يمانيون:
2024-11-24@16:02:09 GMT

المستعمرُ الجديدُ والتضليل

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

المستعمرُ الجديدُ والتضليل

عبدالرحمن مراد
حين يفكر المستعمر بغزو بلد ما يبدأ في الاشتغال على المفاهيم والمصطلحات ويقوم بإفراغها من محتواها ومعانيها، ويعمد إلى الهُــوِيَّة فيقوم بتفكيك عراها حتى تتشظَّى وتتناثر في رمال الوطن المتحَرّكة، فالاشتغال الثقافي للمستعمر يأتي على نسق مواز للغزو العسكري أَو يسبقه حتى يتمكّنَ من السيطرة على مقاليد الأمور في البلدان؛ لذلك فحركة الاضطرابات التي سادت المجتمعات خلال العقدين السالفين من الألفية كانت الإيذان بعودة المستعمر، لكن بطرق أكثر ذكاء فهو يأتي حتى يحارب الإرهاب ويجفف منابعه، أَو يأتي دفاعاً عن حقوق الإنسان، أَو لدواعٍ إنسانية حتى يحفظ أمن واستقرار البلدان كما فعل في أفغانستان، فالغزو لم يعد احتلالاً، والمستعمر لم يعد مستعمراً –تعويم المصطلحات والمفاهيم-؛ ولذلك استطاع أن يجدَ لنفسه غطاءً وتخريجاً مناسباً حتى يمارسَ غوايةَ الاحتلال للبلدان تحت عناوين كبرى ينساق لها الإنسان بغباء مفرط.


ولعل المعركة الثقافية هي أعقد من المعركة العسكرية وأكثرها خطورة، وهي معركة مُستمرّة يمتد جذرها إلى الماضي العميق وهي اليوم في أوج الاشتعال، وقد شهدنا مرحلة، وعشنا تفاصيلها خلال سنوات العدوان، وهي مرحلة كانت نتيجة لمقدمات منطقية سبقتها في الاشتغال الثقافي، واليوم نقرأ مقدمات يشير إليها نشاط التحالف الجديد في البحر الأحمر، تحالف حماية الازدهار كما يسمى، فهم يرون أن المبدعين والمثقفين يحملون رسالة إيجابية للمجتمع ولذلك بدأوا يهتمون بهذه الشريحة ويولونها اهتماماً خاصاً، ولا أرى ذلك إلا توجُّـهاً يقومون بتنفيذه وفق خطط واستراتيجيات وضعوها حتى يبلغوا غاياتهم ومقاصدهم، فالسخاء في الإنفاق يشكل بيئة جذب لشريحة المثقفين والأدباء في ظل قسوة الأحوال والظروف التي يعيشها المبدع في اليمن، ولذلك أصبح من الضرورة تفعيل دور المؤسّسة الثقافية الرسمية والمدنية والاشتغال على كُـلّ المستويات حتى نخوض المعركة الثقافية بمختلف الأسلحة وعلى كُـلّ المستويات، ولدينا طاقات فكرية جبارة وكبيرة قادرة على الصناعة والإبداع والابتكار.
فالتحالف وصل إلى مرحلة اليأس بعد فشله في حماية الملاحة في البحر الأحمر وهو يبحث عن بدائل وقد شرع في الاشتغال عليها، إذ أن كُـلّ المؤشرات تقول ذلك ودلائلها ذات أثر ملحوظ، ومن الحكمة الوقوف أمام مؤشرات الواقع والتمعن في المعطيات والتفاعل مع الواقع بما يحفظ لليمن بريق الانتصار.
فالتحالف الدولي لديه قناعة كاملة بعد كُـلّ سنوات العدوان على اليمن بفشل الخيار العسكري في تطويع اليمن وأهله للمصالح الدولية، ولا يخامرني شك أن الخيار العسكري ليس خياراً للتحالف في قابل الأيّام، وهو اليوم في أوج اشتغاله من خلال تفكيك المفاهيم والمصطلحات وهدم كُـلّ ما هو مقدَّس في وجدان المجتمع من خلال التضليل وتعويم المفاهيم والمصطلحات وتسويق رؤىً جديدةٍ منها حماية الرفاه والازدهار، وتصنيف أنصار الله كمنظمة إرهابية تهدّد أمنَ الملاحة الدولية واقتصاد العالم دون النظر فيما تقوم به “إسرائيل” من حرب إبادة وتهجير وقتل متعمد في غزة وفي كُـلّ أرض فلسطين.
ولا بدَّ من معرفة أننا نعيشُ مستوىً حضارياً واقتصادياً يختلفُ كُـلَّ الاختلاف عن المستوى الذي عاش فيه فقهاء القرون الثاني والثالث والرابع الهجري، ولذلك فكل رأي يستند إلى تلك الفترات دون وعي بحركة الاقتصاد أَو معرفة بنظم الاقتصاد المعاصر وموازين النمو ومؤشرات الانهيار يصبح قاتلاً ومدمّـراً لحركة الحياة في عالمنا المعاصر ويخلق بيئة غير ملائمة ومناخاً للصراع وشرائع الغاب.
فحالة الاستقرار في اليمن ضابطها الأَسَاس هو البناءات الاقتصادية القادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والشراكة في أبعادها الفلسفية المختلفة، والقادرة على تخفيف حدة الصراعات والخروج من دائرة الاقتصاد السياسي الهادف إلى إدارة التناقضات الاجتماعية إلى دائرة الاقتصاد الوطني وفق أسس وقواعد الشراكة الوطنية؛ مِن أجل التنمية والاستقرار.
اليوم نحن أمام واقع جديد في اليمن وفي العالم كله، فالذي حدث خلال الأشهر القليلة الماضية كان تحولاً كَبيراً في المسارات، وتلك التحولات سوف تترك آثاراً عميقة في البناءات وفي مسارات اللحظة والمستقبل، تترك آثاراً على اللحظة من خلال ما تتركه من ظلال على النظام العام والطبيعي، وتترك ظلالاً على المستقبل من خلال ما تقوم به اللحظة من تأسيس لقضايا ستكون هي ملامح المستقبل؛ ولذلك فالصناعة تبدأ من اللحظة التي نعيش ونشهد تبدلاتها وتحولاتها العميقة سواء في المسار اليمني أم في المسار الدولي فكلا المسارين يتكاملان ويتركان أثرًا واضحًا على الصناعة وعلى المستقبل.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

وزير الاقتصاد يبحث مع وزيرة السياحة الإندونيسية تعزيز فرص التعاون


أبوظبي (الاتحاد)
أكد معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، أن دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا تجمعهما روابط تاريخية وشراكة استراتيجية في المجالات كافة، حيث يشهد التعاون الاقتصادي زخماً متواصلاً بمختلف الأنشطة والقطاعات الحيوية في ضوء شراكتهما الاقتصادية، وبفضل دعم وتوجيهات القيادة الرشيدة في البلدين الصديقين.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده معاليه مع معالي ويديانتي بوتري واردانا، وزيرة السياحة في جمهورية إندونيسيا، بمقر وزارة الاقتصاد اليوم، لبحث تعزيز فرص التعاون السياحي بين البلدين خلال المرحلة المُقبلة، وتحفيز العمل المشترك من أجل زيادة تبادل الوفود السياحية بين الدولتين.
وقال معالي بن طوق: يعد القطاع السياحي واحداً من أهم القطاعات الرئيسة في تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين، حيث شهد التعاون الثنائي على هذا القطاع الحيوي تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، إذ وصل إجمالي عدد رحلات الطيران إلى أكثر من 174 رحلة شهرياً عبر الخطوط الوطنية الإماراتية.
وناقش الجانبان إمكانية توفير فرص جديدة أمام مجتمعي الأعمال الإماراتي والإندونيسي في مجالات السياحة والطيران والسفر، وتعزيز التعاون في سياحة المعارض والمؤتمرات، وكذلك أهمية دعم التواصل بين الشركات السياحية في أسواق البلدين، وإتاحة برامج تدريبية وترفيهية جديدة تدعم زيادة تبادل الوفود السياحية.
وتطرق الطرفان إلى أهمية تعزيز العمل المشترك من أجل إطلاق حملات تسويقية مشتركة خلال الفترة القادمة للترويج للأماكن والوجهات السياحية البارزة في الدولتين، بما يدعم نمو أعداد السائحين والزوار لأسواقهما.
ومع نهاية الاجتماع، توجه معالي بن طوق بدعوة وزيرة السياحة الإندونيسية للحضور والمشاركة في النسخة الرابعة من «إنفستوبيا» والمقرر انعقادها خلال فبراير 2025، حيث ستكون فرصة كبيرة ومهمة لمناقشة سُبل الاستفادة من الممكنات الواعدة التي تتيحها الإمارات أمام المستثمرين من كل أنحاء العالم، وتطوير أوجه التعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية.
 

أخبار ذات صلة ابن طوق يبحث مع مسؤولي «بيك موبيليتي» تعزيز النقل المستدام بالدولة عبدالله بن طوق: «يوم العَلَم» مناسبة وطنية غالية

مقالات مشابهة

  • اليافعي يرأس اجتماعاً لمناقشة تنفيذ عدد من الأنشطة والبرامج مع الجبهة الثقافية لمناهضة العدوان
  • وزير الاستثمار أمام "الشيوخ": ملف التجارة من أهم أولوياتي المرحلة المقبلة
  • مقتل وإصابة مواطنين خلال هجوم على منزل جنوبي اليمن
  • غسيل الاخبار والتضليل الإعلامي
  • اللحظة الأولى لغارة إسرائيلية جنوب لبنان.. وحزب الله يبث مشاهد لاستهداف قاعدة عسكرية
  • وزير الاقتصاد يبحث مع وزيرة السياحة الإندونيسية تعزيز فرص التعاون
  • نيمار يلاعب ابنته مافي في أحدث ظهور لهما .. فيديو
  • هل تسهم المهرجانات الفنية في تعزيز الإبداع أم تروج للسلعة الثقافية؟
  • «الزراعة» تشارك في معرض الوادي الجديد الزراعي
  • درة: هذه كانت اللحظة الأصعب في فيلم "وين صرنا"