معرض مسقط الدولي للكتاب والعرس المنتظر
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
يفتتح غدا مساء الأربعاء معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الثامنة والعشرين، فهو يمثل لعمان جميعا، ولكتّابها ومثقفيها وقارئيها خصوصا عرسا سنويا ينتظرونه عاما بعد عام، ففيه يتنافس المبدعون في إظهار إبداعهم في أيّ مجال من المجالات، كان كاتبا أو فنانا أو رساما أو موسيقيا أو ناشرا أو صاحب مبادرة مجتمعية.
ومعرض مسقط للكتاب تطوّر بشكل كبير جدّا عن السابق، ورأينا في العام الماضي كثافة الإبداع والنتاج والحضور الجماهيري، وهذا ما نرجوه لهذا العام، بيد أنّه سيواجه تحديا هذا العام، وهو اقترابه من شهر رمضان الفضيل، وما يتبعه من الاستعدادات لعيد الفطر، وبعيدا عن جدلية السرف، والمقدار الّذي به يتعامل الإنسان مع العادات الدينية والاجتماعية، إلّا أنّ هذه المناسبات تشكل عبئا ماليّا في الجملة، وهذا قد يؤثر في المستوى الشرائي في معرض الكتاب، كما أنّ المعرض سيواجه تحدّيا في الأعوام المقبلة، إلّا إذا تقرّر تقديمه كما حدث في معرض الرّياض الدّوليّ للكتاب قبل سنوات.
وفي السنوات الماضية يعتبر معرض مسقط من المعارض ذات الارتفاع في أسعار الكتاب، وبعض دور النّشر تلقي لومها على إدارة المعرض من حيث ارتفاع سعر الجناح المؤجر، كما يشتكون من عدم وجود دعم ولو على مستوى الإيجار، وفعلا لو ادّخر الواحد اليوم مائة ريال؛ لم تعد كالسابق تعطي تلك الوفرة من الشراء، فالكتاب المدعوم اليوم سعره قد يتجاوز أحيانا خمسة ريالات على المستوى الأدنى، وقد يكون واقع السوق هكذا بسبب التضخم، إلّا أنني على المستوى الأدنى أرجو من المؤسّسات الخاصّة والعامة دعم الطالب الجامعي خصوصا، وأصحاب الضمان الاجتماعي والأجور المتدنية، وقد وجدت بعض المبادرات في ذلك، كمبادرة الطالب الجامعي، كما وجد لهم بعض الدعم، وهناك دعم للكتاب العماني، بيد أنني أرجو من المؤسسات الخاصة ورجال الأعمال والمقتدرين في المجتمع التطوع والدعم بشكل أكبر وأوسع؛ لأنّ الفائدة المستقبلية بلا شك أثرها كبير على الوعي المعرفي في المجتمع العماني، وكلّما خلقنا جيلا قارئا وباحثا ومبدعا؛ سيكون لهؤلاء أثرهم بعد عقدين أو ثلاثة.
كذلك من إشكالات المعرض الضوضاء المؤثرة على الاستماع في المحاضرات، ولمّا زرت معرض الرياض الدولي للكتاب؛ وجدتهم يستخدمون سماعات الأذن، فمع كون المحاضرات والندوات مفتوحة بين الأجنحة، لا يستخدمون مكبرات الصّوت، وفي الوقت نفسه يسمع الحاضرون المحاضرة بكلّ يسر عن طريق هذه السّماعات ويتفاعلون معها، ولعلّ في معرض مسقط وجد في هذا العام ما يعالج هذه الضّوضاء نتيجة الصّوت المتداخل بين مكبرات صوت المحاضر، وما بين أصوات الزّائرين.
كذلك ونحن نقترب من معرض مسقط للكتاب؛ إلّا أنّه في العام الماضي، وأراه يتجدد هذا العام؛ نجد البرنامج الثقافي للمعرض متأخرا جدّا، وكنتُ أرجو أن يصدر قبل أسبوعين أو أسبوع على الأقل، فهذا له أثره في الجذب، وفي الاستعداد للمعرض، واختيار الأوقات المناسبة للزّيارة، فحتّى اليوم، ونحن نقترب من المعرض، إلّا أننا لم نرَ بعد برامج المعرض وفعاليّاته المتنوعة.
كما أرجو أيضا أن تعالج قضية مكائن السحب، وحدث العام الماضي بعض العلاج، بيد أنّه في بعض الفترات تأخذ وقتا طويلا لكي تسحب، خصوصا لمن لم يستعد مسبقا، وبعض المكائن لا تعمل، ولأنّ بعض دور النّشر لا تستخدم مكائن الدّفع، ولعلّه هروبا من الضّرائب.
