رئيس الهيئة العامة للكتاب: موقفُ اليمن المساند لفلسطين يبدِّدُ أحلام الصهاينة في تهجير سكان غزة ويتبخّرُ معه حُلمُ قناة بن غوريون
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
يمانيون – متابعات
يتناولُ رئيسُ الهيئة العامة للكتاب، الكاتب والمفكر عبد الرحمن مراد، في الجزء الثاني من الحوار، دلالات ومستقبل ما بعد (طُـوفان الأقصى)، معرِّجاً على التحوُّلاتِ الظاهرةِ في نُظُمِ وقِيَمِ المجتمع السعوديّ، ومستقبل المملكة، وَأَيْـضاً دويلة الإمارات وأدوارها المشبوهة التي تجعل منها حالة لكيان لا علاقة له بالمنطقة ضمن مشروع استهداف المنطقة العربية والعالم الإسلامي ككل.
إلى نص الحوار:
– (طُـوفانُ الأقصى) ومعركةُ غزة.. هل تشكِّلُ مرحلةً جديدةً في تاريخِ الصراع العربي الإسرائيلي وفي تاريخ اليمن؟
(طُـوفان الأقصى) ستكونُ علامةً فارقةً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وله تأثيراتُه على حركة التوازنات الدولية وعلى الأبعاد الموضوعية في تشكيل النظام الدولي متعدد الأقطاب في حال أن نحسِنَ رسمَ الاستراتيجيات وصناعة المستقبل.
– الإبادةُ الجماعية الصهيونية في غزة تستمرُّ ضمن مسلسل التطهير العرقي الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.. هل نقرأ هذه الوحشيةَ ضمن معتقدات الصهيونية الدموية يهودية ومسيحية على حَــدٍّ سواء؟
اليهود لديهم نبوءات يجدونها في كتبهم منها مثلاً: ظهور المخلِّص، والمُخَلِّصُ في معتقدهم سوف يحكُمُ بلادَ ما بين النهرَينِ؛ أي حلم دولة “إسرائيل” الكبرى التي تصل إلى ملتقى النهرَينِ في مصر، وتمتد إلى بلاد الرافدين، ومنها إلى بعض البلاد في الجزيرة العربية، ولديهم بعض الأمارات في كتبهم منها: كثرة سفك الدماء؛ أي يرتبط ظهور المخلص بالدم المراق وكثرته؛ ولذلك أسسوا تنظيم الدولة الإسلامية لهذه المهمة “داعش” وهو تنظيمُ قتلٍ ودمار وإفساد في الأرض والنسل، ودمّـر الثقافةَ والمعتقدَ الإسلامي، وتلك غايات يهودية طبعاً، وهم اليوم يقومون بنفس المهمة في غزةَ؛ حتى يساهموا في تعجيل خروجِ المخلِّص.
– كيف تفسرون هيمنة اللوبي اليهودي على قرار الإدارة الأمريكية التي تشارك بفاعلية في حرب الإبادة على غزة؟
علينا أن ندرك أن من يدير أمريكا ويتحكم في قرارها هو اللوبي الصهيوني، وهذه حقيقة قديمة؛ لذلك الإدارات التي توالت على البيت الأبيض على ولاء مطلق للوبي.
لقد كشفت أمريكا عن حقائق ظلت غائبة لأزمنة، كما كشفت الغطاء عن ثورات الربيع العربي وعن العلاقة بالجماعات الدينية كالقاعدة وداعش والإخوان، وكلّ ما يتفرع عنهم وعن المعامل البيولوجية التي كانت ترعب بها العالم منذ تفردت بحكم العالم بعد انهيار القطب الشرقي في تسعينيات القرن الماضي.
وموقف أمريكا اليوم في غزة يأتي ضمن سلسلة الانهيارات التي تتوالى للصورة النمطية التي رسمتها في أذهان العالم.
كلّ انهيار يبدأ من هدم النظام العام والطبيعي، ومن بعد ذلك تبدأ الفوضى وحالة اللا انتظام في الأشياء، وهذا أمر ملحوظ من خلال تضارب التصريحات من العدوان على اليمن الذي بدأته أمريكا مع بريطانيا ضمن تحالف “حارس الازدهار” وتبادل الأدوار في المواقف تجاه غزة، وهذا التضارب يدل على تداعيات في جدران النظام الرأسمالي الذي تديره أمريكا وهو غير معهود في تاريخ النظام منذ تفرد بحكم العالم.
