قمة الشارقة الدولية لتطوير التعليم تستشرف أثر الذكاء الاصطناعي على التعليم المستقبلي
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
تنظم أكاديمية الشارقة للتعليم يومي 25 و 26 من فبراير الجاري النسخة الثالثة من قمة الشارقة الدولية لتطوير التعليم تحت شعار “ريادة مستقبل التعليم” بمقر الأكاديمية بالمدينة الجامعية .
وتجسد القمة التي تقام بالتعاون مع هيئة الشارقة للتعليم الخاص ومؤسسة كارنيجي للنهوض بالتعليم الأمريكية جهود أكاديمية الشارقة للتعليم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في تمكين المجتمع التعليمي وتزويده بأفضل ما توصلت إليه البحوث والممارسات التربوية موجهة نحو مستقبل تعليمي متوازن وشامل وأحدث الأبحاث وقصص التحول الملهمة في عالم التعليم خاصة في مجال تكنولوجيا التعليم والذكاء الاصطناعي من خلال أربعة محاور رئيسية تتناول ديناميكيات الأنظمة التعليمية الناجحة واستشراف أثر الذكاء الاصطناعي على التعليم المستقبلي وأساليب التقييم والابتكار في عصر التكنولوجيا إضافة إلى جودة الحياة الشاملة في البيئة التعليمية.
وتتميز القمة بمشاركة مميزة من خريجي وطلاب أكاديمية الشارقة للتعليم في إثراء الفعاليات من حيث إدارتهم الفاعلة للجلسات وعرض بحوثهم التربوية .
وقالت د. محدثة الهاشمي رئيس هيئة الشارقة للتعليم الخاص رئيس أكاديمية الشارقة للتعليم: تؤدي قمة الشارقة الدولية لتطوير التعليم دوراً حيوياً في المشهد التعليمي في الدولة باعتبارها حلقة وصل بين الباحثين والميدان التربوي وأولياء الأمور وواضعي السياسيات حيث تضيء القمة على نتائج الأبحاث العلمية الخاصة بالتحديات المدرسية وتعمل على تقريب وجهات النظر المحلية والدولية حول الممارسات الفعّالة في التعليم في ظل التسارع الرقمي غير المسبوق.
وتستكشف الجلسات الحوارية في القمة عدة مواضيع محورية تشمل استشراف دور الذكاء الاصطناعي التوالدي في الممارسة المدرسية ودور التحليل الإستراتيجي والذكاء الاصطناعي في تحسين مسار التعلم باستخدام تحليل البيانات وتأثير البحوث على نظام التعليم من وجهة نظر أصحاب المصلحة إلى جانب تحويل التعليم في عصر التقدم الرقمي وأثر التدريب على تنمية مهارات البحث الإجرائي ودور وأهمية القيادة المرنة في المدارس والبيئات التعليمية.
وتركز الجلسات التدريبية على تطوير مهارات الكادر التربوي في عدة محاور وتتضمن اللغة العربية وعلم الأعصاب وبناء قدرات أولياء الأمور لتفاعل ناجح بين الأسرة والمدرسة والاستفادة من التكامل التكنولوجي الفعال في تطوير المناهج الدراسية والكشف عن سمات القيادة الفعالة في المدارس الخاصة ذات الأداء العال وبحث إجرائي عن التحسين الذاتي لدى المعلم وتأثير إتقان البرمجة على المهارات الأكاديمية للطلاب.
و يشارك في القمة60 متحدثاً ضمن 32 جلسة حوارية وتدريبية وتتضمن قائمة المتحدثين نخبة من الخبراء والمتخصصين والباحثين في مجال تحسين الممارسات التعليمية من ضمنهم: د. تيموثي نولز رئيس مؤسسة كارنيجي للنهوض بالتعليم الأمريكية و أ. د. جيف ماسترز
الرئيس التنفيذي للمجلس الأسترالي للبحوث التربوية ود. دراغان جاسيفيتش مدير مركز تحليل التعلم في جامعة موناش والبروفيسور دونالد بيوراتش أستاذ دكتور كلية عائلة مارسال للتربية – جامعة ميشيغان والبروفيسور مصطفى أريمان رئيس الجمعية العالمية لبحوث التعليم وباتريك والش عضو اللجنة الاستشارية الدولية، كلية بيرغز للاتصال،
ود. حكمت بيايني الرئيس التنفيذي لفيوتشر 10X، وإلكا لاسونين رئيس العمليات في جامعة هلسنكي.
