«ود زينب» رسول الحياة
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
أمل محمد الحسن
منذ اشتعال الحرب منتصف أبريل العام الماضي، غابت الأخبار المفرحة حتى أنني كنت أتفادى صفحات التواصل الاجتماعي التي باتت تحمل رائحة الموت! الصور، الفيديوهات التي أُرهقت إطاراتها بكم البؤس والدمار الذي تحمله.
الكراهية والتمثيل بالجثث. مع احتشاد صفحات الفيسبوك ومنصة )تويتر( التي تحولت لـ (X) دون سابق إنذار بلغة عنصرية بغيضة، إلى جانب الألفاظ النابئة والفجور في الاختلافات حد الوصف بالعهر وسب الأمهات!
وسط كل ذلك القبح؛ طل فيديو زواج (مؤمن ود زينب) البسيط تصاحبه أصوات الزغاريد والضحك والقفشات وهو يقول للموجودين في الزفة عقبال (العزابة) ويضحك الجميع.
مشهد زواج “مؤمن” و”ثويبة” صورة الحياة ضد الموت! صورة الجمال ضد القبح. جسّد هذا الحدث البسيط معاني كبيرة تشمل إقبال الشباب وإصرارهم على الحياة والاستمرار يتحدون العنف والقنابل والدانات والموت المجاني.
(مؤمن) أكثر الأشخاص الذين كان من المتوقع أن يبتعدوا عن الحب والحياة لأنه شهد انعدام الدواء والرعاية الطبية وافترش أرض مستشفى “النو” شاهداً على الألم والمعاناة ورفيقاً للموت المجاني الذي يهبط ويحمل الناس على غفلةِ وضيقِ ذات اليد!
زواج “مؤمن” هو انتصار جديد يضيفه هذا الشاب النحيل ذو الشعر المجدول إلى انتصاراته الفردية التي فاقت انتصارات الجيوش المتقاتلة! انتصار فرد واحد يعمل على بث الحياة مقابل كل الأيدي التي تعمل على الموت، والدعوة والتهليل له!
سبق أن صنع “ود زينب” صورة أسطورية هو وعجلته التي كان يقودها وهو يشرع ذراعاه سامحاً للهواء أن يقاومه بلطف! عندما كان يتنقل وسط الحرب برصاصها وموتها وانفجاراتها وطائراتها المرعبة. يبحث عن شريط دواء ينقذ به حياة شخص ويعين به الطواقم الطبية المتناقصة يوما بعد يوم!
لم يكن “ود زينب” يحتاج لحدث جديد يصنع منه بطل؛ مجرد انطلاقه في حياته بالطريقة التي يؤمن بها، ينقل نماذج بطولية كل يوم.
صورة “مؤمن” في الزواج بذلك المزيج العجيب؛ “الراستا” والجلباب تحدثنا عن جيل الثورة الذي أثبت شجاعته وإصراره ومحبته الصادقة للوطن التي برهن عليها منذ اعتصام القيادة ثم عمل لجان المقاومة التي كانت تحرس الدقيق وتمنع التهريب وتعمل على النظافة والتعليم وتطوير الأحياء.
جيل رفض الخنوع الذي عاشه من قبلهم تحت ظل النظام “الديكتاتوري” وقرر ألا يسير بجانب الحائط، حملوا أكفانهم في المواكب وركضوا بصدور عارية تجاه العسف والبمبان والرصاص، يسقط شهيداً يخرج خلفه مائة ثائر!
في داخل مشهد الزواج صورة الغد، الذي نتمناه خالياً من الزيف والبهارج والتكليف الذي يثقل على الكاهل ويجعل الشباب يعزفون عن الزواج! بساطة (بلح)، (هتاف ثوري) و(مديح).
لم يحتاج لصناعة الصورة الأسطورية في خياله سوى أن يضع كفه على كفها، ويعلن فوزه بحبها، يتوجها أميرة المشاوير الصعبة المرهقة وتتوجه أميرها، وأي أمير ذاك الذي يمنح روحه رخيصة فداء الوطن والناس!
تلك الهالة التي تحيط بوجه النحيل “الراستا” هي التي منحتني أملاً جديداً؛ لا أعرف من أين يأتي بتلك الطاقة لكني على يقين بأن من يمنح يحصل على سعادة هانئة تنزل على القلب مثل الماء البارد في نهار صيف حار قائظ.
يا ليت “البرهان” و”حميدتي” يشاهدون ذلك الفيديو، وينفذ إلى دواخلهم، يخبرهم حقيقة هذا الشعب الذي لا يستحق ما يفعلونه به، ليفهموا الفرق بين أن تمنح الحياة مقابل أن تأخذها!
بعد رؤيتي لذلك الفيديو القصير، الذي مزج فيه “ود زينب” صورة القديم بالحداثوي “راستا” و”عمامة”. وأبشر يا عريس يرافقها هتاف ثوري ملأني طاقة هائلة.
