نجح قطاع البترول المصرى خلال مؤتمر «COP27» بشرم الشيخ فى تأسيس منهج جديد لتعزيز دور صناعة البترول والغاز، كجزء من حل لقضية التغيرات المناخية، بما يُسهم فى تغيير نظرة المنظمات العالمية المعنية بالمناخ لصناعة الطاقة بمختلف مواردها، وواصل مؤتمر «COP28»، الذى عُقد بالإمارات العربية الشقيقة، البناء على تلك المكتسبات، وتنعقد النسخة السابعة لمؤتمر «إيجبس» هذا العام، وسط مجموعة من التحديات الإقليمية والعالمية، فضلاً عن ظاهرة التغيرات المناخية مع تزايد آثارها السلبية على النشاط الاقتصادى.

ويعتمد قطاع البترول المصرى سياسة تأمين مصادر الطاقة بمفهومه الشامل، وتأمين احتياجات السوق المحلية ومشروعات التنمية من المنتجات البترولية والغاز الطبيعى، وفق استراتيجية متكاملة لخفض الانبعاثات.

«على»: أدركت مبكراً أهمية التحول الطاقى وتنويع مصادرها

وقالت الدكتورة وفاء على، خبيرة فى مجال البترول والطاقة، إنّ النسخة السابعة من معرض مصر للطاقة «إيجبس»، نقطة انطلاقة حقيقية لفترة حرجة تمر بها الأسواق العالمية فى عام تتشكل فيه معادلات دولية شديدة التعقيد، قد ترسم مستقبل الطاقة فى العالم.

وأضافت لـ«الوطن» أن المؤتمر يحضره عدد كبير من صناع السياسات فى قطاع الطاقة، تحت شعار يمثل فى حد ذاته معضلة حقيقية للعالم أجمع، وهو تحفيز الطاقة وتأمين الإمدادات والتحول الطاقى وخفض الانبعاثات. وتابعت: «لا شك أن مصر وضعت على سلم الأولويات ملف التحول الطاقى، باعتباره رقماً مهماً فى معادلة الطاقة الدولية يقوم على الابتكار اللامحدود، بما يتوافق مع إيقاعات التقدم والازدهار السريع للوصول إلى مستقبل أكثر استدامة خالٍ من الكربون، وهناك ترجمة حقيقية على أرض الواقع فى مشروعات ناجحة لتخزين الكربون بشراكات دولية، وكذلك استرجاع الحرارة والاستفادة من غازات الشعلة، بما له من مردود إيجابى».

وأوضحت خبيرة الطاقة أن مصر أدركت مبكراً أهمية التحول الطاقى وتنويع مصادر الطاقة للوصول إلى معادلة متوازنة، يبحث عنها العالم فى الوقت الراهن، وقد وضع قطاع البترول والغاز والثروة المعدنية آلية التميز المستمر عبر ملف مزيج الطاقة الذى أبهر به العالم فى «كوب 27» نحو استراتيجية متكاملة طبّقتها الدولة لتحقيق أعلى قيمة من هذا القطاع الدافع والمحرك الأساسى لعملية التنمية الاقتصادية.

وأشارت «على» إلى أن هناك مخرجات تمثل ترجمة حقيقية فى شكل استثمارات جديدة وفرص تعاون مشترك مع أكبر الكيانات والشركات العالمية فى هذا المجال، ومصر لديها قناعة بأهمية قضية التغيّرات المناخية، ولا يوجد تعارض بين التنمية الاقتصادية وأمن الطاقة، وكذلك حماية البيئة وكيفية التعامل مع الأوضاع والتوترات الجيوسياسية وتأثيرها على أسواق الطاقة، ولذلك تواجه تحديات ضمان الاستدامة وإدارة الطلب وتنويع مصادر الطاقة بملف واضح المعالم بنوع من الحوكمة والإدارة الرشيدة والبحث الدائم عن القيمة المضافة وإعداد الكوادر البشرية المتميزة، واليوم نوجّه رسالة إلى العالم بأن مصر دولة محورية فى معادلة الطاقة الدولية.

