جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-18@11:04:52 GMT

مخاطر التربية الغربية

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

مخاطر التربية الغربية

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

التربية في زمن الآباء والأجداد كانت أسهل بكثير من التربية في زماننا الحاضر، لأسباب باتت معروفة للجميع، وهذا لا يعني الاعتراف والاستسلام والخضوع لكل ما هو سلبي على الساحة الاجتماعية والأسرية الحديثة، وإنما من باب التفاعل بأهمية المسؤولية الشرعية والاجتماعية والاسرية، ومحاربة المخاطر التي تحيط بزماننا الحاضر، والتي باتت تؤرق المجتمع وأفراده.

لذا أصبح من الواجب التصدي لتلك المخاطر بإخلاص ووفاء ومسؤولية مجتمعية ليتمكن المجتمع من الاستقرار والاطمئنان النفسي وتجنب المخاطر التي تعصف به والتي منها الآتي:

أولًا: فقدان القناعة: وقد قيل عنها: (اَلْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لاَ يَفْنَى) وقيل في الأمثال الشعبية: "مد ارجولك على قد الحافك"، وهذا ما كان يسير عليه الآباء والأجداد، لذا كانوا يعيشون الاستقرار والاطمئنان والسعادة النفسية فيما بينهم، أما اليوم فهناك فروقات شاسعة بين ماضي الآباء والأجداد وحاضر الأبناء والأحفاد، حيث يهتم البعض اليوم بحب الموضة وصيحاتها، ومحاولة امتلاك كل ما هو قادم من الغرب بحلة جديدة، ولو كان ذلك على حساب الديون التي مع كل الأسف جعلت من البعض يكثرون من القروض البنكية للتباهي والتفاخر أمام أعين الناس، وليقال عنهم يملكون ما يملكه الأغنياء، وهم في الواقع عكس ذلك تماما، مما جعل من السجون تضج بأهل الديون الذين اثقلوا ظهورهم بالديون، من أجل ارضاء الناس والاهتمام بالسمعة والشهرة الزائفة.

ثانيًا: استحكام التكنولوجيا بالإنسان؛ فقد دخلت التكنولوجيا والوسائل المادية كالتلفزيون والهاتف والفيديو والكمبيوتر والانترنت والأفلام المختلفة والمتنوعة إلى الداخل الاجتماعي والأسري، وتحويل العالم البشري إلى قرية مصغرة غزت غرف النوم العربية والاسلامية، بشكل دائم ومستمر، مما جعل من الانسان العربي يستقبل العديد من الثقافات الغربية المختلفة والتي عادة ما تكون مخالفة للعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية والاسلامية، وهنا ليست دعوة لإهمال التكنلوجيا الحديثة فاستخدامها والاستفادة من ايجابياتها أصبح من أهم الأولويات، ولكن يجب استغلالها الاستغلال الأمثل الذي من خلاله يستطيع الانسان المزج بين الماضي والحاضر بما يتوافق مع العادات والتقاليد والقيم الانسانية والنبيلة والحذر كل الحذر من مخاطرها وسلبياتها.

ثالثًا: إضعاف الإسلام؛ فاليوم هناك محاولات عديدة يراد للإسلام أن يكون غريبًا لا ذكر له بين الأمم، وهم يعلمون جيدًا أن الآباء والأجداد كانوا يحرصون على أهمية الحفاظ على الإسلام وهو الأساس في زرع القيم والمبادئ التي لابد أن تتربى عليها الأجيال، وهذا ما لا يريده الغرب أن يتحقق في أجيالنا الحاضرة وفي بلداننا الإسلامية.

يقول بن جوريون وهو أول رئيس وزراء إسرائيلي "نحن لا نخشى الاشتراكيات ولا الثوريات ولا الديمقراطيات في المنطقة، نحن فقط نخشى الإسلام هذا المارد الذي نام طويلًا وبدأ يتململ من جديد". ويضيف: "إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد".

لقد أصبح الانسان في عصرنا الحاضر وبسبب تأثيرات تلك العوامل الدخيلة على المجتمع وعدم استغلالها بالشكل المطلوب يعيش إرهاقا جسديا وأمراضا نفسية، أثرت سلبا على شخصيته الاسرية والاجتماعية، ففي السابق كان الآباء والأجداد يجلسون مع بعضهم البعض، يتسامرون ويتزاورون، ويتحدثون ويضحكون، ويصافحون بعضهم البعض، أما اليوم فقد أصبح البعض منا يعيش الانعزال عن العالم الواقعي والتفاعل الاجتماعي المباشر مع أفراد الأسرة والمجتمع، فلا يتحدث البعض مع أصدقائه وأقاربه وحتى أسرته إلا عن طريق المراسلات، وذلك من خلال برامج التواصل الاجتماعي لا أكثر، فيا ترى إلى أين يسير المجتمع؟ وماذا يراد من الأسرة التي باتت مفككة ومتمزقة بسبب تلك العوامل الدخيلة على المجتمع العربي والإسلامي؟