– اليوم انتقل الأمريكيون والغرب في حربهم على غزة لمرحلة جديدة هي مرحلة قطع الإمدَاد عن سكان المدينة عبر شن حملات على الأونروا، كما انتقلت “إسرائيل” إلى اجتياح رفح، والتي كانت تسميها منطقة آمنة للنازحين من سكان القطاع.. كيف تنظرون إلى هذا الانتقال وما علاقته بإخفاق الآلة العسكرية في هزيمة المقاومة؟
الحرب في غزة هي حرب وجود وتوازن بالنسبة لأمريكا وبالنسبة للغرب، وَأَيْـضاً بالنسبة لـ “إسرائيل” نفسها؛ ولذلك لا يمكننا الحديث عنها كحالة طارئةٍ وتعبُـــــرُ تاركةً ظلالاً وأثراً، هي حرب ذات رؤية عميقة تستند على بناءات ثقافية وأهداف سياسية ومعتقدات دينية، وهي خليط متجانس هدفُه التحكُّمُ الاقتصادي والسيطرة وفرض الهيمنة.
أمريكا اليوم وفق كُـلّ التقديرات تذهب إلى الفناء المؤجل؛ فالمعلومات التي تسربت عن أساليبها وسياساتها مع العالم كشفت للعالم حجم التضليل والزيف والغبن والاستغلال الذي مارسته وتمارسه ضد شعوب العالم، حتى الفيروسات كانت تصنعها؛ مِن أجل تنشيط السوق العالمية وممارسة الإرهاب النفسي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
– حالة الخوف والقلق الأردني المصري والتواطؤ السعوديّ الإماراتي مما يحدث في غزة والحديث الغربي عما بعد غزة.. هل تندرج في سياق التآمر الغربي الصهيوني على فلسطين المحتلّة؟
القلق المصري والأردني حالة طبيعية بحكم العلاقات الجيوسياسية والديمغرافية وتأثيرات المشروع الصهيوأمريكي عليهما، بل يمكننا القول إن الرغبة الصهيونية والأمريكية تريد أن تتخذ من الأردن وسيناء وطناً بديلاً لشعب فلسطين، فضلاً أن ملتقى النهرين في مصر، وهو ضمن خارطة دولة “إسرائيل” الكبرى.
– على ضوء أحداث غزة يبدو أن دور النخب في الدول العربية والإسلامية ضعيف في دعم القضية الفلسطينية على عكس تأثير النخب في الموقف الجنوب إفريقي والذي أوصل “إسرائيل” إلى محكمة لاهاي؟
في الحقيقة لم يعد هناك نُخَبٌ في الوطن العربي، هناك تراجع مذهل إلى مراتب الصفرية للنخب بعد شيوع ثورات سقوط الأنظمة وشيوع تطبيقات التواصل الاجتماعي وشيوع نظام التفاهة والابتذال في المجتمعات العربية، المهرج التافه اليوم أكثر تأثيراً من مفكر أَو من مثقف ديني، النخب الحقيقية تعاني الإقصاء والجوع والتهميش.
– برأيكم.. ما دلالاتُ خروج آلاف المظاهرات والمسيرات حول العالم تأييداً للفلسطينيين بشكل دائم ومُستمرّ، وتراجع النفوذ اليهودي -منظمات وجمعيات ومعاهد- في توجيه الرأي العام الأمريكي أولاً والغربي ثانياً إلى حَــدٍّ ما؟
كلّ فطرة سليمة ترفض الظلم، ووفق فطرة الإنسان فهو يرفض هذا الظلم، وما يحدث في غزة تجاوز حدود المعقول، ووصل إلى التوحش وتعامل الغاب.
من الطبيعي أن يعبر الضمير الإنساني عن رفضه لمثل توحش وتنمر وغابية الصهاينة، كما أن شيوع الوعي وانكشاف الكثير من الهالات التي كانت تحجب رؤية العالم للمظالم، وعدم قدرة الصهيونية وأمريكا على ممارسة التضليل على وعي العالم، يفضح زيف وكذب وتضليل أمريكا والغرب، وأدواتهم ووسائلهم الإعلامية التي كانت تحجب الحقائق وتغطي على كُـلّ جرائم الصهيونية.