«سعد الدين»: حقّقت إنجازات متعدّدة فى مواجهة التغير المناخى بمشروعات «طاقة نظيفة»

من جانبه، قال الدكتور محمد سعد الدين، رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمرى الغاز المسال، إنّ مصر حقّقت إنجازات خلال الأعوام الماضية فى مجابهة التغيرات المناخية بمشروعات عملاقة فى قطاع الطاقة النظيفة، رغم فشل وعود التمويل الدولية فى الوفاء بالتزاماتها التمويلية منذ مؤتمر باريس للمناخ قبل 8 سنوات، مشيراً إلى الإصرار الكبير للقيادة السياسية والحكومة المصرية على المُضى قُدماً فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية، لتحويل مصر إلى دولة تعمل بالطاقة النظيفة، رغم ضعف التمويل وقلة الموارد الدولارية، التى تأثرت بفعل الأزمات والصراعات الدولية فى روسيا وأوكرانيا وقطاع غزة، حيث أثر الصراع الأخير على حركة الملاحة الدولية فى قناة السويس، ليقتطع 50% من الإيرادات، ورغم ذلك ما زالت مصر صامدة وتواصل تنفيذ مشروعاتها.

وتابع أن السنوات الماضية شهدت تنفيذ عدد من المشروعات الجديدة وغير المسبوقة فى مجال تنمية حقول الغاز الطبيعى والزيت الخام، وفى مجال التكرير، بهدف زيادة الإنتاج لتقليل الاستيراد وتوجيه الفائض للتصدير، موضحاً أن أبرز هذه المشروعات هى «البنزين عالى الأوكتان بشركة أنربك بالإسكندرية، ومصفاة المصرية للتكرير بمنطقة مسطرد فى القاهرة الكبرى، ومجمع إنتاج البنزين الجديد بأسيوط»، مؤكداً أن قطاع البترول والغاز المصرى يمضى بخطى ثابتة نحو الحياد الكربونى، وهناك استراتيجية واضحة تتبناها الدولة لإزالة الكربون وخفض الانبعاثات من جميع عملياته واستخدام التقنيات المتطورة فى سبيل تحقيق ذلك، حيث أدى القرار إلى جعل مصر شريكاً فى الجهود الدولية لحل قضية التغيّر المناخى من خلال استضافة قمة المناخ «COP27» بمصر.

وكشف أن الجهود التى تمّت خلال السنوات الماضية لتأمين سوق استهلاك الوقود كانت جهوداً جبارة وغير مسبوقة، مشيراً إلى أن الدولة قامت بتطوير البنية التحتية لمنظومة الوقود وتصحيح منظومة دعم الطاقة، مما أدى إلى خروج السوق من الأزمات والاختناقات إلى الاستقرار التام وتلبية احتياجـات السوق المحلية خـلال تلك الفترة، والتى بلغت 692 مليون طن من المنتجات البترولية والغاز.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الطاقة إيجبس 2024 استراتيجية وطنية لخفض الانبعاثات قطاع البترول

إقرأ أيضاً:

كيف ستتعامل الإدارة السورية مع قطاع الطاقة بعد دمج قسد؟

وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع الأسبوع الجاري اتفاقًا مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي لدمجها ضمن مؤسسات الدولة، من دون التطرق إلى كيفية التعامل مع منطقة شرق الفرات اقتصاديا لا سيما وهي التي تحتوي على آبار النفط والسلع الإستراتيجية مثل القمح والقطن.

وعقد الاتفاق بضمانة أميركية، مع دوافع سياسية وأمنية، إذ يرجح خبراء أن واشنطن حافظت -عبر هذا الاتفاق- على نفوذها شرقي سوريا من دون مواجهة مفتوحة، في وقت من مصلحة حكومة دمشق استعادة السيطرة فيه على شرق الفرات بلا حرب مكلفة.