وتعد استضافة الجمعية العالمية لبحوث التعليم .. الأولى من نوعها على مستوى المنطقة ..مما يعكس أهمية المحتوى الأكاديمي والبحثي في حقل التعليم الذي تطرحه القمة.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
المخاطر الحقيقية في سباق الذكاء الاصطناعي
ترجمة: نهى مصطفى -
يسود في واشنطن وبكين وغرف الاجتماعات حول العالم شعور بأن المنافسة التكنولوجية العالمية أصبحت لعبة محصلتها صفر، وأن بقية القرن الحادي والعشرين ستُصاغ على صورة الفائز. هذا الشعور يغذي سياسات صناعية طموحة، ولوائح احترازية صارمة، واستثمارات تقدر بمليارات الدولارات. وبينما تتسابق الحكومات والقطاع الخاص لتحقيق التفوق في الذكاء الاصطناعي، تظل الرؤية غامضة بشأن ماهية «الفوز» والمكاسب الجيوسياسية التي قد تنتج عن تلك الاستثمارات.
الصراع حول تفوق الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين والقوى المتوسطة وشركات التكنولوجيا الكبرى، هو في جوهره منافسة على من سيحدد شكل النظام العالمي.
بالنسبة للولايات المتحدة، يمثل الذكاء الاصطناعي حدودًا جديدة يجب الحفاظ فيها على هيمنتها التكنولوجية العالمية. وفي هذا السياق، يعمل صانعو السياسات الأمريكيون على استخدام أدوات تنظيمية لعرقلة تطور التكنولوجيا في الصين وضمان البقاء في الطليعة. في المقابل، تسخر الصين قوة الدولة لسد الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة.
في الوقت ذاته، تسعى القوى المتوسطة، التي تحاول تفادي الوقوع تحت هيمنة أي من القوتين العظميين، إلى استغلال تطوير الذكاء الاصطناعي لتشكيل عالم متعدد الأقطاب. وبالتوازي، تعمل شركات التكنولوجيا الكبرى، الملتزمة بنشر التكنولوجيا عالميًا من خلال الأسواق المفتوحة، على تعزيز هذا التوجه نحو التعددية.
تؤدي الضوابط التكنولوجية التي تفرضها الولايات المتحدة، وردود الفعل التصعيدية من جانب الصين، إلى خلق تأثير كرة الثلج. ففي سعيها للحفاظ على تفوقها التكنولوجي، تلجأ واشنطن إلى تدابير أكثر عدوانية لعرقلة تطوير الذكاء الاصطناعي في الصين، مما يدفع الصين المحاصرة للبحث عن وسائل ضغط مضادة، بما في ذلك استغلال نقاط التوتر الأمني مثل مضيق تايوان. وفي المقابل، تحاول القوى المتوسطة وشركات التكنولوجيا الكبرى تطوير أنظمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن إطار التنافس بين القوتين العظميين، إلا أنها تواجه خطر الوقوع في مرمى النيران الجيوسياسية المتبادلة. ومع تزايد أهمية سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، فإن المخاطر المرتبطة بشركات التكنولوجيا والقوى العالمية تهدد باندلاع صراعات جيوسياسية أكثر حدة.
تقوم الاستراتيجية الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي على ركيزتين رئيسيتين: الأولى هجومية، حيث تراهن على التفوق الابتكاري الذي يميز التكنولوجيا الأمريكية؛ والثانية دفاعية، عبر فرض ضوابط تكنولوجية صارمة تهدف إلى شلّ قدرة الصين، خصمها الجيوسياسي الأكبر. وتشمل هذه الإجراءات قيودًا على التصدير والاستثمار، مصممة لقطع تدفق السلع ورأس المال والمعرفة التقنية إلى بكين. ترتكز هذه الاستراتيجية على فرضية أن الصين تعاني من تدهور اقتصادي هيكلي، وأن نهجها القائم على الدولة يعيق تطور اقتصادها، الذي بات خاضعًا بالكامل لسيطرة الحزب الشيوعي وأمينه العام شي جين بينج.
