فورين أفيرز: غزة ونهاية النظام المبني على القواعد
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
كتب- محمد صفوت:
أكدت الأمينة العام لمنظمة العفو الدولية السابق، أنييس كالامارد، في مقاله بمجلة "فورين أفيرز" أن الحرب في غزة اتسمت بنمط جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي. وتسرد في مقالها، عددًا من الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها إسرائيل في مقاله بمجلة "فورين أفيرز" بدءا من قتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف وتهجيرهم قسريًا وتركهم دون أدنى مقومات الحياة الأساسية.
تسلط كالامارد، في مقاله بـ "فورين أفيرز" الضوء على دعم واشنطن والدول الغربية لإسرائيل وحجب المساعدات عن الأونروا، ورفض تأييد جنوب أفريقيا في دعوتها بمحكمة العدل الدولية رغم استمرار المذابح.
يقول الأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية، في مقاله، إن التواطؤ الدبلوماسي اليوم في أزمة حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية الكارثية في غزة هو تتويج لسنوات من تآكل سيادة القانون الدولي والنظام العالمي لحقوق الإنسان.
وترى أن هذا التفكك بدأ بعد أحداث 11 من سبتمبر، عندما شرعت الولايات المتحدة فيما اسمته "الحرب على الإرهاب"، وهي الحملة التي ساهمت في تطبيع فكرة مفادها أن كل شيء مباح في ملاحقة الإرهابيين.
ولمواصلة حربها في غزة، تستعير إسرائيل الروح والاستراتيجية والتكتيكات من هذا الإطار، وتفعل ذلك بدعم من الولايات المتحدة.
وتقول، إن الأمر يبدو كما لو أن الدروس الأخلاقية المستفادة من الحرب العالمية الثانية تم نسيانها ومعها مقولة "لن يتكرر الأمر أبدًا" . ويشير هذا التفكك، الذي يتجلى بوضوح في تدمير غزة ورد فعل الغرب عليه، إلى نهاية النظام القائم على القواعد وبداية عصر جديد.
عصر العالمية وحقوق الإنسانتقول الكاتب، إن العالمية هي المبدأ الذي يُقر بأننا جميعًا نتمتع بحقوق الإنسان بغض بغض النظر عن هويتنا أو المكان الذي نعيش فيه، وتقع في قلب النظام الدولي لحقوق الإنسان.
لقد كانت أساس اتفاقية الإبادة الجماعية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اللذين تم اعتمادهما في عام 1948، واستمرت في توفير المعلومات لوسائل جديدة للمساءلة على مر السنين، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، التي أنشئت في عام 2002.
وعلى مدى عقود من الزمن، ظلت هذه البنية التحتية القانونية متماسكة، وساعدت في ضمان وفاء الدول بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، حيث حددت حركات ومنظمات حقوق الإنسان على مستوى العالم وعززت أعظم إنجازات حقوق الإنسان في القرن العشرين.
فشل في تحقيق مبدأ المساواةيرى الكاتب أن منتقدي هذا النظام لديهم حججهم حيث أن القرن العشرين زاخر بالأمثلة على الفشل في الحفاظ على المساواة في الكرامة بين الجميع.
ويشهد هذا القرن المليئ بالحروب على أن النظام الدولي يضرب بجذوره في عدم المساواة والتمييز المنهجي أكثر من عالميته.
ولسبب وجيه، يمكن للمرء أن يزعم أن العالمية لم تطبق قط على الفلسطينيين، ويستشهد بوصف الباحث الأمريكي الفلسطيني إدوارد سعيد، عن الفلسطينيين بوصفهم "كانوا منذ 1948 ضحايا الضحايا ولاجئي اللاجئين".
الحرب على الإرهاب والدفاع عن النفسويرى الكاتب أن العديد من الانتهاكات ارتكبت باسم الحرب على الإرهاب أو مبدأ "الدفاع عن النفس" الذي تتذرع به إسرائيل في حربها الانتقامية على غزة.
ويؤكد الكاتب أن التعريف الفضفاض لـ "التهديد الإرهابي" جعل السلطات تلاحق أي شخص في أي وقت.
ويقول إن الخسائر الهائلة التي لحقت بالمدنيين في غزة والتي ارتُكبت باسم الدفاع عن النفس ومكافحة الإرهاب هي نتيجة منطقية لهذا الإطار، الذي أدى إلى انحراف وتفكيك القانون الدولي، ومعه مبدأ العالمية.
يسرد الكاتب، بعض الوقائع التي ارتكب فيها الجيش الأمريكي انتهاكات وقتل الآلاف بغاراته في أفغانستان والعراق وباكستان والصومال وسوريا، ويقول: "من المؤكد أن الجيش الأمريكي سيدعي أنه اتخذ الخطوات اللازمة لحماية المدنيين. لكنه لم يقدم سوى القليل من التوضيح حول كيفية التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ولماذا قُتل هذا العدد الكبير من المدنيين".
ويقول الكاتب إن المنظمة التي كان يترأسها (العفو الدولية) وثقت حالات مماثلة في العشرين عامًا الماضية.
النكبةيرى الكاتب، أن الحرب في غزة لها جذور تاريخية أعمق من مصطلح "الحرب على الإرهاب" حيث أجبرت إسرائيل أكثر من 750 ألف فلسطيني على مغادرة منازلهم في 1948 فيما يعرف بـ "النكبة".
ويؤكد أن النكبة أيضًا مظهر من مظاهر تآكل القانون الدولي، حيث لم يتم احترام سوى القليل من القيود التي فرضها نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، أو لم يتم احترامها على الإطلاق: ليس تلك الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، أو في حقوق الإنسان الدولية أو حتى بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، كما تقول جنوب أفريقيا.