إنَّ المتتبع لتأريخ الأمم وما آلت عليه، يجد أن العلاقات التي كانت تربط البلاد الغربية بالشعوب الإسلامية، كانت مبنية على الحقد الدفين الذي تضمره الصدور الغربية تجاه أهل القبلة مع الخوف الشديد من قوة وتأثير الاسلام الحنيف، لذا كانوا ولا زالوا يريدون من الإسلام وأهله أن يكونوا ضعفاء، فصرفت لذلك الأموال الطائلة، وابتكرت الحيل والأساليب الاعلامية الغربية الهابطة وتم بثها عبر الإعلام بهدف اختراق الانسان العربي ومعتقداته، والتركيز على اضعاف القوة الإسلامية عن طريق محو الثقافة الأخلاقية المتجذرة لدى المجتمعات الاسلامية وذلك بإدخال المثلية والنسوية وغيرها من الأفكار السامة على المجتمعات العربية والاسلامية.

اليوم هناك مسؤولية عظيمة على كل فرد من أبناء المجتمع تجاه دينه ومعتقده وقيمه وتقاليده، ومن أهمها على الاطلاق: الحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية، وعدم السماح باختراق الاسلام أو التأثير عليه، وهذا لا يكون إلا بالتعاون والتفاهم بين الجميع، ونشر الوعي الاجتماعي بحكمة ودراية وعقلانية، ومحاربة الأفكار الدخيلة والسعي الجاد لمقاطعتها وعدم الاعتراف بها.

ولكي نتمكن اليوم من المساهمة الفاعلة في حماية المجتمع من المخاطر الغربية المسمومة لابد من خلق الأدوار القوية والفاعلة، وذلك من خلال استغلال المساجد والنوادي والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة كالصحافة والإذاعة والتلفزيون والشبكات العنكبوتية، ودعوة المجتمعات العربية والإسلامية إلى التمسك بالقيم النبيلة والعادات والتقاليد العربية والإسلامية السليمة التي ورثناها من الآباء والأجداد وعدم التخلي عنها في أسوأ الظروف.

قال تعالى: "يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" (التوبة: 32- 33).

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بطل الإيمان الأرثوذكسي.. الكنيسة القبطية تحيي ذكرى وفاة "البابا ديسقورس"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الثلاثاء، بذكرى وفاة "البابا ديسقورس"، رقم الخامس والعشرون في تعداد بطاركة الإسكندرية وباباوات الكرازة المرقسية.

وحسب كتاب السنكسار الذي يدون سير الآباء القديسين و الشهداء، حيث كان "البابا ديسقورس" من البطاركة المعروفين أنه بطل من أبطال الإيمان المستقيم الذي تحمل الضيقات والاضطهادات من أجل الثبات على الإيمان في السيد المسيح.

وفي السياق ذاته، أكد الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، أن "البابا ديسقورس" يُعد بطل الإيمان الأرثوذكسي المستقيم، موضحًا أنه تحمل الإهانة والنفي والتشهير، لكنه لم يتزحزح ولو لحرف واحد أو نقطة واحدة عن الإيمان القويم الذي تسلمه من آبائه القديسين أثناسيوس و كيرلس الكبير.

وأضاف أن جهاد القديس ديسقورس يشجع كل قبطي أن يتمسك بإيمانه القويم ولا يلتفت لفلسفات غريبة تضيّع جمال وبساطة الإيمان الذي هو من البداية، ومن فم الرب نفسه، والذي كرز به الآباء الرسل، وحفظه الآباء في أجيالهم. 

مقالات مشابهة

  • "الجارديان": قيود على حسابات المراهقين على "إنستجرام" لتعزيز إشراف الآباء
  • بطل الإيمان الأرثوذكسي.. الكنيسة القبطية تحيي ذكرى وفاة "البابا ديسقورس"
  • أهمية الصدقة في الإسلام وأثرها على الفرد والمجتمع
  • النهج النبوي حارب الأنانية والرأسمالية التي يتغول فيها الأغنياء على حساب الفقراء
  • وزارة التربية لـبغداد اليوم: قرار الدور الثالث لم يتخذ بعد
  • اليوم.. مسيرة في الهند للاحتفال بالمولد النبوي الشريف
  • ما بعد الإسلام السياسي بين مآلات الربيع العربي وتداعيات طوفان الأقصى؟
  • رئيس المجلس العربي للمياه: ‏التحديات التي نواجهها هائلة ولكنها ليست مستعصية على الحل
  • انطلاق فعاليات اليوم الأول من المنتدى العربي السادس للمياه
  • سؤال اليوم التالي في العالم العربي