في الوقت ذاته، تراهن واشنطن على هيمنة التكنولوجيا الأمريكية وقدرتها التنافسية. تعتمد الولايات المتحدة على افتراض أن حلفاءها وشركاءها، رغم تحفظهم أحيانًا على سياستها الحمائية، سيجدون أنفسهم في النهاية مصطفين مع التكنولوجيا الأمريكية ووعد الابتكار الغربي في مجال الذكاء الاصطناعي، بدلاً من المخاطرة بالتعامل مع الصين وتحمل تبعات العقوبات الأمريكية.
في الواقع، تهيمن الولايات المتحدة على مختلف مستويات صناعة الذكاء الاصطناعي. فمسرعات الذكاء الاصطناعي من «إنفيديا» تعزز قوة الحوسبة بشكل غير مسبوق، مما يدفع عجلة الثورة في هذا المجال. كما توفر شركات الخدمات السحابية الأمريكية، مثل «أمازون ويب سيرفيسز» و«مايكروسوفت أزور» و«منصة جوجل السحابية»، بنية تحتية حاسوبية هائلة. إضافة إلى ذلك، تطور شركات مثل «جوجل» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» و«أنثروبيك» و«إكس إيه آي» نماذج أساسية تُستخدم كمرجع لضبط تطبيقات الذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي.
تعتمد الولايات المتحدة على قدر كبير من الثقة في انتشار التكنولوجيا الأمريكية وقدرتها التنافسية. وتراهن واشنطن على أن شركاءها، رغم تردد بعضهم في الاصطفاف مع استراتيجيتها الحمائية، سيعتمدون في النهاية على التكنولوجيا الأمريكية ووعد الابتكار الغربي في مجال الذكاء الاصطناعي، بدلاً من المجازفة بالرهان على الصين لسد الفجوة وتحمل خطر العقوبات الأمريكية.
في الواقع، تهيمن التكنولوجيا الأمريكية والملكية الفكرية على كل مستويات صناعة الذكاء الاصطناعي. تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ استثنائي في المرحلة المبكرة من تطوير الذكاء الاصطناعي. تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق، خاصة تلك المستخدمة في الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يُنتج محتوى جديدًا بناءً على أنماط مستخلصة من بيانات موجودة، على كميات هائلة من البيانات وقوة حسابية ضخمة.
ومع ذلك، فإن هيمنة التكنولوجيا الأمريكية ليست منيعة. فمع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي ونشرها على نطاق واسع، قد تتقلص المزايا التنافسية الحالية للولايات المتحدة. يعتمد تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل أساسي على الوصول إلى كميات هائلة من القوة الحاسوبية والطاقة والبيانات لتدريب النماذج واسعة النطاق، حيث تلعب الرقائق المتقدمة دورًا حيويًا في هذا المجال.
لقد مكّنت الهيمنة الأمريكية على إنتاج هذه الرقائق، من خلال شركات مثل «إنفيديا» و«أيه إم دي»، الحكومة الأمريكية من فرض ضوابط صارمة على التصدير للحد من وصول الصين إلى هذه الموارد الحيوية. تهدف هذه السياسات إلى عرقلة تطوير الذكاء الاصطناعي المحلي في الصين عن طريق قطع إمداداتها من الرقائق المتطورة والمكونات الأساسية لتصنيع أشباه الموصلات المتقدمة.
في هذا السياق، يستثمر المهندسون الصينيون بكثافة من موارد الدولة لتجاوز القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على صناعة الرقائق. وقد بدأ تطوير الذكاء الاصطناعي في التحول من التركيز على تعظيم القوة الحاسوبية لتدريب النماذج واسعة النطاق، إلى تحسين استخدام النماذج المدربة مسبقًا لتوليد استجابات أكثر تعقيدًا ودقة. في الوقت نفسه، تركز شركات مثل «إنفيديا» وغيرها من الشركات الرائدة، بشكل متزايد، على تحسين الأداء عبر النظام البيئي الكامل للذكاء الاصطناعي، بدءًا من تصميم الرقائق وصولاً إلى أنظمة التبريد المستخدمة في مراكز البيانات.