حجج الغرب ودعم واشنطن لإسرائيليقول الكاتب، إن الحكومات الغربية سارعت لإدانة هجمات السابع من أكتوبر ودعم إسرائيل دعم مطلق، لكن كان عليها تغيير لهجتها بعدما أصبح من الواضع أن القصف الإسرائيلي لغزة يقتل آلاف المدنيين.
ويضيف: "كان ينبغي لجميع الحكومات، وخاصة تلك التي تتمتع بنفوذ على إسرائيل، أن تدين بشكل لا لبس فيه وعلنا تصرفات إسرائيل غير القانونية وتدعو إلى وقف إطلاق النار، وإعادة جميع الرهائن، والمحاسبة على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات على كلا الجانبين".
يواصل الكاتب، في سرد وقائع دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها الانتقامية، حيث عرقلت أكثر من مرة قرارات بمجلس الأمن وبعد أكثر من شهرين أيدت قرارًا بمجلس الأمن يسمح بدخول المساعدات لكنه لا يدعو لوقف إطلاق النار، ولم تفكر الولايات المتحدة علنًا قط في وقف عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
وبعد أيام من جلسة بمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل تدعوها لاتخاذ تدابير مؤقتة لمنع الإبادة الجماعية، علقت واشنطن وحكومات غربية تمويل الأونروا التي تعد شريان الحياة للملايين في غزة.
ويؤكد الكاتب، أن مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وتأثيرها على إسرائيل يعني أن واشنطن في وضع فريد يسمح لها بتغيير الواقع على الأرض في غزة، حيث تستطيع الولايات المتحدة، أكثر من أي دولة أخرى، أن تمنع حليفتها الوثيقة من الاستمرار في ارتكاب الفظائع. لكنها اختارت حتى الآن ألا تفعل ذلك.
عصر جديديؤكد الكاتب أن النظام القائم على القواعد والذي حكم الشؤون الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في طريقه إلى الزوال.
ويقول إن الصمت على الانتهاكات والتجاهل الواضح للقانون الدولي في الحرب بغزة، بمثابة إسدال الستار على القانون الدولي المزعوم.
ويؤكد أن المبررات الواهية التي يقدمها الغرب تنذر بتغير العصور، مشيرًا إلى أن العواقب المترتبة على التخلي الواضح للغاية عن القانون الدولي والإنساني في غزة، تؤكد أن نهاية النظام القائم على القواعد ستجلب أيضًا غضبًا منتشرًا وملموسًا في جميع في جميع أنحاء العالم.
إنقاذ النظام العالميفي نهاية المقال، يقدم الكاتب خريطة طريق للخروج من هذه الأزمة وتجنب السيناريو الأسوأ، تبدأ بوقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري عن جميع الرهائن المدنيين المتبقين الذين تحتجزهم حماس وجميع الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل بشكل غير قانوني، وبرفع الحصار عن غزة.
ويجب التنفيذ الكامل للتدابير المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية في غزة.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: ليالي سعودية مصرية مسلسلات رمضان 2024 سعر الفائدة أسعار الذهب سعر الدولار مخالفات البناء الطقس فانتازي طوفان الأقصى رمضان 2024 الحرب في السودان الحرب في غزة غزة مجلة فورين أفيرز القانون الدولي جرائم الحرب طوفان الأقصى المزيد الحرب على الإرهاب الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة القانون الدولی حقوق الإنسان على القواعد فورین أفیرز الکاتب أن فی مقاله أکثر من جمیع ا فی غزة
إقرأ أيضاً:
"فورين بوليسي": ترامب طلب من نتنياهو إنهاء العمليات العسكرية في غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
علقت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الخميس، على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وسلطت الضوء على احتمالية إجراء الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب للعديد من التغييرات في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وقالت المجلة، إنه عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فمن المرجح أن تظل الأمور كما هي في الغالب، موضحةً أن الدعم لإسرائيل سيستمر، ومن المرجح أن يبحث فريق ترامب عن طرق لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية بين السعوديين والإسرائيليين.
ولفتت المجلة إلى أنه مثل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي عملت من أجل وقف إطلاق النار في غزة، يريد ترامب أن تنتهي الحرب هناك عاجلا وليس آجلا.
وفي مكالمة هاتفية قبل الانتخابات، طلب ترامب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنهاء العمليات العسكرية الكبرى في غزة قبل يوم التنصيب، وهذا يتفق مع جهود فريق بايدن.
وأشارت المجلة إلى أنه على عكس بايدن، من غير المرجح أن يمارس ترامب والأشخاص من حوله ضغوطا على الإسرائيليين للوصول إلى وقف إطلاق النار، ومن المرجح أن يمنح ترامب إسرائيل مساحة كبيرة، بما في ذلك إرسال أسلحة معينة لها، وهو الأمر الذي امتنع عنه بايدن، كما أنه من غير المرجح أن يطرح ترامب أسئلة صعبة حول العمليات العسكرية لإسرائيل، أو مطالبة تل أبيب بالسماح لدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلي غزة، ووضع غزة بعد انتهاء العدوان.
وواستكملت المجلة، أنه بالنسبة لسكان غزة، كلما أسرعت الحرب في الانتهاء كان ذلك أفضل لهم، ولكن إذا سمحت إدارة ترامب للحكومة الإسرائيلية باستمرار الصراع بالطرق التي تراها مناسبة، فمن المحتمل أن يستشهد المزيد من الفلسطينيين، حيث يريد نتنياهو وشركاءه إعادة توطين قطاع غزة، واحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية.