مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي يواصل فعالياته
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
الشارقة (الاتحاد)
تواصلت مساء أمس الأول فعاليات الدورة السابعة من مهرجان المسرح الثنائي، بالمركز الثقافي لمدينة دبا الحصن، في حضور عبدالله العويس، رئيس دائرة الثقافة، وأحمد بورحيمة، مدير المهرجان، حيث شهدت قاعة الأنشطة بالمركز وقائع اليوم الختامي لملتقى الشارقة التاسع عشر للمسرح العربي الذي جاء تحت عنوان «المسرح والمستقبل».
وركز عطيَّة في مداخلته على تحليل نصين مسرحيين مصريين، الأول «باسم الأب» للكاتب محمد أبو السعود، والثاني «موسيقى هادئة» لعماد مطاوع، مبرزاً أن النصين يظهران مستقبل العالم في صورة تكون فيها السيطرة على العالم في يد القوى المركزيَّة، مع تضاعف الإحساس «بتناهي هذا العالم - مهما اتسع وامتدت أرجاؤه - في الصغر، وإتاحته للسيطرة من قِبَل قوى مهيمنة على مقاليد الأمور»، مضيفاً أن من «الظواهر المأساويَّة للمستقبل التي تظهر بقراءة هذين النصين، الممارسات التخريبيَّة بحق الطبيعة الحيَّة، وكذلك الإرث الحضاري الإنساني بخاصة في الدول الفقيرة».
وفي مداخلتها المعنونة «مستقبل المسرح العربي في مواجهة تمظهرات الراهن الفنيَّة»، دعت الباحثة الأردنيَّة نجوى قندنجي إلى مقاربة أكثر فاعليَّة لوضعيَّة المسرح العربي، في علاقته بجمهوره بصفة أساسيَّة، وفي هذا الاتجاه نادت قندنجي بضرورة أن يجدد المسرحيون العرب مناهجهم ووسائلهم الإنتاجيَّة، وموضوعات وأساليب عروضهم، وأن يوظفوا المستحدثات التكنولوجيَّة، وأن يعمقوا تواصلهم مع فئات المجتمع المختلفة، وكذلك انفتاحهم على الآخر.
من جهته، قرأ الباحث المغربي يوسف أمفزع في مداخلته «مفارقات المسرح المغربي من الاستيعاب إلى المجاوزة»، تحولات الفرجة في المسرح المغربي في العقود الأخيرة، وذلك استناداً إلى تجارب مخرجين شباب، مثل المخرج الواعد أحمد أمين الساهل، الذي تميز مسرحه بتناول موضوعات غير مألوفة، ثم المخرج رضا التسولي، الذي أحدث نقلة في توظيف تقنيات «الفيديو مابينغ» وفي مواكبته المسرحيَّة والكوريغرافيَّة للتراث الأمازيغي في الجنوب المغربي.
وفي ختام الملتقى، قدمت علياء الزعابي مساعدة المنسقة العامة للمهرجان، شهادات الشكر والمشاركة لمقدمي مداخلات الملتقى.
وفي برنامج العروض شهد جمهور الليلة الثالثة، المسرحيَّة الكويتيَّة «أصل الحكاية» تأليف وإخراج فيصل العبيد، وأداء سماح ومحمد البغلي. وتناول العرض جانباً من يوميات كاتب روائي وزوجته/ أو بطلة رواياته. الكاتب مصاب بمرض «اضطراب الهويَّة التفارقي»، إذ يعاني من خلل في التذكر، ويعيش بوجوه عدة، وخلال العرض سيكون على المرأة أن تمر بتحولات عدة بسبب الحالات النفسيَّة المتعددة التي يختبرها الكاتب. وأدارت الندوة النقديَّة حول العرض الباحثة التونسيَّة إيمان الصامت. وشهد برنامج اليوم الثالث أيضاً ورشة تدريبيَّة بعنوان «تقنيات الإخراج المسرحي» أشرفت عليها الفنانة المصريَّة منار زين.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مهرجان المسرح الثنائي المركز الثقافي مدينة دبا الحصن
إقرأ أيضاً:
السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
لا يُمكن فصل السّيَاسات الدولية اليوم تجاه فلسطين أو تجاه كافة دول العالم الإسلامي عن الموقف من الإسلام في حد ذاته. تحكم السياساتِ الدولية بشكل عامّ مصالح وصراعاتٌ اقتصادية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي يُلاحَظ أن هناك عاملا خفيا يُغلِّف كل هذه السياسات له علاقة بكون هذه الدولة بها غالبية من المسلمين أم لا، بغضِّ النظر عن المذهب أو طبيعة نظام الحكم أو التاريخ أو الجغرافيا لتلك الدولة.
