة وتنسيق المواقف”، و”مسيرة الحوار الإسلامي – الإسلامي”.

ومن المرتقب أنْ يشهد المؤتمر جلسةً ختاميةً، سيتم فيها الإعلان عن البيان الختامي للمؤتمر، وتدشين “موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي”، التي أعدَّها مركز الحماية الفكرية بالمملكة العربية السعودية؛ لتكون خارطةَ طريقٍ في مفاهيم المُشترَك الإسلامي الجامع.

مقالات مشابهة

  • مراكش تتصدر المشهد السياحي في المغرب بارتفاع قياسي في ليالي المبيت
  • انطلاق المؤتمر الدولي “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” بنسخته الثانية في مكة المكرمة
  • هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تشارك بأعمال المؤتمر العالمي للاتصالات المتنقلة ببرشلونة MWC25
  • هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تشارك بالمؤتمر العالمي للاتصالات المتنقلة ببرشلونة
  • اشتباك بالأيدي خلال اجتماع نقابة المحامين
  • نواب يتهمون الكاظمي بالفساد: عودته للاستفادة من العفو العام
  • كلف عبدالله بن حميد القاسمي بمهام أمين عام المجلس التنفيذي.. سعود بن صقر يستقبل محمد عبداللطيف بمناسبة انتهاء فترة عمله
  • الأمريكيون يتقدمون بطلبات للحصول على الجنسية البريطانية بعد انتخاب ترمب
  • نائب إطاري يطالب بمحاكمة الكاظمي لسرقته المال العام
  • من الضيافة إلى الوقود: المال العام ينفق بعيدًا عن احتياجات الشعب