صحيفة التغيير السودانية:
2025-01-13@19:03:52 GMT

«ود زينب» رسول الحياة

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

«ود زينب» رسول الحياة

أمل محمد الحسن

منذ اشتعال الحرب منتصف أبريل العام الماضي، غابت الأخبار المفرحة حتى أنني كنت أتفادى صفحات التواصل الاجتماعي التي باتت تحمل رائحة الموت! الصور، الفيديوهات التي أُرهقت إطاراتها بكم البؤس والدمار الذي تحمله.

الكراهية والتمثيل بالجثث. مع احتشاد صفحات الفيسبوك ومنصة )تويتر( التي تحولت لـ (X) دون سابق إنذار بلغة عنصرية بغيضة، إلى جانب الألفاظ النابئة والفجور في الاختلافات حد الوصف بالعهر وسب الأمهات!

وسط كل ذلك القبح؛ طل فيديو زواج (مؤمن ود زينب) البسيط تصاحبه أصوات الزغاريد والضحك والقفشات وهو يقول للموجودين في الزفة عقبال (العزابة) ويضحك الجميع.

مشهد زواج “مؤمن” و”ثويبة” صورة الحياة ضد الموت! صورة الجمال ضد القبح. جسّد هذا الحدث البسيط معاني كبيرة تشمل إقبال الشباب وإصرارهم على الحياة والاستمرار يتحدون العنف والقنابل والدانات والموت المجاني.

(مؤمن) أكثر الأشخاص الذين كان من  المتوقع أن يبتعدوا عن الحب والحياة لأنه شهد انعدام الدواء والرعاية الطبية وافترش أرض مستشفى “النو” شاهداً على الألم والمعاناة ورفيقاً للموت المجاني الذي يهبط ويحمل الناس على غفلةِ وضيقِ ذات اليد!

زواج “مؤمن” هو انتصار جديد يضيفه هذا الشاب النحيل ذو الشعر المجدول إلى انتصاراته الفردية التي فاقت انتصارات الجيوش المتقاتلة! انتصار فرد واحد يعمل على بث الحياة مقابل كل الأيدي التي تعمل على الموت، والدعوة والتهليل له!

سبق أن صنع “ود زينب” صورة أسطورية هو وعجلته التي كان يقودها وهو يشرع ذراعاه سامحاً للهواء أن يقاومه بلطف! عندما كان يتنقل وسط الحرب برصاصها وموتها وانفجاراتها وطائراتها المرعبة. يبحث عن شريط دواء ينقذ به حياة شخص ويعين به الطواقم الطبية المتناقصة يوما بعد يوم!

لم يكن “ود زينب” يحتاج لحدث جديد يصنع منه بطل؛ مجرد انطلاقه في حياته بالطريقة التي يؤمن بها، ينقل نماذج بطولية كل يوم.

صورة “مؤمن” في الزواج بذلك المزيج العجيب؛ “الراستا” والجلباب تحدثنا عن جيل الثورة الذي أثبت شجاعته وإصراره ومحبته الصادقة للوطن التي برهن عليها منذ اعتصام القيادة ثم عمل لجان المقاومة التي كانت تحرس الدقيق وتمنع التهريب وتعمل على النظافة والتعليم وتطوير الأحياء.

جيل رفض الخنوع الذي عاشه من قبلهم تحت ظل النظام “الديكتاتوري” وقرر ألا يسير بجانب الحائط، حملوا أكفانهم في المواكب وركضوا بصدور عارية تجاه العسف والبمبان والرصاص، يسقط شهيداً يخرج خلفه مائة ثائر!

في داخل مشهد الزواج صورة الغد، الذي نتمناه خالياً من الزيف والبهارج والتكليف الذي يثقل على الكاهل ويجعل الشباب يعزفون عن الزواج! بساطة (بلح)، (هتاف ثوري) و(مديح).

لم يحتاج لصناعة الصورة الأسطورية في خياله سوى أن يضع كفه على كفها، ويعلن فوزه بحبها، يتوجها أميرة المشاوير الصعبة المرهقة وتتوجه أميرها، وأي أمير ذاك الذي يمنح روحه رخيصة فداء الوطن والناس!

تلك الهالة التي تحيط بوجه النحيل “الراستا” هي التي منحتني أملاً جديداً؛ لا أعرف من أين يأتي بتلك الطاقة لكني على يقين بأن من يمنح يحصل على سعادة هانئة تنزل على القلب مثل الماء البارد في نهار صيف حار قائظ.

يا ليت “البرهان” و”حميدتي” يشاهدون ذلك الفيديو، وينفذ إلى دواخلهم، يخبرهم حقيقة هذا الشعب الذي لا يستحق ما يفعلونه به، ليفهموا الفرق بين أن تمنح الحياة مقابل أن تأخذها!

بعد رؤيتي لذلك الفيديو القصير، الذي مزج فيه “ود زينب” صورة القديم بالحداثوي “راستا” و”عمامة”. وأبشر يا عريس يرافقها هتاف ثوري ملأني طاقة هائلة.