عند فرض الجولة الأولى من قيود الرقائق في أكتوبر 2022، افترض صناع السياسات الأمريكيون أن تصغير عقد العمليات كان نقطة الاختناق الأساسية التي يمكن أن «تجمّد» قدرة الصين على إنتاج الرقائق. ولكن مع قيادة هواوي جهود الاعتماد الذاتي للصين، أثبتت الأخيرة قدرتها على هندسة العمليات وتعبئة القوى العاملة واستخدام المثابرة لتقليص الفجوة الصناعية وتحسين الأداء.
هذا الوضع المتغير أثار قلق واشنطن بشأن قدرتها على تحقيق تقدم واسع ومستدام يكفي لتفوقها على الصين في سباق الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن يؤدي هذا القلق إلى فرض ضوابط أكثر صرامة، وصبر أقل تجاه الشركاء الذين لا يتماشون مع قيود التصدير الأمريكية، وتسريع تطبيق التدابير خارج الحدود الإقليمية. على سبيل المثال، في ديسمبر، أصدرت وزارة التجارة الأمريكية حزمة جديدة من ضوابط أشباه الموصلات تمثل هذا النهج المتشدد، حيث تضمنت قيودًا بعيدة المدى لإجبار الشركاء على الامتثال وخنق الإنتاج الصيني.
ومع ذلك، إذا واصلت الشركات الصينية زيادة قوتها الحاسوبية وظهرت فجوات في التزام الشركاء بضوابط التصدير الأمريكية، فمن المرجح أن تتجه واشنطن نحو فرض عقوبات حجب أكثر صرامة على «هواوي»، وتوسيع القيود التجارية لتشمل عمالقة الذكاء الاصطناعي في الصين. ولكن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى ضربة قاسية للاقتصاد الصيني، مما يعزز المخاطر المرتبطة بحرب الذكاء الاصطناعي والرقائق، ويعمق التوترات الجيوسياسية.
خصصت الصين موارد ضخمة لتحسين توليد الطاقة لمراكز البيانات، مما جعلها الأسرع نموًا عالميًا في هذا المجال. كما تراهن بكين على أن التمويل الحكومي الكبير للصناعات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي سيحقق عوائد مجزية، خاصة إذا أدت الضوابط التجارية والتكنولوجية الأمريكية المشددة إلى نفور الشركاء الدوليين للولايات المتحدة، ما قد يدفعهم نحو التكنولوجيا الصينية، ويفتح أسواقًا جديدة أمامها. في ظل هذه المعطيات، ترى الصين أن هذه الاستراتيجية تمثل أفضل أمل لها -وربما الوحيد - لوقف تدهور اقتصادها وتجنب الوقوع في تبعية اقتصادية للولايات المتحدة.
ومع ذلك، تواجه الصين تحديات كبرى، أبرزها ضعف قدرتها على تطوير أجهزة الذكاء الاصطناعي اللازمة لمنافسة الولايات المتحدة. ففي حين يواصل خبراء التكنولوجيا الأمريكيون ابتكار رقائق ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة ونماذج أكثر تطورًا، تجد مصانع أشباه الموصلات الصينية نفسها مضطرة لتخصيص موارد ضخمة فقط للحفاظ على قدراتها الإنتاجية. كما تعمل القيود الأمريكية المشددة على تقييد وصول الصين إلى المكونات الأساسية، مما يضيف عقبات إضافية أمام تحقيق قفزات نوعية في هذا المجال.
إلى جانب ذلك، يُعد التحول إلى الطاقة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات تحديًا آخر، إذ يصبح من الصعب على الصين مواكبة الابتكارات الأمريكية في هذا القطاع. ويواجه مطورو الذكاء الاصطناعي في الصين تحديًا مزدوجًا: يتمثل الأول في السعي لتحقيق الابتكار وسط القيود الأمريكية الخانقة، بينما يتمثل الثاني في الامتثال لتوجيهات الحزب الشيوعي الصيني الغامضة، التي تشدد على ضرورة أن تدعم نماذج الذكاء الاصطناعي «القيم الاشتراكية».
تعتقد الصين أنها تسير على قدم المساواة مع الولايات المتحدة في النظام العالمي الثنائي القطبية. بالنسبة لبكين، يعد تطوير الذكاء الاصطناعي طريقًا للحفاظ على توازنها مع واشنطن، بالإضافة إلى كونه حلاً لتحدياتها الاقتصادية الداخلية. تمتلك الصين نقاط قوة هائلة: من حجم سكانها الكبير إلى صناعاتها الضخمة، ما يمنحها مصدرًا هائلًا من البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وفرصة لقيادة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال التصنيع. كما أن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل علي بابا وبايدو وهواوي قادرة على التنافس مع الشركات الأمريكية في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية. أما فيما يخص الطاقة، فقد أصبحت الصين أسرع دولة في تطوير مصادر الطاقة لمراكز البيانات.
في هذا السياق، تمثل الضوابط الأمريكية على الرقائق تحديًا كبيرًا للصين، التي قد تجد نفسها خارج التكتلات التكنولوجية والتجارية التي تقودها الولايات المتحدة، ما يضر بقدرتها على التوسع في الأسواق العالمية. وإذا استمرت الضوابط في التوسع، قد تجد الصين نفسها مجبرة على توجيه جهودها نحو مركزية موارد الحوسبة، وهو ما قد يعرضها لمزيد من القيود الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، ترى القوى المتوسطة أن المنافسة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي تمثل فرصة لإقامة أنظمة ذكاء اصطناعي سيادية تعكس ثقافاتها واحتياجاتها الوطنية.
بالنسبة لمعظم البلدان، يمثل تحقيق السيادة على الذكاء الاصطناعي تحديًا أكبر مما يراه قادة التكنولوجيا. فبينما تستطيع القوى المتوسطة بناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، فإنها غالبًا ما ستعتمد على أشباه الموصلات الأمريكية والبنية السحابية، بالإضافة إلى الاستفادة من المواهب الأمريكية ونماذج الذكاء الاصطناعي ذات الأصول الأمريكية. انتشرت التكنولوجيا الأمريكية إلى حد يمكّن واشنطن من فرض شروط على شركائها، مثل استبعاد الشركات الصينية من سلاسل التوريد ومنع وصولها إلى الأنظمة التي تبنيها الولايات المتحدة بدعوى حماية الأمن القومي.
تنظيم الذكاء الاصطناعي سيكون تحديًا أيضًا. يفضل العديد من قادة التكنولوجيا تنظيمًا خفيفًا لتمكين الابتكار الصناعي دون التورط في متطلبات الامتثال الثقيلة، لكن هذا قد يتعارض مع أولويات الحكومة الأمريكية التي تفرض قيودًا على الدول المتعاونة مع الصين. على سبيل المثال، تثير نماذج الأعمال مفتوحة المصدر قلق صانعي السياسات، حيث يخشون من أن الوصول غير المقيد قد يسمح للخصوم بتطوير أو استغلال التكنولوجيا الحساسة.
من جهة أخرى، تسعى القوى المتوسطة التي تفتقر إلى قاعدة تقنية محلية قوية إلى فرض تنظيمات تخلق معايير عالمية لتطوير الذكاء الاصطناعي. في هذا السياق، دخل قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في أغسطس الماضي كأول قانون شامل في العالم، لكنه قوبل بانتقادات من البعض الذين حذروا من أن التنظيمات المفرطة قد تؤدي إلى تأخر الابتكار مقارنة بالولايات المتحدة والصين.
في سياق المنافسة على الهيمنة التكنولوجية، قد تؤدي التدابير الأمريكية الصارمة مثل فرض حصص على رقائق الذكاء الاصطناعي إلى تقليص نفوذ واشنطن في الأسواق سريعة النمو، بينما تحقق الصين تقدمًا كبيرًا في هذا المجال بدعم حكومي. إذا ضاقت الفجوة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، قد تتخذ واشنطن خطوات أكثر صرامة مثل فرض عقوبات على الشركات الصينية، مما قد يثير رد فعل صينيًا عكسيًا ويؤدي إلى تصعيد في المجال الأمني، خاصة في مضيق تايوان. في الوقت نفسه، ستستمر المنافسة الجيوسياسية على الذكاء الاصطناعي بين الدول الكبرى، مما قد يؤثر على الإمكانات التحويلية لهذه التكنولوجيا.
ريفا جوجون استراتيجية جيوسياسية تمتلك ما يقرب من عقدين من الخبرة في العمل مع كبار المسؤولين التنفيذيين والوكالات الحكومية.
نشر المقال في Foreign Affairs