– كان لوسائل التواصل الاجتماعي تأثير واضح في كشف الإجرام الصهيوني وتعاملها مع الشعب الفلسطيني.. ألا ترى أن ذلك فاجأ الصهاينة كما فاجأ الأمريكان؟
فعلاً أن هذا كان مفاجئًا للوبيات وجماعات الضغط الصهيونية، كما كان مفاجِئاً لإدارة البيت الأبيض، حَيثُ العالَمُ أصبحَ قريةً صغيرةً والمعلوماتُ تتدفَّقُ دون سيطرة من مراكز القرار أَو تحكم بها، والتطبيقات الاجتماعية تلعب دوراً محوريًّا وأَسَاسياً في وصول المعلومات، وتدفقها، ومن الصعب السيطرة عليها اليوم، وحين تصل المعلومات إلى الأفراد والجماعات وبالضرورة تستجيب الفطرة وتحدّد المواقف؛ ولذلك نستطيع القول اليوم إن الوضع الإنساني في غزة، وفي فلسطين وصل إلى الرأي العام العالمي الذي خرج للتعبير عن موقفه الرافض لحرب التهجير والإبادة في غزة، وحشر النظام العالمي والصهيونية في زوايا أخلاقية ضيقة لا تستطيع الهروب منها؛ فالصورةُ واضحةٌ وجلية بكل العالم أن الصهيونية تمارس إبادة جماعية في غزة.
– يمكن القول إن الحراك في الغرب أكثر تأثيراً من المنطقة العربية؛ فالمظاهرات والمسيرات تخرج باستمرار لتأييد وقف إطلاق النار في غزة.. ما تعليقكم؟
بالتأكيد، هذا أمر مؤكَّـدٌ؛ لأَنَّهم يدرُسون الرأيَ العام، ويحسبون للناس ألفَ حساب؛ باعتبار السلطة تعبيرًا عن الناس، وليس تعبيراً عن نفسها، وصلوا إلى مراحلَ متقدمة، هم قد يغيرون حكومة في ظرف يوم، نحن نحتاج أعواماً حتى نتمكّن من التغيير، قضية شائكة تعود إلى طبيعة الاستعداد الفطري للجنس البشري وقد خاض فيها الفلاسفة، من حَيثُ خصائص التفكير بين الجنس الآري والجنس السامي.
– تطوير المقاومة لإمْكَانياتها وإخفاق الأمريكيين واليهود في تحرير الأسرى.. ماذا يعني هذا؟
بالنسبة لتطوير إمْكَانيات المقاومة، فالموضوع سهل، حَيثُ ارتبطت المقاومة الفلسطينية بمحور المقاومة؛ فتغيَّرت المعادلة، وهذا جدَلٌ تاريخي يبدأُ من الصراع بين الفرس والرُّوم، وينتهي بالصراع بين الغرب والإسلام.
أما موضوع تحرير الأسرى، فأخشى ما أخشاه أن يكون شماعة أمام المجتمع الدولي حتى تتمكّن حكومة “إسرائيل” من تنفيذ بقية المهام، وأعتقد هذا يرتبط ببعد استراتيجي يبقي المبرّرات للمزيد من استهدافك، وتنفيذ أجندته التي تتمحور الآن في تصفية غزة، وإن كانت المقاومة تقف حائطَ صَدٍّ أمام تحقيق أهداف العدوّ.
– كيف تنظرون إلى محور المقاومة اليوم والأدوار التي يقوم بها في دعم فلسطين ومواجهة تحالف أمريكا؟
محورُ المقاومة أصبح قوةً متناميةً بالقياس على الماضي، وهو يحقّق انتصاراتٍ كبيرةً على الأرض ويدفع شروراً كبيرة عن المنطقة، والفصائل الفلسطينية تعترف بدعم المحور لها، ولولا المحور لَمَا استطاعت أن تحقّقَ شيئاً على الأرض أَو يستمرَّ صمودُها كُـلَّ هذا الوقت أمام الآلة العسكرية الصهيونية المتوحشة، وكان لموقف اليمن في نصرة غزة الدور الأبرز الذي سيجعل أحلام الصهيونية في تهجير سكان غزة تتبخر، ويتبخر معها حلم قناة بن غوريون، وهو مشروع قديم يتجدد اليوم.
