على مدار 135 يومًا، تعيش غزة الأبيَّة، كارثة إنسانية مفجعة، لم يشهدها العصر الحديث، تجاوزت المشاهد الوحشية الدامية والمرعبة، من إبادة جماعية وقتل وتشريد وتهجير وتجويع وحصار شامل.
يقينًا، لا تستطيع الكلمات أن تصف مأساة الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له من أبشع أنواع الظلم والقهر، الذي تمارسه آلة الحرب «الصهيونية»، وداعموها من الغرب والعرب على حدٍّ سواء، في ظل غياب العدالة الدولية والضمير الإنساني.
مذابح جماعية، فاقت ضحاياها عشرات آلاف الأبرياء، وجرحى تتجاوز أعدادهم الحصر.. لم تستثنِ شيخًا أو امرأة أو طفلًا ـ إنسانًا كان أم حيوانًا ـ في ظل صمت عالمي مريب، خصوصًا ما يحدث من نزوح جماعي إلى «المجهول المرعب» في رفح!
لكن هناك فضيحة أخرى، بطلها «الكيان الصهيوني»، طفحت على السطح قبل عام واحد من العدوان على غزة، ولا تزال أصداؤها مستمرة، رغم كل محاولات التعتيم، بسبب انتشار برنامج التجسس «الإسرائيلي» المعروف باسم «بيجاسوس».
تداعيات اختراق هذا البرنامج التجسسي المتطور، لم تتوقف عند أجهزة هواتف سياسيين ومعارضين وناشطين وصحافيين في دول عربية وخليجية، بل طالت عواصم غربية وعالمية، كان آخرها مدوِّيًا في إسبانيا، التي أقالت عددًا من الوزراء وكبار المسؤولين.
ورغم أن «بيجاسوس» برنامج تجسس طورته « NSO Groupالإسرائيلية»، حيث يمكنه الوصول بشكل كامل إلى البيانات الموجودة ضمن جهاز الهدف، إلا أنه لم يتوقف حتى الآن عن ملاحقة قادة معظم دول العالم، خصوصًا العربية والخليجية والإسلامية!
اللافت أن هذا البرنامج الخطير أدخل عالم الجاسوسية مرحلة جديدة، تفقد فيها الدول جزءًا من سيادتها، كما فقدتها في قطاعات أخرى مثل الدفاع والأمن والقطاع المالي، ولذلك اكتفت دول الاتحاد الأوروبي ـ بعد انكشاف فضائح التجسس ـ بإنشاء لجنة تحقيق كبرى في الخَرْق غير المسبوق!
أما واشنطن، فلم تكن أحسن حالًا من نظيراتها الأوروبية، لتقرر ـ على استحياء ـ إضافة «بيجاسوس» إلى اللائحة الأمريكية لـ«الشركات السوداء»، مبررة ذلك بأنه «سابقة خطيرة تهدد السلم العالمي»!
البرنامج «الإسرائيلي» كشف هشاشة الاستخبارات الغربية، وتأخرها في المجال الرقمي، وبالطبع في عالمنا العربي، خصوصًا أن الذين تعرضوا للتجسس هم رؤساء دول وحكومات ومسؤولين رفيعي المستوى وشخصيات دولية مرموقة.
أخيرًا.. اكتشف باحثون أمنيون ـ قبل فترة ـ أدلة على استخدام هذا البرنامج، في التجسس على أكثر من 50 ألف رقم، في هواتف «آيفون»، لصحفيين وسياسيين وناشطين، وحتى رؤساء دول وحكومات حول العالم، ليكون بذلك كيان العدو وكرًا لعمليات التجسس والاختراق، وتصدير التكنولوجيا المظلمة، في ظل غياب الرقابة الدولية، لتطال بذلك برمجيات «إسرائيل» الخبيثة العالم أجمع، مستهدفة الصديق قبل العدو.
فصل الخطاب:
يقول «أفراهام بورج» السياسي المخضرم ورئيس «الكنيست» سابقًا: إن تمسك إسرائيل بعقلية «الجيتو» وإهدارها للقيم الإنسانية، يجعلها تأخذ بأسباب الانهيار وتعجل بالنهاية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة تقاوم رفح تحت القصف بيجاسوس محمود زاهر ضحايا العدوان الصهيوني معبر رفح الحوثي حزب الله
إقرأ أيضاً:
واتساب ونحن وعمانتل..