كذلك في نظري لا معنى من الافتتاح الرسمي في الفترة المسائية، فيؤتى بالنّاشرين ويقفون في مكان عرضهم، بينما راعي المناسبة لا يمر إلّا على بعض الأماكن، وبصورة سريعة، لكن يمكن الافتتاح في أول الصّباح، ثمّ يفتح المجال للنّاس، وبهذا يكسب النّاشر والمجتمع جزءا من الوقت، وهذا وجدته في العديد من المعارض العربية وغيرها، إذ يكون الافتتاح في الفترة الصّباحيّة وليس المسائيّة.
كما أرجو أن لا يكون هناك منع لكتاب، لأسباب دينية أو سياسية أو اجتماعية، ويترك التدافع طبيعيا للمجتمع، فلا معنى للوصاية أمام عالم مفتوح اليوم، والكتاب الرقمي بل والورقي تجده في أقلّ من ثانية، فبعض الدُور ولها وزن معرفي – لم تعد تشارك، ولمّا سألت أحدها في إحدى المعارض القريبة منّا؛ كان جوابه بسبب الحساسيّة من بعض الكتب من قبل الرّقابة، وبعضها قد يكون بسبب العناوين الّتي قد لا تفهم جيّدا.
عموما لا أستطيع سبق الحدث، وما رأيته العام الماضي من تقدّم كبير في التّنظيم وحسن الإدارة والنّظام، وما رأيته أيضا وكتبت عنه أكثر من مقالة، من تطوّر في الفعاليات والإبداعات والأنشطة، ومن تنوّع في مجالات الأنشطة ذاتها من حيث البرامج والشّخوص؛ شيء نفتخر به أن نرى معرض مسقط للكتاب بهذه الصّورة الرّفيعة، يباهي بنظامه وبرامجه المعارض العربية والدولية، لهذا بلا شك، موقن تماما أنّ معرض مسقط للكتاب في هذه الدّورة سيكون أكثر نظاما وتطوّرا؛ لأنّ الأصل هذا في الحراك المجتمعي والثقافي.
وما ذكرته من ملحوظات قد يكون لها جانب منطقي فيؤخذ ببعضها، وقد لا يكون كذلك، ومن في الشّأن أعلم منّي بالحال، وأدرى بالواقع، ولكني كقارئ من خارج الصّندوق أقرأ الحال عن حبّ ورغبة أن يكون معرض مسقط للكتاب حديث النّاس خارج السلطنة قبل داخلها، ويضرب به المثال، ويتوق الناس لزيارته، فبقدر ما يكون معلما للإبداع والثّقافة، يكون في الوقت ذاته مركزا للسياحة يشد إليه السائحون رحالهم من عمان وخارجها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العام الماضی هذا العام إل ا أن
إقرأ أيضاً:
حين يكون العيد مُرّاً…!
حين يكون #العيد مُرّاً…!
د. #مفضي_المومني.
2025/3/31
كل عام والجميع بخير…في أول يوم من ايام عيد الفطر… بعد شهر الصيام والقيام… تقبل الله الطاعات… وليسامحنا الله على خذلاننا وهواننا… !.
ولأن العيد رغم كل وجعنا… يبقى شعيرة من شعائر الله… نظل نبحث عن الفرح… في زمن التعاسة… مرة بجمعة للأحبة…، ومرة بتقرب إلى الله، ومرة باصطناع الفرح… ومرات لاننا نحب الحياة… ولا نأخذ كل هذا على محمل الجد…فقد وصلنا إلى تعود المشهد المفجع… والموت والدمار والقتل… وهمجية العدو وغطرسته؛ إنه منتهى الخذلان…، ورغم المشهد القاسي… وعلى رأي حجاتنا(حياة وبدنا نعيشها)..! هكذا أصبحت حالنا وحياتنا… ولعل الله يغير الحال والأحوال..!.
رغم تراجيديا ومتلازمة الحرب والموت…وكل الجرائم والظلم الجاثم على صدور أهلنا في غزة وفلسطين وكل بقاع جغرافيتنا الحزينة… ورغم ضنك العيش..وقهر الرجال… نقترف تقاليد العيد…مرة على استحياء… وأخرى طقوس تعودناها… وفي القلب غصة…. وجرح عميق… فلا فرح مع الوجع… ! هذا العيد تختلط المشاعر… وأجزم أننا نعيد على استحياء…! نقترف الفرح ولا نحسه…! ويحجبه ويواريه أرواح قوافل الشهداء على ثرى غزة وفلسطين… ودموع الأطفال والأمهات والشيوخ… وهول الفقد والموت والدمار…والتجويع وعاصفة من الخذلان والتآمر والهوان… من أولي القربى…والعالم المنافق….! وفي الأفق إيماننا بالله الذي لا تزعزعه كل قوى الشر… نستحضر بارقة النصر الموعود من رب العالمين… فوعده اكبر من كل وعود المارقين والمتخاذلين… والمتآمرين على عروبتنا وفلسطيننا وغزتنا…وأمتنا…! وما النصر إلا صبر ساعة… والله غالب على أمره…ولو خذلنا الجميع… ولو خذلنا انفسنا…!.