– أمام المواقف السعوديّة الإماراتية والأدوار التي تقوم بها منذ نشأتها.. هل نفترض أن وظيفة هذه الكيانات كانت سلبية الأثر على المنطقة: سياسيًّا، اقتصاديًّا، واجتماعياً… إلخ؟ ألا تظهران كأنهما خارج المدار العربي تماماً؟
بالنسبة لي وكرأي شخصي طبعاً.. أرى أن المال الخليجي ومنطقة الخليج على وجه الخصوص يُفترَضُ أن نقرأَهم في سياق مختلف غير السياق العربي؛ فالنظم العشائرية التي تحكُمُ في الخليج ليسوا أكثرَ من حُـرَّاسٍ للنفط والطاقة، يمكننا القول إنه نشأت في مضارِبِ الصحراء دولٌ حَكَمَها المستعمر، وفرض حمايته عليها، ومنحها كُـلّ أسباب الرفاه والترف من خلال الفتات فقط، واتخذ منها بدائلَ لتمويل الحروب والاضطرابات في المنطقة العربية، وخلق منها مركزياتٍ وهميةً تدور بها ومن حولها مصالحُ الغرب.
هذه السياسة صنعت واقعاً معقَّداً، بدءاً من الحروب مع المنظومة الاشتراكية، وُصُـولاً إلى جماعات الإسلام السياسي، وهي جماعات تبين أنها جماعات استخبارية عالمية ولا صلة لها بالإسلام، وإنما هدفُها رسمُ صورة نمطية عن الإسلام ليظهر وكأنه دينُ التوحش ودينٌ ضد الرفاه والحضارة الإنسانية؛ وهذا أمرٌ أُنفِقَ عليه المال الجزيل من ثروات الأُمَّــة؛ أي أن العرب يعملون بمالهم ضد أنفسهم، وهنا تكمن الكارثة.
– إذَا ما تناولنا الموقف الإماراتي، حَيثُ ظهر أكثر ارتباطاً بـ “إسرائيل” من أية دولة مطبِّعة أُخرى للحد الذي يمكن القول إنه صاحب الدور المخلِّص “للصهاينة” والمنقذ لها في المنطقة.. هل تأكّـدت معالم هذه الدويلة ككيان وظيفي تخريبي في المنطقة؟
موضوع الإمارات سبق لي أن كتبت عنه وقلت إنها الوجه الخفي لـ “إسرائيل”، وخُذْها قاعدةً للقياس، لا يمكن أن تكون هناك أيةُ مركَزية اقتصادية دون أن تكون الصهيونية وراءها، ولك أن تسقط ذلك على مشروع ابن سلمان؛ مشروع “نيوم” ولو تتَبَّعتَ حجمَ الاستهداف القيمي في المملكة اليوم لوجدت أن مثل ذلك من شروط المجتمع الدولي والشركات الكبرى العابرة للقارات.
– فيما يخص السعوديّة.. كيف تنظرون إلى واقع النفور القبلي السعوديّ من سياسة آل سلمان، حَيثُ هناك سخط متراكم ضد حكم آل سعود عموماً؟
المملكة ليست وحدة اجتماعية واحدة، هي نسيج غير متجانس ثقافيًّا ولا تاريخيًّا، ولا جامع بينهم سوى رابط الرفاه الاقتصادي، فنجدها غير متناغمة مع عسير ونجران، ولا هي على توافق مع الحجاز، كما أن الصراع التاريخي بين حكام نجد الأصليين من آل الرشيد وبين آل سعود يمكنه أن يعود إلى الواجهة في أية لحظة بعد حالة الانفتاح التي تتضاد مع القيم العربية في بنية وثقافة القبيلة العربية، والرشايدة لحقهم ظلمٌ تاريخي وتهجير إلى السودان وبعض دول إفريقيا، وما زالوا يحتفظون بكل عاداتهم وقيمهم العربية، وقد لاحظت ظهوراً لهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وتعبيراً عن حنينهم للعودة، ومثل ذلك قد يُستغَلُّ من أعداء المملكة بما يهدّد الاستقرار.
