يمانيون:
2025-02-02@16:58:06 GMT

المستعمرُ الجديدُ والتضليل

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

المستعمرُ الجديدُ والتضليل

عبدالرحمن مراد
حين يفكر المستعمر بغزو بلد ما يبدأ في الاشتغال على المفاهيم والمصطلحات ويقوم بإفراغها من محتواها ومعانيها، ويعمد إلى الهُــوِيَّة فيقوم بتفكيك عراها حتى تتشظَّى وتتناثر في رمال الوطن المتحَرّكة، فالاشتغال الثقافي للمستعمر يأتي على نسق مواز للغزو العسكري أَو يسبقه حتى يتمكّنَ من السيطرة على مقاليد الأمور في البلدان؛ لذلك فحركة الاضطرابات التي سادت المجتمعات خلال العقدين السالفين من الألفية كانت الإيذان بعودة المستعمر، لكن بطرق أكثر ذكاء فهو يأتي حتى يحارب الإرهاب ويجفف منابعه، أَو يأتي دفاعاً عن حقوق الإنسان، أَو لدواعٍ إنسانية حتى يحفظ أمن واستقرار البلدان كما فعل في أفغانستان، فالغزو لم يعد احتلالاً، والمستعمر لم يعد مستعمراً –تعويم المصطلحات والمفاهيم-؛ ولذلك استطاع أن يجدَ لنفسه غطاءً وتخريجاً مناسباً حتى يمارسَ غوايةَ الاحتلال للبلدان تحت عناوين كبرى ينساق لها الإنسان بغباء مفرط.


ولعل المعركة الثقافية هي أعقد من المعركة العسكرية وأكثرها خطورة، وهي معركة مُستمرّة يمتد جذرها إلى الماضي العميق وهي اليوم في أوج الاشتعال، وقد شهدنا مرحلة، وعشنا تفاصيلها خلال سنوات العدوان، وهي مرحلة كانت نتيجة لمقدمات منطقية سبقتها في الاشتغال الثقافي، واليوم نقرأ مقدمات يشير إليها نشاط التحالف الجديد في البحر الأحمر، تحالف حماية الازدهار كما يسمى، فهم يرون أن المبدعين والمثقفين يحملون رسالة إيجابية للمجتمع ولذلك بدأوا يهتمون بهذه الشريحة ويولونها اهتماماً خاصاً، ولا أرى ذلك إلا توجُّـهاً يقومون بتنفيذه وفق خطط واستراتيجيات وضعوها حتى يبلغوا غاياتهم ومقاصدهم، فالسخاء في الإنفاق يشكل بيئة جذب لشريحة المثقفين والأدباء في ظل قسوة الأحوال والظروف التي يعيشها المبدع في اليمن، ولذلك أصبح من الضرورة تفعيل دور المؤسّسة الثقافية الرسمية والمدنية والاشتغال على كُـلّ المستويات حتى نخوض المعركة الثقافية بمختلف الأسلحة وعلى كُـلّ المستويات، ولدينا طاقات فكرية جبارة وكبيرة قادرة على الصناعة والإبداع والابتكار.
فالتحالف وصل إلى مرحلة اليأس بعد فشله في حماية الملاحة في البحر الأحمر وهو يبحث عن بدائل وقد شرع في الاشتغال عليها، إذ أن كُـلّ المؤشرات تقول ذلك ودلائلها ذات أثر ملحوظ، ومن الحكمة الوقوف أمام مؤشرات الواقع والتمعن في المعطيات والتفاعل مع الواقع بما يحفظ لليمن بريق الانتصار.
فالتحالف الدولي لديه قناعة كاملة بعد كُـلّ سنوات العدوان على اليمن بفشل الخيار العسكري في تطويع اليمن وأهله للمصالح الدولية، ولا يخامرني شك أن الخيار العسكري ليس خياراً للتحالف في قابل الأيّام، وهو اليوم في أوج اشتغاله من خلال تفكيك المفاهيم والمصطلحات وهدم كُـلّ ما هو مقدَّس في وجدان المجتمع من خلال التضليل وتعويم المفاهيم والمصطلحات وتسويق رؤىً جديدةٍ منها حماية الرفاه والازدهار، وتصنيف أنصار الله كمنظمة إرهابية تهدّد أمنَ الملاحة الدولية واقتصاد العالم دون النظر فيما تقوم به “إسرائيل” من حرب إبادة وتهجير وقتل متعمد في غزة وفي كُـلّ أرض فلسطين.
ولا بدَّ من معرفة أننا نعيشُ مستوىً حضارياً واقتصادياً يختلفُ كُـلَّ الاختلاف عن المستوى الذي عاش فيه فقهاء القرون الثاني والثالث والرابع الهجري، ولذلك فكل رأي يستند إلى تلك الفترات دون وعي بحركة الاقتصاد أَو معرفة بنظم الاقتصاد المعاصر وموازين النمو ومؤشرات الانهيار يصبح قاتلاً ومدمّـراً لحركة الحياة في عالمنا المعاصر ويخلق بيئة غير ملائمة ومناخاً للصراع وشرائع الغاب.
فحالة الاستقرار في اليمن ضابطها الأَسَاس هو البناءات الاقتصادية القادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والشراكة في أبعادها الفلسفية المختلفة، والقادرة على تخفيف حدة الصراعات والخروج من دائرة الاقتصاد السياسي الهادف إلى إدارة التناقضات الاجتماعية إلى دائرة الاقتصاد الوطني وفق أسس وقواعد الشراكة الوطنية؛ مِن أجل التنمية والاستقرار.
اليوم نحن أمام واقع جديد في اليمن وفي العالم كله، فالذي حدث خلال الأشهر القليلة الماضية كان تحولاً كَبيراً في المسارات، وتلك التحولات سوف تترك آثاراً عميقة في البناءات وفي مسارات اللحظة والمستقبل، تترك آثاراً على اللحظة من خلال ما تتركه من ظلال على النظام العام والطبيعي، وتترك ظلالاً على المستقبل من خلال ما تقوم به اللحظة من تأسيس لقضايا ستكون هي ملامح المستقبل؛ ولذلك فالصناعة تبدأ من اللحظة التي نعيش ونشهد تبدلاتها وتحولاتها العميقة سواء في المسار اليمني أم في المسار الدولي فكلا المسارين يتكاملان ويتركان أثرًا واضحًا على الصناعة وعلى المستقبل.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي: أكثر من 20 ألف مهاجر أفريقي وصلوا اليمن خلال ديسمبر الماضي