أتذكر عندما بدأ برنامج المحادثة واتساب بالظهور أن إحدى صديقاتي الخليجيات أرسلته لي، وذكرت لي أنه برنامج جميل وبه مزايا كثيرة، وطلبت مني تثبيته حتى نتداول الحديث بسهولة عليه، بعد مدة قصيرة جدا، قمت بعمل أول مجموعة عليه لأفراد العائلة، ومن يومها أصبح البرنامج ملمحا يوميا، وأظن هكذا نحت جميع الأسر والعوائل نحو استخدام واتساب.
بعد عامين تقريبا عندما تبين أن البرنامج به ثغرات أمنية، فتحت مجموعة جديدة للعائلة على برنامج آخر أكثر أمانا، لكن لم تنجح المحاولة، ولم يفقد البرنامج شعبيته بين الناس. حاليا أعلنت واتساب أنها وفرت خدمة الاتصال بدون الحاجة الى استخدام VPN، وبهذا فهي تحقق ضربة معلم كي يبقى برنامجها الأول على مستوى الملايين الذين يستخدمونه حول العالم.
لقد اشترت شركة ميتا (فيس بوك سابقا) البرنامج منذ عدة سنوات، والكلام يدور عن أن معلومات الناس على واتساب متاحة ومخترقة بشكل من الأشكال ! فيقول المختصون أن استهداف وقتل عائلات بأكملها في غزة ولبنان جراء الحرب الإسرائيلية عليهما ينبئ عن اختراق حسابات على واتساب وبعض البرامج الأخرى.
كتب الإعلامي محمد الطاهر أمس الأول الأحد 22 ديسمبر 2024: «أنه قد أصدرت محكمة فيدرالية في شمال كاليفورنيا أمس، حكمًا يدين شركة NSO Group الإسرائيلية، المطورة لبرنامج التجسس «بيجاسوس»، باعتبارها مسؤولة قانونيًا عن عمليات اختراق استهدفت 1400 جهاز لمستخدمي تطبيق واتساب، من بينهم صحفيون ونشطاء حقوق إنسان، ودبلوماسيون ومسؤولون حكوميون.
القضية بدأت في عام 2019 عندما رفعت شركة WhatsApp، التابعة لـMeta، دعوى قضائية ضد NSO Group، أكدت فيها أن الشركة الإسرائيلية استغلت ثغرة أمنية في التطبيق لتثبيت برنامج «بيجاسوس» دون علم المستخدمين. وحسب الدعوى، استخدمت NSO Group ما يعرف بـ«خادم تثبيت واتساب» للسماح لعملائها بإرسال ملفات مشفرة تحتوي على تعليمات لاختراق الأجهزة المستهدفة وسرقة بيانات حساسة، واستمرت الشركة في تعديل برمجياتها لتجاوز التحديثات الأمنية التي كانت تُجريها واتساب. وأبرزت التحقيقات أن NSO كانت تحتفظ بالسيطرة الكاملة على عمليات التجسس واستخراج البيانات من الأجهزة المخترقة، مما يُقوض مزاعمها بأنها تعمل فقط كمزود تقني للحكومات.
الإفادات المقدمة في القضية أظهرت أن كبار مسؤولي NSO Group أدلوا بشهادات تؤكد أن الشركة كانت تمتلك تحكمًا كاملاً في كيفية استخدام برنامج التجسس، بينما كان دور العملاء الحكوميين محدودًا، وانتقدت المحكمة رفض الشركة الإسرائيلية تقديم الكود المصدري الكامل لبرنامج «بيجاسوس»، فالشركة تقف خلف هذا البرنامج التجسسي المثير للجدل، ووصفت المحكمة ذلك بأنه عائق أمام العدالة. «ترى ألا تستطيع عمانتل الخروج بمعادلة رابح رابح بينها وبين الناس على نظام اتصالاتها يغنينا عن استخدام هذه البرامج، أم سيكون الأمر شبيها بما حصل عندما فقدت زبائنها على نظام إيميلها لصالح إيميلات جوجل وياهو وأوت لوك.