الواقع الحالي لقطاع النفط

تقدّر احتياطيات النفط السوري المؤكدة في آخر إحصاء لعام 2015 بنحو 2.5 مليار برميل وفقًا لما نشرته مجلة الطاقة الأميركية، وفي الفترة التي سبقت عام 2011 بلغ متوسط إنتاج النفط 350 ألف برميل يوميا.

وبلغ متوسط الاستهلاك 350 ألف برميل يوميا، وكانت سوريا تستورد متوسط 105 آلاف برميل يوميا من المكثفات (ديزل، بنزين، كيروسين).

ويقول الخبير في الاقتصاد السوري يونس الكريم إن الإنتاج الحالي لآبار النفط في منطقة شرق الفرات يقدر بين 125-150 ألف برميل يوميا.

ويضيف للجزيرة نت أن كل الحقول السورية منتجة في الوقت الحالي، وما تحتاجه هو تقنيات جديدة حتى ترفع الإنتاج إلى مستويات ما قبل عام 2011.

إعلان

وتحتاج البنية التحتية للنفط السوري إلى إعادة هيكلة وتطوير قد تستغرق سنوات، بعدما تعرضت الآبار لاضمحلال نتيجة استخدام الطرق التقليدية في عملية الإنتاج، مما أثر على القدرة الفعلية لعملها.

قطاع الكهرباء

ويعاني قطاع الكهرباء في سوريا من صعوبات وتحديات أبرزها عدم القدرة على تأمين الوقود اللازم لعمل المحطات الحرارية.

ويقول الكريم إن الاتفاق بين حكومة دمشق و"قسد" قد يفضي إلى استحواذ الحكومة على نسبة كبيرة من النفط قد تصل إلى ثلثي الإنتاج لمدة 9 أشهر، لحين التأكد من نجاح الاتفاق بين حكومة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية.

 

ويتوقع الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات عبد العظيم المغربل أن يتضمن الاتفاق تدفق الوقود بشكل منتظم لمحطات توليد الكهرباء، بما يحسن عملية الإنتاج الصناعي والنقل، ويحد من أزمة الوقود التي أثرت سلبًا على مختلف القطاعات خلال العقد الماضي.

ويشير إلى أن تدفق الوقود من الحقول النفطية من شرق الفرات سيرفع من القدرة الإنتاجية للكهرباء إلى 4500 ميغاواط إذا تم إمداد المحطات الكهربائية وإصلاحها، ومن ثم سيقلل من التقنين ويؤدي إلى زيادة ساعات التغذية الكهربائية إلى عدد ساعات أعلى يوميا وذلك سيكون تحسنا كبيرا مقارنة بالوضع الحالي.

تطوير قطاع النفط

ومناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها "قسد" غير مشمولة بالعقوبات الأميركية والأوروبية، لذلك لن تكون الشركات التي تنوي الدخول للاستثمار في قطاع النفط السوري عرضة للعقوبات الأميركية والأوروبية.

وحسب الكريم، فإن من شأن الاتفاق الموقع بين حكومة دمشق و"قسد" أن يشجع الشركات الأجنبية في الدخول إلى سوريا للاستثمار في آبار النفط، وقد تكون الشركات الأميركية هي الأقرب إلى الاستثمار في النفط السوري لا سيما في حقول السويدية والعمر والرميلان أكبر ثلاثة حقول في البلاد.

ويحتاج قطاع النفط السوري إلى إعادة هيكلة وصيانة لرفع الإنتاج والتكرير، وتأمين الوقود اللازم لإنتاج الكهرباء عبر المحطات الحرارية.

إعلان انتعاش الاقتصاد

يرى الباحث عبد العظيم المغربل أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية يمثل خطوة مهمة نحو استعادة السيطرة على الموارد الوطنية في كامل البلاد.

وينعكس الاتفاق إيجابًا على الاقتصاد السوري وتوفير المحروقات والطاقة الكهربائية، لأن الاتفاق سيضع الأسس لإعادة بناء الاقتصاد واستقرار قطاع الطاقة، مما يعزز التنمية ويخفف من معاناة المواطنين السوريين في البلاد، وفق المغربل.