شعرت بفرح لأول مرة منذ اشتعال هذه الحرب العبثية المدمرة! بل منحني (أمل) و(يقين) بأن الحياة لن تنتهي في السودان سيأتي أبناء “مؤمن” و”ثويبة”.

بذور الرحمة والحب والإنسانية تكنس آثار العسكر، عسفهم وغضبهم وسلاحهم وتضع بدلا عنه قبلة حياة!

الوسومأمل محمد الحسن غرف الطوارئ ود زينب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: غرف الطوارئ ود زينب

إقرأ أيضاً:

الأزهر: الإسراء والمعراج من معجزات سيدنا محمد والاحتفاء بالرحلة سنة مستحبة

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ان الاحتفاء بذكرى الإسراء والمعراج سنةٌ حسنة مستحبة، ومدارسةٌ لسيرة قدوتنا سيدنا رسول الله ﷺ، ولا وجه لإنكارها، أو وصفها بالبدعة.

واضاف مركز الأزهر في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان رحلة الإسراء والمعراج من معجزات سيدنا رسول الله ﷺ التي أيد الله فيها عبده ورسوله ﷺ، وأراه من آياته الكبرى، ودعاه وقربه، كما أنها كانت تسلية ومواساة له ﷺ بعد عام فقد فيه الزوجة الرؤوم والعمّ الناصر، وأثناء ما لاقاه من هموم وأعباء الدعوة والصدود من قومه، كما أنها كانت بمثابة الإعداد الإيماني الذي سبق ترك الوطن بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وعلى مقربة من بداية عهد جديد للإسلام وأهله يحتاج لثبات وعزيمة وإخلاص لله سبحانه ودعوته.

ثم كان تاج هذه الرحلة ودرتها وجائزتها حينما فرض رب العالمين شعيرة الصلاة في نهايتها على أمة خير النبيين ﷺ؛ لتكون الصلةَ بين العبد وخالقه، وسبب نجاته وفلاحه.

وإن تذكير الناس بهذه المعجزة العظيمة وبما فيها من دروس إيمانية كثيرة في يوم من أيام الله سبحانه؛ لمن المستحبات الدينية، والضرورات الدنيوية، ومن باب قول الحق سبحانه: {وَذَكِّرْهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ } [إبراهيم: 5]؛ وإنما كان التذكير بأيّام الله من الضروريات لحاجتنا فيه -وأبنائنا وشبابنا- إلى التعرف على سيرة سيد الخلق ﷺ ومعجزاته، كي نستلهم معًا من هذه السيرة ما يقربنا من رب العالمين، ويعيننا على النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة في وقت طغت فيه المادة على الروح، وتغلّبت مغريات الدنيا على كثير من أخلاقنا وسلوكياتنا، وعلى علاقتنا بديننا الحنيف.

رحلة الإسراء والمعراج معجزة عظيمة

ولا يوصف اجتماع الناس لمدارسة سيرة سيدنا رسول الله ﷺ في هذه الذكرى أو الصلاة والسلام عليه في يوم من أيام الله بالبدعة؛ لاستحباب هذه القربات في جميع الأوقات، والبدعة المردودة إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع.

وتخصيص ليلة السابع والعشرين من رجب لا حرج فيه كذلك؛ إذ إن وقوع هذه المعجزة في شهر رجب هو المشهور الوارد عن عدد كبير من العلماء، فلا وجه للإنكار إذن، سيما إن كان في الاحتفال والاحتفاء مصالح جمّة، وقفنا على بعضها فيما سبق، وخيرًا تفعل المؤسسات الدينية في مصر -وعلى رأسها الأزهر الشريف- كل عام؛ حين تحتفي بسيدنا رسول الله ﷺ، وتعرّف بهذه المعجزة العظيمة، وترسخ في نفوس المسلمين العديدَ من جوانب القدوة في شخصية النبي الأعظم والرسول الأكرم ﷺ.

مقالات مشابهة

  • الفنانة طروب.. نجمة الستينيات التي رفضت الزواج من فريد الأطرش
  • استشاري نفسي: الرجل الذي لا يملك رأيًا مستقلًا كارثة في العلاقة الزوجية
  • تعرف على ورثة الأنبياء
  • استشاري نفسي: الزوج المسؤول الرئيسي عن نجاح الحياة الزوجية
  • مدى استحباب التعرض لماء المطر
  • مؤمن الجندي يكتب: الرحلة الأخيرة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الأزهر للفتوى لما يستحب الاحتفاء بذكرى الإسراء والمعراج
  • الأزهر: الإسراء والمعراج من معجزات سيدنا محمد والاحتفاء بالرحلة سنة مستحبة
  • 13 رجب.. ذكرى  مولد “يعسوب الدين ” الإمام علي بن أبي طالب  عليه السلام