شعرت بفرح لأول مرة منذ اشتعال هذه الحرب العبثية المدمرة! بل منحني (أمل) و(يقين) بأن الحياة لن تنتهي في السودان سيأتي أبناء “مؤمن” و”ثويبة”.
بذور الرحمة والحب والإنسانية تكنس آثار العسكر، عسفهم وغضبهم وسلاحهم وتضع بدلا عنه قبلة حياة!
الوسومأمل محمد الحسن غرف الطوارئ ود زينبالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: غرف الطوارئ ود زينب
إقرأ أيضاً:
زينب عبد الرزاق تكتب: غزة ملك لـ جدي
في تصريحاتٍ حديثة، أكد عبد الحميد كايهان عثمان أوغلو، حفيد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني من الجيل الرابع، أن قطاع غزة هو "ملكية شخصية مسجلة" لجده السلطان عبد الحميد، مشيرًا إلى أنه يمتلك الوثائق التي تثبت ذلك. جاءت تصريحاته ردًا على مقترحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بخصوص السيطرة على غزة أو شرائها، حيث قال عثمان أوغلو:
“تقول أمريكا: سنأخذ غزة. لحظة واحدة يا صديقي، ماذا تأخذون؟ غزة ملكية شخصية مسجلة للسلطان عبد الحميد خان، ومعي الوثيقة التي تثبت ذلك”
أوضح عثمان أوغلو أن جده السلطان عبد الحميد الثاني اشترى 70% من أراضي قطاع غزة ورفح ومحيط الحرم الشريف من ماله الخاص، وذلك لمنع اليهود من شراء هذه الأراضي في فلسطين. وأضاف أن هذه الخطوة كانت جزءًا من جهود السلطان العثماني للحفاظ على الأراضي الفلسطينية وحمايتها من التهديدات الخارجية.
في مراسم تكريمية للسلطان عبد الحميد بمناسبة الذكرى الـ107 لوفاته، تحدى عثمان أوغلو تصريحات ترامب قائلًا:
"قوتكم لا تكفي. لقد قمتم بقصف غزة لمدة عام، ولكن إخوتنا هناك ما زالوا صامدين. نحن نقف إلى جانب فلسطين وغزة وكل أخ مظلوم في العالم".
كما أعلن عثمان أوغلو عن نيته زيارة القدس في أكتوبر المقبل، وذلك تلبية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأكد أن هدف زيارته هو لقاء أشقائه الفلسطينيين والمشاركة في تنظيف مساجد المدينة المقدسة والاعتناء بها، بالإضافة إلى الاطلاع على الآثار العثمانية في القدس.
الجدير بالذكر ان السلطان عبد الحميد الثاني، الذي حكم من 1876 إلى 1909، يُعتبر أحد أبرز المدافعين عن الأراضي الفلسطينية. فقد اشترى مساحات شاسعة من الأراضي في فلسطين، بما في ذلك غزة والقدس، من ماله الخاص لحمايتها من الاستيلاء الأجنبي. وقد ترك إرثًا كبيرًا في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والقضية الفلسطينية
عبد الحميد كايهان عثمان أوغلو، المولود في إسطنبول عام 1979، تلقى تعليمه الأساسي في مدارس المدينة وتربى على القيم الإسلامية والعثمانية، مع اعتزاز كبير بتراث أجداده. يعتبر نفسه وريثًا لتراث السلطان عبد الحميد الثاني، -وهو يحمل ملامح جده تماما-، الذي اشتهر برفضه التنازل عن فلسطين لليهود خلال فترة حكمه
وقد أعلن عثمان أوغلو عزمه على دخول المجال السياسي، معتبرًا أن خدمة الوطن هي جزء من إرث عائلته. قال في إحدى المقابلات:
أريد أن أكون جديرًا بثقة أجدادي كسياسي، وأخدم هذا الوطن كما فعلوا""
وهو يدعو إلى إعادة الاعتبار للدولة العثمانية وتصحيح الصورة المشوهة عنها في وسائل الإعلام الغربية
ويُعتبر عبد الحميد كايهان من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية، حيث زار غزة وشهد الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي. وصف فلسطين بأنها "سجن في الهواء الطلق"، وأكد أن ما يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال هو "دراما مؤلمة تندى لها جبين البشرية".
يُعرف عبد الحميد كايهان بتواضعه وتسامحه، رغم ما تعرضت له عائلته من تشريد ومصادرة أملاك بعد سقوط الدولة العثمانية..،ويتمتع بثقافة عالية، ويعمل في مجال السياسة لنشر الوعي حول القضايا التاريخية والسياسية
ان عبد الحميد كايهان عثمان أوغلو يمثل حلقة وصل بين الماضي والحاضر، حيث يحمل إرثًا عثمانيًا عريقًا ويدافع عن القضايا الإسلامية والإنسانية، خاصة القضية الفلسطينية..، وتصريحاته الأخيرة حول غزة تثلج الصدور وتؤكد التزامه بحماية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وتذكير العالم بتراث أجداده الذين وقفوا في وجه التهديدات الخارجية.