ويشير المتحدث ذاته إلى أن إدارة الموارد النفطية في شرق سوريا من قبل الحكومة السورية ستسمح بزيادة الإمدادات إلى السوق المحلية، لتبدأ بـ150 ألف برميل يوميا، مما يسهم في استقرار الأسعار وتوفير مورد مالي حيوي للدولة، بالإضافة إلى دعم الإنتاج الزراعي من خلال تأمين الوقود اللازم للمعدات الزراعية.

ويقول المغربل إن الإدارة الرشيدة للموارد النفطية والزراعية لمناطق شرق سوريا ستقلل من الاعتماد على الاستيراد وتساعد في الالتفاف الجزئي على العقوبات، خصوصا أن هذه المناطق تزود البلاد بنسبة كبيرة من حاجة البلاد للقمح على سبيل المثال.

ويؤكد المغربل أن نجاح هذا الاتفاق قد يشكل خطوة مهمة نحو الاستقرار، ومن ثم تخفيف العقوبات الأميركية والدولية، مما يسهل عودة الاستثمارات الخارجية.

بالمقابل، ستحقق "قسد" مكاسب مالية من تصدير النفط بأسعار السوق الدولية، بدلا من بيعه في السوق السوداء بأسعار متدنية.

تحديات

يعتقد الكريم أن آبار النفط ستبقى تحت سيطرة قوات "قسد" لمجموعة عوامل تتمثل في:

أولا: وجود القوات الأميركية في مناطق آبار النفط، ويحتاج انسحاب هذه القوات لقرار رئاسي ومن البنتاغون كما يحتاج إلى إجراءات قد تأخذ وقتا طويلا.

ثانيا: إذا دخلت قوات من الحكومة السورية مناطق آبار النفط سيدفع ذلك الدول إلى تطبيق العقوبات الأممية على منطقة شرق الفرات بما فيها آبار النفط، لأن العقوبات الدولية ما زالت مطبقة على الحكومة السورية ولا تشمل قوات "قسد" ومناطقها.

إعلان

ثالثا: لم يصدر عن حكومة دمشق أو إدارة "قسد" أي تصريحات حول طريقة التعامل ماليا مع نقل النفط، فهل ستدفع الحكومة لـ"قسد" كما السابق؟ أم سيتفق الطرفان على تقاسم إيرادات النفط وإنتاجه.

رابعا: تنتظر الشركات الدولية المتخصصة في قطاع الطاقة أن تتشكل في سوريا حكومة موسعة حتى يتسنى لها توقيع الاتفاقيات الدولية، لأن استمرار حكومة تسيير الأعمال الحالية يؤخر من دخول الشركات، فقانونيا لا يحق لحكومات تسيير الأعمال التوقيع على الصفقات الاقتصادية الدولية.

مقالات مشابهة

  • كيف ستتعامل الإدارة السورية مع قطاع الطاقة بعد دمج قسد؟
  • الاتفاقيات الدولية.. ورقة العراق القانونية لمواجهة نقص الغاز
  • مدبولي: برنامج نوفي يدعم الفئات الأكثر احتياجا في مواجهة التغيرات المناخية
  • الجارديان: شعار ترامب في مسألة الغاز والنفط احفر يا حبيبي احفر
  • وزير البترول يشارك كمتحدث رئيسي في منتدى الطاقة والاقتصاد في أفريقيا بأمريكا
  • هل يواجه النفط تحديات غير مسبوقة في 2025؟
  • «بصمة خضراء» للحفاظ على البيئة
  • أول اكتشاف من نوعه في الصين يهز العالم يكفي ل600 عام من الطاقة
  • الجابر: التفوق في الذكاء الاصطناعي يعتمد على إمدادات الطاقة
  • برلماني يدين قطع الكهرباء عن غزة: خرق لكل القوانين والأعراف الدولية