في آخر المطاف تجد اتفاقا بين الدول الغربية في أسلوب التعامل مع أي منها يقوم على فكرة مركزية مفادها ضرورة إذعان هذه الدولة للنظام العالمي الغربي والقَبول بهيمنة القواعد المتحكِّمة فيه وعدم الخروج عنها بأيِّ صفة كانت، وإلا فإنها ستُحارَب بكافة الوسائل والطرق. لا يهم إن كانت هذه الدولة فقيرة مثل الصومال أو غنيّة مثل السعودية أو تركيا أو إيران. جميعهم في نظر السياسات الغربية واحد، فقط هي أساليب التعامل مع كل منهم التي تختلف. بعضهم يحتاج إلى القوة وآخر إلى الحصار وثالث إلى التّهديد ورابع إلى تحريك الصراعات الداخلية إلى حد الاقتتال وسادس إلى إثارة خلافات حدودية مع جيرانه… الخ، أي أنها ينبغي جميعا أن تبقى في حالة توتر وخوف وقلق من المستقبل.
تكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالمتكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالم للتأكد من ذلك، فحيث لا يوجد إخضاع تام من خلال القواعد العسكرية المباشرة والقَبول كرها بخدمة المصالح الغربية، يوجد إخضاع غير مباشر من خلال الحروب الأهلية أو اصطناع الجماعات الإرهابية أو إثارة النّعرات القبلية والعرقية أو تحريك مشكلات الحدود الجغرافية.. نادرا ما تُترك فرصة لِدولة من دولنا لتتحرّك بعيدا عن هذه الضغوط. السيناريوهات فقط هي التي تتبدّل أما الغاية فباستمرار واحدة: ينبغي ألا تستقلّ دول العالم الإسلامي بقرارها، ومن الممنوعات الإستراتيجية أن تُعيد التفكير في مشروع وحدة على طريق جمال الدين الأفغاني في القرن التاسع عشر مثلا!
وهنا تبرز فلسطين كحلقة مركزية في هذا العالم الإسلامي، ويتحدد إقليم غزة بالتحديد كمكان يتكثف فيه الصراع.
ما يحدث في غزة اليوم ليس المستهدَف منه سكان فلسطين وحدهم، إنما كل كتلة العالم الإسلامي المفترض وجودها كذلك. أيّ إبادة لسكان هذا القطاع إنما تحمل في معناها العميق تهديد أي دولة من دول العالم الإسلامي تُريد الخروج عن هيمنة النظام العالمي الغربي المفروض بالقوة اليوم على جميع الشعوب غير الغربية، وبالدرجة الأولى على الشعوب الإسلامية.. وكذلك الأمر بالنسبة للحصار والتجويع والقهر بجميع أنواعه. إنها ممارساتٌ تحمل رسائل مُوجَّهة لكافة المسلمين ولكافة دول الجنوب الفقير وليس فقط للفلسطينيين في قطاع غزة بمفردهم. محتوى هذه الرسائل واحد: الغرب بمختلف اتجاهاته يستخدم اليد الضاربة للصهيونية في قلب أمة الإسلام، ليس فقط لإخضاع غزة إنما إخضاع كل هذه المساحة الجيوستراتيجية الشاسعة لسيطرته الكاملة ثم إخضاع بقية العالم.
يُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط
وعليه، فإن السلوك المُشتَّت اليوم للمسلمين، وبقاء نظرتهم المُجزّأة للصراع، كل يسعى لإنقاذ نفسه، إنما هو في الواقع إنقاذٌ مؤقت إلى حين تتحول البوصلة نحو بلد آخر يُحاصَر أو يُقَسَّم أو تُثار به أنواع أخرى من الفتن… ويُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط أو ضد حركة الجهاد في فلسطين، ذلك أن كل الاتجاهات الإسلامية هي في نظر الاستراتيجي الغربي واحدة، تختلف فقط من حيث الشكل أو من حيث الحدة والأسلوب. لذلك فجميعها موضوعة على القائمة للتصفية يوما من الأيام، بما في ذلك تلك التي تعلن أنها مسلمة لائكية حداثية أو عصرية!.. لا خلاف سوى مرحليًّا بينها، لا فرق عند الغربيين بين المُعمَّم بالعمامة السوداء أو البيضاء أو صاحب ربطة العنق أو الدشداش أو الكوفية أو الشاش، ولا فرق عندهم بين جميع أشكال الحجاب أو الخمار أو ألوانها في كل بقعة من العالم الإسلامي، جميعها تدل على الأمر ذاته.
وفي هذه المسألة بالذات هم متّحدون، وإن أبدوا بعض الليونة المؤقتة تجاه هذا أو ذاك إلى حين.
فهل تصل الشعوب والحكومات في البلدان الإسلامية إلى مثل هذه القناعة وتتحرّك ككتلة واحدة تجاه الآخرين كما يفعل الغرب الذي يتصرّف بشكل موحد تجاه المسلمين وإنْ تنافس على النيل منهم؟
ذلك هو السؤال الذي تحكم طبيعة الإجابة عنه مصير غزة وفلسطين.. ومادام الغرب يعرف الإجابة اليوم، فإنه سيستمرّ في سياسته إلى حين يقضي الله تعالى أمرا كان مفعولا وتتبدَّل الموازين.
(نقلا عن صحيفة الشروق الجزائرية)