الأسواق راكده وباهتة…رغم أنها تحركت مع بقايا الرواتب الحزينة…. والمشتريات للوازم العيد في ادنى حالاتها… الأجواء العامة لا تشي بالفرح… فالقلوب متعبة ومنهكة وحزينة لأخبار الموت اليومي لأهلنا في غزةوفلسطين… وعزائهم أنهم آمنوا بقضيتهم… والشهادة لديهم غاية المنى… قبل أو بعد النصر لا فرق..!
إضافة لذلك… الجيوب خاوية… وبقايا الرواتب شحيحة…. ولم تتفضل البنوك بتأجيل اقساطها على أصحاب الجيوب الخاوية… فاختلط الحابل بالنابل… واختار الناس أن يمرروا العيد كيفما اتفق… وعلى قد الحال..!
والاردن رغم جحود الحاقدين يبقى حالة متقدمة كانت وما زالت وستبقى في مساندة الأهل في فلسطين وغزة العز بكل الطاقات الممكنة …رغم قصر ذات اليد… وخذلان الاعراب… وضغوطات طرامب… وتستمر محاولات الجاحدين الحاقدين للطعن في مواقف الاردنيين… ولا نلتفت لهذا… فنحن أخوة دم وعقيدة… ووجع فلسطين وجعنا.. فعلاً لا قولاً… وواجب يسكن قلوب صغارنا وكبارنا عقيدةً لا منه.
نعم نُعيد على استحياء… ولا نظهر الفرح… حتى الصغار يدركون هذا… فوجع أهل غزة وفلسطين وجعنا جميعاً… .
لكم الله يا اهل غزة… والخزي والعار للعدو وكل من يسانده… وهو يمتهن القتل والتدمير منذ فُرض علينا بالوعد المشؤوم على فلسطين، ونقول لهذا العدو المتغطرس ربيب قوى الإستعمار… لا يغرنكم تفوقكم العسكري ولا دعم قوى الإستعمار…ولا تخاذل المتخاذلين والمتآمرين من أبناء جلدتنا…! فمشيئة الله ودورة الحضارة غرست في شعوبنا حتمية النصر… وهو وعد الله لعباده المؤمنين… . تنام الشعوب وتضعف… وتهون… لكنها لا تموت…!.
ورغم كل ما حصل… من موت وتدمير… سنبقى نتشبث بالحياة وروح النصر… بإيمان مطلق… فدولة الباطل ساعة… ودولة الحق إلى قيام الساعة..!
نفرح على استحياء… ولكننا نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا… :
وَنَحْنُ نُحِبُّ الحَيَاةَ إذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ
وَنَرْقُصُ بَيْنَ شَهِيدْينِ نَرْفَعُ مِئْذَنَةً لِلْبَنَفْسَجِ بَيْنَهُمَا أَوْ
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ
وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطاً لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلاَ
وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَاراً جَمِيلاَ
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ
وَنَزْرَعُ حَيْثُ أَقمْنَا نَبَاتاً سَريعَ النُّمُوِّ , وَنَحْصدْ حَيْثُ أَقَمْنَا قَتِيلاَ
وَنَنْفُخُ فِي النَّايِ لَوْنَ البَعِيدِ البَعِيدِ , وَنَرْسُمُ فَوْقَ تُرابِ المَمَرَّ صَهِيلاَ
وَنَكْتُبُ أَسْمَاءَنَا حَجَراً ’ أَيُّهَا البَرْقُ أَوْضِحْ لَنَا اللَّيْلَ ’ أَوْضِحْ قَلِيلاَ
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا… محمود درويش
سنمضي بعيدنا… ونقترف طقوسه… نزور العنايا… ونمرر العيدية… وهي شحيحة عند الغالبية هذه الأيام… وربما جهزنا بعض الحلوى… ولكن ثقوا يا أهلنا في فلسطين… أن بنا مثل ما بكم… وأن العهد ذات العهد… فنحن شعوب تحب الحياة… وكما قال ابو القاسم الشابي:
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ
تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ
فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ
من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ
نعم… صفعة العدم المنتصر…عدو وجودنا… المحتل الغاصب تداهمنا منذ النكبة… اشقتنا…وحجبت عنا التطور… والحياة… .ولكن الأمل بالله؛ بأن يستجيب القدر… وما ذلك على الله ببعيد.
ويبقى الفرح بالعيد لمحة حياة… في أجواء لا تسر صاحب أو صديق…ويعجز الكلام عن وصف حال متلازمة العجز والخذلان… وأرواح الشهداء…وتغطرس المحتل… ويبقى إيماننا بالله… وبخير أمة اخرجت للناس…لتخرج من جديد… وتعود لمجدها… ولن يكون هذا إلا بمشيئة الله… والعمل والإعداد… وقد يطول أو يقصر بذلك الزمن…ولن نقنط من نصر الله ورحمته.
حمى الله غزة وفلسطين… حمى الله الاردن.