– أي مستقبل للسعوديّة مع ثنائية التحَرّك ما بين محورَي واشنطن -بكين وموسكو؟
مواقفُ دول الخليج هزيلة مخزية، لقد ظهروا كأتباعٍ يدورون في فلك البقاء على كراسي الحكم ولم يظهروا كزعماءَ حقيقيين تشغلُهم قضايا الأُمَّــة وقيمُ العزة والكرامة.
أما مستقبلُ السعوديّة فهو ضبابي، وأرى أنه سيذهبُ إلى التلاشي من حَيثُ يظن أنه التمكين السياسي والاقتصادي.. هناك انهيار قيمي، وهدم للتطبيقات الاجتماعية الدينية والثقافية وستكون نتائجُه كارثية على وَحدة المملكة.
وفي تقديراتي الشخصية، ووفقَ بعض المعطيات التي أقرأها في الواقع أن ثمة متغيِّرًا عميقًا، وبنيويًّا قادمًا؛ فالمملكة قد تذهبُ إلى التشظِّي والانقسام، حَيثُ النظم الاجتماعية والتطبيقات الثقافية تتعرض اليوم لهزاتٍ عنيفة هي ضد ثقافة المجتمع في المملكة.
حاوره إبراهيم العنسي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: التی کانت فی تاریخ فی غزة
إقرأ أيضاً:
الصهاينة يتحايلون على العالم ويربطون سعر الشيكل بالغاز في باطن الأرض
إسرائيل تزعم أن لديها 220 مليار دولار احتياط نقدي والحقيقة أن 216 ملياراً منها وهمية استهداف حقول الغاز سيؤدي إلى تدمير الاقتصاد الإسرائيلي وسيفقد الشيكل أكثر من 98% من قيمته الشيكل الإسرائيلي يساوي الريال السعودي والدرهم الإماراتي برغم أن السعودية تنتج 12 مليون برميل والإمارات قرابة 5 ملايين برميل يومياً! ضرورة مخاطبة صندوق النقد الدولي بإلغاء قيمة الغاز من أرصدة الكيان الصهيوني أو المعاملة بالمثل
حرص الكيان الصهيوني منذ احتلاله لفلسطين على البحث عن موارد طبيعية، وتحديدًا النفط والغاز، ففي خمسينيات القرن الماضي، تم اكتشاف كمية قليلة من الغاز، حيث تم استخدامها في تزويد المصانع الصغيرة ومناطق سكنية وتجارية في ديمونا، إلا أن تلك الاكتشافات لم تُشكّل قفزة حقيقية في عالم الطاقة، وبقيت الأمور على حالها حتى نهاية القرن الماضي، فقد مرّت «إسرائيل» بعدها في ثلاث مراحل حتى اكتشاف الغاز الأولى عام 1999، حين اكتشفت «إسرائيل» حقل نوعا وميري، والثانية عام 2009، مع اكتشاف «إسرائيل» حقل تمار، والذي يسدُّ غالبية احتياج السوق الإسرائيلي من الغاز اليوم، ومن ثم تم اكتشاف حقل لفيتان المرحلة الثالثة عام 2010، عندما وصلت «إسرائيل» إلى أعماق البحر المتوسط، لتضع يدها على مئات مليارات المترات المكعبة من الغاز الطبيعي، ومن خلال الغاز استطاع اللوبي الصهيوني أن يتحايل على العالم، ويربط الغاز بالاحتياطي النقدي لدولة الكيان التي اتضح – وفق خبراء الاقتصاد – أنها لا تمتلك احتياطيا نقديا لعملة الشيكل الإسرائيلية، في فضيحة وعملية احتيال نقدية ومصرفية متفردة وغريبة، وبالتالي فإن استهداف حقوق الغاز من قبل القوات المسلحة اليمنية وفق الخبراء ستشكل ضربة قاصمة ستهزُّ اقتصاد دولة الاحتلال وستصيبها في مقتل خطير ومدمر..