كشف تقرير أممي عن وصول أكثر من 20 ألف مهاجر إفريقي إلى اليمن خلال ديسمبر الماضي، بزيادة عن نوفمبر الفائت الذي شهد وصول 18 ألف مهاجر.

 

وقالت منظمة الهجرة الدولية -في تقرير حديث لها- إن أكثر من 18 ألفًا و700 مهاجر أفريقي وصل إلى سواحل تعز ف ديسمبر الماضي جميعهم من الإثيوبيين الذين غادروا من جيبوتي.

 

وذكر التقرير أن نحو 1700 مهاجر قادمين من الصومال وصلوا عبر سواحل شبوة.

 

وأوضحت أن الارتفاع الحاد في أعداد الوافدين المسجلين في الأشهر الأخيرة يعود للتوسع في أنشطة رصد تدفق المهاجرين، موضحة أنها دعمت عودة 526 مهاجرًا غالبيتهم إثيوبيين إلى بلدانهم خلال ديسمبر الماضي.

 

وفي أغسطس الماضي، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة غرق 13 شخصا وفقدان 14 آخرين جراء غرق قارب يقل مهاجرين إثيوبيين قبالة سواحل محافظة تعز.

 

وقالت المنظمة إن 13 شخصا لقوا مصرعهم بشكل مأساوي فيما لا يزال 14 آخرون في عداد المفقودين بعد انقلاب قارب مهاجرين قبالة سواحل محافظة تعز.

 

ويعد اليمن وجهة عبور لمهاجري دول القرن الإفريقي لا سيما إثيوبيا والصومال؛ إذ يهدف معظمهم إلى الانتقال منه إلى دول الخليج، وخاصة السعودية الواقعة على الحدود الشمالية الغربية للبلاد.


مقالات مشابهة

  • سفارة اليمن في قطر تدشن موقعها الإلكتروني الجديد .. نافذة حديثة تلبي احتياجات المقيمين والزوار وتسهم في توفير الخدمات القنصلية
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل مارست كل أنواع الكذب والتضليل في عدوانها على غزة
  • أستاذ علوم سياسية: الحكومة الإسرائيلية مارست كل أنواع الكذب والتضليل
  • النشرة الجوية: توقعات الطقس في اليمن خلال الـ 24 ساعة القادمة
  • هل تتأثر اليمن بموجة برد شديدة خلال الأيام المقبلة؟
  • «السياحة الثقافية»: قدوم السياح للأقصر بتأشيرات مجانية بداية من مايو المقبل
  • حزب الريادة: مصر ثابتة على موقفها من القضية الفلسطينية منذ اللحظة الأولى
  • رئيس حزب الريادة: مصر ثابتة على موقفها من القضية الفلسطينية منذ اللحظة الأولى
  • تقرير أممي: أكثر من 20 ألف مهاجر أفريقي وصلوا اليمن خلال ديسمبر الماضي
  • وزير الصحة: 13 مرضًا مداريًا لا تزال تهدد اليمن