الثورة / أحمد المالكي
ووفق الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي، اتضح أن الكيان الصهيوني، لا يملك سوى 4 مليارات دولار أرصدة خارجية وان الاحتياطي الذي يزعم أنه 220 مليار دولار اتضح أن 216 ملياراً منه وهمية وأنها عبارة عن قيمة الغاز الذي مازال في باطن البحر، ومن المفارقة العجيبة -وفق الجعدبي- أن الشيكل الإسرائيلي يساوي الريال السعودي ويساوي الدرهم الإماراتي، حيث من غير المعقول أن يتساوى قيمة العملة في الكيانات الثلاثة والسعودية تنتج يوميا 12 مليون برميل والإمارات قرابة 5 ملايين.
حيله
وأشار الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي، إلى أن هناك حيلة على العالم تمت عام 1985م، عندما وصل التضخم في إسرائيل إلى مستويات عالية جدا حيث وصل الدولار إلى قرابة 1600 شيكل، وقاموا حينها بالاحتيال على العالم وطبعوا شيكل جديد، وقالوا أن الشيكل الجديد يساوي 1000 شيكل قديم، وبالتالي يفترض لأي دولة ارتفعت عملتها مقابل الدولار أن تكون عززت رصيدها الخارجي من الدولار، إلا أن البيانات المالية للبنك الدولي وبيانات بنك إسرائيل -وفق الجعدبي- تؤكد أنه لا توجد أية زيادة في احتياطيات إسرائيل الخارجية.
ووفق البيانات الإسرائيلية المرفقة، والتي تؤكد وتبين أن إسرائيل تضمن احتياطيها من النقد الأجنبي بقيمة الغاز الذي مازال في باطن البحر، وبالتالي يجب أن يتم اتخاذ إجراءات عاجلة تتمثل في، إجراء عسكري يتمثل في قصف حقول الغاز، مما سيؤدي إلى تدمير الاقتصاد الإسرائيلي وسيفقد الشيكل أكثر من 98 % من قيمته، كما سيرتفع الدولار مقابل الشيكل من 3.6 إلى 3600 شيكل للدولار الواحد إضافة إلى أنه سيحقق عدة أهداف استراتيجية قاتلة، وسيفرض حصار على الكيان المجرم، منها فرض حصار على الكيان من الماء كونه يعتمد على حقول الغاز في تحلية مياه البحر وبالذات حقل كاريش، كما سيتم قطع الكهرباء عن الكيان كونه يعتمد على حقول الغاز في توليد الكهرباء.
المعاملة بالمثل
ودعا الجعدبي إلى ضرورة اتخاذ إجراء من قبل البنك المركزي اليمني، كون اليمن دولة مؤسسة لصندوق النقد الدولي، ويفترض أن يقوم البنك المركزي ومجلس النواب بمخاطبة صندوق النقد الدولي وأن يطلب إلغاء قيمة الغاز من أرصدة الكيان الصهيوني أو يطلب المعاملة بالمثل واعتبار رصيد اليمن من النفط والغاز والذي يقدر بحوالي 3 مليارات برميل من النفط و478.5 مليار متر مكعب من الغاز ضمن احتياطيات اليمن الخارجية، وبالتالي رفع احتياطي اليمن الخارجي من مليار دولار إلى 400 مليار، وعليه سيصبح سعر الدولار 1.3 ريال يمني فقط.
حقول الغاز الإسرائيلية
يبلغ عدد حقول الغاز الإسرائيلية 5 حقول حسب وكالة سي إن إن الاقتصادية، وهي: حقل ليفياثان، حقل تمار، وحقل دليت، وحقل كاريش، وحقل نميم، وتقوم دولة الاحتلال الإسرائيلي بالاعتماد على هذه الحقول لاستخراج الغاز الطبيعي وتصديره إلى بعض الدول المجاورة، كما أنها تلبي بعض متطلباتها المحلية من هذه الحقول أيضًا.
هاجس كبير
وانقلبت «إسرائيل» فجأة لتكون ضمن الدول التي لا تمتلك الطاقة فحسب، وإنما تصدّرها للخارج أيضًا، ويمكن تلخيص الفوائد التي تجنيها «إسرائيل» من الغاز وفق تقارير اقتصادية فيما يلي:
أولاً: استغناء «إسرائيل» بشكل كليٍّ عن استيراد الغاز، الذي شَكّل لها هاجسًا كبيرًا، ليس من الناحية الاقتصادية فحسب، بل أيضًا بسبب العقبات التي كانت تواجه الغاز في طريقه إلى «إسرائيل»، فقد اعتمدت «إسرائيل» في السنوات ما بين 2008-2012 على استيراد جزء من احتياجاتها الغازية من مصر، والذي تراجع بشكل تدريجي منذ عام 2011 بسبب تفجير الأنابيب الناقلة للغاز عدّة مرات، وقد قُدِّرت كمية الغاز التي صُدِّرت من مصر إلى «إسرائيل» بنحو 4.7 مليار متر مكعب (وزارة البنى التحتية، 2016)، وبفضل ذلك ستستطيع «إسرائيل» أن تحدّد علاقاتها مع الدول التي كانت تستورد الغاز منها، ليس على أساس الحاجة الملحة، بل ضمن منظور تكون فيه يدها هي العليا، وتحديدًا عند الحديث عن مصر.
ثانيًا: اعتماد «إسرائيل» على الغاز مصدرًا أول للطاقة، وتخفيف الاعتماد على المصادر الأخرى من مشتقات النفط، فقد وضعت «إسرائيل» خطة للعقد القادم تقضي بأن كل زيادة على طلب الطاقة في قطاع إنتاج الكهرباء والصناعة والمواصلات وغيرها، ستقوم على الغاز الطبيعي (ايبن وعيرن، 2016)، ويُعتبر تقليص اعتماد «إسرائيل» على غيرها من الدول في مصادر الطاقة ذا أهمية كبيرة، حيث إنها ما زالت دولة معزولة في الشرق الأوسط، وتتأثر بالأحداث الإقليمية حتى وإن لم تكن ذات علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي.
رافد مهم
ثالثًا: توفير كبير على الخزينة الإسرائيلية ورافد مهم لها، حيث ستزود الشركات صاحبة الامتياز خزينة الدولة بعشرات ملايين الدولارات سنويًّا (12.5 % من مجموع المبيعات، وضريبة من الأرباح بنسبة 36 %)، علاوة على توفير عشرات الملايين بسبب استغنائها عن الاستيراد من الخارج، والحفاظ على توافر العملة الأجنبية في الأسواق، وبالتالي ستتمكن «إسرائيل» من التركيز على جوانب أخرى ضمن التنمية الاقتصادية، وبرنامج الرفاه الاجتماعي، وتطوير المنظومة العسكرية.
رابعًا: دخول «إسرائيل» مجموعة الدول المصدرة للغاز، فقد أشارت بعض الخطط التي رَشَحت عن الحكومة الإسرائيلية، والعديد من التقارير، إلى أن الكمية المهيأة للتصدير قد تصل إلى 500 مليار متر مكعب من الغاز، وأن الحكومة الإسرائيلية ستتحمل جزءًا من تكاليف إنشاء أنابيب نقل الغاز باتجاه الدولة التي يُمكن تصدير الغاز إليها، وستساهم تلك المدخولات التي ستصل مباشرة إلى خزينة الدولة في تفعيل الكثير من البرامج الصناعية التي ينقصها التمويل.
خامسًا: توفير دعم استراتيجي هام لـ «إسرائيل» وقت الأزمات، فـ«إسرائيل» تعيش ظروفًا أمنية معقدة منذ نشأتها، وبالتالي سيُشكّل لها الغاز مخزونًا استراتيجيا، خاصة في حال تردي العلاقات الإسرائيلية مع المحيط العربي.
سادسًا: تحقيق دعم سياسي لـ «إسرائيل»، حيث سيساهم تصدير الغاز من «إسرائيل» إلى الأردن والسلطة الفلسطينية، وكذلك مصر إن تم ذلك، في تطوير علاقاتها السياسية معها. ومن الممكن أن تقوم بتصدير الغاز في المستقبل القريب إلى دول أوروبية، مما سيوفر لـ «إسرائيل» دعمًا سياسيًّا جديدًا، ولو بشكل محدود.